انتشرت عبر العديد من الفضاءات ومساحات اللعب بالعاصمة، ألعاب الأطفال الضخمة، وهي عبارة عن نوع من الألعاب المطاطية المختلفة التي تكون على شكل أرجوحات، وقصور، وبالونات للقفز، تستوعب العديد من الأطفال في الوقت ذاته، وهي ضخمة للغاية، بشكل يتيح لهم الصعود إليها والقفز منها، والركض، وغيرها من النشاطات البدنية المتميزة بالحركة السريعة التي تستهوي الأطفال في العادة، ولعل الميزة الأكبر لهذه الألعاب، أنها وبفضل المادة المصنوعة منها، فإنها لا تشكل أي خطر على الطفل، في حال ما إذا سقط منها، وقد قام العديد من الشبان بتأسيس ما يشبه الوكالات لتأجير هذه الألعاب للعائلات، في المناسبات الخاصة كاحتفالات أعياد الميلاد، وغيرها من المناسبات، كما وجدوا منها وسيلة لتحقيق مداخيل معتبرة على مدار العام، وبشكل خاص خلال فترات العطل المدرسية، حيث ينصبونها في بعض الفضاءات التي تشهد اكتظاظا كبيرا بالمواطنين خلال العطل، كفضاء مقام الشهيد مثلا، ويكون الدخول إليها مقابل 50 دج للطفل الواحد، ولاقت هذه الألعاب إعجاب الصغار والكبار على حد سواء· لكن، ورغم إيجابياته الظاهرة للعيان، من حيث توفيره المتعة والتسلية الكبيرة للأطفال، كفضاء عائلي، يستقطب إليه عشرات العائلات، إلا أن هذه الألعاب التي يصطلح على تسميتها في الجزائر ب(الطوبوغو)، لا تخلو من بعض المخاطر التي تهدد عددا من الأطفال، ولا تنطوي المخاطر على اللعبة في حد ذاتها فحسب، وإنما تشمل طريقة استخدامها، والأطفال الذين يلعبون فيها، وهذا بعدما لمسناه من حوادث بعضها خفيف، وبعضها الآخر مؤلم للغاية، ضحاياها أطفال أبرياء، كانت غايتهم الوحيدة هي اللعب والمرح والتسلية خلال أيام عطلتهم، في عاصمة لا توفر الكثير من أماكن اللعب والتسلية المخصصة للأطفال، وإن وجدت فهي مكتظة في الغالب خلال أيام العطلة، وبعيدة عن متناول العائلات البسيطة، لا سيما ما تعلق بوسائل النقل، (أخبار اليوم) التي كانت حاضرة خلال نهاية الأسبوع، بفضاء رياض الفتح، وقفت على حادثة مؤلمة لفتاة صغيرة داخل إحدى هذه الألعاب، الفتاة تعرضت لإصابة خطيرة على مستوى عينها، تسبب فيها سقوط طفل على الفتاة الصغيرة، ولم تكن الحادثة الوحيدة، ولكنها كانت الأكثر إيلاما للطفلة، فقد سجلت بذات اللعبة، عدة حالات اصطدام، وسقوط للأطفال فوق بعضهم البعض، والسبب حسبما لاحظناه يعود للأعداد الكبيرة من الأطفال الذين يتم السماح لهم بالدخول إلى اللعبة، وهذا نتيجة الإقبال الكبير، الذي دفع بالقائمين عليها، إلى إفساح المجال لأكبر عدد ممكن من الأطفال في كل مرة، حيث تدوم فترة لعب كل مجموعة حوالي 10 دقائق تقريبا، مقابل 50 دج للطفل الواحد، وهذا بغية تلبية كافة الطلبات، كما أن الملاحظة الثانية، تتعلق بالسماح لأطفال من مختلف الفئات العمرية، بالدخول في نفس الوقت إلى نفس اللعبة، مع أنه أمر خطر للغاية، إذ من غير المعقول، السماح لأطفال بين الثالثة والرابعة من العمر، بالتواجد في مكان لعب مع أطفال أكبر منهم سنا بأربع أو خمس سنوات، نظرا لما يشكله ذلك من خطورة عليهم بسبب تفاوت البنية الجسمية، والقدرات، بين الفئات العمرية المختلفة للأطفال· وتسببت الحادثة في استياء كبير لدى الأولياء، حيث قالت السيدة (سهيلة) من باب الواد، التي جاءت بطفليها الاثنتين للعب، إنها لم ترتح منذ البداية للأعداد الهائلة من الأطفال الذين يسمح لهم بالدخول إلى اللعبة والجري فيها والقفز منها في الوقت نفسه، ولكن الرغبة في الربح السريع، التي تملكت القائمين على هذه الألعاب، جعلتهم يلغون من حساباتهم كل هذه الاعتبارات، ويخلطون الصغير بالكبير في لعبة لا تحتمل كل ذلك العدد من الأطفال، فيما برر القائمون عليها، أن المادة المصنوعة منها لا تشكل خطرا على الأطفال، إضافة إلى أنها مستوردة من دول أوروبية، فيما أن الخلل لا يكمن في اللعبة بحد ذاتها، وإنما في الطريقة الخاطئة للعب بها· في ذات الإطار يقول بعض الأخصائيين إن مثل هذه الألعاب ومن بينها لعبة القفز على اللوح المطاطي أو الترامبولين، لا تخلو من المخاطر، ويمكن أن يصل الأمر إلى حدّ تعرّض الطفل لإصابات خطيرة في العمود الفقري خاصة الفقرات العنقية· ويصاب الأطفال عادةً بكسور معقدة، سيما في المرفقين والساقين، إضافة إلى أجزاء الجسم الأخرى مثل العمود الفقري، وحتى إمكانية الإصابة بارتجاج في المخ، السماح لعدد كبير من الأطفال بالقفز في نفس الوقت يزيد من احتمالية هذه الإصابات التي يمكن أن تؤدي إلى إعاقات دائمة·