السيدة مولوجي تستقبل مديرة قسم المرأة والجندر والشباب بمفوضية الاتحاد الإفريقي    الجريدة الرسمية: صدور قانوني تبييض الأموال وتمويل الإرهاب ومعالجة المعطيات ذات الطابع الشخصي    أوبك+: لجنة المراقبة الوزارية تشيد بالتزام أغلب الدول باتفاق خفض الإنتاج    الهاتف النقال: شركة جازي تسجل ارتفاعا في استثماراتها الى 6 ر10 مليار دج في الثلاثي الثاني /حصيلة    المؤتمر العالمي للذكاء الاصطناعي بشنغهاي : واضح يبرز جهود الجزائر في الرقمنة وتطوير الذكاء الاصطناعي    انطلاق أشغال مؤتمر تسوية قضية فلسطين وحل الدولتين في نيويورك    مطالب في أوروبا بكسر حالة الصمت وفضح جرائم المخزن في الصحراء الغربية    استقبل الدفعة الثالثة من الأئمة الموفدين إلى أكاديمية الأزهر .. بلمهدي يدعو إلى تمثيل الجزائر بما يليق بحضارتها وتراثها    قندوسي مهدد بالغياب عن أمم أفريقيا    حسان يبدة يرشح حاج موسى للعب في الريال أو برشلونة    حوادث مرور وحرائق وغرقى… حصيلة ثقيلة للحماية المدنية خلال 24 ساعة    الألعاب الإفريقية المدرسية /الجزائر2025/: دخول المصارعة الجزائرية ب 20 رياضيا وكرة السلة والملاكمة يواصلان السباق في اليوم الثاني بعنابة    الجزائر اعتمدت عدة استراتيجيات لتحقيق الامن الغذائي ومواجهة آثار تغير المناخ    ضبط أزيد من قنطار من الكيف المعالج بالبليدة وبشار مصدره المغرب    العدوان الصهيوني على غزة: كل الفلسطينيين جوعى في القطاع والأطفال هم الأكثر معاناة    رئيس الجمهورية يشرف على حفل تكريم المتفوقين الأوائل في امتحانات شهادتيالبكالوريا والتعليم المتوسط    مكافحة التقليد والقرصنة: توقيع اتفاقية بين المديرية العامة للأمن الوطني والديوان الوطني لحقوق المؤلف    تواصل موجة الحر عبر عدة ولايات من جنوب البلاد    بطولة إفريقيا لكرة القدم للاعبين المحليين 2024 /المؤجلة الى 2025/: المنتخب الوطني يواصل تحضيراته بسيدي موسى    اختتام المهرجان المحلي للموسيقى والأغنية الوهرانية : تكريم الفائزين الثلاث الأوائل    جثمان الفقيد يوارى بمقبرة القطار.. بللو: سيد علي فتار ترك ارثا إبداعيا غنيا في مجال السينما والتلفزيون    تمتد إلى غاية 30 جويلية.. تظاهرة بانوراما مسرح بومرداس .. منصة للموهوبين والمبدعين    وفود إفريقية تعبر عن ارتياحها لظروف الإقامة والتنظيم الجيد    هذا موعد صبّ المنحة المدرسية الخاصّة    يوميات القهر العادي    غوارديولا.. من صناعة النجوم إلى المدربين    العملية "تضع أسسا للدفع بالمناولة في مجال إنتاج قطع الغيار    تحقيق صافي أرباح بقيمة مليار دج    رغم الاقتراح الأمريكي لوقف إطلاق النار.. استمرار القتال بين كمبوديا وتايلاند    نيجيريا : الجيش يصد هجوماً شنته «بوكو حرام» و«داعش»    إستشهاد 12 فلسطينيا في قصف على خانيونس ودير البلح    وهران.. استقبال الفوج الثاني من أبناء الجالية الوطنية المقيمة بالخارج    خاصة بالموسم الدراسي المقبل..الشروع في صب المنحة المدرسية    تدابير جديدة لتسوية نهائية لملف العقار الفلاحي    إشادة بالحوار الاستراتيجي القائم بين الجزائر والولايات المتحدة    رئيس الجمهورية يعزي نظيره الروسي    الوكالة تشرع في الرد على طلبات المكتتبين    الابتلاء.. رفعةٌ للدرجات وتبوُّؤ لمنازل الجنات    ثواب الاستغفار ومقدار مضاعفته    من أسماء الله الحسنى.. "الناصر، النصير"    هدفنا تكوين فريق تنافسي ومشروعنا واحد    لا يوجد خاسر..