تعززت ولاية سطيف، مؤخرا، بعدة مشاريع للنهوض بالمشهد الثقافي بالمنطقة، لكن حسب المتتبعين لهذا الشأن، لم تفلح في ذلك نظرا لغياب الآليات الفعالة، لاسيما التأطير، إذ لا تزال معظم هذه المشاريع التي التهمت الملايير هياكل بلا روح، في حين تحولت منشآت أخرى إلى أماكن مفضلة للمنحرفين. ذكر متتبعون أن مشروع ال 60 مكتبة المجهزة بكل الوسائل اللازمة والكتب التي وزعت على تراب الولاية، أي بمعدل مكتبة في كل بلدية، يشكل نقطة سوداء بفشله المريع إذ لاتزال منها نسبة 70 بالمائة غير مستغلة، خصوصا في المنطقة الشمالية للولاية، إذ طالب على سبيل المثال سكان بلدية تالة إيفاسن من السلطات المعنية بالتعجيل في فتح المكتبة التي أنجزت منذ ما يزيد عن تسعة أشهر، خاصة أن المنطقة تفتقر إلى المنشآت الثقافية الأخرى، لكن الأمر لازال يراوح نفسه إلى غاية كتابة هذه الأسطر، والأمر الذي أثار حفيظة المواطنين هو استغلال قاعات المحاضرات لهذه المكتبات في الحملات الانتخابية خلال التشريعيات الماضية كفضاءات لإقامة التجمعات الحزبية.ويتوقع السكان أن يعاد هذا السيناريو خلال حملة المحليات قبل أن تستغل لأغراضها التي من أجلها أنجزت، في حين بسبب تأخر عملية استغلال هذه الهياكل تحولت معظمها إلى أماكن مفضلة للمنحرفين، هذه المكتبات التي من شأنها أن تنعش هذه البلديات من حيث فتح مجالات وفضاءات للشباب قصد الإبداع واكتشاف المواهب، لم يتم فتحها لأسباب تختلف من منطقة إلى أخرى، رغم أن إشكال تسييرها الذي كانت تتحجج به مصالح البلديات قد تم الفصل فيه، إذ أوكل إلى البلديات تسيير 52 مكتبة، في حين تبقى 8 منها تحت تسيير مديرية الثقافة.وأرجع بعض المسؤوليين المحليين عجز البلديات عن تسيير الهياكل الثقافية إلى غياب أطر لتنظيم الإبداع وتأطير المواهب، لاسيما في المناطق المعزولة، وهو ما حدث في بلدية بوڤاعة التي تضم أكبر تجمع شعبي بالمنطقة الغربية للولاية، والتي تدعمت خلال السنوات الأخيرة بمركز ثقافي تتوفر فيه كامل المستلزمات، لكنه ظل حسب المتتبعين هيكلا بلا روح، بعيدا عن رهانات وطموحات شبان المنطقة. وكشف العديد من المواطنين ل”الفجر” أن هذا المركز أضحى عبارة عن مكان لالتقاء عدد من الشبان المدمجين في إطار عقود ما قبل التشغيل، هذا الصرح الذي وقف عليه والي الولاية خلال زيارته مؤخرا للمنطقة ألح على ضرورة تفعيل آليات استغلاله بما يخدم الشباب واحتوائهم عن طريق تكثيف النشاطات وتنويعها وفتح الباب أمام الجمعيات النشيطة والشبان، مادام هذا الصرح الثقافي يعد الأكبر من الناحية الهيكلية على مستوى الولاية.وعبّر شباب المناطق المجاورة لبلدية بوڤاعة عن نفاد صبرهم، بعدما دخلت مدة توقف إنجاز مشروع دار الشباب الذي استفادت منه البلدية مؤخرا عامها الثاني، والذي كان مقررا أن يجسد على خراب المركز القديم، ليجد السكان بذلك أنفسهم قد فقدوا الاثنين معا. ورغم اعتبار هذا المشروع ينتمي إلى قطاع خارج عن نطاق مصالح الثقافة، لكنه في الواقع محل الأنظار لأن يغطي المجالين بعد تجسيده، على اعتبار طموحات الشباب المطلعة إلى ذلك من جهة وكذا افتقار المنطقة إلى مرافق التكفل بالشباب من جهة أخرى، لكن هذا المشروع الذي خصصت له المصالح المعنية أزيد من 7 ملايير سنتيم، توقفت أشغاله منذ ما يزيد عن العام والنصف تاركة وراءها الكثير من التساؤلات بين سكان المنطقة، خصوصا أن المشروع جاء من أجل التكفل الأمثل بشباب المنطقة، في ظل العجز الذي يعرفه المركز القديم الذي لم يكن في مستوى طموحات شبان المنطقة. وأمام هذه الحالات وغيرها يعترض بعض المتتبعين على مقترحات المصالح الولائية، التي كشفت مؤخرا عن وجود دراسة لتدعيم المشهد الثقافي بهياكل أخرى، خاصة المراكز الثقافية بكل من الجهة الشرقية والجنوبية، حيث أكد هؤلاء على ضرورة اتخاذ كامل الترتيبات بما فيها وضعية المشهد الحالي التي لم تكن في مستوى الإمكانيات المتاحة والهياكل المجسدة، وضرورة الكشف عن الخلل قبل الانتقال إلى تجسيد العمليات الأخرى.