عطاف يجري محادثات مع الأمين العام للأمم المتّحدة بنيويورك    نشاط "سيدار" لن يتأثّر بحادث وحدة تحضير المواد والتّلبيد    احتضنته جامعة محمد الصديق بن يحي بجيجل: ملتقى وطني حول دور الرقمنة في مكافحة الفساد والوقاية منه    الجزائر تنجح في تحقيق تأييد دولي "ساحق" لأم القضايا    فوكة في تيبازة: افتتاح مركز تحضير النخب الوطنية بمعايير عالمية    اصطياف 2024..فرصة إبراز وجهة الجزائر السّياحية    خلق أزيد من 3000 منصب عمل دائم في المرحلة الأولى من العملية: تسليم قرارات تغيير النشاط وتعديل الشكل القانوني لفائدة المستثمرين بقسنطينة    لعقاب يقرر إنهاء مهام المدير العام لجريدة "الجمهورية"    الأئمّة بالمرصاد لكل المؤامرات التي تحاك ضد البلاد    إيران وسياسة الدفاع الإقليمي في الشرق الأوسط    إشادة فلسطينية بالدعم الجزائري    عميد جامع الجزائر يستقبل المصمّم    أتلانتا يقصي ليفربول من الدوري الأوروبي    هلاك 5 أشخاص وإصابة 175 آخر بجروح    رقمنة السّكن الاجتماعي.. وإطلاق "عدل 3" قريبا    اتّساع حظيرة المركبات يفرض استعمال تقنية الخرسانة الإسمنتية    ارتفاع جنوني في أسعار الخضر بعد رمضان    وزارة الثقافة تقدّم ملف الزّليج لدى اليونيسكو    36 مؤسسة إعلامية أجنبية ممثّلة في الجزائر    لا بديل عن رفع مستوى التّكفّل بمرضى القلب والشّرايين    نعمل على تقليل ساعات انتظار الحجاج بالمطارات ال 12 المبرمجة    حزب التجمع الجزائري يعقد اجتماعا لمكتبه الوطني تحضيرا للانتخابات الرئاسية    الأندية الجزائرية..للتّألّق وتحقيق أفضل نتيجة    حفل افتتاح بهيج بألوان سطع بريقها بوهران    الإدارة تقرّر الإبقاء على المدرّب دي روسي    "الهولوغرام" في افتتاح مهرجان تقطير الزهر والورد بقسنطينة    في إطار دعم الاستثمار: ترحيل استثنائي لعائلين بأولاد رحمون بقسنطينة لتوسعة مصنع    الكشافة الإسلامية الجزائرية تنظم ملتقى حول التنمية البيئية    فايد يشارك في أشغال الاجتماعات الرّبيعيّة ل "الأفامي"    ألعاب القوى/مونديال-2024 / 20 كلم مشي: الجزائر حاضرة بستة رياضيين في موعد أنطاليا (تركيا)    ادعاءات المغرب حول الصحراء الغربية لن تغير من طبيعة القضية بأنها قضية تصفية استعمار    العاصمة.. تهيئة شاملة للشواطئ وللحظيرة الفندقية    هؤلاء سيستفيدون من بطاقة الشّفاء الافتراضية    حصيلة شهداء غزة تتجاوز 34 ألف ومناشدات لتوثيق المفقودين    حركة البناء الوطني تنظم ندوة لشرح خطتها الإعلامية الرقمية تحسبا للانتخابات الرئاسية    بجاية: مولوجي تشرف على إطلاق شهر التراث    المهرجان الثقافي الوطني لأهليل: أكثر من 25 فرقة تشارك في الطبعة ال 16 بتيميمون    "صديق الشمس والقمر " تفتكّ جائزة أحسن نصّ درامي    الملتقى الدولي "عبد الكريم دالي " الخميس المقبل..    