الجميع فائزون ولنصنع معا تاريخا جديدا    حملة لمكافحة الاستغلال غير القانوني لمواقف السيارات    عنابة تفتتح العرس بروح الوحدة والانتماء    إنجاز مشاريع تنموية هامة ببلديات بومرداس    عندما تجتمع السياحة بألوان الطبيعة    بداري يهنئ الطالبة البطلة دحلب نريمان    "المادة" في إقامة لوكارنو السينمائية    ورشة الأصالة والنوعية تختتم الفعاليات    جثمان المخرج سيد علي فطار يوارى الثرى بالجزائر العاصمة    دعوة مفتوحة للمساهمة في مؤلّف جماعي حول يوسف مراحي    شبكة ولائية متخصصة في معالجة القدم السكري    منظمة الصحة العالمية تحذر من انتشار فيروس شيكونغونيا عالميا    وهران: افتتاح معرض الحرمين الدولي للحج والعمرة والسياحة    النمّام الصادق خائن والنمّام الكاذب أشد شرًا    إجراءات إلكترونية جديدة لمتابعة ملفات الاستيراد    استكمال الإطار التنظيمي لتطبيق جهاز الدولة    رموز الاستجابة السريعة ب58 ولاية لجمع الزكاة عبر "بريدي موب"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تمثال من صلصال
نشر في أخبار اليوم يوم 28 - 05 - 2016


الشيخ سلمان العودة
صانعُ الفَخَّارِ يَلْقَى في صُنع الجَرَّةِ الصغيرة عناءً كبيراً ثم يبيعها لشاب عابث ويقول له:
-ستكون مسروراً من بضاعتي إنه عمل تمَّ في وجداني وسيخدم أبناءك وأحفادك!
يمضى الصانع وزملاؤه في طريقهم فيشاهدون مجموعة من الشباب يحملون جِرَار الفَخَّار الجميلة التي اشتروها منهم ثم يضعونها على هاوية جبل ويرشقونها بالحجارة وكأنهم تراهنوا أيّهم يكسر عدداً أكبر منها!
تكسَّرت الجِرَار وسقطت في الهاوية والشباب يرقصون ويضحكون!
يركض صانعو الفَخَّارِ إلى الشباب بغضب وهم يصرخون:
-ماذا تصنعون أيها الأشقياء؟ أنتم لا تُقدِّرون قيمة الكنز الذي في أيديكم!
-ولماذا تغضبون؟ لقد بعتم بضاعتكم وأخذتم ثمنها ونحن أحرار فيما نفعل فيها.
-ولكن هذه الجِرَار عزيزة علينا وقد كلَّفتنا جهداً لتصبح هكذا ووضعنا في طينها كثيراً من جهدنا وبعض أرواحنا حتى أصبحت شيئاً جميلاً مفيداً وها أنتم يا قليلي الإيمان تحولونها إلى شظايا وتعبثون بها!
قرأت هذه القصة الجميلة في رواية (بلادي) ل(رسول حمزاتوف).. وبالمناسبة يوجد في (اليوتيوب) مقطع له في نهاية عمره يعلن ندمه على أخطائه وزلاته بخشوع وانكسار.. رحمه الله.
وجدت في القصة معنى رمزياً يشجب الاعتداء على الحياة الإنسانية من تجار الحروب وقتلة الشعوب الذين يكسرون الفَخَّار بعدما نُفخت فيه الروح.. فينالون سخط الله ومقته ولعنته وعذابه.. فلا تقتلوا أنفسكم.
{خَلَقَ الْإِنسَانَ مِن صَلْصَال كَالْفَخَّارِ}
الصَلْصَال هو: الطين اليابس الذي يُسمع له صوتٌ إذا ضُرب وهو يشبه الفَخَّار الذي تُصنع منه الجِرَار.
أواني الفَخَّار تتميز بحفظ الماء وتبريده وإحيائه نعم إحيائه فبواسطتها يتسلل الهواء لأعماق الماء ويمنحه معنى جديداً ومذاقاً حيَّاً للماء إذاً حياة!
جسد الآدمي وعاء أو منجم صغير مكون من 23 عنصراً هي موجودة في الأرض.
عبّر النبي عن مرحلة ما قبل الروح حين سئل: متى كنت نبياً؟ فقال: كنت نبياً وآدم مُنْجَدِلٌ في طينته! (أخرجه أحمد والطبراني والحاكم وأبو نعيم فى الحلية والبيهقى فى شعب الإيمان عن عِرْبَاضِ بْنِ سَارِيَةَ).
هذا التمثال الآدمي المُنجَدِل على الأرض تشكَّل من:
-تراب
-عجن بالماء فصار طيناً
-ثم تُرِكَ ما شاء الله من الأزمنة حتى أصبح طيناً لازباً (اللَّازِب: الملتصق بعضه ببعض).
