مفردات السلام في الخطاب الإسرائيلي أكذوبة تعكس حالة عقل مضطرب، لا يعرف السكينة، واعتاد أن يغالط الحقائق المكشوفة تحت أشعة الشمس، عندما ينكشف زيف ادعاء إسرائيل عبر القنوات الإعلامية بانتهاء الصراع العربي-الإسرائيلي المسلح وبدء عصر الوفاق والصلح والسلام فإنها ما زالت تخطط وتعد الدراسات وبحوث التطوير وتجري المناورات حول خصائص الحرب المقبلة ضد العرب لتحقيق إنجاز قيادة منطقة الشرق الأوسط في ظل الوجود الأمريكي المباشر وصولا إلى إقامة "دولة إسرائيل الكبرى". ومناورات إسرائيل العسكرية الدائرة في الجولان حاليا لم تكن مصادفة كما قال إيهود باراك، طالما ظل الحديث عن العقيدة الإسرائيلية هو الحديث عن الثوابت التي لا تتأثر بظرف عارض أو تكتيك مستحدث ولا تتبدل بإسقاط حكومة أو بانتصار تكتل سياسي إلا بمقدار ما يعزز هذه العقيدة ويطورها تبعا لمتغيرات المرحلة وتطورها. ولا تسكن العقيدة العسكرية الإسرائيلية في مربع الشرط البيئي الثابت.. لأنها لا تعرف معنى الجمود العقائدي الذي أسقط الكبار في قيعان العدم.. إنها الراصدة لبديهية المتغيرات وقوانين تطورها والمتحكمة بمساراتها الدقيقة والمعدة لأهم أدواتها والمدركة لحقيقة المبدأ الثابت المعلن في أدبيات الحركة الصهيونية: * إسرائيل ستواصل الوجود.. وخصومها لن يستسلموا!! والفلسفة العدوانية ستبقى الدليل الفكري الذي يحرك عقول ساسة إسرائيل المتمادين في لعبة الحرب والموت الدائرة بلا انقطاع في عالم لن يعرف الاستقرار أبدا، والهدف الإسرائيلي المرسوم في ظل المتغيرات الجذرية الدولية الكبرى.. هو لعب دور سياسي واقتصادي وعسكري أكبر في الشرق الأوسط بعد إنجاز المخطط الأمريكي الاستراتيجي باحتلال العراق وامتداد الهيمنة المطلقة على دول الخليج العربي، مما يدعو إلى تطوير القدرات العسكرية وتنفيذ مفاهيم جديدة للردع الاستراتيجي في إطار تحديث العقيدة العسكرية الإسرائيلية. ويكشف الإطار العام للتخطيط الصهيوني في فاتحة الألفية الثالثة عن إعادة هيكلة الجيش الإسرائيلي وبناء مقوماته وتكثيف عناصر القوة فيه ليصبح جيشا أصغر حجما وأشد قوة وأكثر سرعة يجمع في تكنيكاته بين كفاءة القتال والقدرة في الحسم السريع.