المجمّع الجزائري للّغة العربية يحيي يوم العلم    باتنة.. إعطاء إشارة تصدير شحنة من الألياف الإصطناعية إنطلاقا من الولاية المنتدبة بريكة    وهران.. تعزيز روح المبادرة لدى طلبة العلوم الإنسانية    قطاع المجاهدين "حريص على استكمال تحيين مختلف نصوصه القانونية والتنظيمية"    انخفاض عبور سفن الحاويات في البحر الأحمر بأكثر من 50 بالمئة خلال الثلاثي الأول من 2024    ليفربول يرفض انتقال المصري محمد صلاح للبطولة السعودية    بلعريبي يتفقد مشروع إنجاز المقر الجديد لوزارة السكن    فلسطين: 50 ألف مصلي يؤدون صلاة الجمعة في المسجد الأقصى المبارك    الإذاعة الجزائرية تشارك في أشغال الدورة ال30 للجمعية العامة ل"الكوبيام" في نابولي    تصفيات مونديال أقل من 17 سنة/إناث: المنتخب الوطني ينهي تربصه التحضيري بفوز ثانٍ أمام كبريات الجزائر الوسطى    تجارة: زيتوني يترأس إجتماعا لتعزيز صادرات الأجهزة الكهرومنزلية    هيومن رايتس ووتش: جيش الإحتلال الصهيوني شارك في هجمات المستوطنين في الضفة الغربية    وزير الصحة يشرف على لقاء لتقييم المخطط الوطني للتكفل بمرضى انسداد عضلة القلب    هذا موعد عيد الأضحى    استحداث مخبر للاستعجالات البيولوجية وعلوم الفيروسات    أوامر وتنبيهات إلهية تدلك على النجاة    عشر بشارات لأهل المساجد بعد انتهاء رمضان    وصايا للاستمرار في الطّاعة والعبادة بعد شهر الصّيام    مع تجسيد ثمرة دروس رمضان في سلوكهم: المسلمون مطالبون بالمحافظة على أخلاقيات الصيام    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بمناسبة اليوم العالمي للكِتاب و حقوق المؤلف
نشر في النصر يوم 27 - 04 - 2015

كُتاب يتحدثون عن سياسة و قانون الكِتاب و حقوق المؤلف في الجزائر
احتفل العالم نهاية الأسبوع، باليوم العالمي للكِتاب وحقوق المؤلف، حيث، كان الكِتاب المُحتفى به بلا منازع. ففي 23 أفريل من كل عام، تحتفل منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة «اليونسكو»، ومعها الهيئات والمؤسسات الثقافية في شتى بقاع العالم، باليوم العالمي للكِتاب وحقوق المؤلف، وهذا من أجل تعزيز القراءة ونشر الكُتب وحماية الملكية الفكرية. وكما جاء في وثيقة اليونسكو، فإن يوم 23 أفريل، هو تاريخ رمزي في عالم الأدب العالمي، ففي هذا التاريخ من عام 1616، شهد العالم وفاة نخبة من الكُتاب والمبدعين العالميين، منهم: ميغيل دي سرفانتس، وليم شكسبير، آلاينكا غارسيلاسو دي لافيغا. كما يصادف يوم 23 أفريل ذكرى ولادة أو وفاة عدد من الأدباء، مثل موريس درويون، هالدور ك. لاكسنس، فلاديمير نابوكوف، وجوزيب بْلا، ومانويل ميخيا فاييخو. وغيرهم الكثير. هذا التاريخ الرمزي في عالم الأدب، أقرته منظمة اليونسكو، كاحتفالية سنوية، بمبادرة أطلقتها لصالح الكِتاب وحقوق المؤلف، خلال مؤتمرها في باريس عام 1995، حيث خصصت يوم 23 أفريل يومًا عالميًا للكِتاب وحقوق النشر والملكية الفكرية. وجعلت هذه المناسبة، كفرصة للاحتفاء بالكِتاب ودراسة سبل ترقيته وانتشاره، وتعزيز الجوانب الثقافية له. بهذه المناسبة، كُتاب و أدباء يتحدثون في ندوة «كراس الثقافة» في عدد اليوم، عن حال و وضع الكِتاب وحقوق المؤلف في الجزائر، خاصة في ظل أسئلة تُطرح هنا
و هناك بشأن مشروع القانون الجديد للكِتاب، و الذي سيطرح قريبا على البرلمان للمصادقة.
