بقلم: علي الصالح* صباح اليوم التالي لرحيل ملكة بريطانيا إليزابيث الثانية في 8 سبتمبر الحالي أي بعد 70 عاما على جلوسها على قمة عرش بريطانيا ودول الكومنولث خرجت علينا صحيفة هآرتس الإسرائيلية وهي من الصحف القليلة المعتدلة في إسرائيل بعنوان لئيم بعيد النظر بالبنط العريض يقول أكثر من 120 دولة وإسرائيل ليس من بينها.. الملكة إليزابيث ومقاطعتها غير الرسمية لإسرائيل. وهذه طبعا رسالة واضحة لممارسة الضغوط المبكرة على الملك الجديد تشارلز الثالث مفادها ألا ينسى إسرائيل مثلما نسيتها الملكة الأم سواء عن قصد أو عن غير قصد. وهي أيضا دعوة لإنهاء ما سمته إسرائيل المقاطعة الرسمية للملكة إليزابيث الثانية ولم نسمع بمثل هذا الحديث والمقاطعة إلا بعد غياب الملكة. وتواصل هآرتس القول خلال 70 عاما من حكمها جابت إليزابيث الثانية خلالها الكرة الأرضية طولا وعرضا من شمالها إلى جنوبها ومن شرقها إلى غربها لكنها تجنبت عن قصد زيارة إسرائيل. *امتناع الملكة ليس هذا فحسب فقد عبرت الملكة عن اشمئزازها من مشهد المستوطنات في الضفة الغربية التي تطل عليها جبال الأردن الحدودية. وفي عام 1984 خلال زيارة الملكة للأردن رأت في المستوطنات ما يبعث على الغم والإحباط ووصفت صوت تحليق طائرات سلاح الجو الإسرائيلي بالمرعب. هذا الكلام نسبته هآرتس للملكة.. وعندما كان المسؤولون البريطانيون يسألون عن سبب تمنع الملكة اليزابيث من الزيارة كان الرد يأتي الخوف من المقاطعة العربية لكن الزيارة هذه لم تتم حتى بعد انتهاء المقاطعة حسب هآرتس. ونكرر القول إن الملاحظة الإسرائيلية هذه ليست موجهة للملكة الراحلة التي غادرت دنيانا إلى الدنيا الآخرة ولا فائدة من انتقادها وإنما المقصود بالأمر الملك المقبل خليفتها ونجلها الملك تشارلز الثالث كي لا يكرر الخطأ نفسه من وجهة نظر إسرائيل ويتجاهلها ولا يأخذها في الحسبان في برامج زياراته المقبلة التي ستكون كثيرة جدا لتقديم نفسه ملكا لرعيته. صحيح أن إسرائيل لا تعتبر نفسها من الدول التي تدور في فلك الدولة البريطانية الكبرى وهي ليست واحدة من دول الكومنولث ولكنها لا ولن تنسى أنها ستظل طفلها المدلل فهي صنيعة هذه الدولة الاستعمارية وأنشئت بقرار سياسي منها وبوعد مشؤوم منحه وزير خارجيتها أرثر جيمس بلفور للحركة الصهيونية بإنشاء وطن قومي لليهود في فلسطين في الثاني من نوفمبر 1917. فهي لذلك ترى في نفسها وحتى الآن دولة فوق القانون وفي مصاف الدول الكبرى. سكتت إسرائيل طيلة هذه العقود خوفا من غضب الأسرة المالكة وحكوماتها القوية من أمثال حكومة مارغريت ثاتشر التي ردت خلال زيارة لإسرائيل عام 1986 على سؤال للصحفي الإسرائيلي ديفيد لانداو الذي تساءل مترددا عن سبب عدم الزيارة فردت بالقول ها أنا هنا . وكان الدبلوماسيون البريطانيون الرسميون يبررون مقاطعة الملكة لدولة إسرائيل ب جواب متلعثم: عندما يكون هناك سلام دائم . وهذا حسب ادعاء هآرتس . ونحن هنا لا نتحدث عن الحكومات البريطانية اللاحقة الضعيفة المحافظة التي تخضع في أيامنا هذه إلى إملاءات الحركة الصهيونية وحتى السفارة الإسرائيلية مثل حكومة ليز تراس المحافظة الحالية الجديدة الأكثر تأييدا لدولة الاحتلال التي قد تفكر في نقل السفارة البريطانية من تل أبيب إلى القدسالمحتلة على غرار الخطوة التي أقدم عليها الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب أواخر عام 2017 وأذكّر المسؤولين الفلسطينيين بأن يتحركوا بسرعة لمنع هذه الخطوة بكل الوسائل قبل أن يقع الفأس بالرأس. عادة ما توصف العلاقة الإسرائيلية – البريطانية بأنها مميزة ولكن ليس عندما يتعلق الأمر بزيارة الملكة ولم تكن المقاطعة الملكية بالمطلق فقد زار بعض أفراد العائلة المالكة إسرائيل على مرّ السنين لكن قصر باكنغهام دائما ما يبذل قصارى جهده لتوضيح أن الزيارات ليست ملكية ولا رسمية حسب صحيفة إسرائيل اليوم .