شدد رئيس المجلس الشعبي الوطني محمد العربي ولد خليفة في افتتاحه أمس لأشغال الملتقى الدولي حول الإصلاحات السياسية على موقف الجزائر القائم على عدم التدخل في شؤون الشعوب الأخرى وقال إن الجزائر التي ترفض أن يملي عليها أحد سياساتها ونهجها في الإصلاح السياسي والاقتصادي فإنها في المقابل تلتزم باحترام خيارات كل شعب في إشارة منه لما يسمى دول الربيع العربي، مشيرا إلى نتائج التدخل من الخارج في بعض بلدان المنطقة والتي وصلت في بعضها إلى حرب أهلية مدمّرة. خاضرئيس الغرفة السفلى أمس في كلمته أمام المشاركين في الملتقى الدولي الذي حمل شعار زالإصلاحات السياسية في الجزائر: المسار والأهدافس في أهم القضايا السياسية الراهنة ذات الصلة بالتحولات الجارية في المنطقة العربية وتداعياتها على المشهد السياسي في الجزائر، مؤكدا على موقف بلادنا القائم على عدم التدخل في الشأن الداخلي للدول سواء كان التحوّل فيها يحدث في الشتاء أو في الربيع في إشارة منه إلى محاولات جرّ الجزائر للتدخل في ما يحدث في ما يسمى دول الربيع العربي، وقال إن هذا الموقف وليد اليوم بل هو نهج الجزائر منذ استقلالها فمثلما ترفض الجزائر أن يملي عليها أحد سياساتها في الإصلاح السياسي والاقتصادي فإنها تلتزم باحترام خيارات كل شعب، مذكّرا الحضور بنتائج التدخل من الخارج في بعض بلدان المنطقة من زعزعة وفوضى وصلت إلى الحرب الأهلية. وعن نموذج الجزائر في التحول الديمقراطي أوضح المتحدث أن الإصلاحات السياسية في الجزائر تطوّرت في خط متصاعد بطلب من الشعب وليس بضغط من الخارج، وتوقف ولد خليفة عند تجربة الانفتاح السياسي التي أقرّها دستور 1989 وقال إن نتيجتها كانت عشرات الأحزاب من كلّ الحساسيات التي تنبذ العنف والتي تمكنت من التعبير عن أفكارها ومشاريعها السياسية والاجتماعية بكل حرّية، منتقدا في المقابل ما وصفه بالانفتاح بلا حسيب ولا رقيب من القانون آنذاك مما سمح لبعض الأطراف أن تنحرف بتلك التجربة الفتية إلى تهديد المسار الديمقراطي وفرض اتجاه واحد بالقوة وتهديد كل من يخالف ذلك الرأي في إشارة منه للحزب المحظور. وفي سياق موصول بحديثه عن التجربة الديمقراطية للجزائر بداية التسعينات وانحرافها الذي كلّف الجزائر عشرات الآلاف من الضحايا الأبرياء وأدخلها في دوامة العنف والإرهاب، أشاد ولد خليفة بالدور الذي لعبه الجيش الوطني الشعبي وقوات الأمن والمتطوعون من منظمات المجتمع المدني وبتجند الشعب الجزائري الذي جنب البلاد مصيرا لم يكن ليختلف عن ما هو عليه اليوم في الصومال وأفغانستان، مشيرا إلى أن الانحراف الذي بدر من الحزب المحظور آنذاك لم يعرقل المسار الديمقراطي فحسب بل كان وراء عزل الجزائر وتعميم الإرهاب على الدولة والمجتمع كله وشلّ الاقتصاد الوطني، مذكّرا ببعض المواقف الدولية آنذاك مما كان يجري في الجزائر والتي حوّلت المتهم إلى ضحية متهمة قوات الجيش والأمن بارتكاب المجازر في إشارة منهم إلى الطرح القائل زمن يقتل من في الجزائر؟ الذي غذّته آنذاك بعض الأطراف الأوروبية، وقال إن الجزائر ظلت تكافح وحدها الإرهاب الدموي بلا سند أو نصير إلى غاية تفجيرات نيويورك سنة 2001 ليصل العالم آنذاك إلى قناعة مفادها أن الإرهاب جريمة عابرة للحدود وأن ما كان يجري في الجزائر يمكن أن ينتقل إليهم. كما توقف رئيس الغرفة السفلى مطوّلا عند مسار الإصلاحات السياسية في الجزائر الذي قال إن وتيرته تسارعت منذ انتخاب الرئيس بوتفليقة سنة 1999 رغم أن الأولوية كانت آنذاك لإرساء السلم والمصالحة بين الجزائريين وإعادة بناء الإقتصاد الوطني، وقال إن الإصلاح السياسي بلغ محطة هامة بعد خطاب الرئيس بوتفليقة عشية يوم العلم سنة 2011 خاصة مع تنظيم انتخابات تشريعية شهدت لها مختلف الهيئات الاقليمية والدولية بالنزاهة والشفافية، مبرزا في حديثه عن التركيبة السياسية للبرلمان الحالي ما اعتبره حضور إيجابي لصالح الديمقراطية لأحزاب المعارضة وقال إنه ليس من المفيد للدولة وللمجتمع وجود برلمان بصوت واحد، كما أن ابعاد المعارضة أو دفعها للتعبير عن رأيها من الخارج يقلل من مصداقية المؤسسة التشريعية والحكومة معا، مثلما يذهب إليه المتحدث.