استطلاع/ نوّارة لحرش
رشيد فيلالي/ كاتب
المؤلف لقمة سائغة للناشرين الذين نمتصون عرقه و يرمون له بعض الفتات
في تصوري الخاص أن وضع الكاتب والكِتاب في الجزائر لا يزال ضبابيا وغائما، بحيث يحجب الرؤية بوضوح عن كل من يريد خوض النقاش بسلاسة ضمن هذا المجال، إذ أن الجهات الوصية ببلادنا (الجزائر) لم تطبق بعد وبالصرامة المطلوبة القوانين المنصوص عليها المتعلقة بحقوق المؤلف والكِتاب، وعلى ضوء الصيغة المنتظرة والمتعارف عليها لدى المنظمات العالمية مثل اليونسكو وغيرها، إذ ما انفك المؤلف لقمة سائغة للناشرين الذين يمتصون عرقه وجهده ويرمون له بعض الفتات من الحقوق المادية، يحدث هذا رغم كون جانب طبع الكِتاب وإخراجه، أقصد الجانب الصناعي التقني والفني تحديدا، قد شهد في السنوات القليلة الأخيرة طفرة نوعية هائلة ببلادنا، نتيجة دخول التكنولوجيات الحديثة بقوة في مجال الطباعة، غير أن هذا كله لم يواكبه تطبيق القوانين الخاصة بحماية حقوق المؤلف، وهذا التفاوت المخل يجعل الكُتاب في الجزائر يعيشون غبنا حقيقيا، كما يقف-هذا التفاوت- حجر عثرة في سبيل بعث التنمية الثقافية مع أهميتها القصوى في بناء الإنسان، فهل يستمر المؤلف الجزائري في خوض تجربة الكتابة بأشواقها ولذتها الموجعة ويغامر مع ناشر فهلوي، لا يعرف من الحقوق سوى تسميتها وأرقام موادها القانونية، أم تراه يحتفظ مثلما يفعل الكثير من زملائي الكُتاب وأنا أيضا، بمخطوطاتهم في سرادق بيوتهم يأكلها الغبار إلى حين ينفرج الوضع وتأخذ الأمور مسارها الطبيعي؟ وهذه في الواقع هي النوتة النشاز في مجال تعاملنا مع «الكِتاب» بكل ما تحمله هذه الأيقونة المعرفية من ذخائر وكنوز عقلية ثرية.
إن الكِتاب يعد بالنسبة لي شخصيا أكثر من وسيلة لكسب المعرفة والاطلاع على التجارب الإنسانية المتعددة، فقد صار من زمان بعيد له في نفسي حظوته الخاصة، وتطبع علاقتي معه رومانسية مميزة وحميمية طاغية، قطعا يدرك مدلولها كل من له علاقة متينة مع هذا «الكائن الورقي المبجل»، وكما يلاحظ الجميع فإن شقيقه «الكتاب الإلكتروني» بكل ما يحمله من جديد وتسهيلات وتطبيقات مهمة، لم يقدر على أن يحل محل الكتاب التقليدي، الذي يبقى سيدا ومقامه جليلا لا يتزعزع، وربما سأبيح سرا حين أقول أنني ككاتب عصامي أعتبر الكِتاب هو أستاذي الأعظم، فمن يديه نهلت المعارف من كل صنف وبمختلف اللغات والثقافات التي أبدعتها الحضارات البشرية المتعاقبة على هذه الأرض، إنه من ثمة رفيقي الدائم، الصادق الصدوق، المُلهم ذو الأسماء اللطيفة والحسنى، والعزيز حين نفتقد من نحتاجهم في لحظة مؤانسة وضعف وتعب وأخذ النصح.
علاوة كوسة/ كاتب و ناقد
وضع الكاتب و الكِتاب لا يبشر بمستقبل يحفظ للمؤلفين و لا لمؤلفاتهم الكرامة
إن وضع الكاتب والكِتاب في الجزائر لا يبعث أبدا على الارتياح ولا يبشر بمستقبل يحفظ للمؤلفين ولا لمؤلفاتهم الكرامة أصلا، فلا العوامل الخارجية شجعت المؤلفين على الكتابة والإبداع والمنافسة والإنتاج ولا العوامل الداخلية التنظيمية ساعدتهم في حفظ أعمالهم بطرق تضمن لهم حقوقهم المادية والمعنوية، ولا الجهات المعنية بحفظ كرامة الكُتاب الجزائريين قد أحاطتهم ولو بقليل من الاهتمام والرعاية ليحسوا ولو للحظات أنهم كغيرهم من الفنانين والمفكرين وصُناع المشهد الثقافي والفني في بلد يدعي تشجيع الثقافة من حيث يطوقها بسياجات مانعة للإبداع ومانعة للحقوق الفكرية ومانحة للقلق والتوتر حينما نقارن حالنا بحال صناعة الثقافة في البلدان المجاورة.
