وزير الصحة يستقبل سفير جمهورية الصين الشعبية لدى الجزائر    تعليم عالي : 4112 منصب مالي لتوظيف الاساتذة بعنوان السنة المالية 2025    المعرض العالمي بأوساكا: الجزائر تنظم ندوة علمية حول الاستراتيجية الوطنية لتطوير الطاقة المتجددة والهيدروجين    الأمم المتحدة تسجل نزوح قرابة 48 ألف شخص في يومين بسبب الهجوم البري الصهيوني على مدينة غزة    الدخول المدرسي: الحماية المدنية تنظم حملة تحسيسية حول الوقاية من أخطار حوادث المرور    المهرجان الثقافي الدولي للسينما إمدغاسن: فيلم "نية" من الجزائر ينال جائزة أحسن فيلم روائي قصير    لوكسمبورغ تعتزم الاعتراف بدولة فلسطين    ينبغي "التحلي باليقظة والجدية والحرص على التواجد الميداني"    المغير: حجز أكثر من 11 ألف قرص مهلوس    جيجل : اصطدام قطار بسيارة يخلف مصابين اثنين    وفاة 46 شخصا وإصابة 1936 آخرين    إلتزام الجزائر إتجاه اللاجئين الصحراويين "مثالي"    يعكس التزام الدولة بضمان الأمن الدوائي الوطني    تكييف إلزامي للبرامج والتجهيزات مع التطوّرات التكنولوجية    تعميق الممارسة الديمقراطية وتقوية المؤسّسات    جائزة الابتكار المدرسي للاكتشاف المبكر للموهوبين    استحداث قطب تكنولوجي لتجسيد استراتيجية التحوّل الرقمي    إعلاء العقيدة الأممية في مجال تصفية الاستعمار    دعم الجزائر سند معنوي كبير للشعب الفلسطيني    تمكين المواطنين من نتائج ملموسة في المجال الصحي    هزة أرضية بشدة 3 بولاية المدية    الرابطة الاولى: فوز ثمين لفريق مولودية الجزائر أمام مولودية وهران 3-2    الجزائر العاصمة: اختتام المخيم التكويني للوسيط الشبابي للوقاية من المخدرات    جيش الاحتلال يعلن بدء عمليته الموسّعة.. استشهاد 82 فلسطينيا في قصف إسرائيلي على غزة    انطلاق الحفريات العاشرة بموقع "رجل تيغنيف القديم"    وزارة التجارة الخارجية توظّف في عدة رتب    أشغال عمومية: اجتماع عمل لضبط البرنامج المقترح في مشروع قانون المالية 2026    سعداوي يجتمع مع إطارات الوزارة ومديري التربية..تعليمات للتواجد الميداني وضمان دخول مدرسي ناجح    رشيد بلادهان من جنيف.. اعتداء الكيان الصهيوني على الدوحة "جريمة نكراء" يسجلها التاريخ    المجلس الأعلى للغة العربية: اجتماع لتنصيب لجنة مشروع "الأطلس اللساني الجزائري"    بوابة رقمية للأفراد المعنيين بمعالجة معطياتهم الشخصية    حضور جزائري في سفينة النيل    ضرورة تمكين المواطنين من نتائج ملموسة في المجال الصحي    ألعاب القوى مونديال- 2025: تأهل الجزائريان جمال سجاتي و سليمان مولى الى نصف نهائي سباق ال800 متر    تجارة: إقبال واسع على جناح الجزائر بالصالون الدولي للصناعات الغذائية والمشروبات بموسكو    الجزائر العاصمة : تنظيم معرض جهوي للمستلزمات المدرسية بقصرالمعارض    منصب جديد لصادي    محرز يتألق    صناعة صيدلانية : تنصيب أعضاء جهاز الرصد واليقظة لوفرة المواد الصيدلانية    وزير الشؤون الدينية يعطي إشارة انطلاق الطبعة 27 للأسبوع الوطني للقرآن الكريم    قرابة 29 ألف تدخل خلال السداسي الأول    تقديم كتاب سفينة المالوف    دعوة إلى تكثيف الأبحاث والحفريات بالأوراس    إطلاق الأسماء على الأولاد ذكورا وإناثا ..    أبو أيوب الأنصاري.. قصة رجل من الجنة    الإمام رمز للاجتماع والوحدة والألفة    شراكات جديدة لشركة الحديد    العُدوان على قطر اعتداء على الأمّة    ناصري وبوغالي يترأسان اجتماعاً    الجزائر تشارك في اجتماعين وزاريين بأوساكا    تحوّل استراتيجي في مسار الأمن الصحّي    188 عملية تخريب تطول المنشآت الكهربائية    مشواري لم يكن سهلا ورُفضت بسبب قصر قامتي    بن طالب يتألق مع ليل الفرنسي ويحدد أهدافه    تيطراوي يطرق أبواب "الخضر" ويحرج بيتكوفيتش    من أسماء الله الحسنى (المَلِك)    }يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ {    نحو توفير عوامل التغيير الاجتماعي والحضاري    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



التأنيث والأنسنة وروح الثورة
نشر في الجزائر نيوز يوم 08 - 03 - 2011

ابتدأت يوميات هذا العام بحراك لازال متواصلا في الشارع العربي، حراك ملتبس بتعددية التأويلات ولكنه معبّر عن رغبة في التحرر بكل معاني التحرر. ومن الدلالات المركزية في دال التحرر تحقق الأنسنة.
التأنيث يحضر عند الحديث عن الأنسنة، فالكون الذي لا يؤنث لا يعول عليه، كما قال الشيخ الأكبر محي الدين بن عربي. وفي الحالة العربية، هيمنت الأبوية الذكورية بدلالاتها الإقصائية والاستبعادية الاستعبادية المرتكزة على قيمة الفحولة كمحدد للاعتبار المجتمعي، وهي في حقيقتها قيمة نافية للإنساني. فلقد ساد الهدر والهدر أوسع مدى من القهر، كما يقول الدكتور مصطفى حجازي: ''بحيث يستوعب القهر الذي يتحوّل إلى إحدى حالاته. فالهدر يتفاوت من حيث الشدة ما بين هدر الدم واستباحة حياة الآخر باعتباره لا شيء، وبالتالي عدين القيمة والحصانة، مما يمكن التصرف فيه، وبين الاعتراف المشروط بإنسانية الإنسان''. والمرأة في هذا السياق قد يهدر كيانها كما يقول حجازي: ''من خلال تحويلها إلى أسطورة متعددة الدلالات: المرأة الغاوية، المرأة ذات المكائد، المرأة ألعوبة بيد الرجل وأداة لذته. وفي أيامنا المرأة الجسد الفاتن أداة الإعلانات وترويج مختلف السلع الاستهلاكية، حيث يروج للسلعة من خلال إسباغ دلالة فتنة الجسد المشتهى عليها بواسطة الاقتران الشرطي: حيث تبرز مفاتن المرأة المثيرة للشهوة والرغبة وأحلام اليقظة بقصد إعطاء الدلالة نفسها للسلعة وترويجها''.
في ميدان التحرير بالقاهرة، وفي شارع بورقيبة بتونس، وفي ميادين وشوارع العالم العربي، صاغت المجتمعات ملامح المشهد المحيل للثورة بمعناها الحقيقي المتمثل في تفكيك الأغلال التي تشل وتجر بحمولة قيمية لا تراكم إلا الدفن بإيقاعات هوس شهرياري مرضي. هوس مشهده القذافي الذي احتفى بالبداوة المتبددة والمبددة، احتفى بها مستعيدا الحريم في خيمته وهو وسط عائشاته اللواتي أخضعهن لما يعادل الخصي لخدمة الإله في المعابد. النظام العربي هو امتداد للنسق الذي شيأ وسلع وجعل الفحولة مرجعا، فأنتج أمثال هشام طلعت في مصر الذي وظف جاهه وماله لقضاء وطره، ولما أخفق دبر قتل سوزان تميم.
والثورة هي في خلخلة النسق وقلبه لصياغة مضادة، صياغة تحرر حقيقي يرتبط بالأنسنة. وفي حراك الشارع بعض مؤشرات المنشود مع جيل يتجاوز المتراكم ويكسر سلطة الفحولة والبطريريكية الأبوية.
لعل النموذج الأكثر تعبيرا عن حالة التحوّل نوارة بنت الفاجومي، أحمد فؤاد نجم، والدكتورة صافيناز كاظم. ولدت في خضم حرب أكتوبر، فأسمتها أمها بنوارة تفاعلا مع ما أشرقت به الحرب التي سرعان ما تم تصريفها إلى ما قضى على ما جاءت به. نوارة تحوّلت إلى أغنية غناها إمام وكتبها والدها ''نوارة بنتي النهار دة تبقى بتخطي عتبة ليوم جديد، يا رب بارك، يارب خل، يا رب حافظ، يا رب زيد''. تربت نوارة في رحم مشحون بالثورة وقاست الفراق المتردد لوالدها المتردد على السجون وتعرّضت والدتها أيضا للسجن... نورت نوارة وتكثف لسان نجم، كبرت نوارة فاعترضتها الأشواك ودخلت السجن الذي احتضن والدها ووالدتها، عانت فعجنت وحنكت بما جعلها نوارة التي قالتها الأغنية وكانت من مكونات الأيقونة التي تقول ببلاغة الثورة التي تمتد موسوية للإطاحة بالفرعون الذي يتوالد بتوالد المفرعنين له. ساخرة هي نوارة كوالدها وجادة كوالدتها، جمعت هدوء ورزانة والدتها التي درست في أمريكا وانطلاق وتمرد والدها الذي ترعرع في الهوامش... نوارة مارست الكتابة الصحفية وتميزت بسخريتها التي تتغذى برصيد من الأدب الساخر في المحروسة. نوارة من جيل النات ومن رموزه كمدونة من المدونين الذين حركوا التيار الصانع للتاريخ وفي 2006 أسست مدونتها ''جبهة التهييس الشعبية''. نوارة ترتدي الحجاب وقالت: ''لو لم أكن مسلمة، للبست الحجاب''، حوّلت الحجاب من رمز استعباد وإذعان إلى رمز تحرر وتمرد، قائلة: ''لأن الإسلام مضطهد، والحجاب سبب التفتيش في مطارات الغرب والإسلام كان ذريعة لاحتلال العراق''. هي نوارة التي تمتد بهية وفي كل بلد نوارات وجميلات ينسجن بأنوثتهن التاريخ ويجعلن الكون معولا عليه لتكون كينونة مشحونة ببهاءات الحضرة الثورية المطيحة بالفراعنة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.