-ثم تُرِكَ ما شاء الله حتى أصبح حمأً مسنوناً (الطين المنتن الأسود والمسْنُون: قد يكون معناها المحدد الذي بدأت تظهر ملامحه وتتضح).
ثم تُرِكَ ما شاء الله حتى صار صَلْصَالاً كَالْفَخَّار..
قد تكون أربع مراحل أو خمس أو ثلاث محل بحث وتردد وهي تشبه مراحل الجنين في بطن أمه وكل مرحلة أربعون يوماً كأيام الجنين أيضاً ولكن لعلها من أيام الله فيكون ثمَّ تفاعل كيميائي استغرق من السنين الطوال ما الله به أعلم حتى تتخمَّر هذه القبضة الطينية وتشكّل الحمض النووي ثم الخلايا الحيَّة.
في صحيح مسلم عن أنس مرفوعاً: (لَمَّا صَوَّرَ اللَّهُ آدَمَ فِى الْجَنَّةِ تَرَكَهُ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَتْرُكَهُ..).
وعن ابن عباس وابن مسعود وأناس من أصحاب رسول الله أنهم قالوا: تركه أربعين ليلة أو أربعين سنة.. أو في كل مرحلة أربعين سنة.. وفي ذلك روايات متكاثرة ذكرها الطبري والسيوطي في (الدر المنثور) وغيرهم.
وحمل جمْع من المفسرين صدر سورة الإنسان على هذا المعنى: {هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنسَانِ حِينٌ مِّنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُن شَيْئًا مَّذْكُورًا} (1:الإنسان) لم يكن شيئاً البتة كما قال: {أَوَلَا يَذْكُرُ الْإِنسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِن قَبْلُ وَلَمْ يَكُ شَيْئًا} (67:مريم)..
ثم كان شيئاً غير مذكور.
ثم ترقّى في المراحل والفضائل والكمالات.
القرآن ليس كتاباً في العلوم الطبيعية حتى يرسم التفاصيل ولكنه يحدد الأسس والجوامع لمقاصد إيمانية وتربوية وحضارية ويرسم طريق البحث العلمي القاصد ومنهجه.
ما أغفله القرآن فإغفاله رحمة وما ذكره فذكره حكمة.
والحقيقة لا تزعج أحداً وهي قرين الوحي الذي يزعج ويضر هو المعرفة الناقصة المصابة بالغرور أو الوهم والجهل الذي يظنه صاحبه علماً.
القرآن يأمر بالسير في الأرض والبحث عن أسرار الخليقة الأولى: {قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانظُرُوا كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ} (20:العنكبوت).
والنظر في الهياكل والجماجم البشرية المتقادمة مدرج للمعرفة والكشف ولا زال العلم يحبو ولم يصل بعد إلى يقين ولا قال كلمته الأخيرة في كثير من المسائل النظرية.
وربما كانت ثقة بعض المسلمين المعجبين بالنظريات الأحيائية أعظم من ثقة علماء الغرب الذين تقتضي تقاليدهم المعرفية الهدوء والتأنّي وطرح الاحتمالات وإبعاد الثقة الإيديولوجية والتوظيف المصلحي عن العلوم ونتائجها وهذا يجعل المرء أكثر استعداداً للبحث والمواصلة وتقبُّل الاحتمالات والفرضيات وعدم التسرُّع في الجزم في حالتي النفي والإثبات {وَمَا أُوتِيتُم مِّن الْعِلْمِ إِلاَّ قَلِيلاً} (85: الإسراء).
أول ما نزل من الوحي على رسول الله كان يتعلق بالخَلْق وبخَلْق الإنسان بالذات من عَلَق ويحثّ على القراءة والعلم واستخدام الملكات التي وهب الله الإنسان في الكشف عما لا يعلم: (اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ * خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَق * اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ * الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ * عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ) (1-5: العلق).
وأحدث الثورات التي يعيشها العالم اليوم هي: (الثورة الجينية) الكاشفة عن خريطة مفاتيح التحكم في منظومة الجينات المعقدة وتاريخها ومستقبلها وعلاجها.
القرآن يربط المعرفة ب(اسْمِ رَبِّكَ) ليحمي الإنسان من آثام توظيف العلم توظيفاً منافياً للأخلاق كالعبث بالهوية الإنسانية والخلط بين الإنسان والحيوان ومحاولة التدخُّل في جوهر الكينونة البشرية والغفلة عن فطرة آدم الذي كان طيناً ثم صار خَلْقاً آخر بعد نفخ الروح الملائكية فيه.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.