الاجتماع التشاوري الأول بين قادة الجزائر وتونس وليبيا: تأكيد على ضرورة توحيد المواقف وتكثيف التشاور والتنسيق    في إطار متابعة تنفيذ برنامج التحضير القتالي لسنة 2023/2024: الفريق أول لسعيد شنڤريحة في زيارة عمل إلى الناحية العسكرية الثالثة    محمد عرقاب : نحو استحداث 4 معاهد تكوينية متخصصة في مجال المناجم    يعقد هذا الجمعة بتركيا.. مجلس الأمة يشارك في مؤتمر "رابطة برلمانيون من أجل القدس"    عطاف يؤكد:الوضع المأساوي في قطاع غزة سيبقى على رأس أولويات الجزائر في مجلس الأمن    تكفل الدولة بالمواطن متواصل..!?    وزير الداخلية: استلام 134 منطقة نشاط مصغرة مع نهاية 2024    أفراد الفرقة الإقليمية للدرك الوطني بجسر قسنطينة بالعاصمة: وضع حد لنشاط عصابة إجرامية تحترف سرقة السيارات    المجمع الجزائري للغة العربية : الإعلان عن تأسيس الجائزة الوطنية في علوم اللغة العربية    وهران: إيفاد لجنة من وزارة التربية الوطنية للنظر في أسباب سقوط سقف لقسم بمدرسة ابتدائية    طاقة ومناجم: "نسعى الى استغلال الأملاح الناتجة عن تحلية مياه البحر"    لا بديل عن الرقمنة في جرد وأرشفة الملفات القضائية    80٪ من الجزائريين يستفيدون من الانترنت    استعراض آفاق قطاعات النقل والرقمنة في الجزائر    ضرورة توفر وسائل إعلام قوية لرفع التحديات    الشفافية والصرامة في إعداد دفتر شروط التجهيزات الطبية    تطوير المنصة الرقمية للمستثمرين في الصناعة الصيدلانية    تم معالجة 40 ألف شكوى تلقاها وسيط الجمهورية وطنيا    لا تزال الأزمة تصنع الحدث في الساحة الرياضية: بيان رسمي .. اتحاد العاصمة يعلّق على عدم إجراء مباراته أمام نهضة بركان    لا مفر من الرحيل عن ليل: بعد إهانة ليل.. صديق آدم وناس يكشف "المؤامرة "الفرنسية    «داربي» عاصمي واعد من أجل مكان في النّهائي    تضاعفت قيمة عمورة السوقية 4 مرات: سانت جيلواز.. عمورة للبيع لمن يدفع أكثر من 20 مليون يورو    الخطوط الجوية تعلن عن عرض جديد    سايحي يشرف على افتتاح اليوم التحسيسي والتوعوي    العاصمة.. إحصاء 248 مشروع تنموي في مختلف القطاعات    برج بوعريريج.. مشروع ازدواجية الطريق الوطني رقم 76 يرى النور قريبا    مطالب بحماية الشعب الصحراوي من الاضطهاد المغربي    المنتخب الوطني يتعادل أمام نظيره التونسي    توظيف التراث في الأدب.. عنوان المقاومة..    البنك الوطني الجزائري: رقم الأعمال يرتفع بأكثر من 27 بالمائة في 2023    المدرسة العليا للدّفاع الجوي..صرح علمي بكفاءات عالية    قصف ومجازر وسط القطاع واقتحامات للمسجد الأقصى    فلسطين: انتشار مكثف لجنود الاحتلال في القدس وغلق كافة الممرات المؤدية للمدينة    الإحصاء للعام للفلاحة : تحضيرات حثيثة بولايات جنوب الوطن    مسؤول أممي: نشعر بالذعر من تقارير عن وجود مقابر جماعية في غزة    فرصة جديدة لحياة صحية    رأس الحمراء و"الفنار".. استمتاع بالطبيعة من عل    دعوة لإنشاء جيل واع ومحب للقراءة    بطولات رمز المقاومة بالطاسيلي ناجر..تقديم العرض الشرفي الأول للفيلم الوثائقي الطويل "آق ابكدة .. شمس آزجر"    القضاء على إرهابي واسترجاع مسدس رشاش من نوع كلاشنيكوف بمنطقة الثنية الكحلة بالمدية    حج 2024 : استئناف اليوم الثلاثاء عملية حجز التذاكر للحجاج المسافرين مع الديوان الوطني للحج والعمرة    القرار سينفذ هذا الصيف: منع كراء عتاد الاستجمام و زوارق النزهة بشواطئ عنابة    ساهم في فوز فينورد بكأس هولندا: راميز زروقي يتذوّق أول لقب في مشواره    استدعاءات الباك والبيام تُسحب بداية من 9 ماي    وزارة الفلاحة تنظّم ورشات لإعداد دفاتر أعباء نموذجية    مؤشرات اقتصادية هامة حقّقتها الجزائر    منصّة رقمية لتسيير الصيدليات الخاصة    90 % من الجوعى محاصرون في مناطق الاشتباكات    بن ناصر يُفضل الانتقال إلى الدوري السعودي    الشباب السعودي يقدم عرضا ب12 مليون يورو لبونجاح    مصادر وأرشيف لتوثيق الذاكرة بجهود إفريقية    الدورة 14 مرفوعة إلى الفنان الراحل "الرازي"    رفع مستوى التكوين والاعتماد على أهل الاختصاص    حكم التسميع والتحميد    الدعاء سلاح المؤمن الواثق بربه    أعمال تجلب لك محبة الله تعالى    دروس من قصة نبي الله أيوب    صيام" الصابرين".. حرص على الأجر واستحضار أجواء رمضان    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ظبية تؤنسُ وحشةَ الغريب
نشر في النصر يوم 04 - 02 - 2013

من أين تعودين إليّ؟ وقلبي الذي انكمش عند باب عمرك لم يزل يمضغ خبز الأسى على قارعة الزمن...وفي صمت جنائزي يضع رأسه على كفّه يتوسد الحزن وحيدا زادُه البكاءُ المدوّخ والجوع الثمل فيك...يستمطر مغفرة ما منحتها له...وما وهبتها له السماء...
أيتها الفاتنة المتجبّرة...
ياسين سليماني
إني أراك، في خيالي المتعب، المظنى، ظبية تراقص الأوراق البيض، تبسم لي بمكر طفولي وتقول: «إني أعرفك، إني أفهمك، ولكني لا أبالي بك، ولا بحزنك».
وإني أراك...في إشراقة صبح حلو، وإغفاءة حمام أبيض...أراك...في ابتسام طفل صغير، وفي ارتعاش أيادي العاشقين، تقولين ولو كذبا: أنا لك أيا ياسين.
يقولون أنّ السليماني مسيحي الهوى، رأوني أقرب نبيذ المذبح ذات نكسة، وفي مقام الرب هناك غسلتني الملائكة وألبستني إكليل النعم .قلت نعم، ليس لي إلاّ قلب واحد وقلبي فداء حبيبي.
أيا شهرزاد اللغة... أخبريني إن كنت تعرفين لمأزقي مخرجا...كيف لي في الأربعين أعيش يتما...و أن تكون أقصى أمانيّ أن يهبني الرب صدرا لخمس دقائق، لخمس دقائق فقط...أنتحب عليه بدموع الدنيا جميعها ثم أدعه ينطفئ...علّميني كيف أعاشر الحزن في بيتي؟ كيف أرى صورتك في قلبي فلا أبتئس...كيف أقرأ نشيد حبك فلا ينداح الجرح من مسام جلدي؟ فقلبي الذي توضأ بماء فجرك لم يزل سامريا تلاحقه لعنة الرب....وفي معبدك السامق قدّم دمه قربانا إليك فما سامحته ولا غفرت له خطيئته التي لم يرتكب...أخبريني كيف صار قلبي يهوديا تائها ظلّ يبحث عن وطن فلا يلقى إلاّ الشتات؟
عصفور الكلمات انقصف جناحاه فما عاد ينقر حب اللغة على كتفك الشامخ كما النخيل، وشجر المعنى تهاوت أوراقه فما عاد يظلّ وحشة الغريب إذا أنهكه العطش إلى بحر عينيك.
يا امرأة من سراب الكلمات، عانقيني كما تعانق مآذن المساجد أبراج السماء، وكما عانق يسوع صليبه ففاضت حكمته، لكن إن سألتك خبزا فلا تلقميني حجرا، ولا حيّة إن طلبت من عمق لؤلؤتيك سمكة.فإني انخدعت حين ظننت أنّ النساء الجميلات لا تقوى قلوبهن على القتل والتنكيل بالقتيل.
