الجزائر تجدد ثبات مواقفها الدبلوماسية دعماً للقضايا العادلة وفي مقدمتها فلسطين والصحراء الغربية    رئيس الجمهورية: الجزائر تدخل مرحلة اقتصادية حاسمة بديناميكية استثمارية غير مسبوقة    النعامة: مشاركة أكثر 1000 شاب في المخيم الإفريقي للتواصل الشباني    بشار.. وضع جهاز للوقاية والإسعاف والتدخل على الطريق الوطني رقم 110    تمديد الإعفاء من التأشيرة لفائدة أفراد الجالية الوطنية بالخارج إلى غاية 31 ديسمبر 2026    37 وفاة و1294 جريحًا في حوادث المرور خلال أسبوع عبر عدة ولايات    نرفض بشكل قاطع أيّ إجراءات أحادية الجانب    حماس: لن تُكسر إرادتنا    عجال يُشدّد على احترام الآجال    تسجيل 80 شراكة تنفيذية خلال 2025    شهيد الأمّة    تنصيب فوج عمل متعدّد القطاعات    شرطة الطارف تفكك شبكات إجرامية وتوقف 11 شخصًا بالذرعان    فحص 18 ملفا, تقرر إحالة 15 ملفا منها إلى السادة النواب العامين    الاتحاد الوطني لطلبة المغرب يدق ناقوس الخطر    مستوطنون صهاينة يستبيحون المسجد الأقصى المبارك    التأكيد على أهمية تعزيز فعالية الرقابة القبلية و البعدية    إعلان تخفيضات على تذاكر الرحلات لشهر رمضان    الذهب يتراجع والفضة تسجل مستوى قياسي    فرصة للتلاميذ لإبراز مواهبهم وشغفهم باللغة العربية وفنونها    التوقيع على عقود لإنجاز ثلاثة مصانع جديدة لتحلية مياه البحر    المشروع يؤسس لتجربة غير مسبوقة في الممارسة الديمقراطية    الإعلان عن الشروع في إنتاج أقلام الأنسولين من الجيل الجديد    الجزائر ستظل ثابتة في التزامها بدعم حلّ إفريقي    الدستور يجب أن يكون مرآة عاكسة لطموحات الشعب    اندمجت بشكل جيد وأنا سعيد بالتأهل    بيتكوفيتش يريد بلوغ آخر محطة في كأس إفريقيا    انجاز مصنع للعجلات المطاطية للمركبات في توقرت    البنك الوطني الجزائري يطلق منصة رقمية لتداول الأوراق المالية    إطلاق منصة رقمية لمتابعة الممتلكات المسترجعة    "القسام" تعلن استشهاد أبو عبيدة    الشتاء القاسي يفاقم المعاناة المستمرة لسكان غزّة    دعوة لاكتشاف الميول الرياضية والتوجيه مبكرًا نحو التفوّق    خط الدفاع الأول لتعزيز جهاز المناعة في الشتاء    مظاهر احتفالات غريبة تغزو المجتمع!    اكتشاف قراء جدد ومواهب متميزة    11 عرضا من 10 دول في المنافسة    القيم الكشفية تدخل المسرح    منظمات إسبانية تستنكر تغليب المصالح على القانون    نجوم "الخضر" يريدون الذهاب بعيدا في "الكان"    انطلاق إنتاج أقلام الأنسولين من الجيل الجديد ببوفاريك في خطوة نوعية لتعزيز الأمن الصحي الوطني    المذكرات الورقية تنسحب من يوميات الأفراد    ملتقى وطني للأدب الشعبي الجزائري بالجلفة    الاستعمال العقلاني للمضادات الحيوية أولوية وطنية في إطار الأمن الصحي    "الخضر" بالعلامة الكاملة في الدو الثمن النهائي    بلومي يُصاب مجدّدا    تيميمون تحتفي بالطبعة 17 للمهرجان الوطني للأهليل وترسخ تراث الواحة الحمراء    سنفعل ما بوسعنا للفوز والإقناع    الاتحاد يقتنص نقطة    دار الثقافة ابن رشد بالجلفة تحتضن الملتقى الوطني الثاني للأدب الشعبي الجزائري    البليدة : افتتاح المهرجان الثامن لموسيقى وأغنية العروبي    تمديد مدة المرحلة الثانية للتلقيح ضد شلل الأطفال    معنى اسم الله "الفتاح"    .. قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا    الرابطة الأولى موبيليس : الكشف عن برنامج الجولة ال14    التقوى وحسن الخلق بينهما رباط وثيق    الجزائر ماضية في ترسيخ المرجعية الدينية الوطنية    صحيح البخاري بمساجد الجزائر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الفرح الممدوح.. والفرح المذموم
نشر في الفجر يوم 30 - 09 - 2013

يقول الله عز وجل في محكم تبيانه: {وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ} [الأنبياء من الآية35]، ففي الناس من يتصور أن الكون فيه مادة خير لن تتحول إلى نقيضها، وفيه مادة شر لا تتحول إلى خير، وأن الله سبحانه وتعالى يستخدم مادة الخير لمن أحب من عباده إنعاماً وإكراماً، ويستخدم مادة الشر لمن أبغض من عباده انتقاماً وتعذيباً. والأمر ليس كذلك، فإن الكون كله جند لله سبحانه وتعالى، والله سبحانه وتعالى يجعل ما يشاء من مُكوناته خيراً يُسَّخره لما أحب، ويجعل مما شاء من مكوناته، شراً يستخدمه أيضاً لما يُحب، ولربما بدل الله سبحانه وتعالى الوظائف فجعل مادة الخير أداةً للشر وجعل أداة الشر مادةً للخير. هذه حقيقة علمية اعتقادية يجب أولاً أن نتبينها جميعاً.
