أشرف والي ولاية البويرة، عبد الكريم لعموري، على مراسيم افتتاح مسجد آث براهم العتيق، بعد استكمال عملية ترميمه، التي أشرفت عليها مديرية الثقافة والفنون، في مبادرة لصون المعالم الدينية ذات البعد التاريخي والروحي العميق. وشهدت قرية آث براهم ببلدية مشدالة، نهاية الأسبوع، هذا الحدث الاستثنائي الذي تميز بحضور رسمي وازن، ضم السلطات المحلية، وممثلي الأسرة الدينية، إلى جانب مشايخ زوايا من مختلف مناطق الولاية وما جاورها، فضلًا عن كوكبة من أعلام البويرة من دكاترة ومشايخ وأساتذة جامعيين، ممن أسهموا في خدمة الفكر الديني الوسطي والمرجعية الوطنية الأصيلة من أمثال الدكاترة الافاضل سعيد بويزري، سعيد معول، صالح بلعيد والشيخ ربيع مفتي الولاية وممثل عائلة الشيخ الحمامي. ويُعد مسجد آث براهم من أقدم المساجد في المنطقة، إذ شُيّد سنة 1652 ميلادية، وظل عبر قرون منارة للعلم والدين والتربية، وفضاءً جامعًا لأهل القرية وما جاورها. وأُدرج هذا المعلم العريق ضمن قائمة الممتلكات الثقافية المحمية بموجب قانون حماية التراث سنة 2012، لتنطلق بعد ذلك دراسة ترميمه سنة 2013، في إطار مسعى علمي وتقني دقيق، توج بانطلاق أشغال الترميم فعليًا سنة 2023، بإشراف مباشر من مصالح الثقافة والفنون. وها هو اليوم يُعاد افتتاحه رسميًا، بعد أن استعادت جدرانه العتيقة نبض الحياة، وصدح صوت الأذان عاليًا من مئذنته، ليملأ سماء مشدالة، منطقة العلم والعلماء، بعبق الإيمان ووهج الانتماء. وتزامن هذا الافتتاح الرمزي مع إقامة أول صلاة جمعة داخل المسجد بعد عقود من الغياب، في مشهد مؤثر تخللته تلاوات مباركة وكلمات ضافية، أعادت للمكان دوره المحوري كمركز إشعاع ديني وروحي. ويأتي هذا الحدث في إطار الاحتفالات المخلدة للذكرى الثالثة والستين لعيدي الاستقلال والشباب، في ترابط وجداني عميق بين رسالة المسجد الخالدة، التي تقوم على التربية والتنوير والوسطية، وبين روح ثورة التحرير المجيدة التي استمدت قوتها من قيم الإيمان والوطنية والتمسك بالهوية. وأكد المشاركون على أهمية هذه الخطوة في تعزيز الذاكرة الجماعية، والاهتمام بالموروث الديني والتاريخي، وتكريس المساجد كمؤسسات جامعة تنهل من معين الأصالة وتواكب تطلعات الحاضر. وأضفى هذا الافتتاح طابعًا خاصًا على المشهد المحلي، وأعاد إلى قرية آث براهم ألقها التاريخي، ليكون المسجد معلمًا متجددًا وشاهدًا حيًّا على مسار طويل من الصبر والعناية، وصورة مشرقة لترابط الإرادة الرسمية بالشعور الجمعي بقيمة المكان وقداسته.