مراصد إعداد: جمال بوزيان أخبار اليوم ترصد مقالات أهل القلم وعي عالمي بإنصاف الشعب الفلسطيني بعدل وإنسانية ترصد أخبار اليوم كل حين مقالات الكُتاب في مجالات الفكر والفلسفة والدِّين والتاريخ والاستشراف والقانون والنشر والإعلام والصحافة والتربية والتعليم والأدب والترجمة والنقد والثقافة والفن وغيرها وتنشرها تكريما لهم وبهدف متابعة النقاد لها وقراءتها ثانية بأدواتهم ولاطلاع القراء الكرام على ما تجود به العقول من فكر متوازن ذي متعة ومنفعة. جولة سيف القدس في الصراع الفلسطيني- الإسرائيلي .. التحولات والآفاق بقلم: الأستاذ الدكتور غيات بوفلجة اندلعت الجولة الرابعة من الحرب بين إسرائيل وقطاع غزة في معركة أطلقت عليها فصائل المقاومة سيف القدس فيما أطلقت عليها إسرائيل معركة حارس الأسوار وقد دامت الحرب 11 يوما من يوم 10 إلى يوم 21 مايو 2021 حيث تمّ وقف إطلاق النار. وقد كانت نتائج العدوان الإسرائيلي على غزة وفق ما أعلنت عنه وزارة الصحة الفلسطينية 232 شهيدا بينهم 65 طفلا و39 سيدة و17 مسنا بجانب نحو 1900 جريح. أما بالضفة الغربيةالمحتلة فقد سقط 28 شهيدا وقرابة 7 آلاف جريح بما فيها القدس.أما بأراضي 48 فقد تم سقوط شهيدين أحدهما في مدينة أم الفحم والآخر في مدينة اللد. في حين تمّمقتل 12 إسرائيليا وإصابة نحو 330 نتيجة إطلاق نحو 4 آلاف صاروخ على إسرائيل . وقد عرفت الحرب الأخيرة بين الإسرائيليين والفلسطينيين أو بين إسرائيل وحماس تحولا كبيرا من حيث الأهداف والأسلحة المستعملة والتداعيات. - فمن حيث أسباب اندلاعها فقد اعتادت الحروب السابقة أن تبدأ إسرائيل بالعدوان أو أن الحرب تكون بسبب مطالبة سكان غزة برفع الحصار. أما هذه المرة. فإن حماس هي التي بدأت بإطلاق الصواريخ على الاحتلال وذلك بعد إنذار. وأن السبب هو مطالبة حماس ل إسرائيل برفع الاعتداءات والاقتحامات على المسجد الأقصى وإيقاف الظلم عن سكان حي الشيخ جراح والمتمثل في طرد السكان العرب من منازلهم لإحلال اليهود المستوطنين محلهم ومنع الشباب الفلسطينيين من التواجد بساحة باب العامود. وقد أدت هذه الحرب إلى حصول دمار كبير في قطاع غزة وهو دمار اعتاد عليه سكان القطاع عند كل حرب إلا أن ما تميزت به هذه الحرب ما كان لها من تداعيات استراتيجية تمثلت أهمها فيما يأتي: - من حيث الأسلحة المستعملة من طرف المقاومة حيث أصبحت صواريخها أكثر تطورا وأبعد مدى وصلت عددا من المدن الإسرائيلية ومنها القدس وتل أبيب إضافة لمدن ومستوطنات حزام قطاع غزة. أما تداعيات هذه الحرب فهي مهمة ذات أبعاد ستراتيجية. - إذ برزت حماس كمدافعة عن القدس وعن المسجد الأقصى في ظل تقاعس السلطة الفلسطينية التي تهيمن عليها منظمة فتح تحت رئاسة محمود عباس الذي لا زال يؤمن بالمفاوضات والتعاون