أيا امرأة القتل الجميل...على جرحي تسيرين...تنصبين خيمتك...ترسلين قناصتك...تصطادين...ولحظك الماكر الذي ما كفّ عن مجونه...يتهيّأ لينازلني...أقول: مهلا يا ابن الأكرمين...متى كان للعبد أن ينازل مليكه...الطاعة لك...فخذ قلبي المتهافت المسكين، بضاعة مزجاة وقل: هيّئي لنفسك حفلة شواء...ولا ترأفي لفؤادي فإنّ دماء الحياة قد ودعته...وأمام قبره ارقصي رقصة هندية...وعودي إلى قصرك، عند مغيب اليوم، وأوصدي شبّاك العقل والقلب عن أيّ حرف يربط باسم ياسين. فإن خطر لك خاطر فيه، فلا تنسي أن تقرئي المعوذتين وتلعني الشيطان الرجيم.
أيا امرأة الأبجديات كلها، واقف أنا أمام بابي الحزين...أقاسي جرحا أقسى من كل جرح، وحزنا أفدح من شجر البوح، فدعي لغيري ذاك الملح، يكفي أن تراك العيون يوما بدوني ليحلّق الحزن فوق الغيوم وبين النجوم.
أين أنت؟ أيا إيزيس حياتي المنكسرة...أين رحلة عبر النهر بحثا عن حبيب؟ وأين الجسد المبعثر الذي قيل لي أنّك ستجمعين؟
أين أنت، عماء اللغة يفضحني، يقول أنّ الرجال لا يبكون...وأنّ الدمع رغم التذكير أنثى، وعيب أن ينفرط عقده في غير حجر أنثى. أقول: إنّ الدمع يغسل زجاج نافذتك فلا تفتحي، حتى لا تهزّك زوابعي وعواصفي ، ولكن، قفي أمامها، واطلعي إلى غيوم القلب ورعوده وبروقه، ثم عودي بجانب المدفأة واقرئي كتابا مسليا، وتمني في سرك لقلبك أحلاما هانئة، وتمني في جهرك لقلبي شتاءات لا تنقضي.
فأنت هناك، تبتعدين بقدر ما تقتربين، وحبّك المدهش يعاندني، يشاكسني، يحاربني، يسالمني، يهادنني، يساكنني، يحيي عظامي من رميم القدر.
في ليالي الآرقة...تزورينني أنت يا جارة الحزن...أيتها الخالدة كإلهة بابلية...تنبشين في دفاتر الحزن المتكوّمة...تفتحين جراحي باحتراف مجرم...تندلق أسئلتي المرهقة من أيام البدايات الغالية وبنزق طفل صغير...تدفعني أسأل:أين جدائلك الطويلة التي كانت تظفرها لك الماما؟ والمشبك الذهبي في شعرك الليليّ؟ وفراشات نسابقها فتسبقنا في حقل الياسمين... أين منزل جدي الحزين، أين أرض كانت تسعنا؟ لماذا ضاقت عن حبنا الصغير؟ عن حلم تبرعم حزنا...أين القمر الذي اتفقنا أن ننظر إليه كلما تركت يدي ودخلت غرفتك الصغيرة، ها أنا أنظر إليه، وأسلم عليك عبره، فمتى تسلمين؟
أين مقلمتك الجميلة؟ وألوانك الزاهية فيها، الوردية والبنفسجية؟ والحمراء والخضراء؟ أين كراستك التي كنت فيها تخربشين، تكتبين: ياسين لي وأنا لياسين، هل تذكرين؟ من كان يقف عند الباب ينتظر متى تخرجين؟ من كان يعطيك شكولاطة وتفاحة وزهرة ياسمين؟ ويجلس إلى جنبك بعيون الحنين؟ ما اسمه؟ ما عنوانه؟ أم تغرّبت الخرائط والطرق كما غرّبتنا الأيام والسنين؟
لا زلت عند وعدي أيتها الظبية التي تؤنس وحشتي الكئيبة، في كل ليلة أكتب قصيدة حب لعينيك الجميلتين، وفي كلّ ليلة....في كل ليلة أسمع فيروز تغني «أنا عندي حنين» وابتهالات أم كلثوم في سيرة الحب.في كل ليلة أرتب محفظتك الصغيرة، وأقوّي قلبي الهزيل بذاكرة عطرك...وأقترب منك رغم البعد...وعلى رؤوس أصابعي أقتنص لحظة ملائكية...أتلمّس شعرك الليليّ الطويل كالسراب...ثمّ أقبّلك بين عينيك، وأقول لك أني أحبّك، وأعرف أنك تسمعين.
