بلال بن رباح الحبشي، الصحابي الجليل، صاحبُ الصوت النديّ الذي دوّى في المدينةِ فأشجى القلوبَ وشنّفَ المسامع. بلال الذي خلّده التاريخ، وسطّرت صفحاته أيام صبره وبطولته، وكانت مقولته الشهيرة "أحدٌ أحد" نبراسا لكلّ واقف في وجه كل الظلم والطغيان. وكان بلالٌ رضي الله عنه صاحبَ رسول الله صلى الله عليه وسلم ومؤذنه ومولى أبي بكر رضي الله عنه. بلال بين السبعة الأوائل في الإسلام: وكان رضي الله عنه من السبعة الذين أظهروا إسلامهم أوّل الأمر. وفي الحديث أن أول من أظهر إسلامه سبعة: رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر، وعمار، وأمه سمية، وبلال، وصهيب، والمقداد. قال في ابن عبد البر في كتابه "أسد الغابة":كان من السابقين إلى الإسلام وممن يعذب في الله عز وجل فيصبر على العذاب وكان أبو جهل يبطحه على وجهه في الشمس ويضع الرحاء عليه حتى تصهره الشمس ويقول اكفر برب محمد فيقول أحد أحد فاجتاز به ورقة بن نوفل وهو يعذب ويقول: أحد أحد، فقال: يا بلال أحد أحد، والله لئن مت على هذا لأتخذن قبرك حنانا. صفات بلال بن رباح: حدّث من رأى بلالا رضي الله عنه أنه كان رجلا آدم، شديد الأُدمة، نحيفا، طوالا، أجنأ، له شعر كثير، خفيف العارضين، به شمط كثير. مناقب بلال بن رباح: مناقبه رضي الله عنه جمّة غزيرة. فعن أبي هريرة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لبلال عند صلاة الصبح: حدّثني بأرجى عمل عملته في الإسلام، فإني قد سمعت الليلة خشفة نعليك بين يدي في الجنة. قال ما عملت عملا أرجى عندي أني لم أتطهر طهورا في ساعة ليل أو نهار إلا صليت بذلك الطهور ما كتب لي أن أصلي. ويروى أنه صلى الله عليه وسلم قال: السبّاق أربعة: أنا سابق العرب، وسلمان سابق الفرس، وبلال سابق الحبشة، وصهيب سابق الروم. وعن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لقد أُخِفتُ في اللّهِ وما يُخافُ أحدٌ. ولقد أوذيتُ في اللَّهِ وما يُؤذى أحدٌ. ولقد أتت عليَّ ثلاثونَ من بينِ يومٍ وليلةٍ وما لي ولبلالٍ طعامٌ يأْكلُهُ ذو كبدٍ إلاَّ شيءٌ يواريهِ إبطُ بلال.جاء عن بلال أربعة وأربعون حديثا، منها في " الصحيحين " أربعة، المتفق عليها واحد. وانفرد البخاري بحديثين ومسلم بحديث موقوف. وفاته رضي لله عنه: لمّا حضرت بلالا رضي الله عنه الوفاة قال: غداً نلقى الأحبّة محمدا وحزبه، فقالت امرأته واويلاه! فقال لها بلال: وافرحاه! غداً نلقى الأحبّة محمدا وحزبه. عاش بلال رضي الله عنه بضعا وستين سنة، وقيل إنه توفي بداريا في سنة عشرين، وقيل بمقبرة دمشق عند الباب الصّغير. وقال ابن زيد: حمل من داريا، فدفن بباب كيسان.