عند الحديث عن أبرز اللاعبين في المنتخب الوطني حاليا لا يمكنك أبدا تجاهل لاعب بإمكانات كبيرة وفنيات عالية ومراوغات قاتلة مثل عبد المؤمن جابو، والذي يعد من بين أبرز المواهب الجزائرية الصاعدة إن لم نقل في القارة السمراء، فرغم أنه لم يستطع فرض نفسه في المنتخب لحد الآن بصفة دائمة إلا أنه ينتزع محبة الجمهور الجزائري أجمع، من الشمال إلى الجنوب ومن الشرق إلى الغرب، وحتى في خارج الجزائر، وذلك بالنظر إلى المتعة الكروية الساحرة التي يصنعها، وكذا أخلاقه العالية سواء داخل أو خارج الملعب، حتى سمي "ميسي الجزائر" نظرا للتشابه الكبير بينه وبين نجم الأرجنتين ليونيل ميسي، وإن اختلفت درجات التكوين والمستوى الذي يلعبان فيه. من مواليد 1987 بسطيف ولد عبد المؤمن جابو في مدينة سطيف من عائلة متوسطة يوم 31 جانفي 1987، حيث تربى على العادات والتقاليد الجزائرية، ومنها كرة القدم التي كانت في ذلك الوقت تعرف جيلها الذهبي للمنتخب الوطني، لتكون الرياضة الأكثر شعبية ومتابعة، لذلك فمن الطبيعي أن تكون نشأته على كرة القدم، أين بدأ مداعبة الكرة كسائر الأطفال في الشارع، لتظهر موهبته الفذة مبكرا. تدرج في كامل الفئات العمرية للوفاق مع ظهور موهبة فذة، كان لزاما على جابو صقلها في نادي يقدر المواهب ويطورها، فالتحق بمدرسة النادي العريق وفاق سطيف، وهي الخطوة الأولى التي قادته إلى النجومية بعدها، ففي الوفاق نشأ عبد المؤمن جابو وتدرج في الفئات العمرية حتى وصل إلى الفريق الأول، الذي كان يضم نجوما كبار، على غرار فارس فلاحي، ويسعد بورحلي وذلك في موسم 2005\2006. حصل على فرصته في البابية واستغلها بشكل ممتاز لم يجد فرصته في الوفاق في ظل كوكبة النجوم التي جلبها سرار إلى سطيف، فضلت إدارة الوفاق إعارته إلى الجار مولودية العلمة موسم 2006\2007، من أجل أخذ فرصة لعب أكبر وتفجير مواهبه بما أنه كان من الصعب جدا تحقيق ذلك في سطيف في ظل تواجد حاج عيسى، و لعب خلال تواجده بالبابية 23 مباراة سجل فيها ستة أهداف، وتألق خلالها بشكل لافت جلب له أنظار العديد من الأندية الجزائرية، ليعود في نهاية الموسم إلى سطيف مرة أخرى. تجربة فاشلة في نادي سيون السويسري تألقه مع العلمة كان علامة فارقة في مشواره الكروي، وطبيعي أن يجلب له أنظار العديد من الأندية الأوربية التي كانت تبحث عن العصافير النادرة، حيث انتقل إلى نادي سيون السويسري، لكنه لم يتأقلم مع الأجواء خارج الجزائر، بما أنه يعد من اللاعبين الخجولين جدا، حيث لم يفرض نفسه هناك، ليعود بعد شهرين تقريبا إلى ناديه وفاق سطيف، ويكمل 6 أشهر معه. انضمامه إلى الصفراء منعرج مسيرته الكروية رغم أنه أثبت قدراته في البابية إلا أن ذلك لم يشفع له في فرض نفسه في الوفاق الذي كان يشهد أوج تألقه وطنيا وقاريا، أين نال لقب البطولة آنذاك، وكان يضم خيرة لاعبي الجزائر، ليعار مرة ثانية إلى اتحاد الحراش في منعرج حاسم في مشواره الكروي، أين لعب عاما ونصفا، وأظهر قدراته الهائلة وأبهر الجميع في الجزائر بإمكاناته الفنية، وصنع الإعجاز في البطولة الوطنية، وخاض في ذلك الموسم 43 لقاء سجل 7 أهداف في موسم 2009\2010 ، كما ساهم في العديد من الأهداف بفضل تمريراته السحرية. عودته إلى الوفاق من الباب الواسع بعد موسم ونصف رائع في الحراش، عاد الولد الضال من جديد إلى بيته وفاق سطيف لموسمين جديدين، حقق فيهما الكثير رفقة النسر الأسود، وكان بمثابة فترة النضج الكروي لجابو، حيث بلغ المئوية في مجموع المباريات التي خاضها معه (101 لقاء) سجل خلالها 22 هدفاً، شكلت الفارق في مشواره ومشوار فريقه في البطولة الوطنية. عرض خيالي من الإفريقي يقنعه باللعب خارج الجزائر مرة أخرى بعد تجربة خارجية فاشلة لجابو في نادي سيون السويسري كان هذا الأخير حذرا جدا في التعامل مع العروض الأجنبية، لكن عرض النادي الإفريقي التونسي الخيالي الذي جاءه أجبره على قبوله، في موسم 2012 /2013 والذي بلغ مليون أورو ( 11 مليار سنتيم ) خاصة وأنه كان حرا من أي التزام، وقد تألق جابو في تونس بشكل كبير رشحه ليكون من أحسن اللاعبين الأجانب هناك، ونال حب جماهير فريق باب الجديد. رفض عرضا من الأهلي المصري و يفضل الوجهة الأوروبية بعد تألقه على أعلى