أطلقت وزارة الثقافة والفنون، أمس، خلال حفل رسمي كتابها الموسوعي الفاخر "سفينة المالوف.. مدرسة قسنطينة" (13 نوبة وسولفاج)، هو الأوّل من نوعه في الجزائر إذ يحمل قيمة فنية وتاريخية ضخمة تمثل مرجعا للباحثين والفنانين، وقد أشرفت على جمع مادته وتحريرها وتنسيقها وطبعه محافظة المهرجان الدولي الثقافي للمالوف، كما شهدت المناسبة الإعلان عن مشاريع فنية في الأفق، مع وقفة لمهرجان المالوف بقسنطينة في دورته ال13. أشار وزير الثقافة والفنون، زهير بللو، في كلمة ألقاها بالمناسبة إلى أنّ هذا الفن الأصيل، ليس مجرد ألحان شجية أو إيقاعات مطربة، بل هو جزء لا يتجزأ من الهوية الوطنية، وعنوان بارز من عناوين الشخصية الجزائرية، وسفيرها في المحافل الدولية، لافتا إلى أنّ الوزارة شرعت في بناء بنك وطني شامل للبيانات التراثية، ليكون مرجعا جامعا لمختلف الممارسات والعناصر المنتشرة في ربوع الوطن. صرّح الوزير أيضا أنه تم استحداث 19 مدرسة للموسيقى الأصيلة لفائدة الناشئة عبر 19 ولاية، إضافة لتشجيع ومرافقة الجمعيات، كما استعرض الجهود المبذولة والمتواصلة اليوم لإعداد ملف متكامل لترشيح المالوف وإدراجه ضمن قائمة التراث الثقافي غير المادي للإنسانية، مؤكّدا "أنّ هذا المسعى ليس ترفا، بل هو واجب وطني، لأنّه يضمن استمرارية هذا الفن ويحميه من التهميش والاندثار"، ووعد أيضا أنه سيكون هناك تصنيف مستقبلا لفن الشعبي والحوزي إضافة لأنواع أخرى من تراثنا غير المادي بالتعاون مع الجمعيات والخبراء. أضاف السيد بللو أيضا أنّ هذا الملف الذي يعدّ ثمرة أبحاث علمية وتوثيقات دقيقة، سيضمّ كلّ عناصر هذا الفن الأصيل، النوبات الثلاثة عشرة لمدرسة قسنطينة، الآلات الموسيقية المرافقة، النصوص الشعرية الموروثة، وأساليب الأداء التي تناقلها الأساتذة والمشايخ عبر الأجيال، مستحضرا بالمناسبة ما تم تصنيفه في قائمة التراث العالمي واصفا هذه النجاحات على أنّها دليل حيّ على أنّ الدولة جادة في نهجها، ثابتة في استراتيجيتها، ومؤمنة بأنّ الثقافة هي خط الدفاع الأوّل عن الأمة وهويتها. من ضمن ما جاء في كلمة السيد الوزير أنّ "السياسة الثقافية للدولة، المستمدة من الخيارات الكبرى لرئيس الجمهورية، تؤكّد أنّ الثقافة ليست ترفا، وإنّما هي عماد الهوية الوطنية، ووسيلة لتعزيز الوحدة، وجسر للتواصل مع العالم، ولذلك تواصل وزارة الثقافة والفنون، بدعم من شركائها في قطاعات وهيئات ومؤسّسات، العمل على تثمين التراث الوطني عبر المهرجانات الكبرى، والملتقيات العلمية، والمشاريع التوثيقية، والمهرجان الدولي لموسيقى المالوف، الذي ينظّم بانتظام في قسنطينة، هو خير شاهد على هذا الالتزام، إذ يجمع الباحثين والفنانين والجمهور حول هذا الفن الراقي في صورة تعكس غنى الجزائر وتنوّعها"، مردفا بالقول "إنّنا إذ نحتفي اليوم بهذا الكتاب، فإنّنا لا نوثّق لفن فحسب، بل نرسّخ ذاكرة حيّة تنبض بروح الأجداد، ونصوغ للأجيال القادمة هوية أصيلة محفوظة ومثمّنة، لتظلّ الجزائر شامخة بتراثها، قوية بانتمائها، وراسخة في وجدان الإنسانية كأمة صنعت تاريخها بالعلم والفن والحضارة". أما محافظ مهرجان المالوف الفنان إلياس بن باكير فقال إنّ الكتاب ثمرة جهد جماعي أشرفت عليه لجنة علمية احتكمت للمرجعية التاريخية، ودام عملها عاما كاملا، ليعرض بعدها شريط مصور عن مهرجان المالوف بقسنطينة وتاريخ هذا الفن وشيوخه ونجومه. كما أبرز رئيس لجنة التدوين للكتاب البروفيسور عبد الله حمادي تاريخ هذا الفن منذ عهد ابن باجة، مؤكّدا شحّ المصادر لكن الكتاب يبقى قاعدة لانطلاق البحوث العلمية. بعدها تسلم وزير الثقافة النسخة الأولى من الكتاب بحضور العائلة الفنية منها الشيخ محمد حامة فنان المالوف المعروف وكذا سفير اليابانبالجزائر. تم بالمناسبة تكريم الدكتور حمادي وأعضاء لجنته وهم عبد المليك مرواني ومحمد ضرباني بن ثابت وشويب عبد الحكيم ومهدي بقاوة وعبد الحكيم بن شفة، مع تكريم خاص من الوزير للشيخ محمد حامة ، ليختتم الحفل بوصلة موسيقية من المالوف (نوبة الزيدان) من أداء جمعية الوصال تحت قيادة سيف الدين طورش.