تأكيد على تحقيق الأهداف و الأولويات التنموية لكلا البلدين    الدولة الجزائرية ملتزمة بمرافقة ورعاية جاليتها في الخارج    الجزائر وسلطنة عمان..شراكة استراتيجية وآفاق متجددة    على المعنيين تفعيل الحسابات وتحميل الملفات    افتتاح الطبعة ال 27 "باتيماتيك 2025″، بقصر المعارض    الجزائرية للمياه توقّع 5 اتفاقيات مع مؤسسات وطنية    الرهان على موقف برلماني موحّد في دعم الشعب الفلسطيني "    ارتفاع حصيلة العدوان إلى 52,495 شهيدا    علامة جزائرية لزيت الزيتون بالجلفة    تسقيف سعر القهوة يصنع الحدث    فتيات يطرقن أبواب العيادات النفسية    البطولة العربية لألعاب القوى: الأمين العام للاتحاد العربي لألعاب القوى يشيد بنجاح طبعة وهران    علاقات تاريخية.. وديناميكية جديدة    القيمة السوقية لبورصة الجزائر تقفز ب40%    الاتحاد البرلماني العربي يشيد بدور الجزائر    استكمال الخط السككي تندوف- غارا جبيلات قريبا    الفاف تهنّئ محرز    حاج موسى يتألق    أسعار النفط ستستقرّ عند 80 دولارا للبرميل    هذا آخر أجل لتفعيل الحسابات وتحميل الملفات    الصالون الدولي للبناء ومواد البناء والأشغال العمومية    توصيات هامّة لكبح تغوّل السرطان في الجزائر    الدكتور فيلالي يقدّم "بحوث في تاريخ المغرب الأوسط في العصر الوسيط"    "العفو الدولية" توثّق ارتكاب المغرب انتهاكات لحقوق الإنسان    "مسيرة الحرية": حلقة نقاش بتاراغونا حول الوضع الحقوقي المتردي في الصحراء الغربية المحتلة    لاعبون مهددون بتضييع لقاءي رواندا والسويد    بوقرة: راض عن التعادل أمام غامبيا ولقاء العودة مختلف    محرز: التتويج مع الأهلي مختلف وأريد لقبا جديدا مع "الخضر"    التطور أسرع من بديهتنا    حقوقيون ينتقدون التضييق وغياب إرادة سياسية حقيقية    35 ألف مترشح ل"البيام" و"الباك"    ملف اكتظاظ ثانويات غرب العاصمة على طاولة الوزير    توسيع الطريقين الوطنيين 27 و 79 تحت المجهر    إطلاق خدمات وكالة افتراضية مدعمة بالذكاء الاصطناعي    الحثّ على استثمار التقنيات الحديثة في الرقمنة    مدينة الصخر العتيق.. القلعة المعلّقة التي استهوت سياح القارات الخمس    الجلفة: علامة جزائرية لزيت الزيتون تتوج بميداليتين ذهبيتين بسويسرا    قالمة: التأكيد على مساهمة مختلف مكونات التراث الجزائري في تحصين الهوية الوطنية    غليزان..ربط 850 مسكن بشبكة الغاز الطبيعي منذ بداية 2025    الجزائر تتألق في معرض مسقط الدولي للكتاب وتُعزز حضورها الثقافي العربي    البطولة العربية لألعاب القوى: طبعة وهران احسن من الطبعات السابقة    المقصد الإسلامي من السيرة النبوية الشريفة    فضل قراءة سورة الكهف    أحاديث في فضل صلاة الضحى    غزة : ارتفاع حصيلة الضحايا إلى 52535 شهيدا و 118491 مصابا    كرة القدم بطولة إفريقيا للمحليين 2025 /غامبيا -الجزائر(0-0): "أنا سعيد بالحالة الذهنية الجيدة للاعبين" (بوقرة)    جوق جمعية "أهل الأندلس" تحيي حفلا أندلسيا بالعاصمة    مكسب هام للحفاظ على تراث المنطقة    رواية "ألق النجوم الصيفي".. سرد الطبيعة والحياة    نحو إنجاز مركز لمعالجة نفايات المذابح بالعاصمة    الجزائر تواجه حرباً إعلامية متعدّدة    قبس من نور النبوة    تأكيد على أهمية تعزيز التنسيق و التشاور بين أعضاء البعثة    حج 1446ه: انطلاق أول رحلة للحجاج السبت المقبل    وزارة الصحة تحيي اليوم العالمي للملاريا: تجديد الالتزام بالحفاظ على الجزائر خالية من المرض    تواصل عملية الحجز الإلكتروني بفنادق مكة المكرمة    ماذا يحدث يوم القيامة للظالم؟    نُغطّي 79 بالمائة من احتياجات السوق    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تأملوا واعتبروا من سورة الكهف!
