الألعاب الإفريقية المدرسية: الجزائر تتغلب على أوغندا (1-1, 3-0 بركلات الترجيح) وتبلغ النهائي    الألعاب الإفريقية المدرسية (الجيدو- فردي): المنتخب الوطني يجدد سيطرته ويتوج بثمانية ذهبيات في منافسات اليوم الثاني    وزارة الثقافة والفنون تنظم ورشة تكوينية دولية حول التراث العالمي بالاشتراك مع صندوق التراث العالمي الإفريقي    الخطوط الجوية الداخلية تشرع في النّشاط خلال أيام    شباك موحد خاص ب"قرض الرفيق"    مبادرة آرت 2 : الإعلان عن حاملي المشاريع المبتكرة في الصناعات الثقافية والإبداعية    ارتفاع حصيلة ضحايا المجاعة وسوء التغذية إلى 169 شهيد    سلسلة توثيقية تفضح الشركات متعددة الجنسيات في نهب ثروات الصحراويين    تصعيد الضغط على المخزن يتواصل    حماس تكذب ويتكوف:لن نتخلى عن السلاح إلا بإقامة دولة فلسطينية مستقلة    المؤتمر العالمي لرؤساء البرلمانات:بودن يدعو الى إعادة التوازن لمنظومة العلاقات الدولية    سفير جمهورية لبنان : زيارة الرئيس اللبناني إلى الجزائر "كانت ناجحة ومميزة"    التقشف ضرورة.. الفاف يهدد وقرارات تاريخية منتظرة    "فنار" عنابة.. الحارس الملازم لمكانه منذ قرن ونصف القرن    اعتراف دولي بمكاسب الجزائر الاقتصادية الاستثنائية    اختتام التظاهرة الثقافية بانوراما مسرح بومرداس..تقديم 55 عرضًا مسرحيًا على مدار أسبوع كامل    وزير الثقافة يزور الفنان القدير "قنا المغناوي" للاطمئنان على صحته    سحب فوري للترخيص ومنع الوكالات من تنظيم العمرة في هذه الحالات    "الخضر" يضبطون ساعتهم على لقاء أوغندا    المنتخب الوطني يتوج باللقب العربي    الألعاب الإفريقية المدرسية: المنتخبان الوطنيان للكرة الطائرة الشاطئية (إناث وذكور) يتوجان بالميدالية الذهبية    الوادي : تجسيد مشروع تدعيم الرحلات الجوية الداخلية خلال الأيام القادمة    عمار طاطاي مربي الأفاعي والتماسيح يُبهر زوار "نوميديا لاند"    شركة إسمنت عين التوتة تْشيد بنتائج النوابغ    وهران تكرم المتفوقين في البكالوريا والمتوسط    المحامي سعيد موهوب... المعاق الذي يرافع من أجل الأصحاء    الجلفة تنزل بزخمها ضيفة على عروس الشرق عنابة    أمواج دوّاس تعرض "الفتنة القرمزية"    سؤال واحد أعادني إلى رسم تراث منطقة القبائل    النخبة الوطنية في مهمة مواصلة السيطرة    بوغالي يتمنّى مزيداً من النجاحات    فنلندا تستعد للاعتراف بفلسطين    متخصصة في الاقتصاد الطاقوي..عرقاب يستقبل البروفيسور ليلى شنتوف الباحثة الجزائرية    ضبط 600 قرص مهلوس بالسوقر    في مجال الإسعافات الأولية..تكوين أزيد من 170 ألف مواطن خلال السنوات الاخيرة    البنك الدولي : إدراج الجزائر ضمن الشريحة العليا من البلدان متوسطة الدخل    مظاهرة في ستوكهولم للمطالبة بوقف الإبادة الصهيونية في قطاع غزة    تصعيد الضغط على المخزن من أجل وقف استقبال سفن الإبادة الصهيونية في الموانئ المغربية    تجارة : تكثيف الرقابة على المواد الغذائية وشروط السلامة الصحية عبر الوطن    الفريق أول السعيد شنقريحة يترأس حفل تكريم أشبال الأمة المتفوقين في شهادتي البكالوريا والتعليم المتوسط    سلسلة توثيقية جديدة تفضح الشركات متعددة الجنسيات المتورطة في نهب ثروات الشعب الصحراوي    تفكيك شبكة إجرامية وضبط أكثر من 178 ألف كبسولة مهلوسة بالجلفة    13 وفاة و504 إصابة خلال 48 ساعة بسبب حوادث المرور والغرق والتقلبات الجوية    إبداعات تشكيلية تضيء جدران المتحف الوطني للفنون الجميلة    وزارة التربية تعلن عن تغيير مقر إيداع ملفات المصادقة على الوثائق المدرسية    هذه تفاصيل عطلة الأمومة..    واضح يُشدّد على التعريف أكثر بمفهوم المقاول الذاتي    ناصري يُطلق نداءً لوقف إبادة الفلسطينيين    دعم التعاون بين الجزائر وزيمبابوي في صناعة الأدوية    تمديد أجل إيداع وثائق استيراد وسائل التجهيز والتسيير إلى غاية 15 أغسطس الجاري    راجع ملحوظ في معدل انتشار العدوى بالوسط الاستشفائي في الجزائر    من أسماء الله الحسنى.. الخالق، الخلاق    فتاوى : الترغيب في الوفاء بالوعد، وأحكام إخلافه    غزوة الأحزاب .. النصر الكبير    جعل ولاية تمنراست قطبا طبيا بامتياز    السيدة نبيلة بن يغزر رئيسة مديرة عامة لمجمع "صيدال"    الابتلاء.. رفعةٌ للدرجات وتبوُّؤ لمنازل الجنات    رموز الاستجابة السريعة ب58 ولاية لجمع الزكاة عبر "بريدي موب"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