ففي وقت يعيش المؤلفون في الأوطان العربية بكرامة وراحة وعناية اجتماعية وتوفير كامل الشروط ليعيشوا بكرامة من مسكن وراتب ومنح التأليف وإقامات الإبداع وحسن التسويق لمنتجاتهم، نجد أن كُتابنا ومفكرينا يعانون حتى من مصاريف طبع أعمالهم ومن بيروقراطية النشر في الدوائر الثقافية الرسمية ومن تهميش واضح للنخب.
وعليه فلست أرى في قانون الكِتاب أي بشرى للمؤلفين ولن يكون القانون إلا شكليا وإن قدر له إن كان فعالا فستقتصر فاعليته في أحكام الغلق والتسييج والمنع والحد من حرية الفكر والإبداع إلا بما يخدم جهات معينة رسمية سنت القانون لتحوير عقول الكُتاب وتوجيهها. للأسف قانون الكِتاب يزيد المبدعين والمؤلفين مأساة على مأساة، وهو احتكار للكلمة واغتيال للعقل.
قد يكون ال 23 أفريل الذي أقرته اليونسكو، كيوم عالمي للكِتاب وحقوق المؤلف، مناسبة حقيقية وفاعلة في الدول التي تحتفي بالكِتاب والكُتاب والتي تحترم المؤلف وتعلي من شأنه بمناسبة أو دون مناسبة، أما عندنا فسيكون مجرد يوم ومجرد حبر على أوراق المؤلفين الضائعة و»بروتوكول» لا يسمن ولا يغني من الجوع، لأن الكاتب والكِتاب يستحقان العام كله احتفالا واحتفاء، لذلك فلا جديد في يوم عالمي للكِتاب وحقوق المؤلف.

عبد الحفيظ جلولي/ ناقد و كاتب
حقوق التأليف غائبة في ظل تشرذم الكُتاب و عدم وجود نقابة
لقد قرأت منذ سنوات مقال للأستاذ الجامعي والباحث في الأنثربولوجيا «رابح السبع» مقالا كان يتكلم فيه عن الدخول الاجتماعي، ورأى أنه لكي نتكلم عن هذا الدخول لا بد وأن يكون هناك خروج اجتماعي، أي صائفة مليئة بالنشاط الثقافي حصيلة الموسم الاجتماعي المنصرم.
قياسا أقول تكاد تمر المناسبة، أي اليوم العالمي للكِتاب وحقوق المؤلف دون أن نشعرها أو نعيرها اهتماما، لأنّ النشاط المجتمعي لا يرتكز في أحد قواعده على هذا المدخل، والكِتاب والكاتب كلاهما أصبح غريبا، لأنّ المجتمع الذي لا يُبحث فيه عن الكِتاب وصاحبه يعتبر في مقاييس المجتمعات العارفة مجتمعا ميتا، خاليا من عناصر الحياة الروحية والعقلية، فوضع الكِتاب لا تحكمه سياسة ولا منهج ولا رؤية، لأنّه لا تتيسر السُبل التي تجعل منه منتجا مستهلكا، فغلاء أسعاره تجعله منبوذا، والسياسة التي تعالج ذلك المسلك المعقد مفقودة، إذ إنّ بعض المجتمعات جعلت من بعض النسخ شعبية تطبع بتكلفة متواضعة ويُباع بسعرها، تسهيلا لرواج الكِتاب وإعانة المجتمع على بلوغ مستوى المعرفية.
فالكِتاب، رفيق الإنسان حينما تتحدد ذوقية المجتمع بمعايير جمالية معيّنة منها احترام الكاتب ومنحه القدر من التوقير، وتوفير المناخ الملائم للعملية التوليدية المنتجة للأفكار والجمال، فالمجتمع الذي لا يقدّر الكتابة من خلال باب الجمال هو مجتمع أصلا فاقد لحاسة إدراك المعنى.