نشر في أخبار اليوم يوم 01 - 03 - 2018


الشيخ: قسول جلول
في يوم الجمعة من كل أسبوع يقرأ آباؤنا وأمهاتنا وأبناؤنا وبناتنا سورة الكهف لأن فيها فضل كبير فهي إحدى سور القرآن العظيمة التي حازت الشرف والفضيلة يقرؤها المسلم كل يوم جمعة إتباعا للسنة وتحريا للفضل وطلبا للنور الذي يضيء لقارئها ما بينه وبين الجمعة الأخرى إنها سورة الكهف التي امتازت عن غيرها من السور بميزات عديدة وجاء فيها من الفضل والأجر ما لم يأت في غيرها وإن كانت بعض السور أفضل منها كسورتي الفاتحة والإخلاص.
روى البخاري ومسلم من حديث البراء بن عازب رضي الله عنه قال : (كان رجل يقرأ سورة الكهف وإلى جانبه حصان مربوط بشَطَنَين فتغشَّتُه سحابة فجعلت تدنو وتدنو وجعل فرسه ينفِر فلما أصبح أتى النبي صلى الله عليه وسلم فذكر ذلك له فقال: تلك السكينة تنزلت للقرآن).
ومن فضائلها أن حفظ الآيات العشر الأولى منها أو قراءة الآيات العشر الأخيرة منها سبب للعصمة من فتنة المسيح الدجال وكل ذلك ثابت في أحاديث صحيحة ولم يرد مثل ذلك في غيرها من السور والآيات.
وقد ذكرت في سورة الكهف أربع قِصص فيها من الموعظة والعبرة ما فيها وهي قصة أصحاب الكهف التي سميت السورة بها وقصة صاحب الجنتين وقصة موسى مع الخضر عليهما السلام وقصة ذي القرنين وكل واحدة من هذه القصص الأربع عالجت فتنة من كبريات الفتن التي يسقط فيها كثير من الناس.
01 قصة أصحاب الكهف
هي تعالج فتنة الدين وهم فتية آمنوا بربهم في وسط قوم مشركين وعلموا من حق الله تعالى عليهم ما علموا في قوم جاهلين فكان ذلك سببا لفتنتهم في دينهم لكنهم لم يستسلموا ولم يتبعوا قومهم في ضلالهم ولم يوافقوهم على كفرهم بل أعلنوا توحيدهم لله تعالى وأعلنوا براءتهم مما يعبد أهلهم وعشيرتهم { إذ قاموا فقالوا ربنا رب السموات والأرض لن ندعو من دونه إلها لقد قلنا إذا شططا هؤلاء قومنا اتخذوا من دونه آلهة لولا يأتون عليهم بسلطان بين فمن أظلم ممن افترى على الله كذبا }.
فلما وجدوا شدة من المشركين تبرؤوا منهم واعتزلوهم وأووا إلى كهف ليعبدوا الله وحده لا شريك له وليفروا بدينهم من الفتنة فكان جزاؤهم في الدنيا تلك الكرامة العظيمة التي نالتهم وهم في كهفهم فنجوا بها من الكفار وكيدهم و كرامة من الله تعالى لهم آية تتلى على مر العصور.
وبعد أن ذكر الله تعالى هذه القصة العظيمة أمر تعالى بصحبة الصالحين من عباده واصطبار النفس على ذلك ولو لم يكونوا أهل مال وثراء ودنيا مع مجانبة أهل الغفلة وأتباع الهوى الذين لا يردعهم دينهم عن هواهم فقال: {واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه ولا تعد عيناك عنهم تريد زينة الحياة الدنيا ولا تطع من أغفلنا قلبه عن ذكرنا واتبع هواه وكان أمره فرطا }.
