افتتاح الملتقى الوطني حول "الأمن القانوني وأثره على التنمية الاقتصادية"    ضرورة تعزيز مكانة الجزائر كمركز موثوق اقتصاديا وآمنا قانونيا    الخطوة تأتي في سياق تأبى فيه الجزائر إلا أن تكون ندا للدول الكبرى    انخفاض أسعار النفط بأكثر من 2 بالمائة    غارات عنيفة يشنها الاحتلال الصهيوني    فلسطين : الاحتلال الصهيوني يعتقل 8 مواطنين    أيام تحسيسية واسعة لمكافحة تعاطي وترويج المخدرات في الوسط المدرسي    برودة شديدة على العديد من ولايات الوطن    البليدة : افتتاح المهرجان الثامن لموسيقى وأغنية العروبي    أم البواقي : تنظم مهرجان البراعم بعين مليلة    أعرب عن "فخري" بالتاريخ الوطني لعائلتي رجالا ونساء    رفض عربي وإسلامي وإفريقي قاطع    التصويت بالإجماع على قانون تجريم الاستعمار وفاء لرسالة الشهداء    الجزائر تهيب بكافة الأطراف اليمنية للتحلّي بروح المسؤولية    تراجع فاتورة واردات البيع على الحالة إلى 7 ملايير دولار    فتح الأفق لشراكات تسهم في دفع التنمية الاقتصادية    رقمنة الخدمات وتوسيع الشبكة خلال 2026    قانون تجريم الاستعمار جاء لتكريس العدالة التاريخية    قانون تجريم الاستعمار الفرنسي قرار سيادي لصون الذاكرة    "الخضر" لتأمين التأهل للدور ثمن النهائي    بيت الجدة.. بين الشوق ومتاعب الأحفاد    شكولاطة الأسواق تحت المجهر    التنمية تغيّر وجه منطقة سيدي بختي    اتحادية الشطرنج تختار ممثلي الجزائر في الموعدين العربي والقاري    نخبة العدو الريفي تختتم تربص بجاية الإعدادي    صدور كتاب "رحلتي في عالم التعبير الكتابي"    إعادة بعث الوحدات الصناعية مشروع اقتصادي متكامل    شنقريحة يوقّع على سجل التعازي    شروط جديدة لاعتماد المدارس الخاصّة    بداري: الجامعة الجزائرية ماضية    وكالة النفايات تحسّس    لوكا زيدان فخور    الخضر .. بين الثقة والحذر    وهران.. أفضل وجهة سياحية صاعدة في إفريقيا    تكريم رئاسي لعلّامة بارز    لاناب تحتفي ب خليفة    برنامج علمي وروحي بجامع الجزائر لفائدة 52 طالباً من أبناء الجالية بالخارج    نجل فرحات مهني يعلن تبرؤه من مشروع "الماك" ويؤكد تمسكه بالوحدة الوطنية    منجم "غار اجبيلات" رسالة قوية تكرس مبدأ السيادة الاقتصادية الوطنية    غارات عنيفة يشنها الاحتلال الصهيوني    خنشلة : توقيف 04 أشخاص و حجز صفيحة مخدرات    تمديد مدة المرحلة الثانية للتلقيح ضد شلل الأطفال    انطلاق الطبعة14 لمهرجان موسيقى الحوزي    مقتل إسرائيلييْن في عملية طعن ودهس نفذها فلسطيني..غزة تستقبل العام الجديد بأوضاع كارثية وأزمة إنسانية كبيرة    رأس السنة الأمازيغية : برنامج غني للإحتفالات الوطنية في بني عباس    مشروع قانون جديد للعقار الفلاحي قريبا على طاولة الحكومة لتوحيد الإجراءات ورفع العراقيل عن الفلاحين    معنى اسم الله "الفتاح"    .. قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا    مستعدون لتقديم كل ما لدينا من أجل الفوز    تغلب ضيفه مستقبل الرويسات بثنائية نظيفة..