إنّ حقوق المؤلف نكاد نعدمها الآن في مجتمعنا، لأنّنا ككتّاب يتملكنا حلم رؤية كلماتنا مصفوفة بين دفّتين، مما قد يمنع بعضنا من المطالبة بحقوقه وهو ما تستغله بعض الجهات المالكة لزمام النشر، ففرحة امتلاك الكِتاب وخروجه حاملا لاسم صاحبه يتحوّل حلما يغطي على المطالبة بالحقوق، وبهذا أصبحت حقوق التأليف غائبة في ظل تشرذم الكُتاب وعدم وجود نقابة تلم شتات همومهم ومطالبهم، وأيضا في غياب قوانين تحكم العلاقة بين الكاتب والناشر.
علاقتي بالكِتاب تتحدد من خلال الحاجة إلى المعرفة، وهي منزع فطري ولد معي ككل كاتب على ما أظن. لا أستطيع أن أفصل بين حياتي كإنسان يعيش آمال وآلام الواقع وكوني كاتب يبحث عن الأفكار والرّؤى من خلال إنتاج المعرفة وتداولها، فالواقع المزري هنا لا يصبح عائقا أمام هذه الحاجة الغريزية للمعرفة واقتناء الكِتاب أو إنتاجه، لكن هذا لا يمنع في بعض الأحيان أن أفكر في قطع علاقتي به لأنّه يصبح حينها هو ذاته عائقا في سبيل مزاولة الواقع والمعيش، إلا أن الروح المتواطئة مع نبل المعرفة تتغلب لتقاوم وسط هذا الركام من العوائق والمثبطات كي يكون الكِتاب هو الملاذ أولا وأخيرا، فربما وُجدنا لنقرأ وننتج فضاء القراءة كِتابا أو مقالا.

خالد ساحلي/ كاتب و روائي
الكاتب يحتاج إلى من يحميه لا إلى من يحتويه و قانون الكِتاب الجديد هو الرقيب الجديد على الكاتب
لقد عمدت اليونسكو اختيار هذا اليوم (23 أفريل) من سنة 1995 بباريس على أن تجعله يوما عالميا للكِتاب والمؤلف احتراما وتقديسا للقراءة والعلم والمعرفة والاعتراف الضمني للمؤلف، واحتراما للجهد الكبير الذي يقدمه للمجتمع والإنسانية جمعاء.
كما عمدت على ترسيخ قيم المطالعة لما لها من فائدة كبيرة، كما أرادت من خلال هذا اليوم وعمدت للدفاع عن حقوق المؤلف التي غالبا ما تُسرق أو تُمنع عن صاحبها بالتلاعب بالقانون، أو سرقة من شتى الجهات من كتّاب إلى مخرجين إلى مغنيين إلى صحافيين وسياسيين وغيرهم، حيث تُسرق الأعمال أو تُقتبس دون إعطاء الحقوق أو استشارة أصحابها، حتى أنها صارت مجالا مُربحا اقتصاديا للكثيرين. وبذلك وجب حماية المؤلف من كل الأطراف، من الشركات الخاصة والعامة في المجال السمعي والبصري ومن دور النشر ومن الجميع، كون المؤلف يعطي قيمة جمالية وفنية ومعرفية، فهي جهد خاص بذل فيه الغالي والنفيس من أجل أن يظهره فقد أبلى فيه خير سنوات عمره، فاليونسكو أرادت بذلك تقدير الكِتاب والمؤلفين وتشجع الناس على استكشاف لذة النصوص، وفرضت على المجتمع الاحترام للمساهمات التي مهدت السبيل للتطور الثقافي والاجتماعي للبشر وفلحت في ذلك في كثير من مناطق العالم وبخاصة في القارة الأوروبية والأمريكية والآسيوية ولو بشكل ضئيل. أما حال إفريقيا والعالم العربي فلا يخفى حال مرضه على الجميع.
وإذا تكلمنا عن الكِتاب في الجزائر، من الطباعة إلى التوزيع الفوضوي والعلاقة الملتبسة المشبوهة التي تتم بها الطباعة في غياب عقد واضح ملزم بين الناشر والكاتب، هذا هو المهم الذي يجب أن يُقنن بإعطاء الحق والكرامة للمؤلف وللناشر على السواء هذان اللذان يجنيان عن كل كِتاب أقل مما يجنيه متسول في شارع حيدرة يوميا وهذا ليس تعميما.
