سعداوي ينصب اللجنة المكلفة بالوقاية من تعاطي المخدرات    ضرورة تكثيف الرقابة التحليلية وتسهيل عمليات الاستيراد    مسيرة الجزائر الجديدة ماضية قدمًا ولن يتمكن أحد من إيقافها    عجال يترأس اجتماعا تقييميا استراتيجيا مع مسؤولي الوزارة    توقيف 8 مهربين متخصصين في الاتجار بالأقراص المهلوسة بالوادي    أمطار مرتقبة بعدة ولايات شمال البلاد    حرفة متأصلة حافظت على خصوصياتها    تطلق حملة وطنية للتلقيح تستهدف "4.425.502 طفلا    انطلاق الحملة الوطنية للتلقيح ضد شلل الأطفال ابتداء من الأحد المقبل    رزيق يستعرض الجهود    الاتحاد يفوز..    حجز طائرات درون بسطيف    مشروبات الطاقة خطر على الصحّة    رونالدو يكرّر هدفه    ملفّات هامّة على طاولة الحكومة    ماندي يؤكد مع ليل ويدعم موقف فلاديمير بيتكوفيتش    لست قلقا على مكانتي مع "الخضر" وسأنتظر فرصتي    دينامو زغرب يطمئن بخصوص إصابة بن ناصر    حماية المعطيات الشخصية من رهانات السيادة الوطنية    المؤسسات الناشئة تقدّم حلولا حقيقية لخدمة المواطن    المسجلون في "عدل3" مدعوون للإطلاع على نتائج دراسة الطعون    دعم الجزائر ثابت لمنتدى الطاقة الدولي    حروب الجيل الخامس و السيبرانية تعمل على إفساد الأسرة    ترسانة من القوانين لحماية حرائر الجزائر    انطلاق المهرجان الوطني للمسرح الأمازيغي بباتنة    "جنازة أيوب".. حينما يفجر الميراث العائلة    استعداد للاحتفال بالذكرى ال193 للبيعة الأولى للأمير عبد القادر    عرض مسودة مشروع تعديل القانون الأساسي ديسمبر المقبل    تمكين متربّصي التكوين من خدمات النقل الجامعي    المؤسسات الاستشفائية تحت مجهر وزارة الصحة    الرادار يرصد 461 مخالفة سرعة    مئات المدارس الجديدة عبر الوطن    وقوف الجزائر مع فلسطين في صدر الأولويات    الجزائر تستعد لاحتضان المنتدى الإفريقي الرابع للمؤسسات الناشئة... وعرقاب يستعرض مكاسب التحول الاقتصادي    وزارة الصحة تطلق حملة وطنية للتلقيح ضد شلل الأطفال عبر ثلاث دورات    هذه أسلحة بوقرة في كأس العرب    أفريقيا فعلا للأفارقة..؟!    مريبعي: الجزائر تتحمّل العبء الأكبر    هذه أضعف صور الإيمان..    شجرة الأخلاق تسمو بالبشر نحو الصفاء الروحي    لوحات ترقيم موحّدة للسيارات قريبا    "حماس" تنفي إنهاء اتفاق وقف إطلاق النار    يوم تكويني للمشرفين على تربص طلبة السنة الثالثة    فتاوى : زكاة الذهب الذي ادخرته الأم لزينة ابنتها؟    المؤمن لا يعيش بين لو وليت    {فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا} …ميثاق الفطرة    البحث مستمر عن مفقودين.. حصيلة فيضانات فيتنام ترتفع إلى 90 قتيلاً    غزّة لا تزال تفعل العجائب    بودن يلتقي بكينشاسا مع الأمين العام للاتحاد البرلماني الدولي    أوكرانيا في مرمى العاصفة الأمريكية    اليوم التالي بنسخته الأمريكية    قرعة الحج تصنع أفراح آلاف العائلات    تخصيص 100 ألف يورو مساعدات للاجئين الصحراويين    الرئيس يترحّم على ابن باديس    توقرت تحيي الذكرى ال68 لاستشهاد البطلين محمد عمران بوليفة ولزهاري تونسي    يخافون يوما تتقلب فيه القلوب والأبصار    تحسبا لكأس أفريقيا 2025.. 3 منتخبات إفريقية ترغب في إقامة معسكرها الإعدادي بالجزائر    عمورة ثالث هدافي العالم في تصفيات مونديال 2026    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ما‮ أحوج‮ العالم‮ إلى‮ حضارتنا‮ الإسلامي

