أضحى الكثير من الأفراد في الوقت الحالي يؤمن بقدرة الطب البديل على علاج العديد من أمراض العصر التي استعصت بعض الشيء على الطب الحديث والعمليات الجراحية، فتجد الأفراد يتهافتون على محلات الأعشاب بعدد من ولايات الجنوب الجزائري حيث تحول بائعو الأعشاب إلى أطباء من دون شهادات يتحايل بعضهم على المرضى بوصفات باهظة الثمن، من خلال استغلالهم لجهل المرأة بالجنوب الجزائري، إذ يدعي هؤلاء العلاج بالرقية الشرعية ووصل الحد ببعضهم إلى بيع الآيات القرآنية وقبض أثمانها. صحيح أن بعض الأعشاب الطبية وبعض الخلطات التي جربت وأعطت نتائج باهرة في التخفيف أو حتى القضاء نهائيا على بعض الأمراض، لكن يكون تأثيرها في المقابل على صحة الأفراد سلبيا، حيث يتحدث الشيخ مصطفى صاحب 70 سنة في هذا الصدد عن قصة عجوز في السبعينيات من عمرها قصدت أحد باعة الأعشاب في سوق الوادي، والذي يدعي حسبه العلاج بالرقية الشرعية، وكانت العجوز تعاني من بعض الآلام في الركبة، وبعد قراءته لبعض الآيات القرآنية أعطاها خلطة من الأعشاب، التي أضرت بصفة مباشرة بمعدتها وأدخلتها المستشفى حيث أخضعها الأطباء لإجراء عملية غسل المعدة، لأنها ببساطة تعرضت لتسمم نتج عن إحدى هذه الأعشاب، وفي الأخير تحصل هذا الطبيب المحتال على أجرته دون نقصان وكاد يتسبب في مقتل العجوز. ويضيف الشيخ مصطفى بأن هذه الحوادث تتكرر دائما لأن مثل هؤلاء الأفراد هم كثر في المجتمع، حيث ينشطون دون رقابة من السلطات، فليس كل من لديه سجل تجاري لبيع الأعشاب فهو طبيب معالج. كما أن سذاجة الأشخاص هي من تتسبب في كثرتهم، فمن غير المعقول - حسبه - الامتناع عن التوجه إلى الأطباء المتحصلين على شهادات وطلب الشفاء من نصابين ومحتالين يدّعون العلاج مقابل مبالغ طائلة. إذا كان طلع النخيل يداوي العقم فستنجب النخلة بشرا أما السيد علي، أستاذ شريعة، فيقول بأنه صحيح يقال إن هناك العشرات من الأعشاب الطبية التي أثبتت نجاعتها في القضاء على بعض الأمراض، لكن بالمقابل يضيف بأنها يجب أن تمر على المخابر الطبية وبعد تحليلها واستخلاص منافعها تؤخذ بطرق علمية وبمقادير محددة، لأن الزيادة والإفراط في بعضها قد يخلف أعراضا سلبية. ويذكر بأنه سمع هذه الأيام عن وجود العديد من الأشخاص الضعاف جنسيا وعديمي الإنجاب يتهافتون على طلع النخيل الذي وصلت أسعاره إلى مبالغ خيالية، حيث يؤخذ غبار الطلع الخاص بالنخيل وتضاف إليه بعض الأعشاب الأخرى وتتناول بغرض التقوية الجنسية أو حتى الإنجاب، تاركين حسبه عيادات الأطباء الأخصائيين ويؤمنون بتفاهات مثل هذه، فإذا كان طلع النخيل يتسبب في إنجاب الأطفال فسوف تتحول النخلة إلى إنجاب البشر، وإلا فكيف لطلع النخيل أن يعالج العقم؟! ومع هذا يضيف أيضا “أنا لست ضد التداوي بالأعشاب ولكن بصفة علمية وبمقادير تحددها المخابر العلمية”. العلاج بالكي قد يسبب سكتة قلبية أو تعفن الأعضاء هناك علاج من نوع آخر يكثر التردد عليه خلال الآونة الأخيرة دون الاستعانة لا بالأعشاب وبلا بالرقية، ألا وهو العلاج بالكي، حيث يوجد العديد من الشيوخ في بعض مناطق الوادي على غرار منطقة هبة بالرقيبة ممن يعالجون المريض بالكي ويستعملون وسائل بدائية تقليدية في هذه العملية، فبمجرد قدوم المريض سواء كان مكسورا أو يحس ببعض الآلام في العظام، يبدأ الشيخ في تسخين قطع من الحديد على النار وبعد تحديد مكان الإصابة أو الضرر يستعين بشخصين من ذوي البنيات القوية لتثبيت المريض، ثم يضع الحديد الساخن قطعة بعد قطعة على جلده حتى يتصاعد الدخان. وتجري هذه العملية دون تحاليل مسبقة أو اطلاع على الحالة الصحية للمريض إن كان مصابا ببعض الأمراض المزمنة على غرار السكري أو القلب أو غيرها فيستطيع هذا الكي مثلا أن يتسبب في قطع الأعضاء المكوية خاصة إذا لم تشفى وتتعفن من شدة الحرق، أو قد يتسبب للمريض في سكتة قلبية إذا لم يستطع المريض المقاومة خاصة إن كان مريضا بالقلب وهكذا، كما يقبض هذا الشيخ نظير كيّه للأفراد مقابلا ماديا معتبرا. ومما سبق، يبدو واضحا أن غياب الرقابة على مثل هذه المهن الحرة يبقى أكثر شيء وراء لهف بعض “الدجالين” عليها مستغلين في ذلك نقص الثقافة لدى شريحة كبيرة من سكان الجنوب خاصة النساء.