الأمني مع إسرائيل . وبهذا سحبت المقاومة الإسلامية البساط من تحت رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس. وبالتالي كسبت المقاومة المسلحة ثقة الفلسطينيين كافة بما في ذلك سكان الضفة الغربية وعرب 48 داخل إسرائيل على حساب سلطة محمود عباس. - فشل القبة الحديدية التي كثيرا ما تغنى بها الجيش الإسرائيلي فأظهرت عجزها في التصدي لصواريخ المقاومة بسبب كثافة الصواريخ التي تمّ إطلاقها. وحتى في حالات نجاحها في اعتراض صواريخ المقاومة فإن تكلفة صاروخ القبة الحديدة أغلى بكثير من الصاروخ المحلي الذي تعترضه. - امتناع الإسرائيليين عن الدخول البري على قطاع غزة كما كان في السابق لتأكدهم أنه تنتظرهم مفاجآت في حالة قيامهم بذلك لاستعداد المقاومة وما تمتلكه من أسلحة جديدة ضدّ الدروع. - ارتفاع مستوى الدعم الشعبي العربي والعالمي لسكان قطاع غزة في وقت كان الاعتقاد أن العالم تخلى عن قطاع غزة وسكانه وعن الفلسطينيين عموما وتركوهم لجلاديهم من الإسرائيليين . حيث خرت مظاهرات ضخمة في كثير من العواصم العربية والعالمية أبرزت حجم التدعيم الشعبي الذي لا يزال يتمتع به قطاع غزة وضد اليهود المعتدين. - أما أهم تحوّل لصالح القضية الفلسطينية فكان من الولاياتالمتحدة حيث أقوى دولة مؤثرة على أحداث الشرق الأوسط وفلسطين على الخصوص وأكبر مدعم مادي وسياسي ل إسرائيل . فبعد انتهاء مرحلة رئيس الجمهوري للولايات المتحدة السابق دونالد ترامب الذي ألحق ضررا كبيرا بالقضية الفلسطينية من خلال هندسته ل صفقة القرن . وقد خلفه الرئيس الديمقراطي جو بايدن الذي حاول إصلاح ما أفسده سلفه. - وقد رافق ذلك تغير الظروف السياسية على مستوى مجلس الشيوخ الأمريكي. حيث برز السيناتور اليسارى من ولاية فيرمونت بيرنىساندرز كأهم مدافع عن القضية الفلسطينية. وما ساعد على ذلك ظهور تيار من المدافعين عنها وعلى رأسهم رشيدة طليب (44 عامًا) هي مسلمة من أصول فلسطينية وألكساندرياكورتيز (31 عامًا) من أصل بورتوريكي ويمثلان منظمة الاشتراكيون الديمقراطيون في أميركا و إلهان عمر (40 عاما) من أصول صومالية. وبهذا ظهر فريق من الشباب يمثل تنوعا في الكونغرس الأميركي عبارة عنخليط مولّد من الإسبان والأفارقة والعرب. إن دخول عدد من الأعضاء الجدد إلى الكونغرس ممن يعرَف ب الأقليات سواء مسلمين أو لاتينيين أو حتى أفارقة هي ظاهرة جديدة في المعترك السياسي بالولاياتالمتحدةالأمريكية مما يؤكد وجود تغير داخل الحزب الديمقراطي يؤهلهم للعب دور مهم من خلال دفاعهم عن العدل والمساواة بين الأمريكيين وفي العالم ككل بغض النظر عن أجناسهم وألوانهم ومعتقداتهم وهو ما يخدم القضية الفلسطينية. كما أن هناك أصوات من اليهود المعادين للصهيونية أخذت ترتفع هنا وهناك ضد الممارسات