إسبانيا : "مسيرة الحرية" تحل بفالنسيا في محطة جديدة على طريق التضامن مع المعتقلين السياسيين الصحراويين    فلسطين تطالب الأمم المتحدة بالتدخل العاجل لوقف تصعيد الاحتلال الصهيوني عدوانه على غزة    تصفيات شان-2025 (الجزائر- غامبيا): تأخير انطلاق المباراة إلى الساعة 30ر20    البطولة الإفريقية لدراجة المضمار: الجزائر تشارك ب12 دراجا ودراجة في موعد القاهرة    كأس الجزائر للدراجات: عز الدين لعقاب و يسرى زروقي يتوجان باللقب    إسبانيا: تفكيك شبكة تهريب مخدرات متورطة مع المغرب في مقاطعتي غرناطة وألميريا    أمطار رعدية مرتقبة بتندوف وبني عباس بداية من صباح يوم غد السبت    مالي: ائتلاف معارض يتحدى "التعليق غير القانوني" لنشاط الأحزاب السياسية في البلاد    اختتام الطبعة الأولى من الملتقى الدولي الجزائري للنحت    الاحتلال الصهيوني ارتكب 12 ألف مجزرة وأباد 2200 عائلة منذ بدء العدوان على غزة    قسنطينة: حضور لافت للعرض الشرفي لمسرحية "كرنفال روماني"    سوناطراك: ناقلة النفط "عين أكر" تُغيث قارباً قبالة سواحل إيطاليا    الجريدة الرسمية : إدراج الحليب الطازج المحلي في نظام إنتاج وتسويق الحليب المدعم    السيد بن طالب يؤكد حرص قطاعه على استقرار واستمرارية المنظومة الوطنية للتقاعد    قوجيل: اليوم الوطني للذاكرة يعكس الاهتمام الذي يوليه رئيس الجمهورية للذاكرة الوطنية    مساعي أملاك الدولة الوطنية في إطلاق نظام معلوماتي جديد يضم الموثقين    قدرات قطاع الصحة بولاية الجلفة تؤهلها لإنجاز مشروع مستشفى جامعي    إلتماس 10 سنوات حبسا ضد السيدة نغزة، ساحلي وحمدي    صون كرامة المواطن أولوية مطلقة في برنامج رئيس الجمهورية    مسرحية "بقايا أحلام" للمخرج الجزائري نبيل مسعي أحمد تحصد جائزتين في المونديال المغاربي للمونودراما بليبيا    عنابة: افتتاح الطبعة الرابعة للصالون الدولي للسياحة    أمطار رعدية مرتقبة بعدة ولايات من الوطن يومي الخميس والجمعة    بوغالي: مجازر 8 ماي محطة أليمة تغذى منها الوعي الوطني وألهمه عناصر قوة إضافية لتفجير الثورة التحريرية    السيد العرباوي يستقبل بفريتاون من قبل الرئيس السيراليوني    لامين جمال يتعهد بالعودة    الجزائر ستظل متمسكة بمطلبها المبدئي في معالجة ملف الذاكرة    رئاسة اللجنة الفنية للملكية الفكرية التابعة لجامعة الدول العربية    مباراة مجنونة    برمجة 22 رحلة إلى البقاع المقدسة انطلاقا من المطار الدولي لوهران    مجازر 8 ماي ستبقى صفحة سوداء في تاريخ فرنسا    الإنتاج الصناعي بالقطاع العمومي.. مؤشرات بالأخضر    الإعلام العماني يجمع على تاريخية الزيارة ونجاحها    الجزائر متمسّكة بمطلبها المشروع في معالجة ملف الذاكرة    تسخير كل الإمكانات لإنجاح موسم الحج    حجز كميات معتبرة من الفلين المهرب بأم الطوب    هكذا يتم التعامل مع الكباش المستوردة قبيل عيد الأضحى    "ترياتلون" الجزائر لتعبيد الطريق نحو أولمبياد 2028    أبواب مفتوحة حول الرياضات العسكرية بالبليدة    700 حادث مرور على خطوط الترامواي خلال 4 سنوات    الجزائر تدعو إلى تغليب المسار السياسي والدبلوماسي    6 دول أوروبية ترفض خطة الاستيلاء والتهجير الصهيونية    يوم دراسي حول حماية الملكية الفكرية بتلمسان    600 مليار لمشاريع تحسين الإطار المعيشي للمواطن    التخلص