مستوى مع النادي الإفريقي التونسي، فقد جلب له أنظارا العديد من الأندية العربية، منهم عملاق القارة السمراء الأهلي المصري، الذي حاول بشتى الطرق إقناعه بالإمضاء عنده، لكن اللاعب فضل البقاء في تونس، عوض اللعب في مصر أو في إحدى دول الخليج التي وصلته منها عدة عروض مغرية، مؤكدا أنه لن ينتقل من الإفريقي إلا نحو أوروبا. لعب في كل الفئات العمرية للخضر فيما يخص مشواره الدولي، فقد كان مميزا جدا منذ نعومة أظافره، فقد لعب جابو في مختلف الفئات العمرية للمنتخبات الوطنية، وكان في كل مرة يعتبر الموهبة الأفضل، ويجلب له أنظار الجميع، بفضل مراوغاته القاتلة وكذا لعبه الفني الجميل، وهو ما دفع بكل المدربين الوطنين الاعتماد عليه، ومنحه شرف حمل الألوان الوطنية، وذلك إلى غاية صنف الأواسط. بن شيخة أول من استدعاه للمنتخب الأول رغم تألقه الواضح في المواسم التي لعبها في وفاق سطيف، في 17 نوفمبر 2010 استدعاه مدرب المنتخب الوطني عبد الحق بن شيخة إلى لقاء لوكسمبورغ الودي، أين كان أول استدعاء له، عقب المونديال الإفريقي، ليخطو أول خطواته مع المنتخب الأول، وإن لم يكن له دور كبير آنذاك. "الشان" محطة هامة في مشواره الدولي بما أنه كان من بين أبرز اللاعبين في الساحة الوطنية، انضم إلى منتخب الجزائر للاعبين المحليين بما أن بن شيخة كان المدرب أيضا، حيث منحه الثقة مرة أخرى ليشارك في بطولة أمم أفريقيا للاعبين المحليين عام 2011، بالسودان، وهي البطولة التي تألق فيها رفقة المنتخب الوطني ووصلوا فيها إلى الدور نصف نهائي قبل أن يخسروا أمام المنتخب التونسي الذي نال اللقب بعدها بضربات الجزاء، أين لعب كل المواجهات وسجل هدفين، لتكون تجربة جيدة بالنسبة له. قدوم حاليلوزيتش أبعده عن الأضواء مجددا بعد قدوم حاليلوزيتش إلى المنتخب خلفا لبن شيخة الذي رحل عقب هزيمة المغرب برباعية في مراكش، لم يحظ جابو بنفس الثقة التي منحها له الجزائري، أين كان في كل مرة يكتفي بتسخين مقعد البدلاء، أو يشارك لدقائق معدودة، وكان حاليلوزيتش في كل مرة يؤكد أن جابو لا يمكنه لعب سوى 10 دقائق بالنظر لمشاكل بدنية له، وهو الأمر الذي كاد يفجر أزمة بين الرجلين، خاصة وأن جابو رفض ذلك جملة وتفصيلا. رفع التحدي، رفض تشبيهه بلاعب العشر دقائق وأجبر البوسني على تغيير رأيه بعد تلك الحادثة، قرر جابو رفع التحدي من جديد، وطالب بمنحه فرصته كاملة لتأكيد قدراته، ولمحو الصورة السلبية التي رسمها عنه حاليلوزيتش، وقد أبدع في العديد من اللقاءات التي دخلها كاحتياطي، لكن المباراة الأبرز كانت أمام المنتخب السلوفيني بملعب تشاكر بالبليدة، أين لعب مباراة كبيرة جدا، وصال وجال، طيلة اللقاء، ليؤكد علو كعبه، واستحقاقه لفرصة اللعب في المنتخب الأول مثله مثل فيغولي، إبراهيمي وغيرهم. مباراة سلوفينيا انتزعت اعتراف حاليلوزيتش به شكلت مباراة سلوفينيا المنعرج في مشوار جابو في ظل إشراف حاليلوزيتش على المنتخب، وقال عنه :"جابو أبهرني وقدم مباراة في القمة تكتيكيا، هو أحسن ب جزائري ولما يكون أحسن بدنيا بإمكانه مراوغة الجميع". سعدان اعترف به رغم أنه أول من همشه رغم أنه همشه في وقت سابق لما كان على رأس المنتخب، إلا أن ذلك لم يمنع سعدان من انبهاره بتطور مستواه، وقال عنه عقب مواجهة سلوفينيا :" جابو أدى لقاء رائعا، وأثبت بأنه لاعب في المستوى، لقد كان وراء كل المحاولات الهجومية الخطيرة التي شنها الخضر على مرمى المنافس، لقد أثبت جابو بأنه يستحق الفرصة ومزيدا من الثقة في إمكاناته، بعد أن كان خارج الحسابات في بداية مشواره مع المنتخب الوطني، وأتنبأ له بمستقبل زاهر، وبأن يكون أحد أعمدة التشكيلة الأساسية ". استدعي للمونديال وآمال كبيرة معلقة عليه لتشريف اللاعبين المحليين كان استدعاء الناخب الوطني لجابو ليكون ضمن التشكيلة التي ستمثل الجزائر في المونديال البرازيلي أمرا منتظرا، حيث سيكون حامل المشعل، أين سيمثل الجزائر واللاعبين المحليين، بما أنه من اللاعبين القلائل في المنتخب ممن تكونوا في البطولة الوطنية، لذلك فإن تألق جابو سيعيد تسليط الضوء على المواهب المحلية مجددا، كما أنه ينتظر أن يكون من اكتشافات المونديال، عله يظفر بعرض أوروبي كبير بعد هذا الحدث العالمي.