التزم عبد العزيز بوتفليقة، منذ أن زكاه الشعب بثقته رئيسا للجمهورية, على العمل في سبيل التجدد الوطني، حيث يواصل الرئيس تنفيذ وعوده التي أطلقها خلال الحملة الانتخابية لرئاسيات السابع عشر أفريل 2014. لقد تحققت إنجازات كثيرة وما يزال منها ما ينتظر التعزيز أو الاستكمال، وهذا هو الشأن في المجال السياسي، الذي يجسده مشروع مراجعة الدستور. إن نواب البرلمان بغرفتيه على موعد اليوم مع امتحان كبير، حيث تعتبر المصادقة بأغلبية واضحة على مشروع تعديل الدستور تتويجا لمسار الإصلاحات السياسية الذي بادر به رئيس الجمهورية وتمت مباشرته سنة 2011. لقد حرص رئيس الجمهورية على أن يكون الدستور الجديد مسبوقا بمسار إصلاحات سياسية وأمنية واسعة، تميزت خاصة برفع حالة الطوارئ وإصدار عدة قوانين عضوية سمحت بتعزيز دولة القانون والممارسة الديمقراطية، كما تجلى حرصه في إعداد دستور توافقي، وهذا ما برز بوضوح في سلسلة المشاورات الواسعة مع الأحزاب والشخصيات الوطنية والخبراء، التي دامت لفترة ليست بالقصيرة، والتي مكنت الرئس بوتفليقة من تضمين العديد من مقترحات مختلف الأطراف في الوثيقة المعروضة اليوم على النواب للمصادقة عليها. وكان رئيس الجمهورية قد أكد في أكثر من مناسبة بأن التعديل الدستوري يجسد التطلع إلى تعزيز الوحدة الوطنية حول تاريخنا، وحول هويتنا، وحول قيمنا الروحية والحضارية، وإلى تكريس احترام حقوق المواطنين وحرياتهم وكذا استقلالية العدالة وتعميق الفصل بين السلطات وتكاملها, وفي الوقت نفسه إمداد المعارضة البرلمانية بالوسائل التي تمكنها من أداء دور أكثر فاعلية. لقد أكد رئيس الجمهورية، من خلال ما تضمنه مشروع الدستور من تعديلات تتوجه إلى كل المجتمع الجزائري، صدقه وعزمه على إقامة دولة القانون، التي ترعى الحقوق وتسودها الحرية وتضمن الكرامة لمواطنيها على قاعدة المساواة. إن النواب مدعوون إلى أن يكونوا في مستوى هذه الرهانات، من خلال تصويتهم ب " نعم" واضحة وقوية، على مشروع مراجعة الدستور، لما يشكله من أهمية بالغة في تتويج الاصلاحات السياسية وفي تعزيز دعائم ديمقراطية هادئة، خدمة لمصالح الشعب، باعتباره دون سواه مصدر الديمقراطية والشرعية. وهو صاحب القول الفصل في التداول على السلطة. إن نعم لمشروع تعديل الدستور تعني نعم واضحة وقوية لدولة الحق والقانون. إن نعم لمشروع مراجعة الدستور تعني نعم لمجتمع الحقوق والحريات الفردية والجماعية. إن نعم للدستور الجديد تعني نعم للفصل بين السلطات ومنح صلاحيات واسعة للبرلمان في المجال التشريعي والرقابي وكذا الوصول إلى مواقع المسؤولية عن طريق الانتخابات. إن نعم للتعديل الدستوري تعني نعم لمعارضة قوية، قادرة على اقتراح الخيارات والبدائل. إن نعم للدستور تعني نعم لجزائر حديثة، غيورة على تاريخها وشخصيتها الحضارية ومتمسكة بثوابتها الوطني. لذلك كله، فإن النواب، ومن منطلق إدراكهم ووعيهم برهانات المرحلة، سيكونون اليوم في مستوى ما ينتظره منهم الشعب، للتأسيس لمرحلة جديدة، عنوانها الكبير تعزيز الوحدة الوطنية والمصالحة مع تاريخنا وهويتنا ودعم حقوق المواطنين وحرياتهم. سيقول نواب الشعب كلمتهم اليوم، ليؤكدوا مجددا بأن الجزائر ستواصل سيرها إلى الأمام، في ظل الدستور، الذي يمثل الوثيقة القانونية السامية للبلاد، وفي إطار ديمقراطية تشاركية تجمع كل الإرادات المخلصة للوطن وتضمن تجسيد تطلعات الشعب نحو الحرية والعدالة والتقدم.