إن القانون الجديد الذي أجمع عليه المختصون ونقابات دور النشر على أنّه يعرقل الاستثمارات الثقافية التي تؤسس لصناعة الكِتاب في الوطن، وأنّه النص العقابي المُلحِق الضرر بالمواطن في أقدس حقوقه الدستورية، فجملة القوانين هدفها كبح الحريات، كما أن الكثير من الكُتاب تساءلوا: كيف يمكن لموظفين أن يسنوا «قوانين» في غياب الفاعل الحقيقي وهم «الكُتّاب» ويعطى الدور للإداريين، فالكُتّاب والناشرين والمكتبيين والمستوردين لم يشاركوا في صياغة مادة واحدة منه. القانون الجديد الذي عُرض على اللجنة الثقافية للبرلمان، هو في النهاية الرقيب الجديد على الكاتب حيث أن عمله سيخضع للبيروقراطية التي عانينا منها أمدا طويلا وسيخضع للوساطة الكبيرة وسيفرض الكثير من الرداءة التي ستطفو على السطح، لأن الإبداع سيغيب كون لجان القراءة ستخضع لضغوطات أكثر من الضغوطات الموجودة على لجنة توزيع السكن.
هذا لا يعني أن القانون ليس فيه بعض المواد التي تخدم النشر والثقافة بمثل: الرقابة على المصنفات الأدبية في الجزائر التي تُطبع دون رقيب، فالمادة التاسعة صريحة حيث تُعاقب كل ما يهدد أمن المجتمع ككُتب الفتاوى وبعض الكُتب التي تُطبع دون أسماء أصحابها، وقضايا لا تحترم الدستور وقوانين الجمهورية والدين الإسلامي والسيادة والوحدة الوطنية ومتطلبات الأمن والدفاع الوطني والنظام العام، من تمجيد للاستعمار أو التطرق للإرهاب أو الجريمة أو العنصرية في المجتمع الجزائري.
نتمنى أن يُنظر من جديد في كثير من المواد التي تُتيح الحرية للكاتب وفق شروط موضوعية حتى يمكنه معالجة القضايا التي تنخر جسد الدولة ومحاربة الفساد والمفسدين الساكنين في مفاصلها، لأن الكاتب في النهاية مطالب بالمشاركة الفعلية التي تتطلبها المواطنة الحقيقية.

نبيل دحماني/ كاتب و أكاديمي
مشروع القانون الجديد يسعى للتضييق على الحريات أكثر مما يسعى لحماية الكتاب في الجزائر
يعد الكِتاب في الجزائر الحلقة الأضعف في مجالات التأليف، الطبع، النشر والتوزيع وجانب الحقوق، وذلك على الرغم من الجهود المبذولة من طرف الدولة منذ 1973 بإصدار المرسوم 46/73 المؤرخ في 25 جويلية 1973، ثم القرار التنفيذي رقم 356/05 المؤرخ في 21 ديسمبر 2005، غير أن ذلك لم يحل معضلة الكِتاب وحقوق التأليف وما جاورهما من عمليات وحقوق وغيرها. على الرغم مما عرفته الجزائر في السنوات الأخيرة من ازدهار في مجال النشر، لكن الكِتاب الأدبي والعلمي المتخصص لا يزال يعرف الكثير من العراقيل، سواء لعدم وضوح الرؤية بالنسبة للناشرين أو لخوف المؤلفين من إهدار حقوقهم بسبب ضعف الرقابة القانونية وسيطرة السوق الموازية في مقابل هشاشة الأسواق الرسمية التي قد تشتغل بشكل أكبر على أنواع بعينها من الكُتب بهدف الربح السريع، فيما تجعل من الكُتب الأدبية والعلمية والمتخصصة آخر انشغالاتها، على اعتبار أن دور الدولة في دعم المنتوج الأدبي والعلمي ضعيف أو منعدم ومعايير الشفافية والرقابة والحماية غائبة، مما جعل العديد من المهتمين بالمجال سواء كانوا كتابا آو ناشرين أو مسوقين يشددون على ضرورة التعجيل بوضع قانون خاص بالكِتاب من شأنه أن يدعم أطراف المعادلة الصعبة هنا وهي «الكِتاب -دور النشر- الوصاية- السوق».