اتحاد العاصمة يرتقي إلى الوصافة    الرابطة الأولى موبيليس : الكشف عن برنامج الجولة ال14    التقوى وحسن الخلق بينهما رباط وثيق    الجزائر ماضية في ترسيخ المرجعية الدينية الوطنية    اتفاقيات لتصنيع أدوية لفائدة شركات إفريقية قريبا    التكفل بمخلفات المستحقات المالية للصيادلة الخواص المتعاقدين    صحيح البخاري بمساجد الجزائر    صناعة صيدلانية: تسهيلات جديدة للمتعاملين    انطلاق المرحلة الثانية للأيام الوطنية للتلقيح ضد شلل الأطفال    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



لحظة الغضب العربي
نشر في الفجر يوم 18 - 05 - 2015

عندما تحدث عمرو موسى، الأمين السابق لجامعة الدول العربية، حول الهوان العالم العربي على يد ثلاث دول غير عربية - وهي إيران، وإسرائيل، وتركيا - والطريقة التي من خلالها، وبواسطة حالة ”الهيمنة” التي تمارسها هذه الدول تحول العرب إلى هذه الحال أمام العالم، توجهت إليه متسائلا عمّا يعنيه بالضبط.
تركزت إجابته على إيران. وكان ذلك مثيرًا للاهتمام في حد ذاته. فالبيانات الصادرة عن طهران التي تدير عملياتها في كثير من العواصم العربية - ومن بينها دمشق، وبغداد، وصنعاء - قد تسبب في ”إغضاب الكثيرين منا”، على حد قوله، مما ترك العرب في حالة من الهوان.
وكما تشير تصريحات عمرو موسى، فإن إيران باتت اليوم محل تركيز الغضب والقلق العربي أكثر من إسرائيل ذاتها.
بعيدًا عن مباحثات كامب ديفيد ومحاولات الرئيس أوباما طمأنة دول الخليج العربي بأن الولايات المتحدة يمكنها، وفقًا لتصريحات جون كيري وزير الخارجية الأميركي حيث قال: ”فعل أمرين في ذات الوقت” - ويعني، عقد الاتفاق النووي مع إيران، وتثمين تحالفاتها مع بعض الدول العربية.
إن الزعم الأميركي بمقدرتهم على تنفيذ كلا الأمرين في الوقت ذاته لهي صفقة عسيرة جدًا، نظرًا لأن الشرف والهوان العربية كليهما باتا على المحك الآن. وذلك هو السبب وراء عاصفة الحزم التي شرعت فيها المملكة العربية السعودية مع دول التحالف في اليمن لإيقاف المتمردين الحوثيين، والذين يُعرفون في الرياض بأنهم وكلاء إيران في اليمن. وهو السبب في أن كثيرا مما نسمعه هذه الأيام في دبي (التي يعيش فيها عدد كبير من الرعايا الإيرانيين للعمل والتجارة) هو الحديث عن خيانة أوباما للعرب، وافتتانه بإيران.
يقول العرب: كفى! وإنهم، كما قال عمرو موسى في منتدى الإعلام العربي هنا، في خضم ”الصحوة”.
دعونا نعود إلى الوراء قليلا، ولكن ليس إلى حقبة الاستعمار الغربي لدول الشرق الأوسط وانهيار نظام سايكس - بيكو الذي مضى عليه قرن من الزمان. بل ودعونا نتجنب إسرائيل، التي يراها الكثير من العرب امتدادا للحقبة الاستعمارية الغربية في المنطقة. ولكن، دعونا نعود أدراجنا إلى الغزو الأميركي للعراق قبل عشر سنوات أو يزيد، والنتائج التي أعقبت إسقاط نظام حكم صدام حسين السني لصالح الأغلبية الشيعية في العراق، التي تقف وراءها وتدعمها إيران. وبالتأكيد نحن نشاهد الكارثة الراهنة في سوريا، حيث تخلى أوباما عن ”خطوطه الحمراء” ضد استخدام نظام الأسد، المدعوم من إيران، للأسلحة الكيميائية ضد شعبه، والاستنتاج العربي بأن ”العجز” هو مسمى اللعبة التي يلعبها أوباما حاليا في واشنطن.
