أجمع مسؤولون في مجال الفلاحة والموارد المائية، خلال نقاشات حول الفلاحة الصحراوية، ضمن فعاليات المؤتمر الإفريقي للمؤسسات الناشئة، الذي نظم مؤخرا بالجزائر، على أهمية استغلال الأراضي الفلاحية الواسعة واحتياطات المياه الضخمة بالجنوب، لتطوير الزراعات الاستراتيجية، في ظل تراجع التساقطات من الأمطار بصفة معتبرة ومتواصلة في شمال البلاد. في هذا الإطار، قالت المديرة العامة لديوان تنمية الزراعة الصناعية بالأراضي الصحراوية، صبيحة بوسدرة، أن هناك قدرات هامة في مجال الأراضي والمياه الجوفية بجنوب البلاد بالرغم من صعوبة المناخ الذي يحتم القيام بسقي كل المساحات المزروعة، ما يتطلب، حسبها، تجنيد الموارد المائية الجوفية بطريقة فعالة وذكية تحدد كيفية التحكم في السقي ومواعيده. كما أوضحت أن الاستثمارات الهيكلية التي يرافقها الديوان المكلف بتنفيذ السياسة الوطنية لتعزيز وتطوير الزراعة الصناعية الاستراتيجية في الأراضي الصحراوية، تتطلب تسييرا محكما، يأخذ بعين الاعتبار أنواع البذور وقدرتها على التكيف مع الظروف المناخية لولايات الجنوب التي يتدخل فيها الديوان حاليا وهي غرداية، والأغواط، وورقلة، والمنيعة، وتيميمون، وإليزي، وجانت، وتقرت وأدرار، مشددة على أن نجاح هذه الاستثمارات يتطلب توفير الطاقة، لاسيما من خلال تطوير الطاقات المتجددة وشق الطرقات التي تسمح بالولوج إلى المستثمرات الفلاحية ووضع أنظمة سقي حديثة وتجنيد الموارد المائية واستغلالها لأهداف التنمية المستدامة. من جهته، سجل المدير العام للوكالة الوطنية للموارد المائية، أن ولايات الشمال تعيش منذ سبع سنوات على وقع تراجع ملحوظ في الأمطار، حيث انخفضت بنسبة 20% بين 2024 و2025، ما جعله يشير إلى أن التوجه نحو الجنوب لتطوير الزراعات الاستراتيجية خيار فرض نفسه بالنظر لهذه الظروف المناخية الجديدة. وتطرق المتدخل، إلى السياسة التي انتهجتها الحكومة بتوجيهات من رئيس الجمهورية في مجال الري والتي تعتمد على تحلية مياه البحر، وتوجيه كل ما هو فائض إلى الفلاحة بشمال البلاد، أما بالنسبة للجنوب الذي يحتوي على احتياطات هامة من المياه الجوفية، اعتبر المسؤول، أنه لابد من استغلالها بطريقة صحيحة وحكيمة عقلانية، ولفت إلى أن الجنوب لا يعرف منافسة شديدة بين المستثمرين في المجال الفلاحي عكس الشمال، ما يتيح مرافقة المشاريع بطريقة أفضل. وبالمناسبة، قدم الرئيس المدير العام لشركة "تافاديس" (فرع مجمع مدار) أحمد دراي، بعض التفاصيل عن التجربة الزراعية التي تقوم بها الشركة لإنتاج السكر، مؤكدا أن الأمر يتعلق حاليا بتنفيذ تجارب ميدانية قبل الشروع في الاستثمار على أوسع نطاق.