في لحظة مشبّعة بالرموز والدلالات الثقافية، تستضيف عنابة فعاليات الأسبوع الثقافي لولاية الجلفة، إلى غاية 6 أوت الجاري، في تظاهرة تُعيد الاعتبار لجماليات التراث الجزائري المتنوّع، وتفتح نوافذ التبادل الثقافي بين عمق الهضاب العليا وساحل المتوسط. استُهلّ الافتتاح الرسمي بمعرض مميّز أقيم بالمسرح الجهوي "عز الدين مجوبي"، ضمّ أجنحةً عديدة تروي فصولًا من الذاكرة الشعبية الجلفاوية، منها جناح اللباس التقليدي النسوي كالقشابية والملحفة المطرزة، وآخر خاص باللباس الرجالي كالبرنوس والجلابية، إضافة إلى فضاء زاخر بالصناعات التقليدية من فخار ومنسوجات وأوانٍ منجَزة يدوياً، فضلًا عن جناح ثريّ يعرض تراثيات الجلفة. يرافقه ركن للفنون التشكيلية والصور الفوتوغرافية التي تلتقط روح البادية، وجمال سكونها. وسيتواصل البرنامج الثقافي خلال بقية أيام الأسبوع، بسلسلة من الأنشطة النوعية التي تعكس عمق الهوية النايلية، من بينها محاضرة علمية ستُقام بالقاعة الشرفية للمسرح الجهوي، مخصّصة للتعريف بالتراث النايلي، وأبعاده الموسيقية والاجتماعية في النسيج الثقافي الوطني. كما سيشهد فضاء سيدي سالم عروضا فلكلورية للبارود والفنتازيا تنشطها الجمعية الولائية "أشبال نايل"، في لوحات فنية تُحاكي الفروسية والاحتفال القبَلي القديم، وسط تفاعل منتظر من جمهور عنابة المتعطّش للتقاليد الأصيلة. وسيقام في إحدى سهرات الأسبوع ملتقى شعري بعنوان "من واحات الجلفة إلى بلاد العنّاب"، يجمع شعراء من الجهتين. تتخلّله فواصل موسيقية مميّزة تقدّمها فرقة بلدية سرايدي، التي ستستقبل، أيضا، وفد الجلفة في زيارة سياحية لاستكشاف معالمها الجبلية، وسحرها الطبيعي. كما سيستفيد الضيوف من جولة سياحية ثقافية عبر أبرز معالم عنابة التاريخية، من مدينة هيبون الأثرية إلى بازيليك القديس أوغسطين، مرورا بكورنيش سرايدي، وأسواق المدينة القديمة، في تجربة تنسج جسورا من المحبة والمعرفة بين ضيف الجنوب ومدينة الشرق. وبهذا الزخم الثقافي، يتحوّل الأسبوع الثقافي للجلفة بعنابة إلى مشهدٍ حيّ يكرّس التلاحم بين ولايات الوطن، ويثبت أن للتراث قدرة فريدة على جمع القلوب، وإنعاش الذاكرة الجماعية برائحة الأصالة، وعبق الأرض.