تقترن مقاومة مدينة الأغواط للمستعمر الفرنسي بالبطل أمير المقاومة بن ناصر بن شهرة الذي رفض دخول فرنسا مدينة الأغواط، وأباد حامية فرنسية في ماي 1844 كانت تضم 1700 مقاتل، ليلقب من طرف فرنسا بالملثم أو “الروجي” لأنها لم تعثر له طيلة حياته على صورة حتى رحل إلى سوريا ومات هناك. وقبلها قاد بن ناصر بن شهرة مع الشريف محمد بن عبد الله المقاومة في الجنوب الجزائري ضد الاحتلال الذي اعتبر الأغواط بوابة الصحراء التي يجب افتكاكها، فقرر الحاكم العام التدخل عسكريا لضرب الأغواط وإخضاعها للاستعمار الفرنسي، بتوجيه حملة تأديبية يقودها الجنرال “بليسييه” المدعو إبليس، والجنرال ماريموش والجنرال جوزيف، من مختلف مناطق الوطن، وبتعداد عسكري هام مدعم بمختلف الأسلحة، لاسيما المدفعية والسلاح الكيماوي الذي استعمل لأول مرة نظرا للمقاومة الشديدة من طرف السكان، إذ كان يحيط بمدينة الأغواط سور طوله 3 كم، تتلوه قلاع البرج الشرقي والغربي وقلعة سيدي عبد الله، وعرض السور متر ونصف بارتفاع 4 أمتار و4 أبواب و800 فتحة على امتداده جعلت للأغراض العسكرية. وقد استعدت فرنسا جيدا لضرب الأغواط بقيادة بوسكارين ولادمير وماريموش وجوزيف برايسي، هذا الأخير أرسل 4 من الجنود ينذر سكان الأغواط بتسليم المدينة، فأقسموا أن يموتوا تحت أسوارها، فقتلوا جنديين اثنين من الأربعة، وقاوموا بشتى وسائلهم دخول العدو الفرنسي. وبتاريخ 4 ديسمبر 1852، تحالف الجنرالات الثلاثة، وتم إعلان الاستنفار العام في شمال الجزائر لضرب الأغواط بحشود عسكرية قدرت ب7375 عسكري، إضافة إلى فرسان حاصروا المدينة من كل النواحي، فكان الجنرال جوزيف من الشرق أمام ضريح الولي الصالح سيدي الحاج عيسى، والجنرال “بليسييه” من رأس العيون شمالا، ومن الغرب 3000 جندي بقيادة لادمير، فانقسم الفرسان المقاومون وسقطت المدينة في 4 ديسمبر 1852 باستشهاد حوالي ثلثي السكان، قرابة 2500 شهيد من أصل 3500 ساكن كان يقطنها، وقتل الجنرال بوسكارين والرائد موران و10 من كبار الضباط الفرنسيين الذين لقوا حتفهم على أسوار المدينة التي بقي منها 400 ساكن، بعدما هجرها البقية إثر محاولة الفرنسيين حرق المدينة وإبادة البقية، لولا تدخل الجنرال راندو بوجهته الإنسانية وتأكيده أن سكان الأغواط شجعان ودافعوا عن مدينتهم وليسوا من الجبناء، لذلك بقي السكان على حالهم. وقد بقيت الجثث لمدة تفوق ستة أشهر قبل دفنها ورمت فرنسا ما يقارب من 256 جثة في الآبار، وتم حرقهم أحياء في أكبر مجزرة بالجنوب الجزائري باستعمال سلاح المدفعية المدعم بمادة كيماوية هي الكلوروفورم التي توضع مع الذخيرة لتنويم السكان وتعطيل أعضائهم والتأثير على نشاط الدماغ، ثم جمعهم في أكياس وحرقهم أحياء، وهذا حسب تقرير الأستاذ “أوكسينال بودانوس” المرسل عبر 60 صفحة سنة 1853 إلى قيادة الأركان الفرنسية للماريشال “فيالاتيه” فيما يخص التجربة الكيماوية المستعملة لأول مرة. هذا الجانب الهام من تاريخ الجزائر الذي يبقى خارج اهتمام السلطات، دعا الحضور من مجاهدين ومؤرخين إلى تدريسه للتلاميذ في المناهج التربوية وعرضه في وسائل الإعلام لاسيما التلفزيونية، لإبراز حقيقة المستعمر ونضال السلف لصون وطنه.