ونستفيد من القصة الأولى: قصة أهل الكهف أن من أسباب الثبات على الدين: صحبة الصالحين ممن ثبتوا على دينهم ولو كانوا هم الأقل والأضعف كما فعل أصحاب الكهف إذ فارق كل واحد منهم أهله وعشيرته المشركين وهم أكثر وأقوى وصاحب المؤمنين وهم الأقلون المستضعفون وفي صحبة الصالحين من التثبيت على الدين والإعانة عليه وتحصيل الخير ما لا يعلمه إلا الله تعالى حتى قال بعض الصالحين: من أحب أهل الخير نال بركتهم كلب أحب الصالحين فذكره الله تعالى في القرآن.
وما أحوج المسلم في هذا الزمان الذي يموج بالفتن موجا إلى فقه هذا الدرس العظيم من هذه القصة العجيبة ليثبت على دينه ولو رأى قلة الثابتين ويضحي بكل نفيس في سبيل ذلك فإن الثمن جنة عرضها السموات والأرض وليحذرمن الاغترار بالباطل وأهله مهما كانت قوتهم وبلغت علومهم فهم وحضارتهم إلى تباب وخسران ما لم يؤمنوا بالله تعالى وحده لا شريك له.
02 قصة صاحب الجنتين
فهي تعالج فتنة المال الذي أنعم الله تعالى عليه بما وصف في تلك السورة فقال: { واضرب لهم مثلا رجلين جعلنا لأحدهما جنتين من أعناب وحففناهما بنخل وجعلنا بينهما زرعا كلتا الجنتين آتت أكلها ولم تظلم منه شيئا وفجرنا خلالهما نهرا } ولكنه افتتن بذلك واغتر ونسي أمر الساعة وتكبر على الناس بماله { فقال لصاحبه وهو يحاوره أنا أكثر منك مالا وأعز نفرا ودخل جنته وهو ظالم لنفسه قال ما أظن أن تبيد هذه أبدا وما أظن الساعة قائمة }.
فكان ثمرة افتتانه بماله ونتيجة علوه على الناس بسببه أن أذهب الله تعالى زهرة جنته وجعلها خرابا يبابا { وأحيط بثمره فأصبح يقلب كفيه على ما أنفق فيها وهى خاوية على عروشها ويقول يا ليتني لم أشرك بربي أحدا ولم تكن له فئة ينصرونه من دون الله وما كان منتصرا).
فبعد قراءة هذه القصة العجيبة نجد أن الله تعالى قد ضرب مثلا عظيما للدنيا بيانا لحقيقتها وإثباتا لزوالها وتحذيرا من الغرور بها فقال: { واضرب لهم مثل الحياة الدنيا كماء أنزلناه من السماء فاختلط به نبات الأرض فأصبح هشيما تذروه الرياح وكان الله على كل شيء مقتدرا المال والبنون زينة الحياة الدنيا والباقيات الصالحات خير عند ربك ثوابا وخير أملا } ثم ذكر سبحانه الآخرة والحساب والكتاب الذي لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها.
فمن فتن بالمال فعطل الفرائض من أجله وجاوز الحلال إلى الحرام في جمعه وإنفاقه واستعلى على الناس به فليأخذ عبرة وموعظة من قصة صاحب الجنتين وليدقق النظر في المثل الذي ضربه الله تعالى للدنيا عقب ذلك وليتدبر الآيات التي تخبر عن شدة الحساب والكتاب الذي يحصي الصغيرة والكبيرة فإنه إن فعل ذلك خاف المال وكثرته وحاذر من فتنته وجعل المال في جيبهلا في قلبه ووسيلة لمرضاة الله لا سببا لغضبه وعقابه.
03 قصة موسى عليه السلام مع العبد الصالح الخضر
نبي الله موسى السلام كليم الله جل جلاله وهو من أولي العزم وقد فضل على أكثر الرسل عليهم السلام وأيده الله تعالى بالمعجزات وأظهر على يديه الآيات ودحر به السحرة وعلومهم ومع ذلك كله لم يتكبر بما أعطاه الله تعالى من أنواع العلوم والمعارف وما أجرى على يديه من الآيات والمعجزات بل تواضع لله تعالى ورحل يطلب العلم على يد الخضر عليه السلام وقال مقولة التلميذ المطيع لأستاذه { ستجدني إن شاء الله صابرا ولا أعصي لك أمرا }.
يقول موسى ذلك للخضر عليهما السلام وهو أفضل وأعلم بالله تعالى منه وهو رسول والخضر عبد صالح لكنْ عنده علم لا يعلمه موسى فتعلم موسى عليهالسلام منه.
ولما علَّم الخضر موسى عليه السلام مما علمه الله تعالى لم يغترَّ بعلمه بل نسب ذلك إلى الله تعالى اعترافا بفضله وحمدا له فقال: { رحمةً من ربك وما فعلته عن أمري }.
