بقلم: عبد القادر حمداوي لازلنا نؤكد مرة تلو مرة أن الألغام المضادة للأفراد التي زرعتها فرنسا في الحدود الجزائرية أثناء الاحتلال والتي كانت فرنسا تعتبر الصحراء منطقة خاصة، حيث كان العدو يسعى جاهدا إلى فصل الصحراء وذلك بمشروع التجزئة، لكن تفطن قادة الثورة آنذاك ورفضوا المشروع رفضا قاطعا، بعدما جعلت فرنسا قاعدة عسكرية أرادت أن تضع مجهدها على مستعمراتها. وفي الأربعينيات من 1949 تم اكتشاف البترول وهم فرنسا مصالحها، أرسلت القواعد الأمنية على هذه المنطقة، كانت فرنسا تبحث عن الحلقة المفقودة وتم الاتفاق مع إسرائيل التاريخية من خلال الاتفاق السري عام 1953 حيث كانت إسرائيل تبحث عن الأرض لإجراء التجارب النووية برقان. حيث كان يمنع الدخول على أي شخص وحتى على بعض العسكريين. استفادت فرنسا بشكل كبير من رؤوس أموال أغنياء اليهود لضمان القوة النووية للكيان الصهيوني بغية بقائهم في فلسطين. وفي مدة عامين انتقل الفرنسيون وحفروا الأرض ووضعوا الأعمدة المسلحة في شكل ورشات مخصصة للبناء وأحضروا مجموعة من المواطنين للعمل. خطط العدو الفرنسي أيضا بوضع الشعب الجزائري في حلقة بعيدة عن العالم ثم وضع خط موريس خلال حكومة بورجيس فكان وزير الدفاع آنذاك موريس. ووضع خط شائك مكهرب لمنع الثورة من عبور الحدود للتزود بالأسلحة، انطلقت العملية في شهر أوت 56 وتم التدعيم بخط سال بلغ طول الخطين 2531 كلم. صنعت فرنسا الموت وزرعت 11 مليون لغم بالحدود الشرقية والغربية وبهذا ساهمت في قتل الجزائريين. كان اللجوء إلى زرع الألغام وذلك لعرقلة نشاط المجاهدين العابرين للخط. عزز العدو الفرنسي لهذه العملية بآلاف من العساكر توزعوا على طول الخط ليقوموا بحراسة دائمة. وخلال هذه الفترة تم حشد قوات معتبرة من الجيش الفرنسي على الحدود الشرقية والغربية فقد تم توسيع المناطق المحرمة على طول الحدود. حيث تم إجلاء السكان من هذه المناطق بالقوة ووضعوا في محتشدات ومراكز تجمع أقيمت لهذا الغرض تحت حراسة مشددة. وفي عام 1957 تم ترحيل عشرات الآلاف من سكان الأرياف الذين لجأ الكثير منهم إلى تونس والمغرب، وقد وجد المجاهدون صعوبة جمة في إحراق وتخريب هذه الخطوط لعدم وجود تجربة، لقد سقط عشرات القتلى والجرحى في صفوف المجاهدين الذين يذهبون إلى جلب السلاح وخاصة الولايات الداخلية وتم تكثيف العمليات العسكرية ضد المجاهدين الذي قام بها مخطط شال، وكما يتمثل في القيام بعمليات تمشيطية برية، بحرية وجوية لمحاولة تطهير مناطق الثورة من المجاهدين لكن هذه العمليات باءت بالفشل مثل عملية الشرارة في جبال الحضنة بقيادة شال نفسه. وعملية التاج في الولاية الخامسة خلال شهر فيفري 1959 والتي شارك فيها حوالي 30 ألف جندي فرنسي وعملية الحزام بالولاية الرابعة شهر جوان من نفس العام. رغم كل ذلك فإن جيش التحرير الوطني قادر على تصريف الأمواج الجبارة التي كان العدو يزحف على الجبال لكن المجاهدين نظموا الخطط بتقسيم الكتائب إلى أفواج صغيرة والنزوح إلى القرى والمدن، ففوت الفرصة للعدو بكل طاقة وساهم المجاهدون فيها مساهمة أقوى لها الأثر البالغ في تطور الثورة. حصت العديد من أرواح الجزائريين سواء إبان الاحتلال من مجاهدين ومدنيين لقد كشفت التقارير العسكرية على أن الألغام باتت هاجسا على المواطنين. لقد دمر الجيش الوطني الشعبي أكثر من 9 ملايين لغم وأثار هذا الموضوع اهتمام الدولة الجزائرية. أكد الكثير من الحقوقيين أن الاعتراف الفرنسي بهذه الجرائم مجرد عاصفة صيفية ولا بد من كل المؤرخين والباحثين الجزائريين أن يبذلوا المزيد من الجهود والعمل من أجل الاهتمام بهذا الأثر الجهنمي. فسلاما حارا أيها الشهيد الطاهر ورفيق الكفاح والسلاح ودعاء خالصا بعظيم الغفران والأجر والثواب وأسكنك الله فسيح جنة الفردوس مع الصدقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا.