* السلطات العمومية مطالبة بتهيئة ممرات ومصاعد لهذه الفئة ”نريد التفاتة من المسؤولين، نريد ممرات ومصاعد، نريد تهيئة معابر خاصة بفئة المعاقين حركيا” هي صرخة أطلقها الشاب ”محمد بوديسة” المعاق حركيا، الذي عانى ويعاني هو الآخر الويلات وفضّل أن يتحدث نيابة عن هذه الفئة ورفع انشغالها حيث يقول أن ” الاهتمام بهذه الفئة يبقى في كل مرة شعار يتغنى به المسؤولون خلال المناسبات والأيام الوطنية لهذه الفئة”، ثم يواصل ” لكن سرعان ما يعاد الشعار إلى الأدراج ليركن وسط الملفات ويصبح في طي النسيان في انتظار عودة المناسبة السنة المقبلة”. ويروي الشاب بوديسة، صاحب ال 33 عاما، معاناته اليومية في غياب تهيئة خاصة بفئة المعاقين حركيا، حيث يقول أنه ” يجد نفسه يوميا مطالب بالاستنجاد بأشخاص من أجل مساعدته على الصعود أو النزول من الرصيف أو الحافلة أو السلالم، وبالتالي تزداد معاناته اليومية كونه لا يستطيع التحرك بمفرده ويصطدم دوما بعائق يزيد من محنة إعاقته وهو الذي يحلم بالعيش بصفة عادية والتمتع بنوع من الاستقلالية في التنقل. و يقول الشاب بوديسة أن” المعاق حركيا يعاني الويلات في مجال النقل فلا ممرات لهذه الفئة ولا مصاعد ولا تجهيزات تساعدهم على التنقل والتحرك بطريقة سهلة ”، وسرد لنا ” في إحدى المرات وجد مقاولا يقوم بتبليط الرصيف، فطلب منه تخصيص ممر للمعاقين حركيا حتى يسهل عليه وعلى المعاقين حركيا النزول أو الصعود فوق الرصيف، لكن في اليوم الموالي، لم يجد ما طلبه من المقاول الذي ضرب بطلبه عرض الحائط”، ليردف قائلا ” هذه عيّنة تجسد فكرة عدم الاهتمام بانشغالاتنا”. و لم يخف المتحدث أن ” الوقت الذي يستغرقه المعاق حركيا لقطع نفس المسافة التي يقطعها شخص عادي تساوي ثلاث أضعاف بسبب صعوبة التنقل حيث يضطر المعاق حركيا انتظار حافلة كبيرة حتى يتمكن من إيجاد مكان له ولكرسيه المتحرك بداخلها وعليه أن يساعده الناس على الصعود، في حين الشخص العادي يصعد في أي حافلة وبإمكانه البقاء واقفا”. و بالنسبة للشاب الجامعي فإن ” هذا المثال هو جزء من معاناة فئة ذوي الإعاقة الحركية مع النقل والممرات وهي المعاناة التي بالإمكان القيام بإسقاطها على وسائل النقل الأخرى، كالقطارات، حافلات النقل الحضري والميترو دون الحديث عن المرافق العمومية التي تفتقد إلى ممرات خاصة بهذه الفئة كالمركبات الرياضة والملاعب الجوارية والحدائق العمومية وحتى الشواطئ تنعدم فيها ممرات للمعاقين حركيا”، حتى أن بعض المعاقين الذين يعتمدون على أنفسهم في التنقل بالكرسي المتحرك لا يتذكرون إعاقتهم إلا عند الوصول إلى مثل هاته الأماكن التي لا توجد بها ممرات أو مصاعد أو رافعات آلية”. المعاناة اليومية للشاب بوديسة، المتحسر على حالة ذوي الإعاقة الحركية، يصادفها في كل مكان بدء بالجامعة حيث كان يدرس بجامعة الخروبة تخصص ”قانون الأعمال” حيث سئم من الدراسة هناك لأنه كان يضطر يوميا طلب المساعدة من زملائه من أجل حمله رفقة كرسيه المتحرك إلى الطوابق العليا لمزاولة الدراسة، فيتنقل بين الأقسام وقاعات الأعمال التطبيقية بمساعدة زملائه في كل مرة ” وهي معاناة تتكرر يوميا في جامعة لم يفكر مسؤولوها في إيجاد حل لبعض المعوقين حركيا الذين يزاولون دراستهم هناك”. ويعود الطالب بوديسة للحديث عن النقل وكيفية الوصول إلى الجامعة حيث يضطر في كل مرة إلى قطع مسافة حتى وإن لم تكن طويلة جدا- كونه يقطن بالكاليتوس شرق العاصمة - إلا أن الوسائل التي يستعملها للوصول تنعدم فيها تهيئة من شأنها التخفيف من معاناته . وقال في هذا الصدد ” اعترف أني أصل إلى الجامعة منهك القوى ومتعب من الرحلة التي أقطعها والتي تدوم على الأقل ثلاث ساعات عوض ساعة واحدة”. ثم يواصل ” أنا مضطر لانتظار الحافلة الكبيرة لساعات طويلة كون عددها قليل مقارنة بحافلات النقل الصغيرة، فأبوابها واسعة وبإمكان الكرسي المتحرك أن يدخل فيها عكس الحافلات الصغيرة، كما أستعين في كل مرة بالمواطنين لحملي إلى الداخل أو إنزالي منها”. ويتابع ” في بعض الأحيان، أتجه إلى محطة القطار بالحراش لركوب القطار، لكن تبقى معاناتي متواصلة بسبب غياب ممر للمعاقين حركيا والصعود إلى المحطة عبر السلالم يتطلب مساعدة المواطنين، حتى في الرصيف اضطر لطلب مساعدة المسافرين للصعود إلى القطار أو النزول منه عند بلوغ المحطة التي أتوجه إليها”. نفس السيناريو يتكرر في محطة الميترو، وهي وسيلة النقل التي حرم منها المعاقون حركيا ”بسبب غياب المصاعد حتى الموجودة منها في بعض المحطات معطلة، أو يرفض القائمون عليها أن يتم استعمالها، وبالتالي تتواصل معاناة المعاق حركيا يوميا حيث يصارع الإعاقة ونظرة المجتمع إليه بالإضافة إلى عدم مبالاة المسؤولين وعدم اهتمامهم بتهيئة الأرصفة والممرات وتخصيص المصاعد لهاته الفئة”. ويؤكد الشاب بوديسة أن بعض المسؤولين يرفضون المعاق وتم تسجيل حالات رفض في المؤسسات التربوية كالمدارس والمتوسطات والثانويات حيث ينتاب المعاق إحساسا أنه أصبح عبئا ثقيلا على المجتمع، عوض أن يتم تسهيل إدماجه في الحياة اليومية. كما أشار محدثنا إلى مشكل الحصول على العمل بسبب غياب التهيئة في أماكن العمل سواء في المؤسسات العمومية أو الخاصة حيث ترفض كلها توظيف هؤلاء بسبب انعدام مستلزماتها في مصالحها مما يعيق عمل هذه الفئة في أوساطها.وختم الطالب المعاق حركيا حديثه بتوجيه رسالة قوية إلى السلطات يطالب فيها بضرورة العمل على تهيئة ممرات ومصاعد وتجهيزات من شأنها أن تساعد المعاق حركيا في تنقلاته اليومية وتنسيه نوعا ما إعاقته، وتعيد له نوعا من الاستقلالية في التحرك والتنقل حفاظا على مشاعره واحتراما لأدنى حقوقه التي بقيت حبيسة الأدراج والبيروقراطية والوعود الكاذبة، وفق تعبيره.