من عقدة الخوف طريق النجاح    90 دقيقة تفصل أشبال بوقرة عن حلم "الشان"    "وقائع سنوات الجمر" في كان 2025    لرئاسة اللّجنة الفنّية للملكية الفكرية    الشروع في أشغال الترميم    عناية أكبر بذوي الاحتياجات الخاصة    إصلاحات كبرى في المناجم    عرض حول واقع الإعلام بالجزائر    قويدري يعرض الإستراتيجية الجديدة    أشهر الله الحُرُمٌ مستهل الخير والبركات    علامات التوفيق من الله    أخي المسلم…من صلاة الفجر نبدأ    شراء سندات الهدي بالبقاع المقدّسة من الجهات المعتمدة فقط    قبس من نور النبوة    ماذا يحدث يوم القيامة للظالم؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ميلة: زاوية بن الشيخ الحسين بسيدي خليفة منبر للعلم
نشر في وكالة الأنباء الجزائرية يوم 27 - 06 - 2017

تظل زاوية بن الشيخ الحسين بأعالي بلدة سيدي خليفة على بعد 23 كلم عن مدينة ميلة لحد اليوم وثيقة الارتباط بصيتها وسمعتها منذ تأسيسها عام 1818 ميلادي كما تعد منبرا للعلم و العمل على حد تعبير بعض أبنائها والمهتمين بمسيرتها الزاخرة بالأعمال الجليلة في مجال تحفيظ القرآن الكريم و العلوم الدينية وأصول الفقه ومحاربة الأمية إلى جانب التكافل الاجتماعي و السعي لإصلاح ذات البين.
وعلى عكس الكثير من الزوايا الأخرى عبر الوطن فإن زاوية بن الشيخ الحسين لم يعرف لها انتماء لإحدى الطرق السائدة بالجزائر كما لا تتوفر على طقوس يؤديها المريدون إذ ركزت وصية مؤسسها الأول الشيخ بن الشيخ الحسين (1786 - 1849ميلادي) لأبنائها على " إتباع الكتاب و السنة و منهج الاعتدال " .
و كانت أولى أعمال مؤسس الزاوية -حين استقرار عائلته بمنطقة سيدي خليفة الحالية بعد ما صال بمناطق أخرى من بينها ابن زياد بقسنطينة ثم فرجيوة بشمال ميلة- بناء مسجد يجمع الناس حوله , كما أفاد الشيخ محمد بن الشيخ الحسين أحد مشايخ الزاوية الحاليين .
وكان المسجد - إستنادا للمتحدث - منطلقا لتأسيس " منظمومة دينية اجتماعية ثقافية متكاملة " لم تكتف فقط بتعليم القرآن الكريم و السنة النبوية الشريفة و إنما امتد العمل ليشمل آداب المعاملة و فك المنازعات ومحاربة الأمية و الجوع و استقبال الوافدين و عابري السبيل إلى جانب استغلال الأراضي " الوقف " للزاوية حيث كانت الفلاحة " بمثابة عبادة " .
-- بنايات بطراز معماري خاص --
و كان للشيخ مؤسس الزاوية خمسة أولاد, هم: علي المدعو (علاوة) و حمو و عبود و أحمد والشيخ الصالح وكانت تحتضنهم الدار الكبيرة مثلما يطلق عليها.
ومع تزايد أعداد العائلة شيد كل ولد من أبناء الشيخ الحسين مساكن خاصة بهم وفقا للنمط المعماري العثماني الذي كان سائدا آنذاك (القرن التاسع عشر الميلادي) .
وبرزت هذه المنازل في شكل " قصور" تتوفر على الكثير من الغرف وقد اختلفت تسميات هذه المباني وتنوعت بحسب طبيعة دورها في بناءات الزاوية من بينها "المجلس" و "المقصورة" المخصصة لإيواء أشخاص كثيرين " وكذا " وسط الدار " و " الشارداق " (مكان لتخزين و وضع الأشياء) و الدكانة ويسمى المخبأ و "المسراق" ويدعى الممر فضلا عن " لعلي " وهو مبيت خاص بالشبان بعد بلوغهم لتفادي الاختلاط مزود بعدد من الغرف .
ومن بين مرافق الزاوية أيضا "دار الضياف" و كذا بيوت خاصة بعابري السبيل الذين خصصت لهم " دار البياتة " حتى يغادروها أو يظلوا بها إن استطابوا المقام هناك .