كان المصطفى صلى الله عليه وعلى آله وسلم إذا وجد المطر يهمي من السماء أقبل إلى الله عز وجل بضراعة العبد الواجف يقول: ”اللهم اجعلها سُقيا رحمة ولا تجعلها سُقيا عذاب”، والمطر هو هو لا يختلف ولا يتبدل. ولقد أنحى البيان الإلهي باللائمة على أناسٍ حبسوا أنظارهم، بل بصائرهم أيضاً، في مظاهر المكونات، فلما رأوا ما يخيفهم تصوروا أن الخوف إنما هو محبوس في داخل ذلك الشيء وأنه بطبعه يورث الخوف ويسبب الهلاك، وإذا رأوا ما يتجلى فيه دلائل البِشْر استبشروا وظنوا أنه يحمل بطبعه دِلالة الخير والبشرى، فقال البيان الإلهي مستنكراً ذلك: {وَإِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فِي الْبَحْرِ ضَلَّ مَنْ تَدْعُونَ إِلَّا إِيَّاهُ فَلَمَّا نَجَّاكُمْ إِلَى الْبَرِّ أَعْرَضْتُمْ وَكَانَ الْأِنْسَانُ كَفُوراً، أَفَأَمِنْتُمْ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمْ جَانِبَ الْبَرِّ أَوْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حَاصِباً ثُمَّ لا تَجِدُوا لَكُمْ وَكِيلاً، أَمْ أَمِنْتُمْ أَنْ يُعِيدَكُمْ فِيهِ تَارَةً أُخْرَى فَيُرْسِلَ عَلَيْكُمْ قَاصِفاً مِنَ الرِّيحِ فَيُغْرِقَكُمْ بِمَا كَفَرْتُمْ ثُمَّ لا تَجِدُوا لَكُمْ عَلَيْنَا بِهِ تَبِيعاً} [الإسراء 67-68-69]. تأمل أخي القارئ في هذا الذي يخاطبنا به بيان الله عز وجل، كأنه يقول: ويحكم ليست البشرى إلا ما يهبط إليكم من لدن خالق هذا الكون كله، وليس العذاب إلا ما قد يأتي أيضاً من خالق هذا الكون كله. أما البحار، أما البر والأرض، أما الهواء والرياح، فكل ذلك جنود مجندة لله سبحانه وتعالى، إن شاء وجهها بالخير إلى من شاء من عباده وإن شاء وجهها بالشر والدمار إلى من شاء أيضاً من عباده، وانظروا إلى هذا المعنى كيف يتجلى في الآية الأخرى: {أَفَأَمِنْتُمْ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمْ جَانِبَ الْبَرِّ أَوْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حَاصِباً} [الإسراء: من الآية68]، هذه الأرض التي جعلها الله سبحانه وتعالى تحت أقدامنا مهداً وجعلها ذخراً لكثير من الخيرات الباطنة والظاهرة - وكم امتن الله عز وجل على عباده بنعمة هذه الأرض - ومع ذلك فإن الخير الذي يكمن في هذه الأرض ليس نابعاً من طبعها وإنما هو آتٍ من فضل الله سبحانه وتعالى.
علينا إذن ألا نفرح بالظاهرة الكونية التي نستبشر بمرآها وإقبالها إلينا، وإنما نفرح بفضل الله سبحانه وتعالى {قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ} [يونس58]، نحن عبيد مملوكون لله عز وجل، بسطنا أكف الضراعة إلى الله، استسقيناه فسقانا، استنزلنا كرمه وجوده فأكرمنا وجاد علينا، ما ينبغي - يا عباد الله - أن نُحْجَبَ بالنِّعمة عن المُنعم، ما ينبغي أن تكون فرحتنا بالأمطار التي هطلت، بل ينبغي أن تكون فرحتنا بالكريم الذي أكرمنا، بالإله الرحمن الذي تفضل علينا.
فإذا علمنا أن هذا الذي أكرمنا الله عز وجل به إنما هو رسالة حب من الله، فتسوقنا هذه الفرحة إلى مزيد من العبودية لله وترقى بنا إلى شأوٍ عالٍ من محبة الله سبحانه وتعالى، ولكن إذا رقصت نفوسنا فرحاً بالأمطار السخية وبالثلوج المنهمرة، فإن ذلك هو الفرح الذي نهانا الله عز وجل عنه. ألم تسمعوا قوله على لسان ذلك الرجل الصالح الذي كان ينصح قارونا: {إِذْ قَالَ لَهُ قَوْمُهُ لا تَفْرَحْ إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ} [القصص من الآية76].
فهل في القرآن تناقض، مرة ينهانا عن الفرح ومرة يأمرنا بالفرح؟!
أخي القارئ ليس في القرآن أي تناقض.. فالفرح المذموم فرح الإنسان بالنعمة مفصولة عن المُنعم الذي تكَّرم الله سبحانه وتعالى بها علينا، إنها فرحة تبعث على الطُغيان، فرحة تبعث على الاستكبار. أما الفرحة التي أمرنا الله عز وجل بها إذ قال: {قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا} [يونس من الآية58]، إنها فرحة ترقى بالإنسان إلى صعيد العبودية الراضية لله عز وجل..


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.