لا شك في أن القيم الاجتماعية تشكل أساساً ضرورياً لكل مجتمع بشري، وعلى الرغم من الاختلاف الحضاري لهذه المجتمعات فإن هذا الاختلاف لا يجوز أن يفهم على أنه يمثل عائقاً أمام التواصل بين الحضارات، فالعكس هو الصحيح، لأن التنافس بين الحضارات والتفاعل فيما بينها هو الذي يجعلها أكثر حيوية وأكثر ثراء وأكثر انفتاحا وأقدر على التواصل، ومن أجل ذلك وجدنا القرآن الكريم ينبه إلى أن الاختلافات بين البشر تعد سبيلا إلى التعارف والتواصل وليس مدعاة إلى النزاع والشقاق: »وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا«، ومن هنا‮ تحتاج‮ الحضارات‮ كل‮ منها‮ للأخرى‮.‬
وهناك علاقة وثيقة بين الحضارة والحرية، فالحضارة تحتاج إلى الحرية لتزدهر وتنمو، وفي الوقت نفسه فإن الحضارة تمكن للحرية وتجعلها أكثر فاعلية، والقيم لا تتحقق إلا بالاختيار الحر للفرد أو الجماعة، صحيح أننا نرث حضارتنا وقيمها ولكن علينا أن نعمل على اكتسابها بجهودنا‮ الخاصة‮ لكي‮ نكون‮ على‮ وعي‮ حقيقي‮ بها،‮ وبذلك‮ نحصل‮ على‮ الهوية‮ الضرورية‮ لوجودنا‮ الإنساني‮.‬
ولذلك لا نستطيع ولا يجوز أن نفرض على الآخرين، سواء كانوا أفرادا أو مجتمعات، قيمنا الخاصة، فالقيم لا يمكن توصيلها للآخرين إلا عن طريق القدوة وليس عن طريق القوة، إنها قيم تتطور في خصوصياتها وعالميتها في سياقات مختلفة للحضارات ويحصل عليها المرء عن طريق الثقافة‮.‬
وهذا التصور الأساسي للقيم الاجتماعية وشروط تحقيقها التي تتمثل في التسامح الديني والحضاري والتعددية الثقافية قد أرسى الإسلام قواعده منذ بداياته، كما أن الجهود الهادفة إلى تكوين نظام اجتماعي تعددي عادل يعد أحد أهدافه الرئيسية. والهدف الذي ترمي إليه هذه الجهود للاتفاق على قيم اجتماعية في الحوار الحضاري تتمثل بوجه خاص في العمل على قيام تعايش سلمي إيجابي بين الحضارات عن طريق زيادة الفهم المشترك والاحترام المتبادل. ويمكن أن يزعم المرء أن كلاً من الحضارتين الإسلامية والغربية لديهما من حيث المبدأ الأهداف نفسها، أي:‮ السلام‮ والتقدم‮ لكن‮ الطرق‮ التي‮ يسلكانها‮ للوصول‮ إلى‮ هذا‮ الهدف‮ مختلفة‮ طبقا‮ لسياق‮ كل‮ حضارة‮ .‬
بين‮ حضارتين
إن الحضارة الغربية تؤكد بوجه خاص على ضرورة النظام القانوني ودعم الديمقراطية والإصلاحات السياسية وتطبيق حقوق الإنسان، كما تؤكد بوجه خاص على مبادرات الجهود المدنية، وعلى الفعل السياسي المنظم، أما الحضارة الإسلامية فإنها من جانبها تؤكد على المسؤولية الذاتية والمجتمعية‮ وعلى‮ تكريس‮ الجهود‮ الخالصة‮ لعمل‮ الخير،‮ وتعمل‮ على‮ بلوغ‮ الأهداف‮ نفسها‮ لإصلاح‮ المجتمع‮.‬
ومن ناحية أخرى أكدت الحضارة الإسلامية منذ بدايتها على قضايا الحقوق العامة للإنسان وعلى التعددية الحضارية، وهكذا وجدنا الإسلام يؤكد منذ البداية على سبيل المثال على المساواة المبدئية بين الرجال والنساء ويسعى إلى تحسين أوضاع النساء بالتدريج اللاتي لم يكن لهن قبل الإسلام أي حقوق، ولكن في حين أن العالم الغربي قد اهتم بوجه خاص بإجراء الإصلاحات السياسية والقانونية فإن العالم الإسلامي يؤكد ولا يزال أهمية التجذر لكل القيم الاجتماعية في الدين الذي ينبغي أن يوجه من حيث المبدأ الحياة كلها.
