* مخاطر ومضاعفات صحية في ظل غياب الوسائل الطبية الضرورية في الوقت الذي تضطر بعض الأمهات للولادة في البيت بسبب ظروف قاهرة أو لتعذر تنقلهن إلى المستشفيات والعيادات الطبية، يكون هذا النوع من الولادات سبيل الأمهات العازبات الأوحد لإعطاء حياة لمولود ترفض المصحات القانونية استقباله. وبين هذا وذاك تجازف قابلات بالعمل في الخفاء ودون أي ترخيص قانوني، ما قد يعرضهن لعقوبات ردعية مشددة، مقابل تلبية نداء إنساني أوطمعا في تحقيق ربح مادي خيالي. في الوقت الذي تلجأ بعض النسوة مخيرات الى الولادة في البيت، لاسيما في البلدان الأوروبية التي تعتمد هذه الطريقة لتحظى الأم بظروف ولادة حميمية في بيتها وبالقرب من أفراد عائلتها، تضطر أخريات مجبرات للحل الوحيد الذي يمكنهن من وضع مولود خارج الإطار القانوني، في حال غياب دفتر عائلي يثبت شرعيته، ما يجعلهن ضحايا استغلال قابلات تنتهزن الفرصة لتحقيق ربح مادي خيالي، لا يقل في العادة عن 40 ألف دج مقابل تسهيل عملية الولادة في كل سرية. الظروف المادية والصدفة القاهرة تدفعهن للولادة سرا لا تساعد التكاليف الباهظة التي تفرضها العيادات الخاصة النساء الحوامل على اتخاذ قرار الإنجاب بها، كما أن المعاملة السيئة التي اشتهرت بها المستشفيات العمومية، والتي راج عنها ضعف الخدمة والعديد من المضاعفات التي تحبذ هؤلاء تجنبها، دفع بعض الحوامل للمخاطرة واللجوء إلى الولادة في المنزل بمساعدة بسيطة من إحدى القابلات من ذوات الخبرة من السيدات المتقدمات في السن عادة، اللواتي تتجهن للقيام بهذه العملية بطريقة سرية وغير قانونية في سبيل تحقيق ربح مادي. غير أن الصدفة هي العامل الأساسي في الغالب للتوجه إلى مثل هذا النوع من الولادة. في السياق، أكدت كهلوز نادية، الناطقة باسم الفيدرالية الوطنية للقابلات، أن الواجب الإنساني يدفع القابلة لتسهيل ولادة أي حامل في حال تعذر وصولها إلى المستشفى أو أي ظروف قاهرة تحتم عليها الولادة في الحال. ورغم منع القانون لمثل هذه الممارسات إلا أن أخلاقيات المهنة تدفعهن للمخاطرة من أجل إنقاذ حياة الأم والطفل. ولأن المجازفة غير قانونية تلجأن في العادة إلى القيام بالمهمة سرا ودون دراية أحد، مشددات على المعنيات الاحتفاظ بالصمت حيال الأمر، لما قد يلاحقهن من مسائلات قانونية جراء ذلك. 40 ألف دج كأدنى حد لتوليد الأمهات العازبات من أجل إخفاء فعلتهن التي يعاقب عليها الشرع ويحاسب عليها المجتمع، ولأجل تفادي خيار الإجهاض الذي يضاعف لديهن الشعور بالذنب، تلجأ أغلب الأمهات العازبات إلى الولادة سرا. ولأن المستشفيات العمومية والخاصة لا تستقبل إطلاقا من لا تحوز دفترا عائليا يثبت نسب الطفل إلى أولياء شرعيين، كانت القابلة السبيل الوحيد والأمثل لهذه الشريحة لإعطاء حياة لمولود بريء لا ذنب له. في السياق يقدر بعض المختصين في هذا الشأن والمتابعين لهذا الملف، عدد الأطفال غير الشرعيين بنحو 45 ألف طفل في السنة، في حين تتخلف الحكومة عن إعطاء الإحصائيات الدقيقة بسبب تعاملها مع السجلات الرسمية للمواليد بالمستشفيات العمومية والخاصة، وهو ما يرجعه أهل الاختصاص إلى توجه الأمهات العازبات إلى قابلات تتنقلن إلى المنازل للقيام بهذه المهمة بكل سرية، واللاتي تفرضن على هذا النوع بالذات من الحالات مبلغ ماليا لا يقل عن 40 ألف دج في الغالب، حسب ما أكدته إحدى القابلات التي رفضت الكشف عن هويتها، مشيرة إلى:”أن المخاطر في هذه الحالة مضاعفة، ناهيك عن كون الأمر غير قانوني، الزبونة كذلك لا تحمل وثيقة قانونية”. مخاطر ومضاعفات صحية بالجملة.. دون أدنى شك أن الولادة التي تتم خارج المنزل تبقى محفوفة بالمخاطر، أبرزها وفاة الأم أو الجنين، أين حذرت دراسة طبية حديثة من أن الولادة في المنزل تضاعفت بمعدل ثلاثة أضعاف معدلات وفيات حديثي الولادة مقارنة بالولادات التي تجرى في المستشفيات والمراكز الطبية، بالإضافة إلى ارتباط هذه النوعية من الولادات بولادة أطفال منخفضي الوزن. وكانت الأبحاث أجريت على مجموعة من حديثي الولادة، مجموعة منهم ولدوا في المستشفيات والأخرى في المنزل، حيث لوحظ أن معدل وفيات الأطفال في المنزل بلغ الضعفين مقارنة بالأطفال الذين ولدوا في المستشفيات. وأشارت البيانات إلى أن تشوهات الولادة بين حديثي الولادة بلغت 0.15 بالمائة بين الأطفال الذين ولدوا في المنزل مقارنة بنحو 0.04 بالمائة بين الأطفال الذين ولدوا في المستشفيات. في السياق، كشف تقرير بريطاني جديد أن اختيار المرأة ولادة طفلها الأول في المنزل يزيد من مخاطر وفاة المولود أو معاناته من ضرر دماغي بحوالي 3 مرات أكثر من الولادات التالية. وذكرت صحيفة ”ديلي ميل” البريطانية أن الأمهات للمرة الأولى اللواتي يلدن في المنزل هن ثلاث مرات أكثر عرضة لإنجاب طفل من الممكن أن يموت أو يشكو من ضرر بالدماغ، وتبين ان وحدات الأمومة التقليدية في المستشفى هي المكان الأكثر أماناً لتلد النساء أطفالهن الأوائل. وتبين في التقرير أن الأمهات للمرة الأولى هن 2.8 مرات أكثر عرضة للمعاناة في المنزل من مشاكل خطيرة، منها في وحدات الولادة بالمستشفى. وتبين في الدراسة أن حدوث مشاكل جدية عند الولادة في المستشفى هو 3.5 من كل ألف، في حين يرتفع عندما تكون الولادة في المنزل إلى 9.5 في الألف، ووجد الباحثون أن ما من زيادة في مخاطر إنجاب الطفل الثاني أو الثالث في البيت، ناهيك عن استخدام أدوات غير معقمة نتيجة نقص الوسائل، وارتفاع ضغط دم الحامل الذي يستدعي لوحده عناية صحية مركزة، لما قد يسببه من فقدان حياة الأم أوالجنين.