الترغيب في الرِّفق: أولًا : في القرآن الكريم : - قال تعالى: (فَبِمَا رَحْمَة مِّنَ اللّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللّهِ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ) [آل عمران: 159]. (يقول تعالى مخاطبًا رسوله صلى الله عليه وسلم ممتنًّا عليه وعلى المؤمنين فيما ألان به قلبه على أمته المتبعين لأمره التاركين لزجره وأطاب لهم لفظه: (فَبِمَا رَحْمَة مِّنَ اللّهِ لِنتَ لَهُمْ) أي : أي شيء جعلك لهم لينًا لولا رحمة الله بك وبهم) [تفسير القرآن العظيم لابن كثير]. - وقال سبحانه مخاطبًا الرسول: (وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ) [الشعراء: 215] (أي: ارفق بهم وألن جانبك لهم) [معالم التنزيل للبغوى]. ثانيًا: في السُّنَّة النَّبويَّة: - عن عائشة رضي الله عنها قالت: ((إن يهود أتوا النَّبي صلى الله عليه وسلم فقالوا: السام عليكم فقالت عائشة: عليكم ولعنكم الله وغضب الله عليكم قال: مهلًا يا عائشة عليك بالرِّفق وإياك والعنف والفحش قالت: أو لم تسمع ما قالوا ؟ قال: أو لم تسمعي ما قلت ؟ رددت عليهم فيستجاب لي فيهم ولا يستجاب لهم في)) [رواه البخاري]. - وعن جرير رضي الله عنه عن النَّبي صلى الله عليه وسلم قال : (من يحرم الرِّفق يحرم الخير) [رواه مسلم]. يعني أنَّ الإنسان إذا حرم الرِّفق في الأمور فيما يتصرف فيه لنفسه وفيما يتصرف فيه مع غيره فإنَّه يحرم الخير كله أي: فيما تصرَّف فيه فإذا تصرَّف الإنسان بالعنف والشدة فإنَّه يحرم الخير فيما فعل وهذا شيء مجرَّبٌ ومشاهد أنَّ الإنسان إذا صار يتعامل بالعنف والشِّدَّة فإنَّه يحرم الخير ولا ينال الخير وإذا كان يتعامل بالرِّفق والحلم والأناة وسعة الصدر حصل على خير كثير وعلى هذا فينبغي للإنسان الذي يريد الخير أن يكون دائمًا رفيقًا حتى ينال الخير) [شرح رياض الصالحين لابن عثيمين]. أقوال السلف والعلماء في الرِّفق: - وعن الشعبي قال: (غُشي على مسروق في يوم صائف وكانت عائشة قد تبنته فسمَّى بنته عائشة وكان لا يعصي ابنته شيئًا قال: فنزلت إليه فقالت: يا أبتاه أفطر واشرب قال: ما أردت لي يا بُنية ؟ قالت: الرِّفق قال يا بنية إنَّما طلبت الرِّفق لنفسي في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة) وفي رواية: (إنَّما طلبت الرِّفق لتعبي). - وقال سفيان لأصحابه: (تدرون ما الرِّفق ؟ قالوا: قل يا أبا محمد قال: إن تضع الأمور في مواضعها الشدة في موضعها واللين في موضعه والسيف في موضعه والسوط في موضعه) [إحياء علوم الدين]. - وعن قيس بن أبي حازم قال كان يقال: (الرِّفق يمن والخرق شؤم) [الزهد لهناد بن السرى]. - وعن حبيب بن حجر القيسيِّ قال: (كان يقال: ما أحسن الإيمان يزينه العلم وما أحسن العلم يزينه العمل وما أحسن العمل يزينه الرِّفق) [عيون الأخبار لابن قتيبة]. - وقال ابن القيم : (من رَفَقَ بعبادِ الله رَفَقَ الله به ومن رحمهم رحمه ومن أحسن إليهم أحسن إليه ومن جاد عليهم جاد الله عليه ومن نفعهم نفعه ومن سترهم ستره ومن منعهم خيره منعه خيره ومن عامل خلقه بصفة عامله الله بتلك الصِّفة بعينها في الدنيا والآخرة فالله تعالى لعبده حسب ما يكون العبد لخلقه) [الوابل الصيب]. - وعن عروة بن الزبير قال: (كان يقال: الرِّفق رأس الحكمة) [رواه أحمد في الزهد].