بطولة العالم للكرة الطائرة 2025 (تحضيرات) : منتخبا الجزائر و تونس في ثلاث مواجهات ودية    دعوة لترشيح أفلام من أجل انتقاء فيلم روائي طويل يمثل الجزائر في الدورة ال98 للأوسكار    اليوم الدولي للشباب: البرلمان العربي يدعو إلى استثمار طاقات الشباب بما يسهم في مواجهة التحديات الراهنة    السيد حيداوي يستقبل الوفود المشاركة في أشغال المؤتمر الكشفي العربي ال24    حوادث الطرقات: وفاة 50 شخصا واصابة 2180 آخرين بجروح في ظرف أسبوع    أمن ولاية الجزائر : حجز أزيد من 116 ألف قرص مؤثر عقلي خلال يوليو المنصرم    إطلاق خدمة الدفع الإلكتروني للرسم على الوقود للمسافرين عبر الحدود البرية    بلمهدي: الذكاء الاصطناعي في مجالات الإرشاد الديني والفتوى "يستوجب الحذر والضبط"    آن الأوان لمعاقبة الكيان    ما هي معاهدة الدفاع العربي المشترك؟    استشهاد 29 من طالبي المساعدات    تدشين مركز الراحة العائلي بزمّوري    الجزائر تكتب صفحة جديدة في تاريخ الرياضة المدرسية    كرة القدم/ "شان-2024" /المؤجلة إلى 2025: المنتخب الوطني يستأنف التحضيرات لمواجهة غينيا    كرة القدم: المديرية الوطنية للتحكيم تنظم ملتقى ما قبل انطلاق الموسم لحكام النخبة بوهران    مقر جديد لسفارة الصومال بالجزائر    مزيان يوقع على سجل التعازي اثر وفاة مسؤولين سامين    القانون المنظم للنشاطات المنجمية يعزز سيادتنا الاقتصادية    أمطار رعدية مرتقبة لمدة يومين    نحو ارتفاع نسبة تغطية الاحتياجات من الماء    سعداوي يكرم المتوجين في المسابقة الدولية (IYRC 2025)    منظمة التعاون الإسلامي: استهداف الاحتلال الصهيوني للصحفيين انتهاك صارخ للقوانين الدولية    رئيس المجلس الإسلامي الأعلى يشارك في المؤتمر العالمي ال10 لدار الإفتاء المصرية    وزارة التجارة الخارجية وترقية الصادرات تدعو المستثمرين الصناعيين لإيداع البرامج التقديرية للاستيراد قبل 20 أغسطس    مسرحية على واجهة وهران البحرية    مبولحي في الدوري الجزائري    انتصار جديد للقضية الصحراوية    قويدري يستقبل وفداً نقابياً    تحذير أممي من القرار الصهيوني بشأن إعادة احتلال غزة    دعوى قضائية ضد روتايو بتهمة التحريض على الكراهية    دبلوماسية الجزائر تفضح ماكرون وتفجر الطبقة السياسية في باريس    الجزائر تدعو إلى إنشاء آلية أممية مخصّصة للأمن البحري    النّسخة النّهائية لمشروع قانون تجريم الاستعمار جاهزة قريبا    أعالي الشريعة وجهة الباحثين عن هدوء الطبيعة    عين "الشفا" بسكيكدة.. هنا تجتمع الحقيقة بالأسطورة    تحديات الميدان في قلب التحول الرقمي    مساع لتحصيل 5 ملايير مستحقات لدى الزبائن    انعقاد الندوة السادسة للمجلس الاستشاري لمعرض التجارة البينية الإفريقي    المحافظة على كل المواقع الأثرية التي تكتنزها تيبازة    بنفيكا البرتغالي يستهدف عمورة    مدرب نيس السابق يشيد ببوعناني ويتوقع تألقه في "الليغ 1"    فخور بنجاح الجزائر تنظيميّاً