انفصال الحنطة عن الزؤان
نشر في الفجر يوم 31 - 01 - 2013

لا أدري إذا كان باستطاعة اليساريين والديمقراطيين والمثقفين الذين يحرضون الإسلاميين على تحطيم الدولة السورية حتى لو أقتضى ذلك ”قتل ثلث وتشريد ثلث آخر من السوريين”، الاستمرار طويلا، في تغطية هوية اللاعبين الحقيقيين الذين أوصوا بالحرب على سوريا، فحشدوا لها الغوغاء وقدموا لهم الأموال والسلاح.
ليس مستغربا أن لا يفطن الجهلة إلى الأسباب الكامنة وراء إعطائهم السلاح على اختلاف أنواعه وإغداق الأموال عليهم. وأن يتوهمّوا أن الفرصة سانحة لإقامة دولة ”إسلامية” على أنقاض سوريا ”كعبة العرب”. فأغلب الظن أن ”الجهاديين” الذين غرّر بهم الوهابيون والإخوان المسلمون، وجلّهم مسلمون لم يقرأوا القرآن، أصابهم ما أصاب يهود اليمن فوقعوا في نفس المصيدة التي وقع فيها هؤلاء الأخيرون على يد عملاء الوكالة اليهودية، الذين أبهروا إمام اليمن يحيى وسلاطين الجنوب بهداياهم، فسمحوا بأن يُنقلَ اليهود اليمنيين، بالطائرات من عدن التي كانت ما تزال تحت سلطة بريطانية، إلى فلسطين. بعد أن أوهموهم بأن ”زمان ظهور المسيح” قد حان، وأن دافيد بن غوريون، هو نفسه ”دافيد” التوراتي الذي بعث ليقيم ”المملكة”، وأن الطائرة البيضاء التي تنتظرهم، هي ”حمار المسيح” ذو الجناحان الذي سيحملهم إلى أسرائيل (لطف الله سليمان).
من البديهي أن الحكومات في الولايات المتحدة الأمريكية وإنكلترا وفرنسا، لن تسمح لجبهة النصرة التي أنشأها الوهابيون والإخوان المسلمون، لتكون رأس حربة حركة التمرد في سوريا، بالإستيلاء على السلطة في هذه البلاد، ولكنها في الوقت نفسه، ستبذل أقصى ما في وسعها، وما في وسعها طاقات هائلة، حتى تصمد هذه الجبهة أطول مدة ممكنة، فلا يضيرها إذا أنهارت الدولة، وتجزأت سوريا. إن الحكومات الآنفة الذكر لا تخشى الدول الفاشلة التي يتنازع أقاليمها وبلداتها أمراء الجماعات الإسلامية. ذلك لأن الأخيرين ليس بأمكانهم سوى الإزعاج بين الفينة والفينة، في فترات العطالة، طلبا للفدية. ولكن لدى المستعمرين من الأموال ما يلزم لإخماد غضبهم، فضلا عن احتياجهم المتزايد لخدمات الإخيرين في حروبهم في ”بلاد العرب والإسلام”. هذه الحروب هي ذاتية التمويل. كما هو معروف يتكفل بنفقاتها حكام قطر والسعودية. بمعنى آخر أن إسقاط الدولة على يد هذه الجماعات التي تطرق أبواب الحاضر العربي بذهنية القرون الوسطي وبسلاح متطور تقدمه دول الغرب الديمقراطية والإستعمارية، لا يعدُ في نظر هذه الدول أنتصارا، يحسب له حساب. ومهما يكن فإن المقارنة بين قدرة هذه الجماعات على الإزعاج من جهة وما تمثله الدولة السورية كما كانت قبل الأزمة الحالية وكما صارت الآن وما ستكون عليه حتما، إذا تمكنت من ذود عصابات الإسلاميين عن أرضها، من خطر على حسن سير تنفيذ المشاريع الإستعمارية ، وبخاصة الإسرائيلية منها من جهة ثانية، هذه المقارنة هي من نوع مقارنة مشابهة واجه بها السياسي زبينييف برززينسكي مستشار الرئيس الأمريكي كارتر، وأحد مهندسي حرب أفغانستان ضد الإتحاد السوفياتي، الذين ألقوا عليه بمسؤولية ظهور الإرهاب الإسلامي نتيجة لهذه الحرب، فقال هذا السياسي أن إرهاب القاعدة لا يساوي شيئا في كفة الميزان مقابل الفوائد التي حصلت عليها بلاده من أنهيار الإتحاد السوفياتي. والرأي عندي أنه في المسألة السورية يمثل أنهيار الدولة مفتاح المنطقة العربية، ليس أمام الهيمنة الأمريكية وحسب ولكن أمام عنجهية وعنصرية المستعمرين الإسرائيليين أيضا.
