تستعمرني الكلمات وأعلن لها ولائي، وأضرب بيد من حديد، كل من تسول له نفسه طرد هذا المحتل من دولة أناملي التي تحدها شرقا محبرتي وغربا أحرفي وشمالا بحيرة كان وأخواتها وجنوبا جبال النصب والرفع والجزم والضم وهضاب حروف العلة وتوابعها. تشدني لحظة المستعمر حينما ينهال على أناملي بسوط الحرف تارة وغربال المفردة تارة أخرى لأكون أسيرا تحت رحمة جلاد، يجرني بإرادتي لتشكيل جيش من العملاء يملأ ساحة المدينة، يفتش في شوارعها وأزقتها عن همزة وصل، وفي منازلها عن ذخيرة همزة القطع ويجوب البحار والوديان لاسترجاع أسلحة المفردات لمواطن عشقها ومسقط رأسها. هذه كلمات مني إلى من أكتب من أجله قد تستغربون وكلامي ستكذبوني، لكن المكتوب في حقّ الكاتب لأجله بسيط وبعيدا عن أحساس في داخلي ينمو أعتقد أن الموجود في داخلي أكبر من حبر أكتب به أو ورق أكتب عليه، لكن أداة الكتابة هي فقط من أفرغ فيها ما أكبته في داخلي أعتقد أنها الطريقة الوحيده لكي أصل إلى ما أصبو إليه. منحتهم اهتمامي، تقرّبت منهم فعشقتهم، تغلغل حُبّهم في قلبي حتى أصبحت أنتظر كلّ يوم عودتهم، إنهم أكبر من أن أصف عملقتهم بكلمات عذراء لم تُكتب لأحد من قبل وأترك لكم معرفة لمن أكتب. تاريخنا عريق ومستقبلنا منير لنا عاداتنا وتقاليدنا يتغيّر الزمن من حولنا ولا نتغيّر من داخلنا، نبقى على العهد ويسبقنا الزمن ولكن التاريخ لا يسبقنا، نتعثّر أيّاما ولكن تاريخنا يسمح لنا بالبقاء على العهد نستفيد من ثرواتنا. نجومنا كثر وإلقابنا معروفه وكما يقول العجوز (من لا يملك الكبير فليشتري كبيرا)، نحن كبار بتاريخنا العريق لا تستبقوا الأحداث ستعرفون من نحن، كلمات كثيرة قالوها عن عاداتنا لكن فخرنا بما نقوم به كبير آخر ما نفكّر فيه كرة القدم وأهمّ ما نفكّر فيه إرضاء النفوس وإثبات الذات، نواجه الجبروت بعنفوان البطل، إنجازنا أننا ما نزال موجودين، إنجازنا أننا لم نُقهر ولم ولن نستسلم قلوبنا بيضاء وغضبنا أحمر وعريننا حديقة خضراء يلفها الغموض لها ما لها وعليها ما عليها، سرّها مدفون، رونقها، سحرها، لها أصوات وحناجر وأهازيج سحرية تعرفونها من خصومها، من أحترام الناس لها من تقلبات الزمن عليها يتغير من حولنا ولا نتغير. دموعنا فرح، وصمتنا كلام، الكل من حولنا يركض، ولكن نحن نبقى على المسير عازمون دائماً نصل رسالتنا مقروءة وفهم كلامها صعب، أجدادنا ماتوا لكنهم حولنا باقون، سلمونا دفة القيادة وعلى طريقهم سائرون، نعلم وتعلمون أننا باقون احترمونا أكثر من قبلكم واحترمونا أكثر من بينكم وسيحترمنا أكثر من بعدكم، عطاؤنا تاريخ وتاريخنا عطاء، تسألوننا التغيير ونسألكم الصبر، تعرفوننا أكيد لكنكم لن تفهمونا، جل همنا إيصال الرسالة لمن يريد أن يقرأ. نحن أقله ولكن وراءنا شعوب، يجهل أفعالنا الكثير من داخلنا، فرحون بما نقوم به مفتخرون، جلّ اهتمامنا أن نبقى على العهد وعلى طريق الفخر نسير صمتنا رهيب وكلامنا عجيب يمتد تاريخنا عبر جبال الأوراس. إسبانيا تشهد على قوتنا وفرنسا تقف لنا احتراما بين الفرنسية والإسبانية باقون كشوكة بحلق التنين يبحثون عن دواء لزوالنا، لكننا لزوالهم دواء، عربون الحبّ لهم دفعت أنا في قلبي حجزوا لهم مكان متربصون. من أتحدث عنه بطل يستحق أن نرفع له القبعة، من أتحدث عنه بطل يستحق أن يكون على عرش القلوب صغيرا بنظر البعض كبيرا بنظري، قلبي يهيم بحبه وعقلي عاجزا عن تخيل عظمته، رسالتي وصلت للجميع، إنه الكبير، إنه الواثق من الخطوة يمشي ملكا، لشخصكم احترامي ولغيابكم اشتياقي يا محاربي الصحراء.