العنصرية لإسرائيل وهو ما لم يعودوا يطيقونه. وهي عوامل ساهمت في رفع الصوت الفلسطيني والدفاع عنه في مؤسسة مؤثرة مقابل اللوبي الصهيوني الذي كان المسيطر الوحيد بها. وهكذا ظهرت أصوات منتقدة ل إسرائيل علانية وهو تغير كبير أخذت معالمه في التبلور. ذلك أن معظم الشباب أصبحوا لا يعتمدون على قنوات الأخبار الأمريكية والعالمية المؤثرة التي هي تحت هيمنة إسرائيل بل أنهم يعتمدون في مصادرهم وعلى الصور الحية التي تأتيهم من مواقع التواصل الاجتماعي. وكلها عوامل تنذر بتحولات كبيرة سيعرفها مستقبل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي وذلك نتيجة تغير الظروف المحيطية في العالم ككل. وهو ما يؤدي حتما إلى تحولات في الموازين القوى في اتجاه نوع من التوازن. ذلك أن قوة المقاومة الإسلامية في تحسن وأن الصراعات الإسرائيلية الداخلية في تزايد وأن العالم أصبح أكثر وعيا بضرورة إنصاف القضية الفلسطينية والتعامل معها بعدل وإنسانية. بلاغة الصمت.. وصمت البلاغة بقلم: الأستاذ الدكتور أدي ولد آدب الصَّمْتُ لُغَةٌ وأيّ لُغَة ! إنَّه النزيفُ الداخِلي للمَشاعِرِ الهَذَيَانُ المُقَدَّسُ للأفْكارِ لأنَّ الإنسانَ حيوانٌ ناطِقٌ حتى ولوْ اسْتَغْرَقَ فِي الصَّمْتِ فهو يُفَكِّرُ باللُّغَةِ وهذا ما يَعْنِي أنَّه لا يُوجَدُ صَمْتٌ أبْيَضُ خَال تَمَاماً منْ أيِّ لُغَة وإنَّما قُصَارَى الأمْرِ أنَّ هناكَ حديثاً مسموعاً يُسَمَّى كلاماً وهناك حديثٌ أخَرُ غيرُ مسموع يُسَمَّى صمْتاً فحِينَ يَنْسَكِبُ صَبِيبُ مُدْرَكَاتِ الحَوَاسِّ الخَمْسِ إلى مَرْكَزِ الدِّماغ شَلاَّلاً هُلامِياً منَ المَشَاعِرِ يَبْدَأ جهازُ اللغةِ هنالكَ فِي ترْجَمَةِ الأحَاسِيسِ المُلْتَبِسَةِ لإعْطائِها مَعَانِيها وصِفَاتِها وصُورَها عَبْرَ عَمَلِياتِ التَّمَثُّلِ والتَّمْثِيلِ تَخْييلاً وتَعْبيراً حيث لا تتمُّ واحدةٌ من تلك المَراحِلِ إلاَّ باللغةِ وبِقَدْرِ ثَرَاءِ مُعْجَمِ الترْجُمَانِ اللُّغَوي تَسْتريحُ النفْسُ البشريةُ في التنْفِيسِ عنْ مَكْبُوتاتِها ويَتَجَلَّى مَدَى وُضُوحِ أفكارها ودِقَّةِ تصَوُّراتِها. ومِنْ هُنا كانَ الإفْصَاحُ ضَرُورَةً وُجُوديةً وكانَ البَيَانُ نِعْمَةً من الله مُرَادِفَةً لِنِعْمَةِ الخَلْقِ ذاتِها فمِنْ رَحْمَتِه بِنَا-جَلَّتْ قُدْرَتُه- أنَّه عِنْدَما خَلَقَ الإنْسَانَ عَلَّمَهُ البَيَانَ إذْ لَوْلاَ وُجُودُ اللغةِ لانْفَجَرَتْ أجْهزةُ العَقْل البَشَري بما يَتَفَاعَلُ ضِمْنَهَا من مُبْهَمَاتِ الأحَاسِيسِ ومُعَقَّدَاتِ الأفْكَارِ ومُلْتَبِسَاتِ التصَوُّرَاتِ لِدَرَجَةِ أنَّه حتى الأخْرَسُ حِينَ يَنْعَقِدُ لِسَانُه يُحَوِّلُ- بالفِطْرَةِ-كُلَّ جَوارِحِهِ ألْسِنَةً ويَبْتَدِعُ- لِكَيْ يَسْتَمِرَّ فِي الحَيَاةِ- لُغَةَ الجَسَدِ تعْبيراً بِرَمْزِيةِ الحَرَكاتِ وهذا قريبٌ تماماً منْ عَمليةِ الرَّقْصِ حينَ يُداهِمُ إحْسَاسَ الرَّاقِصِ من الانْفِعَالِ بالنَّغَمِ مَا لا تَحْتَمِلُهُ أصْواتَ جِهَازِه اللُّغَوي فتنْطِقُ كلُّ ذَرَّة منْ كِيانِه بلُغَةِ الجَسَدِ الأفْصَحِ في هذا المَقام إذْ كُلَّمَا اتَّسَعَت الرُّؤَى ضَاقَت العِبَارَةُ كما يقول النّفري. ومَهْمَا يَكُنْ فإنَّ لُغَةَ الصَّمْتِ تكونُ أبْلغَ حتَّى منْ لُغَةِ الصَّوْتِ لأنَّ الكَلاَمَ المَسْمُوعَ رَهِينٌ بِمَواقِع إنْتَاجِه منْ مَخَارجِ الحُرُوف وضَوَابط المَنْطِقِ وسياقِ الموْضوع المُحَدَّدِ بيْنَما الحديثُ الصامِتُ لا يَنْضَبِطُ بمَحْدُودِيةِ مَواقِعِ الأصْواتِ التي تَقْتَضِي التَّنَاوُبَ لَحْظَةَ إنْتَاجِهَا كَمَا أنَّه مُتَحَرِّرٌمنْ أحَادِية السياق حيث يَتَمَوَّجُ معَ تغَيُّرَاتِ طقْسِ التفْكير وتَلَوُّنَاتِ صُور التخَيُّلِ والتخْييلِ فهو يَبُثُّ على أكْثرَ من مَوْجَة ويلْتَقطُ على أكثرَ من تَرَدُّد ولا سيما بالنسبة للشُّعَرَاءِ الأرْهَف إحْساساً والأوْسَع خيالاً والأبْدَع تفكيراً والذين لمْ يَكونُوا لِيُجِيدُوا الكلامَ لوْ لمْ يُجِيدُوا الصَّمْتَ إذْ يَنْطَبِقُ عَلَى جَدَل الحَدِيثِ و السُّكوتِ عندهم كوْنُ الأوَّلِ إذا كانَ من فِضَّة فإنَّ الآخَرَ من ذَهَب عكْسَ المَألوفِ من الاهْتِمَامِ – في دَارِجِ المُفَاضَلَةِ- بِشِعْرِهم الصَّائِتِ أكثر من شِعْرهم الصَّامِتِ رغْم الحِكْمَةِ العربية البَالِغَةِ التي تقولُ: إنَّ الصَّمْتَ يَكُونُ- أحْيَاناً- أبْلغُ من الكَلام. وفي هذا السياقِ يَحْدُثُ أنْ يَسْتَغْرِقَ الجَمْعُ في الثرْثرَة حَوْلَ مَكاسِبِهمْ المادية أمْوالهم مُؤسَّساتهم دُورهم قُصورهم سياراتهم وظائفهم وحتى تفاهاتهم ثم يَنْتَبِهُونَ فَجْأةً إلى أنك- بينهم- خارجَ التغْطية تماماً تنْتظرُ أنْ يَخوضُوا في حَديث غيره تشتركُ مَعَهم ترَدُّداتِ أمْواجِه فيَتَعَجَّبُون من سُكوتك غير مُدْركين أنَّكَ في صَمْتِكَ تَتَكَلَّمُ أكْثَرَ وترْتادُ عَوَالِمَ أبْعَد وتبْنِي مَشاريعَ أكْبرَ وحين تُضْطر للإجابة تَسْتجْمِعُ الروحُ كبْرياءها أمامَ التغوُّل المادي فيَنْفَجِرُ الصَّمْتُ قصيدة من نزيف المشاعر تتلقف ما يأفكون: أيريبكَ الصمتُ .. الذي يَغشاني؟ القلبُ يَهذي ..تحتَ صمتِ لساني إنِّي أراكَ .. ولا أراكَ .. لأنّني دان .. بعيدٌ .. منكَ ..حينَ تَراني فأنا.. أشارككَ المكانَ .. ورُبما أرتادُ كونًا ..خلْفَ كلِّ مكان إنِّي غريبٌ .. بين قومي ..ها هنا ليس المكانُ.. ولا الزمانُ زَماني أنا شاعرٌ .. قد فاض في وجدانه نبعُ المَعانِي .. من يَدِ الرحمان صمْتي: نزيفُ مشاعري ..وعبادتي ومقدَّسٌ – مِلْءَ الخُطَى – هذَياني.