وممثلاتنا فوق البساط    شبكة استعجالات طبية جديدة بقسنطينة    تطهير قائمة موزّعي الأدوية لضبط السوق    مجلس الأمن الدولي: الجزائر تدعو الى إنشاء آلية أممية مخصصة للأمن البحري    تجارة: انعقاد الندوة السادسة للمجلس الاستشاري لمعرض التجارة البينية الإفريقي    بحث تحديات صناعة الفتوى في ظل التحولات الرقمية.. بلمهدي يشارك في المؤتمر العالمي العاشر للإفتاء بمصر    محطة للثقافة وللمرح في صيف عنابة    وفاة مسؤولين سامين في تحطم مروحية بجمهورية غانا:مزيان يوقع على سجل التعازي    تجار مهلوسات في قبضة الشرطة    المهرجان الثقافي الوطني للموسيقى الحالية : فرصة لاكتشاف المواهب والتقاء التجارب    القضاء على إرهابيين بالحدود الجنوبية الشرقية للبلاد    تنسيق القطاعات أثمر نجاح عمليات نقل الحجاج    سيدي بلعباس: اختتام فعاليات الطبعة الرابعة عشرة للمهرجان الثقافي الوطني لأغنية الراي    صدور معجم علم النبات والعلوم المتصلة به    مناقشة الانشغالات المهنية الخاصة بنشاط الصيدلي    زينب بنت جحش .. أم المساكين    فتاوى : شروط صحة البيع عن طريق الإنترنت    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مدينة تدور حول نفسها
نشر في الفجر يوم 23 - 11 - 2014

قصيدة الشاعر الفلسطيني عزالدين المناصرة (قسنطينة 1986)
قريباً من المجلس البلديِّ،
بعيداً عن المجلس البلديِّ،
اتّكأتُ على حائطٍ باردٍ،
مثل مقبرة السفح،
كنتُ وحيداً وحيداً،
وينخرني الهمُّ والوهم والانتظارْ.
وبعد قليلٍ
سألتُ المدينة عن ناسها
وجفاف ينابيعها، وابن باديسها
وعن موت حُرَّاسها في الدروبْ.
وَناديتُ (مالكَ حدّادَ)،
مالَكَ مستوحشاً وغريباً على التلِّ،
في الليلة الباردة!!!
أعطني شارةً لتساعد هذا الغريبْ
أعطني وردةً كي أحلّ الطلاسم
قبل المغيبْ
أعطني نجمةً واحدةْ
دُلَّني كيف أمسك بالقلب ليلاً
وأغتصبُ الرجفة الواعدة
بزقٍّ من الخمر والحب والأصدقاءْ.
قَريباً من المجلس البلديِّ
أقارنُ بين الخليل وبين الخليلْ.
جسورٌ تفرقنا جُزُراً من جفاءْ
وتجمعُنا حول مائدة الملح والانتظارْ
نظرتُ توهمتُ في لحظةٍ أنَّ بحراً
وراء المدينة حتماً سيأتي
رأيتُ الجموع تراقب أفْقاً من الزهو والكبرياءْ.
وقال صديقي
الذي يحسبُ الاحتمالات:
زارٌ يُخدّرهُمْ بعد زارْ
أضاف تعال لكي تشهد المقصلة
وراءك جفرا، وكرملُ
قد يعشق الصخر والزلزلة
فقلتُ له: ... ودخانُ المصانع في الأفقِ
طوقٌ من الوهم، أم رعشة الانفجار!!
نظرتُ إلى جبل الوحش:
كيف البِناياتُ قرميدُها جُلَّنارْ
ولكنْ
وفاضت دموعي الغِزارْ:
- ولكنَّهُ صامتاً ظلَّ ثمَّ أشار إلى صخرةٍ
كي أغازلها أولاً
ثمَّ أحضنها ثانياً
وأقبّلها ثالثاً، رابعاً، خامساً
وأعاندها سادساً
وأصالحها سابعاً
وأمَسِّدُ أضلاعها ثامناً
ثمّ أقرأ ميزانها تاسعاً
ثم أهدي دمي لعصافيرها عاشراً
تجيئك ليّنةً كالعجينةِ بين يديك،
فتفركها بالرياحين والتين والبرتقال الحزينِ
وتقرأ شعراًَ لصخرتها والجسورْ.