وطبقاً للتصور الإسلامي فإن القيم الاجتماعية تفقد في صراع الوجود قدرتها إذا لم تكن جذورها مترسخة في الطبيعة الأخلاقية للإنسان التي يؤكدها الدين، كما أن من المعلوم أن فلسفة الحضارة قد بينت منذ زمن طويل حقيقة تجذر كل حضارة في الدين، والآثار التي خلفتها الحضارات‮ السابقة‮ خير‮ شاهد‮ على‮ ذلك،‮ فكل‮ ما‮ تركه‮ لنا‮ قدماء‮ المصريين‮ من‮ آثار‮ على‮ سبيل‮ المثال‮ يعبر‮ تعبيراً‮ واضحاً‮ عن‮ رموز‮ دينية،‮ وهكذا‮ الحال‮ في‮ بقية‮ الحضارات‮.‬
تواصل‮ وتكامل
وهناك حقيقة مهمة ينبغي أن نوجه إليها الأنظار في هذا الصدد، وتتمثل في أن كلا من الحضارة الإسلامية والحضارة الأوروبية لم تكن أي منهما بمعزل عن الأخرى على الرغم من الاختلافات بينهما، فحلقات الوصل بينهما كانت في السابق ولا تزال حتى يومنا هذا قائمة وفاعلة، ويمكن‮ أن‮ نشير‮ هنا‮ بوجه‮ خاص‮ إلى‮ التأثير‮ القوي‮ لفلسفة‮ ابن‮ رشد‮ التي‮ أسهمت‮ إسهاما‮ لا‮ يمكن‮ تجاهله‮ في‮ نشأة‮ النهضة‮ الأوروبية‮ وقيام‮ الحركة‮ العقلية‮ في‮ أوروبا‮.‬
ومن الأمور التي ينبغي أن ننبه إليها في هذا الصدد خطأ الاعتقاد بأن حقوق الإنسان تعد إنجازاً أوروبياً خالصاً، ولا يجوز أن يغيب عن الأذهان أن المبدأ العالمي لحقوق الإنسان العامة يتطلب الاعتراف لكل الناس من حيث المبدأ بالمساواة في القيم وفي الكرامة الإنسانية، وهذا يعني أيضاً الاعتراف للآخر بنظرته الخاصة للحياة، ولذلك فإن على كلا الجانبين أن يبذلا الكثير من الجهود المشتركة من أجل ترسيخ قيم الاحترام المتبادل والاعتراف بالحقوق المتساوية والإقرار بالفروق وفهم الآخرين. والاتفاق على هذه الأمور التي تعني إدراك حقيقة الاختلاف‮ بين‮ الناس‮ يعد،‮ إذاً،‮ الخطوة‮ الأولى‮ للتفاهم‮.‬
حقوق‮ الإنسان
وفي هذا الصدد تتبنى الحضارة الإسلامية بوجه خاص القيم الاجتماعية التي تدعو إلى التسامح الديني والحضاري والتعددية الثقافية، ونشر القيم عن طريق القدوة وليس عن طريق العنف، والتأكيد على قيم الأسرة التي لا يمكن التخلي عنها، وحماية حقوق الإنسان العامة، ويدور الأمر في ما يتعلق بحقوق الإنسان الإسلامية العامة حول حماية النفس والعقل والدين والمال والنسل والأسرة، التي تعد مقاصد أساسية للشريعة الإسلامية، وقد تكون هذه القيم قد اعتراها الضعف نتيجة للتراجع الحضاري في العالم الإسلامي، ولكن ذلك لا يعني بالضرورة أنها لم تعد موجودة‮ في‮ الضمير‮ الإسلامي‮. ويمكن‮ تحقيق‮ النظام‮ الاجتماعي‮ العادل،‮ طبقاً‮ للتصور‮ الإسلامي،‮ في‮ كل‮ مجتمع‮ يدعو‮ إلى‮ الخير‮ ويأمر‮ بالمعروف‮ وينهى‮ عن‮ المنكر،‮ كما‮ يشير‮ إلى‮ ذلك‮ القرآن‮ الكريم‮.‬


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.