في البدء كان الضوء الذي اكتوت بلهبه الصخرتان قبل الانفلاق وبعده. بعد البدء بقليل جرت شهوات اللون وتفشت روائحه فهب لصوص النور لجمع الغلة. مترجمون مشدوهين تداولوا نقل قسنطينة إلى قماشات أرواحهم مستسلمين إلى سلطة الضوء ذاته: صخرتان تتناوبان حراسة وادى الظلمات، نساء يتنكرن في زي أسود لإخفاء السريرة البيضاء، حرفيون يستنطقون المعدن بمطارق لا تتعب، جسور تكرّر نفسها وتقايض أسرار الهندسة بإدامة النظر، وجوه متعبة، شوارع ضيقة، ترف عثماني وتدبير أوروبي لا تنال فيه الصرامة من المتعة، ثم تجريد يستعيد الأجزاء في طيش دون أن تغفل عينه الكريمة عن التفاصيل. ربما كانت قسنطينة كذلك في القماشات وفي الألوان، فكيف هي الآن في كلام صانعيها الجدد؟ كيف هي الآن في خزائن حراسها؟ هنا انتباه سريع ورصد واستماع على هامش المدينة التي تمعن الآن النوم في ظلام قلبها.