تخترق الخصوصيات وتفضح الأسرار مواقع الاستشارات الإلكترونية سبيل الى تخريب البيوت أسئلة جريئة ومشكلات عميقة تفضح أسرار البيوت تُعرض ومن دون أسماء على صفحات الإنترنت لتلقى اهتمام الكثيرين ممن يحاولون إما إبداء الرأي أو اقتراح حلول جذرية أو بسيطة متيحة لصاحب المشكلة المجهول فرصة الفضفضة بسرية تامة وتلقي كمّ هائل من التعليقات والردود من أشخاص من مختلف الجهات والأعمار والثقافات... فكرة قد تكون إيجابية وتحيطها جوانب مفيدة ولكن هل تلك الصفحات والمدونات الإلكترونية قادرة على حل أكثر المشكلات الزوجية تعقيداً؟ وهل بإمكانها الإنصاف وتحليل الموقف الذي يواجهه صاحب المشكلة المعروضة منطقياً؟ هذا ما سنكشفه في التحقيق التالي حول مواقع الاستشارات النفسية والأسرية على الشبكة العنكبوتية. خ نسيمة/ق.م حلت مواقع الاستشارات الالكترونية محل المصلح الاجتماعي او حتى الطبيب النفسي بحيث تحولت الى فضاءات لعرض مختلف المشاكل الاجتماعية واليومية من مشاكل الطلاق والعقم والصراعات العائلية التي قد لا يقوى الشخص حتى على طرحها على اقرب مقربيه إلا انه طرحها للعلن في مواقع قد تفتقد لمعيار الثقة. لم تندم على طرح مشكلتها على الملأ خشية البوح للعائلة كانت سبباً لتوجه السيدة وفاء (33 عاماً) الى إحدى مجموعات موقع فايسبوك لطرح مشكلتها مع زوجها لعلها تجد حلاً من ذوات الخبرة والأكبر سناً. وتبعاً لكونها تعيش في بلد آخر تجد صعوبة في البوح لعائلتها بما تعانيه من قسوة زوجها فلن تستفيد شيئاً سوى زيادة قلقهم وحزنهم عليها. لذلك فضّلت البوح بمشكلتها بسرية تامة على تلك الصفحة سعياً منها لإيجاد طريقة لحل مشكلاتها مع زوجها من دون اللجوء الى الطلاق. ورغم أملها في الحصول على نصيحة جيدة فقد نصحها الكثير من المعلّقين بطلب الطلاق هذا إضافة إلى نشر بعض الأشخاص السلبيين ردود تهكّم وسخرية على طريقة عرضها للمشكلة... لكنها وجدت ضمن الردود بعض الأشخاص الذين منحوها الأمل وعبارات المواساة ما جعلها غير نادمة على طرح مشكلتها عبر تلك الصفحة. فرصة لتبادل الخبرات والمعلومات ترى مروة (26 عاماً) أن لصفحات الاستشارات الإلكترونية الكثير من الميزات خصوصاً في المجالات التربوية والأسرية حيث إنها طرحت ومنذ فترة قريبة مشكلتها مع طفلها على أحد أطباء الأطفال الذي كرّس صفحته على مواقع التواصل الاجتماعي لاستقبال الأسئلة والاستشارات حيث كانت تعاني فاطمة مع طفلها العنيد والفاقد الشهية على الطعام. في ذلك الحين نصحها الطبيب باتباع أحد الأساليب لتحسين قابلية طفلها على الطعام. وبعدها بأسابيع عدة تواصلت مع الطبيب نفسه لشكره على تلك الطريقة الفعالة. ومن خلال هذه التجربة تجد فاطمة أن تلك الصفحات هي صورة من التكافل والتعاون وتبادل الخبرات التي تتم بسرية ومن دون جهد أو تكلفه مادية. الخجل من ارتياد المراكز النفسية يرى البعض أن إنشاء مثل هذه الصفحات بادرة إيجابية وتخدم الجميع وخصوصاً في ما يتعلّق بمجال الاستشارات النفسية والزوجية والأسرية كونه لا تزال هناك شريحة كبيرة تخجل أو ترفض الخضوع للعلاج أو الذهاب لطلب استشارة من إحدى العيادات أو المراكز التقليدية حيث وفرت تلك الوسيلة السرية التامة وعدم التكلفة المادية إضافة الى تعدد مجالات الاستشارات لتشمل الجوانب الطبية والنفسية والغذائية والجنسية كما تمنح متابعي الصفحات نوعاً من الوقاية والثقافة والوقوف على مختلف الآراء والتحليلات. تقمص دورالمصلح الاجتماعي للتسلية والحصول على صداقات فتح انتشار صفحات الاستشارات مجالات وآفاقاً كثيرة وأتاح الفرصة أمام الكثيرين لتقمّص