وحسب رأيي أن مشروع القانون الجديد الخاص بالكِتاب هناك من يسعى لاستغلاله من أجل التضييق على الحريات، أكثر مما يسعى لحماية الكتاب في الجزائر، ثم أن هذا القانون استهلك الكثير من الحبر والصبر دون أن يتحول إلى واقع ملموس، وذلك ما قد يطعن في مدى جدية الوصاية في حل مشكل الكتاب في الجزائر رغم ازدهار عملية صناعته في السنوات الأخيرة من طرف الخواص أساسا وبعض بقايا القطاع العام. ورغم ما تزخر به الجزائر من إمكانات واعدة سواء تعلق الأمر بالطاقات الفكرية والإبداعية أو المخزون القومي المهمل في مراكز بحثنا وجامعاتنا وخبرات جادت بها تجربة أكثر من 50 سنة حينما كان الكِتاب المدعم بخير في الجزائر، دون إغفال أن كرامة المؤلف والمثقف هنا مقرونة بشكل أساسي بمدى نجاعة منظومات الحقوق والحماية، إذ لا يعقل مثلا أن يعبث شخص هاوي بنص روائي فيقتبس منه أو يستنسخ جزء منه بأي شكل أو صورة أو إيماءة مهما كانت بسيطة، دون أن ينال صاحب النص المقابل المادي والمعنوي من ذلك وهي الحالة التي تكررت مع الكثير من المؤلفين في الجزائر رغم وجود الحقوق المجاورة.
هذا الواقع قد يشجع الكثير إن لم نقل أغلب الكُتاب إلى الهجرة لدور نشر أجنبية، لكي يذهب الناشر الجزائري وفي صورة مؤسفة ويستورد «منتوج جزائري» فُرض عليه الاغتراب الإجباري، في حين كان الأجدى به أن يتولى هو تصديره. ناهيك عن التحولات العالمية العميقة والتي لا توجد الجزائر بمعزل عنها تتعلق بتكنولوجيا المعلومات، والتي تفرض علينا فتح ورشات كثيرة من طرف المهتمين بعوالم صناعة الكُتب والمكتبات والناشرين والكُتاب والحقوقيين، من أجل وضع معايير هامة في بناء صرح الكِتاب في الجزائر، والذي يبقى مجرد طموح لا أكثر.
عمار كساب/ناشط و خبير ثقافي
أزمة الكِتاب سببها دعم دور نشر ليس لمعظمها علاقة بمهنة النشر
في الوقت الذي يحتفل فيه العالم باليوم العالمي للكِتاب وحقوق المؤلف، في 23 أفريل، لازالت الجزائر تائهة في ما يمكن القيام به للنهوض بنوعية الكِتاب وتوزيعه لأكبر عدد من الجزائريين، وحائرة في مفهوم حقوق المؤلف رغم أنها عضو مجموعة الثمانية عشر في لجنة اليونسكو حول الاتفاقية العالمية لحقوق المؤلف منذ 1971. أزمة الكِتاب في الجزائر سببها دعم دور نشر ليس لمعظمها علاقة بمهنة النشر وأخرى وهمية، وضخ الملايير لنشر كتب لا تصل للقارئ، وغياب المكتبات الخاصة التي يمكنها إيصال الكِتاب للقارئ، فالدعم أولا، يجب أن يوجه إلى المكتبات هذه.
أما حقوق المؤلف فلا تخضع بعد لمعايير عالمية دقيقة تسمح للديوان الوطني لحقوق المؤلف بإعطاء كل ذي حق حقه، والدليل هو توزيع الريع من طرف الديوان الوطني لحقوق المؤلف بطريقة هجينة، حيث تدفع الملايين لمؤلفين يُختارون حسب مدى موالاتهم، ويترك جانبا الكُتاب الذين يجهل معظمهم وجود مثل هذا الديوان.
