في اقتناء في الأضاحي المستوردة لا تُزاحموا ذوي الدخل المحدود.. في خطوة مباركة وتحسبا لعيد الأضحى المبارك قرر الرئيس عبد المجيد تبون مشكورا استيراد نحو مليون رأس ماشية خلال اجتماع لمجلس الوزراء في 9 مارس 2025 وذلك لضمان وفرة الأضاحي بأسعار معقولة ولتمكين شريحة واسعة من الجزائريين من إحياء سنة الأضحية في أحسن الظروف.. وتأتي هذه المبادرة في إطار جهود الدولة لمساعدة أصحاب الدخل المحدود والمتوسط للاحتفال بشعيرة عيد الأضحى بشكل ميسر. وتم تحديد حوالي 800 نقطة البيع على المستوى الوطني كما تُركت التفاصيل التنظيمية لعملية البيع إلى السلطات المحلية في كل ولاية بمراعاة جملة من المعايير وفقا لخصوصيات كل ولاية. وعليه إذا كانت السلطات تشترط شروطا قد حددتها لمن يتقدم لاقتناء هذه الأضحية فلا بد من الالتزام بهذه الشروط لقوله صلى الله عليه وسلم: المسلمون على شروطهم. رواه أصحاب السنن. ومتى لم تتوفر في الشخص شروط استحقاق ذلك فليس من حقه المشاركة في عميلة شراء هذه الأضاحي المستوردة. وإنك لتعجب حين ترى بعض الأغنياء وأصحاب سيارات فخمة يحاولون الظفر بمثل هذه الأضاحي الموجهة أساسا للفئات الهشة متناسين أن العبرة في الحقيقة للأضاحي إنما هي بالقلوب والأعمال لا بالصور والأشكال ولذلك قال الله تعالى: {لن ينال الله لحومها ولا دماؤها ولكن يناله التقوى منكم}. الحج: 37 وفي الصحيح يقول عليه الصلاة والسلام: إن الله لا ينظر إلى صوركم وأموالكم ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم فالمقصود من الأضاحي إنما هو تحقيق تقوى القلوب وتعظيم علام الغيوب وربنا جل وعلا هو الغني عن العالمين لا ينتفع بشيء من هذه الأضاحي ولا يناله شيء منها ولا يريد من عباده إلا أن يتقوه ويوحدوه ويعبدوه حق عبادته لتصلح دنياهم ويكرمهم في أخراهم وهو غني عنهم وعن ذبائحهم وأضاحيهم.. وعليه فيا من أغناهم الله من فضله: لا تزاحموا ذوي الدخل المحدود في شراء الأضاحي المستوردة وإني أعيذكم ونفسي من الطمع ومن نفس لا تشبع. لأن الطمع يمحق البركة ويشعر النفس بحالة الفقر الدائم فالطمع يعمي الانسان عن طريق الصواب ويودي به الى طريق الهلاك.. واعلموا أن الأضحية ليست مجرد واجب شرعي بل هي فرصة للعبادة والتقرب إلى الله إنها فرصة لتعزيز قيم الإيمان والتضحية والعطاء قال الله تعالى: {ذَلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ} الحج: 32 قال ابن عباس رضي الله عنه: تعظيمها: استسمانها واستعظامها واستحسانها . روى عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: أهدي عمر رضي الله عنه نجيبا فأعطي بها ثلاث مائة دينار فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله إني أهديت نجيبا فأعطيت بها ثلاث مائة دينار أفأبيعها وأشتري بثمنها بدنا؟ قال: لا انحرها إياها . طبعا عمر بن الخطاب رضي الله عنه لم يكن يضِنُّ بثمن هذه الناقة النجيب ولكنه كان يودّ شراء نوق وبقر بثمنها قد تكون من ناحية كمية اللحوم أكثر لكن رسول الله صلى الله عليه وسلم شاء أن يضحي بالنجيب ذاتها لنفاستها وعظم قيمتها.. فتأملوا هذا رحمكم الله ولا تزاحموا الفقراء والمساكين فيما وهبهم الله إيثاراً للعاجل على الآجل. اذهبوا إلى أسواق أخرى وأروا الله من أنفسكم خيرا. قال صلى الله عليه وسلم: إنَّ اللهَ يحِبُّ أنْ يَرَى أثَرَ نِعْمتِه على عبْدِه أي: أن الله يحبُ أن يُظهر العبد فضل الله عليه بما رزقه من مال مع مراعاة القصد وترك الإسراف. وكل مُضحّ وثقافته وسعة ذات اليد عنده. فالأضحية في حدّ ذاتها رمز للتضحية والإيثار وتعليمًا عمليًا للمسلمين على بذل المال في سبيل الله مما يعزز الروابط الاجتماعية ويشعر الفرد بمسؤوليته تجاه أخوانه ومجتمعه.. فاستسمنوا أضاحيكم واستحسنوها وطيبوا بها نفساً ولا تذكروا ثمنها في المجالس أو عند الزملاء أو عبر رسائل الجوال ووسائط التواصل احتسبوا الغلاء في أسعارها فهي من النفقة الباقية.. نسأل الله العظيم أنْ يرزقنا وإياكم الإخلاص في النّيَّة والقول والعمل وأن يجعلنا من الذين يلتزمون بأوامره ويقفون عند حدوده ويسلكون طريق التّقوى.. وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين..