من أبرز الشخصيات في عالم الكرة غوارديولا.. من صناعة النجوم إلى المدربين يُعدّ مدرب مانشستر سيتي الإسباني بيب غوارديولا (54 عاماً) من أبرز الشخصيات في عالم الكرة والتدريب إذ رسّخ اسمه واحداً من العقول الكروية الفريدة التي غيّرت شكل اللعبة الحديثة بفضل فلسفته القائمة على الاستحواذ والبناء من الخلف والمعروفة بأسلوب التيكي تاكا الذي تألّق به رفقة الجيل الذهبي لنادي برشلونة. وقد استحقّ عن جدارة لقب الفيلسوف لعمق الفكر التكتيكي الذي يميّز فرقه في مختلف المحطات من برشلونة إلى بايرن ميونيخ ثم مانشستر سيتي ما مكنه من تحقيق عشرات الألقاب. ونجح غوارديولا في مشروعه التدريبي بشكل لافت ليس فقط من خلال حصد الألقاب بل عبر قدرته الاستثنائية على تطوير اللاعبين وصقل مواهبهم ليصبحوا نجوماً في أعلى مستويات اللعبة. فقد كان له دور محوري في إبراز موهبة النجم الأرجنتيني ليونيل ميسي (38 عاماً) إذ ساهم في تحويله إلى ظاهرة كروية فريدة خلال سنواته الذهبية مع برشلونة. كما أعاد توظيف الألماني جوشوا كيميش (30 عاماً) من ظهير أيمن تقليدي إلى لاعب وسط متكامل ليصبح عنصراً محورياً في التشكيلة. وفي مانشستر سيتي كان له الفضل في إعادة إطلاق مسيرة البلجيكي كيفين دي بروين (34 عاماً) لاعب تشلسي السابق وحوّله إلى آلة تمريرات حاسمة تُعدّ من بين الأفضل في العالم. ولم تتوقف بصماته عند هؤلاء بل شملت عدداً كبيراً من اللاعبين الذين وجدوا في غوارديولا المدرب القادر على استخراج أفضل ما فيهم وتوجيههم نحو القمة. بصمات ولم تتوقف بصمات المدرب الإسباني عند حدود تطوير اللاعبين داخل المستطيل الأخضر بل امتد تأثيره إلى الجانب التكتيكي العميق إذ تحوّلت طريقة لعبه إلى مرجع تدريبي يُقدَّم باعتباره نموذجاً في صناعة اللاعبين خصوصاً في مراكز الوسط ومحور الدفاع الذين يتطلّب أداؤهم فهماً دقيقاً للتموضع والتمرير تحت الضغط. وقد استفاد من هذه المدرسة عدد من لاعبيه السابقين الذين تحولوا إلى مدربين على أعلى مستوى أبرزهم الإسباني تشافي هيرنانديز (45 عاماً) الذي قاد نادي السد القطري لتحقيق ألقاب عدة قبل أن يتوج مع برشلونة بالدوري والسوبر الإسبانيين. وسار على النهج نفسه مواطنه تشابي ألونسو (43 عاماً) الذي فجّر مفاجأة كبرى بقيادته نادي باير ليفركوزن للفوز بالدوري الألماني ليجد نفسه اليوم مدرباً لناد بحجم ريال مدريد. وفي السياق ذاته يشرف البلجيكي فينسنت كومباني (39 عاماً) على تدريب نادي بايرن ميونيخ بعدما أعاده في الموسم الماضي إلى التتويج باللقب المحلي. على خطاه.. ولم يقتصر تأثير المدرب الإسباني المعروف بدعمه للقضية الفلسطينية على اللاعبين فحسب بل امتد إلى طاقمه الفني ومساعديه الذين ساروا على خطاه ونجحوا بدورهم في تحقيق الألقاب مستفيدين من تجربته وخبرته الواسعة. البداية كانت مع مساعده الأول الإسباني الراحل تيتو فيلانوفا (توفي عن 45 عاماً) الذي تولّى تدريب برشلونة عقب رحيل غوارديولا وقاده للتتويج بلقب الدوري الإسباني في موسم استثنائي. كما واصل الإيطالي إنزو ماريسكا (45 عاماً) وهو أحد أفراد طاقمه في مانشستر سيتي مسيرة النجاح بعد انتقاله لتدريب تشلسي حيث قاد الفريق للفوز بدوري المؤتمر الأوروبي