دور الاختصاصي النفسي أو المصلح الاجتماعي... هذا ما حصل مع نورة (21 عاماً) والتي كانت تعاني مشكلة عائلية خاصة تؤرقها ولا تستطيع البوح بها لأحد إلى أن عثرت على أحد الحسابات لعرض مشكلتها ولتشكل متنفساً للحصول على حل أو كلمات تواسيها وتعطيها الأمل. وهذا ما حدث فعلاً حين وصلتها رسالة خاصة من أحد المعلّقين تفيد بأنه اختصاصي في علاج المشكلات النفسية والأسرية وقد يمتلك الحل لمشكلتها ولكنه يحتاج الى بعض التفاصيل عن طريق مكالمة هاتفية. وبعد محادثات مطوّلة معه اكتشفت أنه مجرد شخص يتسلّى ويود التعارف لا أكثر مما جعلها لا تثق كثيراً بجدية ما تعرضه تلك الصفحات. متابعة التعليقات والردود وحذف السيء منها صرح أحد مشرفي مجموعة للاستشارات الأسرية على موقع فايسبوك والذي فضل عدم ذكر اسمه أو اسم مجموعته أن صفحته التي يشرف عليها هو وزملاؤه تم إنشاؤها منذ أكثر من عامين لإتاحة الفرصة أمام الكثيرين لعرض مشاكلهم بسرية ومن دون ذكر أسماء وليتلقوا حلولاً من مشرفي المجموعة المتخصصين في مجالات متنوعة من علم النفس والاجتماع والدين والتربية إذ تتيح هذه المجموعة للكثير من المتابعين الاطلاع على المشاكل والردود والتعليق عليها... ما يُحمّلهم عبء مراقبة الصفحة على الدوام وقراءة التعليقات لأن هناك عدداً من الأشخاص غير المحترمين الذين يحاولون التعليق بسذاجة ودعابة للفت النظر فقط. لذا فإن مسألة إنشاء هذه الصفحات الاستشارية صعبة وتتطلب وقتاً وجهداً ومتابعة دؤوبة من القائمين عليها. الفضفضة الإلكترونية مريحة ولكن... يرى المختصون في التنمية الأسرية أن نظرة المجتمع أصبحت أكثر إيجابية وانفتاحاً من السابق في ما يتعلق بالعيادات النفسية. ولكن ارتفاع أسعار الاستشارات في هذه المراكز إضافة الى وجودها المقتصر على المدن الكبرى دفع الكثيرين للبحث عن طرق أخرى مثل صفحات الانترنت والمدونات الالكترونية. لكن فكرة عرض المشاكل الأسرية والزوجية على صفحات مواقع التواصل الاجتماعي من دون التأكد من هوية المختص أو كفاءته خطأ فادح قد يقع فيه الكثيرون. فبالنسبة الى المشاكل النفسية قد يتلقى المُستشير رأياً يزيد مشكلته تعقيداً لكونه لا يناسبه ولا يناسب طبيعة شخصيته وخلفيته الأسرية والاجتماعية. وعلى الرغم مما تمنحه هذه الفضفضات الإلكترونية من راحة للشخص لكنها في المقابل قد تتخذ منحىً سلبياً بدلاً من ذاك الايجابي إذا جاء الرد من أشخاص غير متخصصين. ووجدوا في مجال استقبال الاستشارات عن طريق التواصل الهاتفي انها أثمرت كثيراً في علاج المشاكل النفسية والأسرية كعدم الثقة بالنفس والاكتئاب والرُهاب الاجتماعي والتحرش الجنسي. وهذا يعتمد في الدرجة الاولى على طبيعة المشكلة وحدّتها لأن في بعض الأحيان تحتم الحالة التوجه السريع الى مركز أو عيادة للمتابعة المستمرة والمنتظمة. لا بد من مراقبة هذه المواقع والصفحات تلك المواقع الخاصة يالاستشارات أدت الى هتك الخصوصيات الأسرية كما انها صارت مجالا للتلاعب بعقول ومشاعر طالبي الاستشارة مهما كان نوعها واحيانا تنحاز تلك الخدمة الى ما لا يحمد عقباه مما ساهم في تخريب البيوت والمساس بشرف وحرمة النسوة الامر الذي فاقم المشكل عوض حله وما زاد من كارثية الوضع هو عدم رقابة تلك المواقع التي فوضت نفسها لحل المشاكل والامراض النفسية وقدمت خدماتها بالمجان وكانت في معظمها وهمية تسعى الى خرق الخصوصياتع وربما المساس بالشرف لدلك لا بد من المطالبة بوجود مظلة لهذه المواقع والصفحات لمتابعة محتوياتها باستمرار وضمان مصداقية المتخصصين فيها والتعريف بكفاءتهم في المجال النفسي والأسري.