عطاف: ندوة الجزائر انفردت...    وليد يشارك في افتتاح معرض عمان    تهنئة صينية للوكالة الجزائرية    هذا نصيب الجزائر من زيادة النفط    هذه خطّة الاحتلال للقضاء على المُقاوِمين في رفح    رحلة الدفاع عن اللقب تبدأ اليوم    الجزائر تحيي اليوم العالمي لذوي الاحتياجات الخاصة    ربط 170 وحدة سكنية جديدة بالكهرباء    حملات مكثّفة للتّحسيس والوقاية    مراكز اتصال عصرية في الولايات الداخلية والجنوبية    اتفاقية للتبادل البيني للمعطيات الرقمية    تعزيز التنسيق حول الملفات المطروحة بمجلس الأمن الأممي    الجزائر- بيلاروسيا.. نهضة العلاقات الثنائية    تحديث الأطر الاستراتيجية للآلية الإفريقية للتعاون الشرطي    الرئيس تبون يخصّص 2000 دفتر حجّ إضافي للمسنّين    تحذيرات أممية من تدهور الأوضاع إلى مستوى كارثي    ياسين حمزة في المرتبة الخامسة قاريا    إزالة 120 طاولة فوضوية وفتح طريقين رئيسيين    أقلام واعدة : تظاهرة ثقافية أدبية موجهة للأطفال والشباب    جلسة حوارية : الفن الإفريقي المعاصر بين الاعتراف الدولي والتحديات المحلية    المجمع الجزائري للغة العربية وجامعة تيبازة : إبرام اتفاقية تعاون علمي أكاديمي    المغرب يستخدم جزر الكناري كورقة مساومة    أعضاء النادي الهاوي يستأنفون مهمتهم    مازة مرشح لحصد جائزتين في ألمانيا    رقمنة ملفات المعاقين تخفيفٌ لكثير من المتاعب    ضبط 8400 قرص مهلوس    مستغل من طرف دوائر معادية لضرب الجزائر : انشقاقات واسعة في تنظيم "ماك" الإرهابي    عرقاب بحث مع الفود البرازيلي توسيع الشراكة الطاقوية : "ويغ" ترغب في تطوير استثمارات طويلة المدى بالجزائر    رفع الحد الأدنى المضمون للأجور ومنحة البطالة: أحزاب تثمن قرارات رئيس الجمهورية    12 منظمة حقوقية إسرائيلية:2025 العام الأكثر فتكا بفلسطين منذ 1967    سوريا : مقتل شيخ درزي في السويداء    مستغانم.. 250 مليون دج لدعم مبادرات الشباب    سكيكدة..حملة للقضاء على الاستغلال غير الشرعي للأرصفة    من الجزائر... دعوة لتحويل جرائم الاستعمار إلى مشروع سياسي إفريقي يعيد صياغة موازين القوى    قطاع مراكز الاتصال في الجزائر نحو إقلاع اقتصادي جديد: خطة لخلق 300 ألف منصب شغل بحلول 2029    رئيس الجمهورية يخصص 2000 دفتر حج إضافي لمن تجاوزوا 70 سنة ولم يسعفهم الحظ في القرعة    عبد اللطيف تلتقي نظيرها البيلاروسي    24 ألف دينار و18 ألف دينار    توجيهات الرئيس ورقة عمل لمكافحة الغش والتهريب وضمان مخزون استراتيجي    الاحتفال بعشرينية مشروع "Raï'N'B Fever"    أكاديميون يشيدون بمآثر الأمير عبد القادر    الرئيس يُهنّئ ممثّلي الجزائر    كأس العرب تنطلق اليوم    4 ملايين طفل معني بالحملة الوطنية    لنضالات الشعب الجزائري دور محوري في استقلال دول إفريقيا    انطلاق حملة التلقيح ضد شلل الأطفال    منظمات وأحزاب تدافع عن حقّ الصحراويين    الرئيس تبون يعزي عائلة العلامة طاهر عثمان باوتشي    دعم الإنتاج المحلي وضمان جودة المنتجات الصيدلانية    دورة طموحة تحتفي بذاكرة السينما    الفنان عبد الغني بابي ينقل نسائم الصحراء    الخطوط الجوية الجزائرية تصبح الناقل الرسمي للمنتخب الوطني في جميع الاستحقاقات الكروية    قسنطينة تهيمن على نتائج مسابقة "الريشة البرية" الوطنية لاختيار أحسن طائر حسون    فتاوى    ما أهمية تربية الأطفال على القرآن؟    فضائل قول سبحان الله والحمد لله    هذه أضعف صور الإيمان..    يخافون يوما تتقلب فيه القلوب والأبصار    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الله رحيم بالعباد الحب أولاً
نشر في أخبار اليوم يوم 10 - 08 - 2018


د. سلمان العودة
حين تعيد قراءة الأسماء الحسنى ستجد مفاجأة بانتظارك!
ليس من بين هذه الأسماء المذكورة اسم تمحّض للأخذ والعقاب والعذاب.
فيها أسماء الرحمة والود واللطف وأسماء العلم والإحاطة وأسماء الْخَلْق والرزق والإحياء والإماتة والتدبير وأسماء القدرة والقوة وأسماء العلوّ والعظمة وأسماء الجمال والجلال والكمال..
فيها: الرحمن الرحيم الغفور السلام الوهّاب الرزاق الفتاح اللطيف الجميل المجيب الودود الصمد البر العفو الرؤوف الغني النور الطيب المنان الجواد ذو الفضل .. إلخ
وليس فيها: المعذِّب المنتقم الآخذ الباطش وهل شديد العقاب اسم من الأسماء الحسنى؟!