وما أحوج الذين فتنوا بالعلوم العصرية أن يعترفوا بفضل الله تعالى عليهم وينسبوا علومهم إليه ويسخروها في ذكره وشكره وحسن عبادته فهو سبحانه الذي علمهم ما لم يكونوا يعلمون { علم الإنسان ما لم يعلم }. { وفوق كل ذي علم عليم}.
04 قصة ذي القرنين
قصة ذي القرنين الذي ملك مشارق الأرض ومغاربها ودانت له الدول والممالك وآتاه الله تعالى من كل شيء سببا ومع ذلك لم يتجبر بسلطانه ولا استعلى على الناس بقوته بل سخر ذلك في إحقاق الحق وإزهاق الباطل وإقامة العدل ورفع الظلم ونصرة المظلوم وأن من أعظم الفتن التي يضعف أمامها أكثر البشر فتنة السلطان والرئاسة والقوة القاهرة التي تقود إلى البطش والظلم والاستبداد ونجد علاج هذه الفتنة الكبيرة في قصة ذي القرنين الذي ثبت إيمانه وعدله وصلاحه وإصلاحه في قوم ظهر عليهم فملك مدينتهم وذلت له رقابهم وخيره الله تعالى فيهم فحكم فيهم بحكم الشريعة كما قال تعالى: { ووجد عندها قوما قلنا يا ذا القرنين إما أن تعذب وإما أن تتخذ فيهم حسنا قال أما من ظلم فسوف نعذبه ثم يرد إلى ربه فيعذبه عذابا نكرا وأما من آمن وعمل صالحا فله جزاء الحسنى وسنقول له من أمرنا يسرا }.
ونسب الفضل في ذلك لله تعالى صاحب الفضل والمنِّ واعترف بقدرة الله تعالى على هذا السد وتدميره في أجل لا يعلمه إلا هو سبحانه وتعالى { قال هذا رحمة من ربي فإذا جاء وعد ربي جعله دكاء وكان وعد ربي حقا }.
إخوة الإيمان
إن سورة الكهف قد عالجت في قصصها هذه الفتن الأربع: فتنة الدين في قصة أهل الكهف وفتنة المال في قصة صاحب الجنتين وفتنة العلم والمعرفة في قصة موسى مع الخضر عليهما السلام وفتنة السلطان والرئاسة في قصة ذي القرنين وهنا سر عجيب وهو أن المتأمل في حال أكبر فتنة حذر منها النبي صلى الله عليه وسلم وهي فتنة الدجال يجد أن هذه الفتن الأربع قد اجتمعت كلها في الدجال:
ففي فتنة الدين: يدعو الناس إلى الشرك ويقهرهم عليه بما أعطاه الله تعالى من الآيات التي تكون فتنة للناس وابتلاء.
وفي فتنة المال: يمر الدجال بالخربة فتتبعه كنوزها ويأمر السماء فتمطر والأرض فتنبت.
وفي فتنة العلم: يخبر الدجال الرجل عن أبيه وأمه ويقطع الرجل بسيفه حتى يمشي بين نصفيه ثم يدعوه فيأتي ويشق الرجل بمنشاره من مفرق رأسه إلى قدميه ثم يعيده بأمر الله تعالى كما كان.
وفي فتنة السلطان: يملأ الأرض فسادا ويسلط على الناس وما من بلدة إلا سيبلغها سلطانه إلا مكة والمدينة ويفر الناس إلى الجبال خوفا من سلطانه وبطشه.
يا لها من مشاهد رائعة وقصص مبهرة وعبر بليغة جاءت بها سورة الكهف..
فحري بمن كان من أهل سورة الكهف قارئا لها متدبرا لآياتها عارفا بقصصها حافظا للآيات العشر من أولها أن يحفظ من فتنة الدجال فلا يغترُّ بكذبه وبهرجه ولا تنطلي عليه أفعاله وما سخر الله تعالى له من الآيات ولا يزدادُ فيه وفي فتنته إلا بصيرة على بصيرته وإيمانا بالله تعالى مع إيمانه. وتدبروا آياتها وانتفعوا بقصصها ولا سيما أنكم تكررونها في كل جمعة واحفظوها فإن عجزتم فاحفظوا من آياتها ما يعصمكم من فتنة الدجال فإنه شر غائب ينتظر.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.