تزامنا والمهرجان الدولي الثاني للمسرح بالجزائر، تم عرض مسرحية ''فاطمة'' لمؤلفها أمحمد بن قطاف بالمسرح الوطني من قبل فرقة ''تياترو دل إيلتشي'' الإيطالية، وهكذا تواجد المسرح الإيطالي بركح بشطارزي لكن بلمسات جزائرية بحثة، وتم ذلك بحضور عدد كبير من عشاق المسرح والفرق المشاركة· المسرحية من نوع المونولوج، قام بتأليفها أمحمد بن قطاف، في حين قام بترجمتها وإخراجها باللغة الإيطالية ''ماركو دي كونستانزو''، أما عن دور البطولة في التمثيل، فقد جسدته ''فرجينيا فيفانو'' الإيطالية الأصل· وتدور أحداث المسرحية حول شخصية فاطمة امرأة في الثلاثين من عمرها، تعمل كخادمة في مدينة الجزائر المكتظة بالسكان، حيث لا يستطيع المرء أن يفرق بين ليلها ونهارها، والجميع في سباق دائم مع الحياة، الجميع يتصادمون في تهافتهم على لقمة العيش، أما البطلة ''فاطمة'' فلا تجد سوى لحظة واحدة في الشهر للابتعاد عن ضوضاء المدينة ومشاكلها، حيث تتعمد أن تروي قصة حياتها وهي تنشر الغسيل على سطح العمارة أين تتحدث عن كل الأشياء منها الإهانات في العمل، القيل والقال بين الجيران، كما تروي أيضا مشاكلها مع الرجال وعن ابنتها التي لم تلدها يوما، فشخصية فاطمة المتتبع لأحداثها المكانية يكتشف أنها مرآة معاكسة لصورة المرأة بالجزائر في زمن ما، غير أن فاطمة انتقلت هذه المرة إلى إحدى ضواحي مدينة إيطالية وقامت بنشر غسيلها وآهاتها هناك، لعلها تجد أذنا صاغية لمشاكلها، هذا ما جسدته الممثلة ''Virginia viviano''· العرض قُدم باللغة الايطالية، حيث تفاعلت الممثلة مع النص وتجسد ذلك من خلال الحركات الممزوجة بالغضب والسخرية، فكل حركة جسدية أو تغيرات كانت تطرأ من حين لآخر على ملامح الممثلة كانت تحمل بدورها رسائل متفاوتة الخطورة للوضع السيء الذي كان يلاحق كل من فاطمة الرمز وفاطمة المرأة وفاطمة الوطن، الديكور تميز بالبساطة في معظمه وكان عبارة عن حصيرة وإبريق من الشاي، غير أن ذلك كان مختزلا في خطاب اجتماعي يئن بالمعاناة والفقر، الموسيقى كانت غائبة تماما عن مشاهد العرض وعوضت بالحضور القوي للممثلة، حيث هذه الأخيرة ساعدت على تنشيط النص المسرحي وكأن الممثلة صونيا أمام مرأى عينيك، بالنسبة للجمهور ظل يتابع العرض ولم يبرح مكانه طيلة مدة العرض وهذا دليل كاف على أن المسرح لا يمكن أن يجسد فقط بلغة الحوار، وإنما هناك لغات أخرى تحل محله في إيصال المعنى بدلا من لغة الكلام·