ومنذ تأسيسها سنة 1818 , يقول رياض بن الشيخ الحسين أستاذ بجامعة الأمير عبد القادر للعلوم الإسلامية بقسنطينة ظلت هذه الزاوية قبلة لطلبة العلم القادمين لحفظ القرآن و تعلم السنة النبوية من كل مناطق البلاد ويتم التكفل بهم كليا من حيث الإيواء و الإطعام و من خلال نظام استقبال جد فعال .
وتحدث مشايخ الزاوية عن شخصيات علمية و دينية أسهمت في مجهودها التعليمي و الديني على غرار الشيخ حمدان بلونيس مدرس العلامة الشيخ عبد الحميد بن باديس و نجله الشيخ محمد الطاهر بلونيس رحمهم الله وكذا الشيخ المصلح عبد القادر الميجاوي . كما كان يتردد عليها العلامة بن باديس وعلاقته الطيبة بعائلة الزاوية لما وجد عندها من اعتدال ووسطية كما أكدوا .
و ذكر المشايخ أيضا بأن عددا من طلبة الزاوية قد تتلمذوا بمعهد الشيخ بن باديس منذ العام 1948 من بينهم أحد المشايخ الحاليين للزاوية عبد العليم بن الشيخ الحسين.
ومن أهم أعلام الزاوية ابنها المميز الشيخ عباس بن الشيخ الحسين عضو جمعية العلماء المسلمين الجزائريين و الذي لعب دورا مهما في حياة الجمعية خاصة في أربعينيات القرن الماضي .
وقد سهل الطابع الديني و العلمي للزاوية التي نأت بنفسها عن كل ما هو مريب من شعوذة و دجل في حصول علاقة طيبة بين الزاوية و زعماء الإصلاح الديني وجمعية العلماء المسلمين بقيادة الشيخ عبد الحميد بن باديس و رفاقه .
ولا زالت الأذكار و الأوراد و الصيغ المحافظ عليها لحد الآن بزاوية الشيخ الحسين في المناسبات " سنية معتدلة" على غرار صيغة عقد الزواج الموحدة و خطبة العيد مثلا .
-- ثروة مخطوطات بلغت في السابق 6 آلاف وثيقة --
و من دلائل اهتمام الزاوية بالعلم عنايتها على مر العقود بالمخطوط بشتى أنواعه وفقا لما ذكره الأستاذ رياض بن الشيخ الحسين ومنها علوم الشريعة و أصول الفقه والسنة و العقيدة إلى جانب علوم النحو و الصرف واللغة العربية عموما وكذا علم الفلك و الطب القديم التقليدي. وقد بلغ تعداد هذه المخطوطات الثمينة في السابق 6 آلاف وثيقة من بينها كتاب يقرأ من عدة اتجاهات بحيث يقدم في كل اتجاه علما معينا .
و كانت زاوية بن الشيخ الحسين تقتني هذه المخطوطات من مالها الخاص لتزويد مكتبتها بنفائس العلوم التي توضع في متناول طلبتها لأغراض التعلم و التدريس. و يسجل هنا يضيف الأستاذ رياض بن الشيخ الحسين شراءها لمكتبة الشيخ لفقون بقسنطينة خلال القرن التاسع عشر .
لكن هذه الثروة القيمة تناقصت و تراجعت بشكل مطرد لدرجة أنها لا تتعدى حاليا 320 مخطوطا مثلما أشير إليه و ذلك بسبب التلف الناجم عن الظروف السيئة للحفظ و أيضا لسوء التعامل معها من قبل الباحثين و المقبلين من كل حدب و صوب .
كما أن العديد ممن استعملوا هذه المخطوطات لم يوفوا بإرجاعها للزاوية .
و للحفاظ على ما تبقى من هذه الثروة من المخطوطات تم نقل ما تبقى منها إلى مكتبة جامعة الأمير عبد القادر للعلوم الإسلامية بقسنطينة لوضعها في متناول الطلبة و الباحثين بعيدا عن إلحاق أي ضرر بها و في ظروف حفظ ملائمة .
ولا زالت زاوية بن الشيخ الحسين تمارس بعض أدوارها المعهودة ومن أبرزها تحفيظ القرآن و التكافل الاجتماعي و استضافة الزوار و الطلبة . وعلى مدى تاريخها منذ مطلع القرن التاسع عشر ومرورها بفترة الاستعمار الصعبة تمكنت الزاوية من أداء دورها بفضل مواردها الاقتصادية الخاصة من " وقف " الأراضي الفلاحية التي بلغت مساحتها حاليا 1000 هكتار مخصصة في أغلبها لزراعة الحبوب .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.