يكفي للمواطن التيسمسيلتي أن يقوم بجولة خفيفة أو خاطفة عبر شوارع وأزقة عاصمة الولاية أو بعضا من كبريات البلديات ليكتشف عشرات حتى لا نقول مئات من سلبهم رب السموات والأرض نعمة العقل او بعبارة دارجة " المهابيل " يجوبون الأزقة و الأماكن العمومية ومداخل مقرات الادارات وفي كل الأمكنة والمسارات والاتجاهات منهم من يحمل عصا ومنهم من يحمل خنجر وآخرون حجر فارضين اعتداءاتهم وهيجانهم على الأصحّاء من دون هوادة ... تتعدد اسماءهم وتختلف اعمارهم وتتنوع حكايات هيجانهم وثورانهم وانفعالهم ومعها تتزايد أرقام ضحاياهم من بني البشر الأصحاء ، هي الصورة التي لا ينبغي القفز على حقيقتها فقد سنّت هذه الشريحة قوانينا خاصة بها لم يتم دراستها ولا مناقشتها من طرف هذا المسؤول أو ذاك سواءا على مستوى البرلمان او الحكومة أو حتى الولاية مثلا للبت فيها وانما هي قوانين غير قابلة للتنازل عنها من طرف اصحابها يتصدرها وجوب تمزيق نسيج الحياء فلا غرابة في أن تجد البعض من هؤلاء يمشون حفاة عراة تماما مثلما أنجبتهم امهاتهم ولكم تصوير هكذا مشهد وبثّه على المباشر أمام أفراد عائلة تضم الوالدين وبقية الاولاد من الجنسين أو وضعه تحت أعين براعم واطفال لم يتعد سنّهم مرحلة التمدرس الابتدائي ، وليت يتوقف البث عند هذه الصورة التي باتت " محتومة " على المارة في عاصمة الونشريس بل يتعدى الأمر وفي أكثر الأحايين الى تعرض العقلاء من مختلف الأعمار الى اعتداءات عنفوانية منها من استعملت فيها الاسلحة البيضاء وحتى السوداء ابطالها مخبولون ثائرون لم يترددوا في افراغ شحنات هيجانهم على اجساد الأصحاء ... اعتداءات منها ما قتلت وأخرى تسببت في الحاق عاهات مستديمة بضحاياها وثالثة زرعت بذور الفزع والهستيريا غير القابلة للمحو في النفوس وهنا كان لزاما علينا التوقف عند بعض المحطات التي تروي حكايات عن عنف وهمجية مجانين انتهت غالبيتها بمآس ما تزال محفورة في عقول المواطن أبرزها تلك التي وقعت ببلدية سيدي سليمان ذات 2005 عندما انهال مجنون هائج ضربا على شيخ مجاهد حتى الموت ولم يستطع آنذاك ولو واحدا من المارة تخليص الشيخ من بين ايديه بفعل قوة هيجانه ، وفي عام 2008 وقعت حادثة سير على الطريق المؤدي لبلدية برج الامير عبد القادر خلّفت ستة جرحى كانوا على متن سيارة " طاكسي " انحرفت عن مسارها بعد أن فقد سائقها التحكم في مقودها والسبب في ذلك هو " مهبول " آخر أقام حاجزا بمفرده على الطريق المذكور وراح يقصف السيارة بوابل من الحجارة التي كان يحملها على متن حقيبة من الحجم الكبير الحقت اضرار بليغة بالسيارة واصابات متفاوتة الخطورة بالمسافرين ، ومن بين الحوادث الغريبة والطريفة في الوقت نفسه تلك التي شهدها وسط عاصمة الولاية وتحديدا أمام الساحة المقابلة لمسجد بلال بن رباح اين طعن مجنون مجنون آخر باستعمال خنجر والشاهد كان مجنون ثالث فشلت المصالح المعنية في تحديد هوية الظالم من المظلوم وعنونت حينها العديد من الصحف الحادثة ب " مجنون يطعن مجنون والشاهد مجنون في اعتداء مجنون " ، هذا دون الحديث عن عشرات الاعتداءات التي تسببت في خدوش واصابات خفيفة نظير لكمات ولطمات وجّهها بعض المعتوهين لأناس أصحّاء لم يجدوا أمامها سوى لعن المتسببين والمساهمين في انتشار هذه الظاهرة مقابل دعاذءهم بالشفاء لفئة تعاني وتقاسي ويلات فقدان التمييز ، واذا كان هذا هو حال جنون العقل لدى هؤلاء فيقابله في الضفة الأخرى جنون كذب الأرقام و" هفّ " التقارير والخبل السلطوي نسبة الى السلطات المعنية وبقية شركائها من المحسوبين على عالم التكفل بهذه الشريحة الذين يبدوا وكأنهم اصيبوا بتمزق في الشرايين الفكرية أو العقلية بدليل غياب التكافل الاجتماعي الخاص بالمجانين الذين لهم حقوقا يضمنها لهم القانون منها الرعاية الصحية على غرار تشييد أو بناء مصحّات تحتضن هؤلاء لكن للأسف تيسمسيلت تفتقر لمستشفى الامراض العقلية الذي لم يضعه كل المسؤولين الذين تعاقبوا على هذه الولاية في اجندة برامجهم التنموية مقابل صرف الاموال في مشاريع هامشية حتى لا نقول وهمية كما هوالحال على سبيل المثال لا الحصر مع مركز الفروسية الذي تحوّل الى نكتة " فيالارية " لا تفارق ألسنة المواطنين بعد أن سكنته بدلا من الخيول قطعان الحمير التي أضحت تمارس طقوس الفروسية وفنونها في هذا الزمن العجيب ، والأكثر من ذلك أن مستشفيات تيسمسيلت لا تضم اجنحة ولا مصالح مخصصة للمعتلين عقليا ما يدفع بأهل هذه الشريحة وهم الاكثر المتضررين من انفعال وهمجية مرضاهم الى الاستنجاد بمستشفيات تيارت والبليدة ووهران التي عادة ما تستقبل مصالحها المريض لمدة قصيرة قبل أن يخلى سبيله بمجرد انخفاض تارمومتر هيجانه بفعل المسكنات والمهدئات التي يتجرعها تزامنا مع مكوثه هناك ليعود بعدها الى عاداته وسيرته السابقة التي تتطلب اعادة العملية وتكرارها من جديد أو كما يقال " تعود ريمة لعادتها القديمة "وما تقابله من مصاريف ومتاعب ومصاعب يتحملها ذوو المريض ، وخلاصة للقول وقبل أن نخط مطلب انجاز مشفى لهذه الشريحة بحسب ما تناقلته ألسنة المواطنين ووضعه امام السلطات المعنية فانه كما للمرضى حق في الرعاية الصحية والحماية الاجتماعية فللمواطن ايضا حق في أن يعيش حياة بلا عنف ... لكن من يحمي اليوم سلامة الأصحاء من عنفوان " المهابيل " ؟؟