أكد الخبير في العلاقات الدولية والمختص في القانون الدولي، أبو الفضل محمد بهلولي، أمس، أن الجزائر استعملت حقّها السيادي بترحيلها لموظفين فرنسيين باعتبارهما يشكلان خطرا على النّظام العام والأمن القومي الوطني، مشيرا إلى أن هذا الإجراء يندرج في إطار المشروعية التي تنصّ عليها الاتفاقية الدولية المنظمة للعلاقات الدبلوماسية بين الدول. قال الأستاذ بهلولي، في اتصال مع "المساء" إنه من حق الجزائر التمسّك بهذا الإجراء كون المعنيين بالترحيل لا يحملان الصفة القنصلية، مشيرا إلى أنه على الرغم من حملهما لجواز سفر دبلوماسي إلا أن ذلك لا يخول لهما حق دخول الجزائر التي تملك كل السلطة التقديرية في السماح لهما بممارسة الوظيفة الدبلوماسية أو منعهما من ذلك. وأوضح المختص في القانون الدولي، أن قرار السلطات الجزائرية يكفله القانون لعدة اعتبارات منها أن الشخصين غير مرغوب فيهما ويتوجب مغادرتهما التراب الوطني لمخالفتهما الإجراءات المتعارف عليها في التعيين الدبلوماسي، فضلا عن أن السلطات الفرنسية استعملت سوء النّية والخداع ومعلومات مضلّلة للسلطات الجزائرية، حيث أعطت أسماء غير حقيقية لهذين الشخصين ما يشكّل خرقا كبيرا للاتفاقية الدولية. وأشار محدثنا، إلى أن هذه الحادثة تؤكد مدى يقظة واستعداد السلطات الجزائرية واطلاعها على كامل المعطيات بخصوص الأشخاص الذين يمكن قبولهم كأعضاء في السلك الدبلوماسي في الجزائر من دونهم، وفي نفس الوقت تنبيه للسلطات الفرنسية على أن الساهرين على النّظام العام في الجزائر على دراية بكل من يشتغل في السلك الدبلوماسي. كما وصف الأستاذ بهلولي، هذا السلوك بالخطير خاصة بعد التأكد من أن الهدف الأساسي لهذين الشخصين لم يكن القيام بمهمتهما المتعارف عليها في القانون الدولي، بل من أجل القيام بأعمال تخريبية أو لنشر معلومات مضلّلة عن الجزائر. ولا يستبعد المختص في القانون الدولي، تصاعد التوتر بين الجزائر وفرنسا كون هذه الأخيرة مازال لديها سوء النّية تجاه الجزائر، في حين أن الجزائر وعلى العكس من ذلك تكتفي بالمعاملة بالمثل والنّدية وهي تعلم بما يحاك ضدها، وفي حال استمرار الوضع على حاله يقول الدكتور بهلولي، فإنه من المحتمل أن تلجأ السلطات الفرنسية إلى تقليص عدد قنصلياتها في الجزائر، كما سترد الجزائر على ذلك بالمثل، ما قد يصل إلى القطع النّهائي للعلاقات الدبلوماسية إذا ما استمرت نوايا باريس السيئة، "في ظل غياب الثقة بين البلدين وأي بوادر حسنة من الجانب الفرنسي". للإشارة، يأتي قرار الجزائر بعد إجراء سابق اتخذته منتصف شهر أفريل الماضي، وطال 12 دبلوماسيا فرنسيا غير مرغوب فيهم، حيث طلبت مغادرتهم البلاد خلال 48 ساعة، كون عددا معتبرا منهم ينتمون لأسلاك تحت وصاية وزارة الداخلية الفرنسية، وجاء ذلك كرد عن قيام السلطات الفرنسية باعتقال استعراضي وتشهيري نفذته مصالح تابعة لوزارة الداخلية الفرنسية، بتاريخ 8 أفريل الماضي، بحق موظف قنصلي جزائري معتمد بفرنسا في انتهاك صارخ للأعراف والمواثيق الدبلوماسية.