- فعلتُ
اتكأتُ على القلب، أعصرُهُ كالخمورْ
أشاحت وقالتْ: أما زلت تهذي
بأنَّ التراب يدور؟!!!
* * *
- وقال الصديق الخبيرْ:
إذا جئت ... فاخلعْ نِعالكَ،
وادخُلْ جدائلها في الصباح النديِّ،
أضافَ: أنا من ثلاثينَ أعرفها،
وأبي جاءها قبل تلك الثلاثين،
لو شئتُ عرَّفْتُها: قبةً وسراديبَ،
أما الأزقّةُ، (لا تسأليني)، فكانتْ تعجُّ برائحةٍ كالبهارْ.
وراء السراديب، طوق الدهاليز،
كان الحمام يجيءُ إليها من (القُلِّ)،
يمنحها ذهباً وعقيقاً،
يُخبّأ في الوكُناتِ،
وكان الفدائيُّ يمشي على مَهَلٍ
في الأزقَّةِ والناسُ تومي إليهِ،
انظروا
إنَّهُ شامخ واضحٌ كالنهارْ.
وكان الرصاص الفرنسيُّ
عند الظهيرة
يبتلُّ بالخوف والاحمرار.
إذا شئتَ: قابِلْ ثلاثين من هؤلاءِ
الذين تراهمْ،
يبيعون خبزاً وورداً على الطرقاتِ،
وكان مكان البناية ينمو العَرار.
- فقاطعَه (مصطفى) موغلاً في مدار المدار:
بُعيد رحيل أبي
في جبال الحنين، لجأنا إليها
وقمصاننا مُزّعتْ ... والسراويل خضراء،
تشكو الزمان
ويشكو إلى الله منها الغُبار.
خَدَشنا حياء المدينةِ واستحفل الجوعُ،
جرَّبتُ ميتمها،
كان جوعي اصفراراً ويُتمي اصفرارْ.
ولكنني بعد هذا تماسكتُ،
زنَّرتُ خاصرة النهر بالاخضرار.
- فأُخرجَ (إدريسُ) عن صمته الرعويِّ،
وكان يخاف وقال: اشربوا
إنّها نخلةٌ من دموعْ.
ما.. لنا وتراكيبها
أمسكوا بالعراجين، هُِزّوا الجذوعْ.
أراها صباحاً كما امرأةٍ صعبةٍ،
تتظاهر باللينِ،
صالبةً كالمجوس ومصلوبةً كيَسوعْ.
إذا جئتها راكعاً تتدلّلُ فامسكْ،
جدائلها أولاً
ثمَّ أردافها عُنوةً
واختَرِقْ ليلها بهدوء وديع.
يؤكد قولي: مرور المدينة ظهراً، وكنَّا نراقبها،
بانبهارْ
سماء النخيل التي ترتوي، ثمَّ ترقبنا من عَلٍ،
نحن ضمن رعيّتها،
ضمن هذا القطيعْ.
فقلتً له – شامتاً –: آهِ أنتَ كما العيس
في فَلَوات الجفاف الفظيعْ.
- أخيراً
ترجَّل، (علاَّوةُ) الأبديُّ الصموت عن الصمتِ
قال الخلاصة في الشمس والجسر والقنطرة.
ولم أقتنع بالتفاسير،
رغم مرور الشهورْ
أشاحت وقالت: أما زلتَ تهذي
بأن التراب يدور
فقلتُ: نعم إنَّ هذا التراب يدور.
* * *****
أرى البحر فجراً يحاصر صخرتها
في العشاء الأخيرْ.