الأصح أنه ليس من الأسماء الحسنى بل هو وصف لعقابه بمنزلة قولنا عقابه شديد وبمنزلة قولنا عذابه أليم وهذه لا تكون في أسمائه الحسنى -عز وجل- وهذا الذي اختاره ابن تيمية وابن القيم وجمع من المحققين.
يقول -رحمه الله-: وليس من أسماء الله الحسنى اسم يتضمن الشر إنما يُذكر الشر في مفعولاته كقوله تعالى: (نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ وَأَنَّ عَذَابِي هُوَ الْعَذَابُ الْأَلِيمُ) وقوله تعالى: (اعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ وَأَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيم) (إِنَّ بَطْشَ رَبِّكَ لَشَدِيدٌ إِنَّهُ هُوَ يُبْدِئُ وَيُعِيدُ وَهُوَ الْغَفُورُ الْوَدُودُ) وقال: وليس في أسمائه الحسنى إلا اسم يُمدح به ولهذا كانت كلها حسنى.. .
ومثل ذلك قاله ابن القيم:
إن أسماءه كلها حسنى ليس فيها اسم غير ذلك أصلاً.. وهذا يدل على أن أفعاله كلها خيرات محض لا شر فيها لأنه لو فعل الشر لاشتق له منه اسم ولم تكن أسماؤه كلها حسنى وهذا باطل فالشر ليس إليه.. .
وقال: إن النعيم والثواب من مقتضى رحمته ومغفرته وبره وكرمه ولذلك يضيف ذلك إلى نفسه وأما العذاب والعقوبة فإنما هو من مخلوقاته ولذلك لا يسمى بالمعاقِب والمعذِّب بل يفرق بينهما فيجعل ذلك من أوصافه وهذا من مفعولاته حتى في الآية الواحدة كقوله تعالى:
(نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ وَأَنَّ عَذَابِي هُوَ الْعَذَابُ الْأَلِيمُ)
ويقول الدكتور عمر الأشقر:
لا يدخل في أسماء الله ما كان من صفات أفعاله أو صفات أسمائه مثل شديد العقاب وسريع العقاب وسريع الحساب وشديد المحال ورفيع الدرجات.. .
وهكذا قال غير واحد: إنها لم تستعمل إلا مضافة أو موصوفة على غير سبيل التسمي بل على سبيل الوصف أو الإخبار فلا تستعمل إلا بالصفة التي وردت.
وليس مما توجب أسماؤه الحسنى ألّا يزال معاقباً على الدوام أو غضبان على الدوام أو منتقماً على الدوام وتأمُّلُ هذا المعنى يفتح للنفس آفاقاً من الفقه في أسمائه وصفاته ويزيد معرفته ومحبته ولذا كان النبي يقول في دعائه كما في الصحيحين: والشَّرُّ لَيسَ إليكَ ومعناه على التحقيق: أن الشر لا يضاف إلى الله لا في ذاته ولا في صفاته ولا في أسمائه فإنّ له الكمال المطلق من جميع الوجوه وصفاته كلها صفات كمال يُحمد عليها ويُثنى عليه بها وأفعاله كلها خير ورحمة وعدل وحكمة وأسماؤه كلها حسنى فكيف يُضاف الشر إليه؟
بل الشرّ يقع في مفعولاته ومخلوقاته منفصلاً غير قائم به سبحانه وله في ذلك من الحكمة ما لا يحيط البشر به علماً.
هذا المعنى يتأكّد بدراسة الأسماء الحسنى كما دونها العلماء وهو يدل على أن الفقيه والداعية ينبغي أن يعرّف العباد بربهم مقدماً أسماءه الكريمة الحسنى المشتملة على برّه وجوده ورحمته ولطفه وعفوه ومغفرته.
وأن هذا خير ما يسوق العباد إلى ربهم وهو شعور الحب الذي يُجمِع العلماء على أنه أفضل شعور وأنبل إحساس وأنه مُقدّم على الخوف وعلى الرجاء.
والحب لا يلغي الرجاء ولا يلغي الخوف وهما في الفطرة الإنسانية ولذا كان الأنبياء يدعون ربهم خوفاً وطمعاً وتضرعاً وخيفة كما قال ربنا: (إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَباً وَرَهَباً وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ) (ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ وَلا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاحِهَا وَادْعُوهُ خَوْفاً وَطَمَعاً) بيد أن تأمل الحكمة في اختصاص الأسماء الحسنى بمعاني المدح المطلق والثناء المطلق يسمح باقتباس هذا الدرس العظيم النافع في الدعوة والتربية والبناء والتعليم.
وليس من الوفاء لهذا الدرس العميق أن نقرره وأيدينا على قلوبنا ونحن ننتظر أن ينتهي التقرير لنسارع ونقول: نعم.. ولكن!
من حق المعاني العظيمة أن تُقرر بعيداً عن المخاوف وتأخذ حقها في النفوس وفي الدروس وفي الحياة العملية دون أن نُصاب بداء الثنائية والحدّية الذي يجعلنا نظن أن تقرير هذا المعنى يفضي إلى إلغاء جانب الخوف أو الرهبة أو الوجل.
بل يقرر هذا في سياقه بأريحية تامّة ويقرر غيره بأريحية كذلك وهي معان تتكامل وتتعاضد ولا تتعاند.
ولو أننا قهرنا أنفسنا على هذا لأورثنا فقهاً أوسع وفتح لنا أبواباً من الخير ربما حرمناها بعجلتنا ورحمة الله تعالى خير لنا من أعمالنا فاللهمّ ارحمنا ولا تكلنا إلى أنفسنا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.