هذا وسيُصادق البرلمان قريبا على قانون الكِتاب والنشر، الذي يحمل في طياته الكثير من المنع والحظر والعقاب، والقليل من الحرية. فهو يشبه نوعا ما قانون السينما الذي قتل بضربة واحدة كل المبادرات السينمائية المستقلة التي كانت تضئ ظلامنا الثقافي الحالك. نعم، قانون الكِتاب الجديد ستتبعه أيضا، المراسيم التنفيذية التي ستُنصب لجان قراءة تقرأ كل كِتاب قبل نشره، وسيكون ذلك في سياق التعدي الصريح على حرية الكتابة، فالمعمول به هو إعطاء رخصة لنشر الكِتاب دون قراءته، وتلعب العدالة بعد ذلك دورها في منع الكِتاب أم لا، في حالة الدعوة إلى العنصرية أو القتل، الخ، حسب ما تمليه القوانين السائرة.
للأسف القانون الجديد جاء ليكمل السلبيات التي خلفتها وألحقتها سياسة النشر ب «الكِتاب»، فلا قطاع الكِتاب انتعش بضخ الملايير في طبع كُتب أغلبها مذكرات تخرج لطلبة الجامعات، ولا حقوق المؤلف محترمة، حيث لا يزال الكًتاب في الجزائر يموتون في فقر مدقع. فيجب إذن على الوزارة إعادة النظر في القانون هذا، وتوجيه دعم الكِتاب إلى دعم المكتبات الخاصة التي ستخلق مناصب شغل وتسمح للكِتاب ذو الجودة العالية، وترك دور النشر للعبة السوق والمنافسة.
ويبقى الحل طبعا، هو إعادة النظر في الإستراتيجية الثقافية ووضع سياسة ثقافية تجيب على كل تساؤلات الكِتاب والكُتاب ودور النشر.
رزياب بوكفة/ روائي
القانون الجديد يحوم كله حول وجوب وضع نظام رقابة على كل ما يُنشر ّو يُستورد
أعتقد أن الكاتب الجزائري اليوم يعيش زمنا رائعا لم يعرفه سابقوه، فالنشر أصبح سهلاً جدا مع الانتشار المذهل لدور النشر التي يُسيرها شباب واعٍ وطموح. اليوم فقط يمكننا في أي معرض كِتاب أن نجد الكتب «الملتحية» طبعا والكثير من إبداعات الجزائريين وفي كل الميادين، من كتب التلوين وحتى الموسوعات والكتب العلمية.
قبل هذه الحقبة لم نكن نعرف سوى دار «موفم»، أو ديوان المطبوعات الجامعية، أو المؤسسة الوطنية للكِتاب، وكلها تابعة للدولة، وكلنا طبعا نعلم كيف كانت تسير الأمور. قال لي الطاهر وطار ذات يوم: «لو أن الدولة ترفع يدها عن الكِتاب، فستجد أن لكل جزائري في خزانته مخطوطة كِتاب».
المشكل اليوم وبسبب «سياسة الكِتاب» طبعا، التفتت الدولة إلى «عالم النشر» الذي أخذ حرية أكبر منه، بإستراده ونشره للصارم البتار -مرة أخرى- فرأت وجوب وضع قانون يحوم كله حول وجوب وضع نظام رقابة على كل ما يُنشر ويُستورد.
لا أعلم لمَّ يجب تسييس كل شيء و»تنظيم» كل شيء، أهو الخوف من بعض الناشرين، أو بعض التجار الناشرين الذين اعتقدوا أن الأمر سيكون بالضرورة مربحا جدا، أم هو الخوف من «الكُتب الملتحية» مرة أخرى.
الذي أؤمن به أن الكاتب ليس بحاجة لا لقانون ولا لرعاية. الكتابة ليست مهنة ولا مصدر استرزاق، هي في الأصل كفاح أساسه التضحية. على الكاتب أن يكتب بكل ما أوتيَّ من قوة وإبداع بعيدا عن السياسة والمال وهرطقات التقنين والإعانات والجوائز، وحقوق التأليف. حق المؤلف الوحيد هو إختياره لهذا الواجب وتحمل كل الجحود الذي يحويه. بودي لو تبقى الأمور على حالها، كما هي اليوم، حيث إمكانية النشر وسهولته وبساطة العمل الإبداعي. فالسياسة قتلت كل شيء جميل في الجزائر، وبهذا القانون الجديد للكتاب والنشر، سيصبح هذا الزمن الجميل الذي نعيشه، «زمن الكِتاب»، كابوسا يشبه كوابيس «ستيفان سفايغ» المنتحر.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.