أرى البحر يأتي مع الليلِ
يغسلها بالبخورْ
أرى البحر يفتضُّ عذرية الصخر،
يغسلها ثمَّ ينهي غموض المدينةِ
يوقف ثرثرة المهزلة.
أرى البحر أيضاً يعانق نجماً
على سطح قرميدها وحجارتها البيض،
ثمَّ شبابيكها الزُرق،
يأتي دخان المصانع في العيد، يغمرها
ثمَّ يُحْدِثُ في جوفها بلبلة.
- قريباً من المجلس البلديِّ اتكأتُ
على حائط الأسئلة:
قسنْطينةُ الجسرِ
أنت مدينةُ سحرٍ
شمالاً
وشرقاً
وعَرْضاً.. وطولْ
ولكنْ، إذا دقَّقَ المرءُ فيكِ قليلاً
يقولْ:
مدينةُ سحرٍ.. وينقُصُها البحر، وفْقَ الأصولْ
لكي يصبح الطقسُ محتملاً ولذيذْ
وتنقصها صُحُفٌ، قهوةٌ ... ونبيذْ
وبعضُ الرسائل من جَفْرتي في الخليل.
* * ****
بقيتُ أراقبُ بحراً سيأتي
بقيتُ على صخرها مرهقاً،
مثل نوحْ
بقيتُ على جسرها حائراً،
غاب عنّي الدليلْ
وغابت شموس الوضوحْ
يمازحني الثلج في شهر تمّوز، ثمَّ
تمازحني الشمسُ في شهر مارس، كالحب
والبغضِ، قولي: متى سأرُدُّ السلامْ
وإذْ أنتَ حيرانُ يأكلُكَ الشَكُّ،
فيما أقولْ
عليك بتفجير أسئلتي في الصباح النديّ البَتولْ
وَسائلْ نقوش النحاس الذي إن رأى حالها
هَطَلَتْ أدمعُهْ
وسائلْ على التلّ، (حَشْحوشَ) يلقي
النكات على الجامعة
وعُمّالها العائدين من الليل لليلِ
خطوتهمْ
صيحةٌ نافرة
ورَحْباتها تطلب المغفرة
وأولادها الجالسين على الطرقاتِ
انتظاراً ... لشوط الكُرَةْ
أأنتِ قسنطينة الجسر والنهر والقنطرة
أأنتِ قسنطينةُ اللغة العربيّةِ والمفخرة!!!
* * ***
أحاولُ رغم الأسى أن أطوِّقها بسمائي
وأهربُ منها إليها
أسيلُ على جانبيها مِداداً
وما جفَّت المحبرة.
ونلتُ الشهادة في الصبر منها،
بِرُتْبَةِ أيوب،
قد حاصرتهُ رؤى المجزرة.
لماذا ندمتِ وحاصرتِني بغبار الإشاعاتِ،
ثمَّ قرار الرئيسْ.
أحاولُ أن أوصل القلبَ بالقلبِ، والجسرَ
بالجسرِ، هذي كؤوسي، وهذي دناني
أهذا جزاء صريع الأماني
قسنطينةُ الجسرِ لم تستمعْ
لعذاب الأغاني
وتزعمُ أنَّ ضفائرها اللولبيَّةَ، ما مسَّها أحدٌ في الليالي
وفي السرِّ كانت تراني
شربتُ النبيذَ العتيقَ على ساعديها
لأهربَ منها إليها.
* * *****
سأحلمُ دوماً ببحرٍ يزلزلها
سأحلمُ دوماً بزلزالِ (وطَّارَ) يغسلها
كي يزول الرَمَدْ
تنادي وتصرخُ والملح يعلو ذوائبها
ثمَّ تصرخُ .. لا أستجيبُ، ولا يستجيبُ أحَدْ
- ثمَّ قلتُ: يظلّون أهلي،
وتبقى قسنطينةُ الجسرِ،


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.