قال مدير المركز الوطني البيداغوجي واللغوي لتعليم تمازيغت، أنّ الإسلام لم يعرّب الأمازيغ، وأنّ ما يردّد بهذا الخصوص هي "أكذوبة تاريخية"، لأنّ الجزائريين يتكلّمون لغتهم الجزائرية وليس لغة القرآن التي لا يفهمها إلاّ من درسها في المدرسة وبشق الأنفس، ولكن لماذا ليس كلّ الجزائريين يتكلّمون الأمازيغية؟ وهنا، أوضح أنّ منطقة شمال إفريقيا معروفة بتنوّعها اللغوي، فالجزائر مثلا تضمّ ما يقارب 17 تنوّعا لغويا، والأمر نفسه بالنسبة لتونس وواحة سيوة بمصر، وكذلك للمغرب وليبيا، وبعد الفتح الإسلامي للمنطقة- حيث أتوها لنشر الإسلام وليس للإقامة، على غرار كلّ الغزوات التي كانت تقام بشبه الجزيرة العربية- وظهور مصالح اقتصادية تجارية وبروز تقارب لغوي مع عربية بني هلال، وبعد قرنين فقط (القرن الثالث عشر)، حوّلت المنطقة المغاربية إلى ناطقة بالعربية المغاربية، ذلك بصياغة لغة مشتركة محايدة (Lingua franca)، والمتعارف عليه أنّ اللهجة الأجنبية هي التي يتم تبنّيها لتسهيل أمور التجارة والاقتصاد تجاوزا للصراعات الذاتية والرمزية بين المتكلّمين. واعتبر ضيف المنتدى أنّ الدولة الجزائرية، حصرت الهوية في العروبة الثقافية والإسلام وهي مكوّنات في مستوى معين، ذلك إذا نظرنا إلى الشيشانيين المسلمين والفرس المسلمين والأتراك، ماذا يميّزنا عنهم إذن؟، التركي بقي تركيا يتكلّم التركية وهو مسلم وكذلك الإيراني يتكلّم الفارسية وهو مسلم، وأوضح أنّنا الوحيدون الذين نتصوّر أنّه علينا التجرّد من لغتنا وتاريخنا البشري والثقافي لنكون مسلمين، "هل يعقل أن نندم في القرن الواحد والعشرين على مقاومة أجدادنا (كسيلة) وجداتنا (ديهية) الفتح العربي في القرن الثامن الميلادي؟، هل هذه المقاومة تنقص من إيمان شعبنا اليوم؟" وأكّد قائلا "هذا الخلط مفزع ويؤدي إلى كراهية الذات كأنّه كان عليهم أن يسلموا قبل وجود الإسلام، ونذكر أن "كسيلة" قُتل رغم أنه كان قد أسلم من قبل..عسى الذكرى أن تنفع المؤمنين". واستحضر الأستاذ دوراري، مقولة ابن باديس -وبن باديس هو واحد من مؤسسي الدولة الدزيرية ولم يسم نفسه هكذا عبثا وكان يمضي مقالاته بابن باديس الصنهاجي نسبة إلى قبيلة أمازيغية كبيرة- عندما يقول "شعب الجزائر مسلم وإلى العروبة ينتسب"، لا يقول إنّه عربي "وينتسب معناها أنه يحسّ بقرابة ذاتية مع جماعة جيو-سياسية أو جيو-ثقافية وهذا لا يعني أنّك عربي العرق- ليست هذه هي الفكرة- وفكرة ألا تكون عربيا أو تكون لن يغير شيئا فيك، لكنك ككائن تاريخي موجود، سَم نفسك جزائريا أمازيغيا ثم أن تنتسب للعروبة الثقافية لن يغير منك شيئا المهم أن تنتسب إلى شيء ما لتوسيع مدارك الثقافي". وقال "الثقافة العامة الغالبة ينبغي أن تكون ثقافة وسياسة إدماجية للجميع لكن غير قصرية، في كلّ المجتمعات هناك قوى جامعة وقوى طاردة، ونلاحظ أنّ هناك نوعا من التذمر الاجتماعي والثقافي واللغوي، فإذا كانت الدولة تريد الجمع فعليها بالقوى الجامعة، الآن السائد في الجزائر هو القوى الطاردة، وهي تهدّد الأمازيغية الرسمية والوحدة الوطنية، أمّا اللغات المستعملة في مناطقها فلا تهدّدها بشكل مباشر، وهناك نوع من التذمر من عدم وجود مؤسسة تعنى بالتهيئة اللغوية ويقصد أكاديمية اللغة الأمازيغية.