وكأس العالم للأندية في نسختها الجديدة في إنجاز غير مسبوق. وفي إنجلترا أيضاً يواصل الإسباني ميكل أرتيتا (43 عاماً) مساعده السابق تألقه مع أرسنال بعدما حوّل الفريق إلى قوة منافسة على لقب الدوري الإنجليزي الممتاز ووصل به في الموسم الماضي إلى الصراع على اللقب حتى الجولات الأخيرة. وساهمت مكانة غوارديولا المرموقة في عالم التدريب في جعله مرجعاً فنياً للعديد من المدربين الطموحين الذين سعوا للاستفادة من خبراته إذ باتت حصصه التدريبية تُعامل باعتبارها دروساً تكتيكية مفتوحة لمن يرغب في فهم تفاصيل فلسفته المعقّدة. ويُعرف غوارديولا بصرامته التكتيكية ودقته العالية في التحضير للمباريات ما جعل من حضوره تجربة ثرية حتى للمدربين أصحاب الخبرة. ومن أبرز الذين تأثروا به المدرب الفرنسي زين الدين زيدان (52 عاماً) الذي حرص على الذهاب إلى مدينة ميونيخ لحضور تدريبات غوارديولا عن قرب خلال فترة إشرافه على النادي البافاري وكان زيدان حينها يشرف على الفريق الثاني لريال مدريد. هذه التجربة منحته رؤى جديدة في التسيير الفني والتكتيكي سرعان ما وظفها حين تولّى لاحقاً قيادة الفريق الأول للنادي الملكي ليقوده إلى إنجاز تاريخي بتحقيق دوري أبطال أوروبا ثلاث مرات متتالية بين عامي 2016 و2018 وهو إنجاز لم يسبقه إليه أحد في النسخة الحديثة من البطولة. تراجع وتساؤلات وعاش المدرب بيب تراجعاً لافتاً في نتائجه خلال الموسم الماضي بعدما خرج خالي الوفاض دون تحقيق أي لقب في سابقة نادرة لمسيرته التدريبية الحافلة. هذا التراجع أثار الكثير من التساؤلات حول مستقبل مشروعه مع مانشستر سيتي خاصة بعد الإقصاء المفاجئ من كأس العالم للأندية بعدما اصطدمت رغبته في التعويض والعودة إلى منصات التتويج بطموح نادي الهلال السعودي ومدربه الإيطالي سيموني إنزاغي (49 عاماً) الذي عرف كيف يُسقط كتيبة غوارديولا ويقود فريقه للتأهل في مباراة تكتيكية مُحكمة. هذا الإقصاء زاد الضغوط على الفيلسوف لكنه في المقابل فتح أمامه فرصة لإعادة تقييم المرحلة وبناء فريق جديد بروح متجددة وفلسفة معدّلة خاصة بعدما باتت خططه التكتيكية مألوفة للجيل الحالي من اللاعبين والمدربين الذين واجهوه مراراً سواء على أرضية الملعب أو من على دكة البدلاء. مواقف إنسانية جريئة وبعيداً عن المستطيل الأخضر يتميّز مدرب السيتيزن بمواقفه الإنسانية الجريئة التي جعلته مختلفاً عن كثير من نظرائه في عالم التدريب إذ يُعرف بدعمه الواضح للقضايا العادلة وعلى رأسها القضية الفلسطينية فقد كان من أكثر الشخصيات الرياضية البارزة التي أعربت عن تضامنها مع الشعب الفلسطيني وخصوصاً مع سكان قطاع غزّة في ظل حرب الإبادة. ولم تقتصر مواقفه على التصريحات العابرة بل تحدّث عنها علناً في مناسبات متعددة متحدياً الانتقادات التي طاولته من وسائل إعلامية وشخصيات سياسية حاولت ثنيه عن مواقفه لكن غوارديولا المعروف بثباته وقناعته لم يتراجع بل أظهر التزامه حتى في أكثر لحظاته مجداً كما فعل أثناء تسلمه الدكتوراه الفخرية حين خصّص جزءاً من كلمته للتذكير بمعاناة الشعب الفلسطيني وضرورة الدفاع عن حقوقه مؤكداً أن القيم الإنسانية لا تتجزأ وأن الرياضة لا يمكن أن تكون صمّاء أمام الظلم.