أجل، انتقل العرب بأنفسهم إلى حالة من الغضب الشديد. وهم مقتنعون أن الخطط الإمبراطورية الإيرانية في المنطقة سوف تتأكد بعقد الاتفاق النووي ما بينها وبين الدول الغربية في نهاية المطاف، وهي الصفقة التي من شأنها التقريب بين طهران وواشنطن أكثر من ذي قبل، وتوفر لإيران فيضانا من الأموال عقب رفع العقوبات الاقتصادية عنا.
والرسالة الحقيقية بالفعل موجهة على أوباما الذي يحافظ على خط الاتساق مع إيران، متجاهلا في الوقت ذاته مجرد التماهي مع صناع القرار في المنطقة.
أولا: مدت إيران ذراعها داخل منطقة الشرق الأوسط في ظل عدم وجود الاتفاق النووي، وليس العكس. وكانت إيران في ذلك غير مقيدة بأية اتفاقية تلزمها مع القوى العظمى مما يدفع بها قريبا من عالم القواعد والالتزامات الدولية. ولقد وسعت إيران وبصورة كبيرة من برنامجها النووي. وما الذي يثير المزيد من التهديد نحو العالم العربي - أهي إيران النووية، أم إيران التي يعاني برنامجها النووي من صعوبات مالية، ويواجه قيودا ومن بينها المراقبة الدولية المكثفة؟
ثانيا: إن الإحساس العربي بالهوان، على أدنى تقدير، يستعر أواره داخليا كما يستعر أيضا خارجيا. والعرب مثلهم مثل أية قوة أخرى في العالم، هم فقط من يملكون حق تقرير مصيرهم. ولقد ثار الملايين من الشباب العربي قبل سنوات مطالبين بالتمكين والفرص. ولا تزال تلك الآمال معلقة، على الأقل خارج تونس ودبي المزدهرة.
ثالثا: هناك في إيران الجنرال المتشدد صاحب النزعة التوسعية قاسم سليماني قائد فيلق القدس من الحرس الثوري الإيراني، كما أن هناك الزعيم الإصلاحي الذي يودّ تجديد العلاقات الإيرانية مع الغرب وهو الرئيس حسن روحاني. ما زال الرجلان على ذات خط التوازن سياسيا، فكل منهما في حاجة إلى الآخر ليستمر. وينبغي على مجلس التعاون الخليجي التركيز أكثر على الفصيل الذي تتعزز قواه أكثر عقب إبرام الاتفاق النووي.
رابعا: تعد إيران قوة إقليمية في منطقة الشرق الأوسط. وقد تبدو المصلحة الاستراتيجية قصيرة الأمد للدول العربية من واقع المحافظة على حالة الوضع الراهن غير المرضية، والتي تحفظ لإيران المارقة وجودها، وتترك الولاءات الأميركية دونما تغيير. وفي واقع الأمر، يتعين للمصلحة العربية الحقيقية أن تنصب على عدم عمل إيران مجددا لحسابها الخاص، وتقييدها بالاتفاقيات الدولية مع القوى العظمى، والاستفادة من التعاون الاقتصادي الإقليمي، والدفع بالشباب الإيراني في اتجاه الإصلاح.
يحتاج تعريف إينشتاين للجنون - فعل ذات الأمر مرارا وتكرارا انتظارا لنتائج مختلفة - إلى تعديل. فالجنون هو فعل ذات الأمر (في الشرق الأوسط) مرارا وتكرارا انتظارا لنتائج مختلفة.
يبدو أن أوباما من رجال المهام المتعددة الذي ينزع للاستفادة من كل ما حوله. فهناك مخاطر وراء عقد الاتفاق النووي مع إيران، غير أن مخاطر عدم إبرام الصفقة أكبر بكثير.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.