ووري الثرى جثمان حسان لزرق المجاهد أو طبيب "الفلاقة" كما يحلو له مناداته، زوال اليوم، بمقبرة الشهداء بعين البيضاء، ليلتحق برفاقه في الكفاح الدكتور بودراع بلحاح وسليم مراد طالب اللذان تقاسما معهم قساوة حرب التحرير في مستشفيات جيش التحرير الوطني وملاجيء الثوار منذ التحاقه بالقاعدة الغربية بوجدة المغربية في 1956 قادما من مدينة الحروش سكيكدة. جرت مراسيم الجنازة بحضور عبد الباقي بن زيان وزير التعليم العالي والبحث العلمي ووزير المجاهدين وذوي الحقوق العيد ربيقة ووالي وهران والأسرة الجامعية ورفاقه وطلبته على غرار الوزير السابق ومدير جامعة وهران محمد عبو والمؤرخ حسان رمعون ومجاهدين وطلبته في كلية الطب ومواطنين جاءوا عرفانا بمسار البروفيسور الشاهد على العصر طيلة 99 سنة منذ ولادته بمدينة الحروش سكيكدة في 1922. اعتبر وزير التعليم العالي أن" تزامن وفاة البروفيسور لزرق مع إشرافه على ندوة وطنية لكل جامعات الجزائر يحمل رمزية كبيرة اعترافا بمساره كمجاهد والأب المؤسس لجامعة وهران والغرب بعد الإستقلال مباشرة وبقينا على اتصال وكان غالبا ما يستفسر عن حال الجامعة". من جهته، ألقى وزير المجاهدين كلمة بالمناسبة للتذكير بحياة الراحل ونضاله للانعتاق من الاستعمار الفرنسي. وكشف الوزير السابق عبو محمد في تصريح ل"الخبر": " كان مريضا جدا في الآونة الاخيرة ولقد أوصى بدفنه بجوار رفيقه في الثورة البروفيسور بودراع المتوفي سنة 2011 ". لكن الوصية لم تتجسد بحجة عدم وجود مكان شاغر قرب قبر الراحل بودراع وتم دفنه بمحاذاة قوادري مصطفاي والي وهران السابق وغير بعيد عن قبر قدور بخلوفي لاعب فريق جبهة التحرير. ذكر محمد عبو بأنه اقترح على السلطات تسمية عيادة طب العيون بإسم البروفيسور وهو على قيد الحياة لكن رفضت السلطات لأن تقليد تسمية الهيئات يتم بعد الوفاة. استدرك قائلا " لكن من المفارقات وعدالة التاريخ أن سكان وهران تعودوا على تسمية العيادة باسم عيادة لزرق منذ الإستقلال وهو حي يرزق ولن يستطيع أحدا محوها من الذاكرة المحلية". استعاد شريط ذكرياته مع الراحل " لقد رفض إقتراح هواري بومدين تعيينه كوزير الصحة وفضل تأسيس جامعة وكلية الطب، كما حول ثكنة السانية إلى جامعة بأمر من بومدين ورغم معارضة الشاذلي بن جديد وهو على رأس الناحية العسكرية الثانية، لكن عندما انتهت أشغال جامعة ايسطو في 1981 باشراف البروفيسور لزرق وحان وقت التدشين من طرف الرئيس الشادلي بن جديد قرر تنحيته واستخلافه بالدكتور مراد سليم طالب". أثار هذا القرار سخط الأسرة الجامعية لكن البروفيسور لزرق قال " لماذا أنتم مستاؤون لقد وضع مكاني أخي ورفيق دربي مراد طالب". من جتهه، أشار المؤرخ حسان رمعون إلى مساره الدراسي ونجاحه من بين القلائل في مدينة الحروش مثلما ذكر المؤرخ محمد حربي في إحدى كتبه بحكم انحداره من نفس المنطقة وأضاف " المؤسف أنه لم يترك كتابات أو شهادات حول مساره الثوري بصفته شاهد على العصر وعاش قرابة القرن لكنه رجل عملي أفنى حياته في النشاط لآخر لحظات حياته. وجدته متعبا في الأيام الأخيرة قبل أن يدخل في غيبوبة". من جهة، استنكر بعض المجاهدين على غرار فريحة محمد وضعية مقبرة الشهداء التي لا تليق بتضحيات الشهداء بدليل حالة الاهتراء المتقدمة للنصب التذكاري المشيد أثناء الوالي طاهر سكران وبقاء الرخام المنجز خال من أسماء شهداء وهران الذين يفوق عددهم 2300، ينحدرون من كل أنحاء الوطن. كما تعاني من الاهمال مربعات الشهداء البعيدة عن مدخل المقبرة أين تتواجد قبور الدكتور بودراع وبن قاسمية الشادلي جيلالي "سي عبد الحميد" شهداء المقصلة وشهداء همجية الجيش الفرنسي ومنظمة الجيش السري " لاواس".