فماذا لو عادت الأيام الماضية؟ أكنت أتركك من يديّ تفلتين؟ اسمعي ما كنت سأفعله معك...أخطّك وشما في حدقة العين، وشريانا في القلب، أجعلك ناري المقدسة التي لا تنطفئ، ونهرا تُرسّم فيه معموديتي، أنشدك ترانيم لصلاتي الليلية، وماء لنخيلي المتطاول.
ولو رأيت الرب ذات يوم، فلن أسأله دخول الجنة، ولا شربة من الكوثر، ولكن سأسأله أن يعطيني يدين لأمسك بيدي حبيبتي، وعينين وأذنين، وسأكون جشعا فأطلب منه أن يبارك حبنا، وأن يقسم على نفسه أن يبقينا معا خالدين، عندها، عندها فقط، كلما سمعت صلوات المساجد والكنائس أقول: آمين. أقول آمين.
ردود سريعة
بادر سيف
أعبر النهر وحدي، كدرب مضيء، وصاعقة وردية
هاوية، مستنقع الذكرى الملعونة
ترسم غابة حائرة
عزلاء
لم أسقط، كنت أعبر القول إلى موسيقى تغلق جدار
المواكب
...كلانا في المسيرة الطويلة يغني
أنا أسمعه ، لكنه أصم ، ظلي أم جذر السوسن
لذا سأحرق نجمة الفجر
اذر رمادها كهف التودد
إلى سر الشمس
//أنا يا ربي ظل ذهبي عابر//
ارض مقمرة، لست نجما و لا ملكا
خرقة من مرثية يكتبها ابني – تيسير-
ارض نعم
طوفان
ذات مرة راسلني – قاسم حداد – حدثني عن صخرة عاشقة
عن خيانة الفصول
عن ارض الميعاد
يا قاسم لست ظلا خاشعا ، لا وداع
احتضن أبجدية الصعود إلى مقالع الفتنة
اخترق لغة الطوفان
و الصراع
أوحي إليه رذاذ الأمنيات
أيها المصباح الشرقي
انك عاشق يلبس كوفية
يطوف في عري اللغة الجاثمة على وثن الرمل
مغازلا عرج في قمر الطفولة
----------
ليس بين الظن و النجم المسافر في لحن المهجة
ما يفسر تجاذب المواعيد
انه السقوط أيها الصديق المقيم في لغة
الخطيئة
تلك الأرض يا قاسم سفر دائم في رؤى الألحان
تحتضن الرياح
موت صخرة برية
-أيها الشاعر المفدى
أما أن نلتقي أو أكون أول من يلقي
يا لغة المصابيح لما تداهمها زوابع المساء
هنا في دمنة معتمة
في ساعة متأخرة عن مواعيد
الإيحاء
أغزو شمس العروبة
أمرغ و جهها في ثنايا الحرائق
النارية
-يا قاسم أنت الملك وما دونك العبيد
لحن من مسبحة النشيد
هب أني رمح صلط من قصر الشوق
إلى حجر الوريد
من يملك لباس الشكوى
يملك سر الرنين للحديد
منفى تلك الدروب، طاعون يحصد لعنة الشجون
و الصديد
منفى سيدة الثمر و الظل القصيد
تفاحة من حديقة الظنون
تبحث عن جاذبية الهيولى الخرساء
تشكل منها عوالم خلاسية
وأنا القنوط و الآسية
هاوية الرؤى
تحرق مراثي الشطآن و الزوايا
لأعبر من كتبك إلى عالم بكر
--------
تؤنسني مواكب الضوء و الثمار المبكرة
ثعلب المسافات و الهدهد اليمني
أحب الرايات الحمر يكللها صبر
التلاقي
أحب صباحات المطر
حين تكتسي سندس النار و الشجر
فهل رؤياك صادقة محفورة بخشب الروابي المسروقة
من رئة البحر لأنحني لابد لي من أجراس توقظ كلمات الحب
و المعاني الناعسة الرافلة
نظرات من معدن شارد
و طوفان الذكريات
خلفي وطن أمامي نار
وها أنذا امشي، ليدركني نعشي
امشي بلا مصابيح ، تؤنسني أغاني " عزيزة جلال"
حتى لو لم يفعل السحر في الرماد اثر
حتى لو تطاول العالم وفض الخطوات الذهبية
سأجعل منك موعد للنار
...رايتك تصلي معتكفا
تطارد الجنون في واحات الخيانة
فأنت الرجل الذي يهدم التواريخ و الليل
تظل صامتا في حضرة الغياب
ماسكا صولجانك المهيب
و العتاب ليس صناعة قديمة حديثة
مع الفجر نبحر
قالها و تاب
آه يا نعمة الجنون
يا سحابة صماء، محاجر غبار سيدة الأسى
ارسم وجهك على خرقة القمر المذهب
أذخره و دمعي في مآذن الرضاب
-------
صحيح ليس للقناعة وجوه، ليس لها شراع
ليس لها متاع.
