ورد اسم" الخَالق" في أحد عشر موضعاً في القرآن قوله تعالى: (هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ) (الحشر: 24). وقوله تعالى: (فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ) (المؤمنون: 14). وقوله تعالى: (أَفَرَأَيْتُم مَّا تُمْنُونَ * أَأَنتُمْ تَخْلُقُونَهُ أَمْ نَحْنُ الْخَالِقُونَ) (الواقعة: 58-59). وغيرها من الآيات. وجاء الاسم بصيغة المبالغة مرتين: في قوله تعالى: (إِنَّ رَبَّكَ هُوَ الْخَلاَّقُ الْعَلِيمُ) (الحجر:86)وقوله سبحانه: (بلى وهو الخلاق العليم) (يس:81). معنى "الخالق" و"الخلاق" تبارك وتعالى: الخَلْقُ يُراد به الإيجاد والإبْداع تارة، والتقدير تارة أخرى، فمَن الآيات التي تدلُّ على المعنى الأول: قوله تعالى: (أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا خَلَقْنَا لَهُمْ مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَا أَنْعَاماً فَهُمْ لَهَا مَالِكُونَ) (يس:71). وقوله تعالى: (إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ) (القمر: 49). ولو كان الخَلق هاهنا عبارة عن التقدير، لصار معنى الآية: إنَّا كل شيءٍ قدّرناه بقدر، فيكون تكريراً بلا فائدة. وكذا قوله تعالى: (وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيراً) (الفرقان:2) فلو كان الخَلْق عبارة عن التقدير؛ لصار معنى الآية: وقدّر كل شيءٍ فقدّره تقديراً. وكذا قوله تعالى: (كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُّعِيدُهُ) (الأنبياء: 104). فلا يليق بلفظ الخلق هنا إلا الإيجاد. وقوله تعالى: (هَذَا خَلْقُ اللَّهِ فَأَرُونِي مَاذَا خَلَقَ الَّذِينَ مِن دُونِهِ) (لقمان: 11). مثلها أيضاً في المعنى، بل قد جاءت بعض الآيات ذُكِر فيها الخلق مقروناً باليد؛ كقوله تعالى: (قَالَ يَا إِبْلِيسُ مَا مَنَعَكَ أَن تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ) (ص: 75). وقال الحُليمي: قال الله عز وجل: (هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ) (فاطر:3). ومعناه: الذي صَنَّف المُبْدعات، وجعلَ لكلِّ صِنْفٍ منها قَدْراً، فوُجد فيها الصغير والكبير؛ والطويل والقصير، والإنسان والبَهيم والدّابة والطائر، والحيوان والموات، ولا شك في أن الاعتراف بالإبْداع؛ يَقْتضي الاعتراف بالخَلْق، إذْ كان الخَلْق هيئة الإبْداع؛ فلا يُغني أحدُهما عن الآخر.