مختصون يدقون ناقوس الخطر .. السكري يُهدِّد صحة ملايين الجزائريين أصبح داء السكري يفتك بالملايين سنويا في العالم والجزائر ليست في منأى عن مخاطر المرض المزمن والمتفشي بشكل ملفت للانتباه في السنوات الأخيرة وأصبح يُهدِّد الصغار والكبار على حد سواء مع اكتشاف آلاف الإصابات الجديدة سنويا مما أجبر الحكومة بالتنسيق مع الجمعيات الفاعلة في الميدان على وضع مخطط لمكافحته والتقليل من مخاطره ومرافقة المرضى والتكفل بهم من الناحية العلاجية مع ضمان مجانية الدواء. نسيمة خباجة يعاني نحو 422 مليون شخص في العالم من مرض السكري أي أكثر بأربع مرات من عدد المرضى المسجل سنة 1980 بحسب أول تقرير عالمي تصدره منظمة الصحة العالمية ويرتبط انتشار هذا المرض المزمن بظاهرة البدانة المتفاقمة بسبب النظام الغذائي المشبع بالأكل الدسم والسكريات. وقالت المديرة العامة للمنظمة مارغريت تشان إن السكري يتفشى وهو لم يعد مرضا محصورا بالبلدان الغنية بل إنه ينتشر في كل أنحاء العالم وخصوصا في البلدان المتوسطة الدخل . مضاعفات خطيرة لداء السكري السكري هو مرض مزمن خطير ناجم عن قصور البنكرياس في إنتاج كمية كافية من الأنسولين وهو الهرمون الذي ينظم نسبة السكر في الدم أو عن سوء استخدام الجسم لهذه المادة. وهناك شكلان رئيسيان من داء السكري. والمصابون بالنمط واحد هم المرضى الذين لا ينتجون نموذجيا أي كمية من الأنسولين ومن ثم يحتاجون إلى الحقن كي يبقوا على قيد الحياة. أما المصابون بالنمط الثاني فيشكلون 90 في المائة من الحالات تقريبا وينتجون الأنسولين عادة ولكن بكمية غير كافية أو لا يستطيعون استعماله على النحو السليم. ويكون المصابون بالنمط الثاني من داء السكري زائدي الوزن عادة وقليلي الحركة. وهذان أمران يضاعفان احتياج الفرد من الأنسولين. وبمرور الوقت يمكن لارتفاع نسبة سكر الدم أن يضر بشكل خطير كل جهاز من أجهزة أعضاء الجسم ويتسبب في الإصابة بالنوبات القلبية والسكتات الدماغية وتلف الأعصاب والفشل الكلوي والعمى والعجز الجنسي وحالات العدوى التي يمكن أن تؤدي إلى بتر الأطراف. عوامل متعددة للإصابة إن الأرقام المسجلة سنويا بالجزائر للحالات المصابة بأمراض السكري والسمنة وأمراض القلب والشرايين مخيفة و مقلقة تتطلب تجند الجميع بدءا من الأسرة بصفتها الخلية الأساسية للمجتمع. يجمع الأطباء والمختصون أن السبب الرئيسي لبروز هذه الأمراض تبقى أساسا عدم انتهاج المصابين ل نمط حياة سليم يرتكز أساسا على أربعة محاور: التغذية الصحية السليمة وعدم التدخين والكف عن شرب الخمر والحرص على ممارسة النشاط الرياضي معتمدين في ذلك على عديد الدراسات العالمية والإقليمية والجزائرية. كما أن التحدي يكمن في تغيير سلوك المواطنين في الاستهلاك وانتهاج نمط غذائي صحي وممارسة النشاط الرياضي فالمسؤولية هي مشتركة بين جميع القطاعات وكذا المجتمع المدني والعائلات. و تكمن عوامل الخطورة المشتركة للأمراض المزمنة على غرار السكري والسرطان وأمراض القلب والسمنة في إدمان التدخين حيث أن الدراسة التي أجريت سنة 2017 كشفت عن استهلاك قرابة ال43 بالمائة من الجزائريين (جنس ذكر) لكل أنواع التدخين فيما لا يصل معدل استهلاك الجزائري للفواكه (فاكهة واحدة يوميا) وهي أرقام تبعد عن معايير المنظمة العالمية للصحة التي تنصح باستهلاك 5 مكونات غذائية يوميا من الخضر والفواكه. نمط استهلاكي غير سليم يساهم النمط الاستهلاكي الخاطئ والعادات الغذائية غير السليمة في ارتفاع معدل الإصابة بالسكري وكشفت دراسة حديثة أن الجزائريين يستهلكون 5 ملايين خبزة يوميا وربع السكان لا يمارسون أي نشاط حركي أو رياضي وهي جميعها عوامل تؤدي للوزن الزائد ومن ثمة تعد عوامل محفزة على ظهور أمراض مثل السكري والقلب والشرايين والسمنة فالأرقام تتحدث عن إصابة أزيد من 14 بالمائة من الجزائريين بالسمنة فيما يسجل معاناة أكثر من 34 بالمائة من الوزن الزائد استنادا دائما لنفس الدراسة المذكورة سابقا التي اتخذت 6640 شخصا عينة لها. تتسبب السمنة في العديد من المشاكل الصحية لاسيما منهما داء السكري والقلب كما أن 70 بالمائة من الوفيات سببها الأمراض غير المعدية منها 50 بالمائة بسبب أمراض القلب. وحسب أرقام وإحصائيات المنظمة العالمية للصحة وكذا دراسات واستبيانات قامت بها عديد الهيئات العالمية تعد في مجملها مؤشرات خطيرة حول تنامي هذه الأمراض ماعدا بعض البلدان والمناطق في العالم واحتلت الجزائر المرتبة الأولى مغاربيا في إحدى الدراسات التي أجريت سنة 2007 الخاصة بالنمط الغذائي حيث سجل استهلاك 230 مليون لترا من المشروبات الغازية تأتي خلفها ليبيا ب200 مليون لترا. وتوجه أصابع الاتهام أيضا الى الصناعيين في مجال الصناعة الغذائية الذين يعملون فقط على الترويج لسلع ومنتوجات غير صحية من حيث المكونات تستهدف الأطفال باعتبارها فئة هشة سهلة المنال. كما أن بعض وسائل الإعلام لاسيما منها الوسائل الثقيلة مسؤولة عن حجم الومضات الإشهارية التي تروج للمشروبات الغازية والحلويات وغيرها من المنتجات ما ساهم بقوة في تغيير السلوكيات الغذائية وتحييد الثقافة الغذائية السليمة. فالطبيعة الإنسانية تقتضي الطبيعة والفاكهة يجب أن تستهلك كفاكهة وليس كعصائر مدعمة بمكونات كيماوية وسكريات ومواد حافظة تدمر الصحة لذلك لابد من غرس ثقافة غذائية تتمحور على التنويع والتوازن والاستهلاك دون إفراط والابتعاد عن مسببات الأرق والارهاق والاعتماد على الرياضة لتحقيق التوازن ومحاربة السمنة.