إنها كوفية تحت جلد سحابة صيفية تودع
ماسح أحذية غريب
مسالك الأفق
-يا قاسم- لن أبيع مدني الضريرة
تربتها ضياع
أنا في – بونه- استجلي عشق الفواطم
واحدة تهرب من غدها المعلب
أخرى تعلن ثورة العبيد ضد حقدها المعذب
فلما تراودني الظنون طفلا يسافر في غياهب
السمرة
رمل يضيء خلفي واحات الخليقة
إني أرى مزامير التاريخ تنوح في خيط من لهب.
نصوص للموسيقى
محمد عادل مغناجي
على نغمات تعاليم حورية
عصفورة خضراء..جرحت بحنينها بياض السواد..سالت كقطرة الغيث من الله على جبال الدمع، وأورقت في خد الليل بالنقاء الأبدي ثم دغدغت روحي إلى البكاء النيلي عصفورة أمي الرؤوم، عششت في كوة الجسد الخفي، في أغوارها الصباح الناعس، وحفاف من البهجة الزرقاء، أيتها السماوات العاليات رشرشن بفتنة القداسات، هذه يدي لكنّ مدمشقة، زاهية الارتعاش، أيتها العصفورة الهاربة من عشيقها الخزامي، الموت يطاردنا بلمحته، نختبئ كالأطفال في جيوب طفولتنا، نخرج مع المطر للسنابل البنية، نعري الربيع في داخلنا نخاف الموت ذا المنقار الأسطوري، عصفور ة الماء، اشربي لحظة الحنان الوجودي، إنه لخسرنا أن يفتح الله الكريم عينين في شغف المضغات ولا نرى حنانه على سطوح الجراح والابتلاءات، عصفورة ضمي ريشك الأذفر بالسّلام على الكون...
على نغمات للرّوح حديث
كنت أتجول في، مزركش الوجه كطائر خرج من قبر الزهور، يداه دخنان، ووردة صدر الأرض
للصخور حديث ألمحه يتمايل كجسد الظباء على غمزة الصحراء، يتهالك الشوق أشجاره كأنها بركان، فجأة البياض العاشق يفتح ثغر اللوز، يبذر الأمل العسلي في فمها ثم يسرق من ثياب الندى، يفتح السواحل السوداء إلى قمر تكسرت عيناه في لؤلؤة العمق، فتنته أصابع الحقيقة المحناة بالصبر، بالشهوة المائلة، للزهور حديث مع أناتي ولها حبل لبيدي وكلة لبيدية تتمزق أضلعها تلهفا للعودة.
من الذاكرة
تأوهات هذه العين، سيول من نيران التشوقات الغالية..هناك من يعزف على جسدي بالماء العسلي، ينقع روحي في نهر علوي، يفتح خضرة المسافات بيني وبين صاحب الشموس الغائبة في الذهن والأفلاك الجسمية، هناك من يعيد الذاكرة لطفل عاري الشعور، المجروح الصوت العذري، له حبيبات كثيرات غير أن الطفولة الحافية القدمين هي الأقرب إلى ضفافه الحسية، إلى نخله المسائي الحزين، أيها الزمن الأصفر الذابل كن نافذة أو بحرا لأغرق الموت لحيظات، كن فلكا تجري في مرامي دمي، لو أكون زهرة تعطر صخرة قبل موتها، لو أكون جريدة ترسم الحمد على خدود النسيم الأزلي، هناك أقدام حمراء تسفع الوجه، هناك مشاوير خاطئة تستجر القلب، عسا هذا الندم حتى صار كأهرامات "سيكلوب"، كأعلى قمة في ضمير "أرتميس"، ما هذا الانتباذ الجاف، نسكن أحلامنا، نسكن قصرا علويا أو تحتيا المهم هو المشاعر الطينية، كخميلة العناب، كغلل العراق العتيد، للذاكرة يا نصير ملاحم وجدية، نضيء -بشغف- ظلمة الأمنيات المتموجة المبتلة بالحنين، كن صديقي قليلا، لأنسى الوجد الذي يقطنني كمسقط الرأس، كنحلة دارت في حقل الذات يوما ثم ماتت.
