السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته أما بعد: أنا فتاة من مدينة عنابة أتابع دراستي الجامعية وأعمل في مؤسسة خاصّة، متخلقة محتشمة، لقد تعرضت العديد من المرات لمضايقة شاب في الطريق، لأنه أراد أن يكلمني فطلبت منه أن يفعل ذلك مع والدي، بعدما أعطيته رقم هاتفه، وأخبرته أني لا أستطيع أن أكلمه بدون صفة رسمية بيننا، وبعد ذلك اتضح أن نيته لم تكن للزواج أبدا، فبعد محاولات عديدة منه ليتقرب مني، وبعد أن عجز عن الوصول لنواياه، قرر أن يوقعني في مكيدة كبيرة، فما كانت بيده حيلة لكي يهددني، فنسج قصة خيالية مع شهود مزيفين، وأتى بها لوالدي، فحقق ما كان يريده بكل جدارة، فقد نلت أشد العقاب من والدي، لأن الشاب أخبر والدي بما يهز الجبال، وبعد ذلك قرّر والدي حرماني من العمل والدراسة، وحتى لقاء صديقاتي في البيت أو حتى الهاتف، وأجبرني على ارتداء الحجاب، وقد طلبت منه أن يعطيني فرصة حتى أقتنع بالحجاب، لأني أريد ارتداءه لإرضاء الله عز وجل ليس لإرضاء والدي لكنه رفض، أصبحت أعيش بهاجس اسمه الحجاب، لأنّ ذلك قد ترك أثرا سلبيا على نفسيتي للأسف، فقد حاولت مرارا وتكرارا أن أقنع نفسي به، لكن تصرف والدي قتل الرغبة في قلبي لارتداء هذا الزي الشرعي، بصراحة شديدة جدا، إن الحجاب الآن يشكل علي عبءا كبيرا، وأخجل جدا أنّني غير مقتنعة به، فهدفي ليس التّبرج والتّزين إنّما هدفي إرضاء الله بأعمالي وصلاتي وحبي لله عز وجل، أمّا حجابي فأنا أدعو الله أن يهديني له، أمّا في وقتي الحالي فأنا أحاول وبشتى الوسائل أن أقنع والدي بأن أخلعه، وإذا لم يقتنع فسأضطر إلى خلعه دون علمه، أسألك سيدتي النصيحة، علما أن الحجاب ليس طريقي إلى الجنة وإرضاء الله، بل عملي وصلاتي وصدقي هو أقوى الإيمان، والله أعلم ما بنفسي. إكرام/ عنابة الرد: احمدي اللّه أن وفقك للإلتزام، خاصّة في طريقة لباسك، وهذا كله من فضله عليك، أمّا ما حدث من هذا الشاب، فحسابه عند الله، وسينتقم منه على قدر ما أساء إليك وأفسد ما بينك وبين والدك، لأنه لا يحب الظّالمين، ويا ويله من عقاب الله يوم القيامة، فاتركيه لخالقه، فسوف يتولاه بالعقاب على قدر جرمه في حقك وإساءته إليك. إنّ العقاب الذي أنزله عليك والدك، به شيء من القسوة والتجاوز، ولكن أعذره نظرا لهول الكلام الذي سمعه وفظاعته، إلاّ أنّ مسألة الحجاب فهذا هو الأمر المحيّر فعلا، وأنا في غاية الدهشة من موقفك، فأنت فتاة محترمة ورائعة وملتزمة كما ذكرت، وعلى قدر عال من الوعي والفهم والإدراك ونبل الأخلاق، ممّا يجعل قضية الحجاب بالنسبة لك غير قابلة للنقاش مطلقا، على العكس كنت أتصور أن والدك قد يأمرك بعدم ارتدائه، وأنت تصرّين على ذلك، وعلى فرض أنّ والدك أصر على لبسك الحجاب، فهل لهذا السبب ترفضينه لهذه الدّرجة؟ وهل يمكن تصور أن يكون علاج المشكلة في معصية الله تعالى؟ وهل يرضيك أن يمر عليك يوم وأنت على معصية الله ومصرة على ذلك؟ لا أعتقد أن هذا هو الحل الأمثل والأصح، بل الأصح أن تقولي لنفسك هذا شرع الله، ولن أخالف أمره، وجازى الله والدي عنّي خيرا، لأنّه حريص على نجاتي من العذاب. أرى أن تراجعي نفسك، وأن تعينيها على طاعة الله، وأن تعلميها أن التي رفضت أن تكلم شابا كلمة واحدة، ليس لديها استعداد أن تعصي اللّه بترك أمره. لن أحدثك عن أهمية الحجاب، لكن سأحدثك عن بناء جميل رأيته، في حديقة خضراء، فيه الغرف الفارهة والأنوار الملفتة، لقد أعجبني البناء بكل ما فيه حتّى الحديقة كانت رائعة بمعنى الكلمة، لكن للأسف وقعت عيني على الجدار الجانبي للبناء، كان به شرخ كبير، فقلت لنفسي ألم يكن عند صاحب هذا البناء القليل من المال، ليصلح هذا الجدار؟ "والحديت قياس" كذلك أنت. اجعلي دعاءك لله أن يشرح صدرك للحجاب، أكثر من تفكيرك في خلعه أو إلقائه، وانسي أو تناسي مسألة إرغام والدك، بل صححي النية ليكون لبسك له إرضاء لله تعالى وليس لسبب آخر. ردت نور