تجدر الملاحظة في هذا السياق، أن المستعمرين الذين يطردون الناس ويحتلون أرضهم، مثلهم كمثل الذين جمعوا أموالا طائلة بطرق غير شرعية، فأفقروا فئات اجتماعية واسعة، يحيطون الأرض التي اغتصبوها هنا والقصور التي شيّدوها هناك، بجدران فصل، عنصرية كما هو الحال في فلسطين، واجتماعية كما هو الحال حيث يطغى الرأسمال الليبرالي المتغوّل فيُلغي حقوق المواطن في العمل والمدرسة والطبابة ويفاقم اللامساواة. ذلك بقصد عزل اللاجئيين والفقراء ومنعهم من ”الإزعاج”. لقد أدانت المحكمة الدولية قيام اسرائيل ببناء جدار الفصل العنصري في الضفة الغربية، وحكمت على هذا الدولة العنصرية بأنه يتوجب عليها هدمه. طبعا لم تمتثل إسرائيل ولم تؤاخذها الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا وفرنسا، والتطبيعيون في مصر وقطر،لأنها رفضت تنفيذ الحكم. فكانت حجتها أن الجدار هو متراس ضد الهجمات ”الإرهابية”. المقاومة في قاموس المستعمرين إرهاب. مثلما أن حركات المنبوذين في ضواحي المدن في اوروبا وأمريكا، احتجاجا على أبعادهم عن مراكز المدن وعن الأحياء التي يسكنها الأغنياء، هي في فهم هؤلاء الأخيرين وسلطتهم تصرفات أوغاد وسوقة، تتطلب معالجتها الحصار والتطهير ”بالمنظفات”. المطلوب إذن فشل الدولة في سوريا.
من البديهي أن المستعمرين يلجأون إلى الجدران لدفع اللاجئيين والضعفاء والبؤساء. فارتفاع أعداد هؤلاء الأخيرين يدل على فشل السياسة الاجتماعية المطبقة في البلاد، وعلى تردي أخلاق الفئات الحاكمة. هذا يؤدي إلى انحراف السياسة الاقتصادية، أو إلى غيابها بالكامل لصالح الحيتان وأسماك القُرْش. وإذا اشتدت الضيق تحولت الدولة إلى دولة فاشلة. جملة القول أن إفشال الدولة في سوريا، يعني زوال خطر الجيش العربي السوري، المحتمل على اسرائيل، وإخلاء سوريا من أنواع السلاح التي تسقط جدران الفصل وتصيب أهدافها. فالغاية من الجدران هي فرض الأمر الواقع بالقوة. بتعبير آخر فرض التطبيع بالقوة.
ما أود قوله، بعد هذه التوطئة المطولة، هو أن الوقائع تثبت بالملموس، أن الحكومات الغربية لم تلتزم بقرارات مجلس الأمن الدولي. في العراق وليبيا ومالي. عندما تشجع هذه الدول الإرهابيين على دخول دولة كمثل سوريا، فإنما تقدم على هذه الفعلة لتتذرع بوجودهم من أجل العمل بشتى الوسائل على تحويل هذه الدولة إلى دولة فاشلة. هذا يعني استطرادا أن بقاء هذه الأخيرة يعرقل خطط هذه الحكومات. لا جدال في السياق نفسه، أن حكام قطر والسعودية وتركيا والعصابات الإسلامية جميعا، هم جزء من التشكيل العسكري الذي أعدّ لضرب سوريا. وتأسيسا عليه، لا حرج في القول الذين ذُكروا أعلاه ممن يسخفون ”الممانعة والمقاومة” ويظهرون حماسة تثير الريبة، ويسمون إرهاب جماعات الوهابيين وجرائم عصابات الإخوان المسلمين ثورة، يرضيهم أن تتحول الدولة في سوريا إلى دولة فاشلة.
خليل قانصو/ باريس


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.