سكون الليل في بغداد
لمن كاظمية حزينة تفتن الدمع المتهاوي بين التاريخ والحضارات، لمن سومرية ترشف الأشلاء كبقرة مذبوحة، لمن بغداد في قعر البئر الأبدية الدماء، من ينتشل الاخضرار من جوارح القتل والعذاب الخالد؟ لمن عراق لنا تعيسة كركن طيني مظلم بعيد عن مواقد القلوب، عن حشرجات أطفال الدار، على ألحان الفراريج والأحصنة العتيقة، لمن هذا الكل المتكامل من الدمار العاشق لم يترك زهرة في بركة غائرة الحسن، لم يترك قمرا ينثر الغناء على الحراس أو السمار، لم يدع نسيما يمر إلى صباحنا المغدور، لم يلمس بخير عصفورة تطير في أبصارنا، لم يعالج ريشة من حمامة تأتي من المسجد الأموي أو من عاصمة تلثم شفة الفؤاد، لمن كاظمية تسحق أمام قبورنا المزركشة بالحدائق، ونحن كألوان لم تجد أشكالها، أو ظلال ليس لها نخل أو صعد من الأشجار والغابات أو حتى لسنا ظلا للظلال التائهة، لمن عراق كانت تلوح كبرعة عيناها نهران دجلة وفرات، والجيد خلافة تشبه عصور العباسيين، لمن تفؤد ضارب في اللانهاء، لمن رفاه مبتور الأضلاع، فلنكن وجودا ليس له حدود، أو حدا ليس له وجود، هذا هو مصيرنا يانصير.....
على أوتار صلاة بابلية
أتوجس قبل أن ألمسك كما الضوء الرقيق في رئة الأشياء، أتحذر من نورك الخلاق، نهر هندي عميق أنت، ذات تنفخ اللذة القديمة، تعيد تشكيل أقسام الروح، لأهرع إلى الصلاة، أطأ قمرا برأسي المنهوك، أشرب سجاجيد الشموس المنطفئة، أغرق كشارلوخان في ماء التعميد، أغمس جسدا يشبهك في هذه الساقية، من تكونين، أنت العشب على ظهر أحرف، الندى فوق قبعة الكلمات، الورود التي ستعرس يوما على خصور المعاني، أنت الحمرة حين لا حمرة في الكون، أنت البياض حين تخنقه أيد من السواد الذائب في البشر، أنت أنت، ماذا تكلمينني بفم جذلان، كأفواه الملكات العجيبة، ثم تغطينني بفستانك الطاووسيّ.
من أنفاس حوار بين المتنبي والسيّاب
قطرة فانفجر الشعر بالبكاء أو الضحك، تعانق الجسدان في قافية، سالت أنهار من الجمال بقدرها، فجأة فانهمرت أسرار عراقية على الأوجه مسحت بشعرها الحريري عبوس القبح الوجوديّ، دغدغت أعين الموت، فابتسمت خطت خيمة من الرقة في صخرة قلبها، تعانقا، لسانه عسل ولسان الآخر ندى، ونار مشتعلة بينهما، وتناثرت العواطف كما يلهف الثلج على أرعن تركي منهد، كل حرف كفتاة بغدادية الأشفار، كل حرف كعارية ترقص في بؤبؤ العاطفة الزرقاء تترك آثار قدميها على لحظة فاضت إلى بارئها ثم عادت غلسا مع الحمامات الخياليات، كل حرف منهما يدان من السحر، ومنديل لحبيبة، أو أصابع أم فقدت وليدها المزهر، جيكور، بصرة، كوفة عيناهما بيتان من الشعر، الردى والصدى والمحار والربيع والغمزات والبلابل المقنبلة، والعشاق المشردون وشفة عسل مشوهة، وعين للشمس مغمضة، جاءت في صحائفهما، قالت الكلمات: "هذان عبقريان من سماء الله..."


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.