يؤكد معرض التشكيلية، سهام عواطي، الذي دشن، أول أمس الاثنين، برواق عائشة حداد بالجزائر العاصمة، مجددا قدرة الإرادة الممزوجة بالموهبة على تذليل الصعاب وتحدي الإعاقة بتحويلها من نقص جسدي إلى منبع للإبداع. في المعرض الجديد اختارت الفنانة، سهام، التي تعاني من عجز شلل في نصف جسدها، 23 لوحة، أفرغت فيها طاقة من الأحاسيس والصور المليئة بالرسائل والرموز عما يدور حولها وعن الطبيعة وأشياء أخرى جميلة وعريقة بدأت تسقط في خانة النسيان، حاملة معها جانب من التراث وإبداعاته. بيد واحدة، كما صرحت، تقوم سهام بمسك الريشة ولوحة مزج الألوان وبسط طاولة الرسم، وتطلق بعد ذلك العنان لخيالها لاستعادة صور لأماكن الطفولة والطبيعة الجزائرية الخلابة، لتجسيدها في لوحات تحمل كل واحدة جانب من مشاعرها وحالاتها النفسية. يعد الرسم بالنسبة إليها بمثابة علاج نفسي يساعدها على مكافحة المرض الذي أعاقها وهي لم تتعد السادسة، وتمكنت بالإرادة والإصرار وبمساعدة والدتها من كسر حاجز المرض والوحدة والخروج إلى العالم. أول لوحة لسهام تمثل البحر بزرقته، وهو اللون المفضل لديها، حيث يتجلى ذلك في عمالها. فعشقها لليم ليس بغريب، فهي ابنة مدينة سيدي فرج الساحلية، حيث كان الموج يدغدغ قدميها وهي تتجول على الشاطئ وقد رسمت أيضا عدة مناظر لهذه المدينة. وفي المعرض الجديد الذي تتواصل فعالياته إلى غاية 18 من الشهر الجاري، أفردت الفنانة مساحة كبيرة للتراث من خلال لوحات عديدة جسدت فيها إبداعات الصناعة التقليدية الجزائرية من خلال الأواني الفخارية المنزلية والتزيينية، مثل القلل والصحون والملاعق الخشبية إلى جانب الفوطة (لباس تتزين به المرأة في بعض المناطق) التي ظهرت وحدها أو رفقة تحف تقليدية في عدة لوحات. هذا الاهتمام الكبير بالتراث، اعتبرته صرخة من أجل الحفاظ على هذه الكنوز وتشجيع استعمالها بعد أن أصبحت مهددة بالزوال. تتجلى في لوحات سهام العاشقة لأعمال “باية “، جوانب من شخصيتها وحالاتها النفسية عبر تفاوت الألوان التي عوضت قلة الضوء في رسمها. ترك الدراسة في الرابعة متوسط بسبب المرض والإعاقة، لم يثن، سهام، عن تحقيق حلمها في أن تصبح رسامة، حيث تابعت تكوينا في مؤسسة الفنون الجميلة وأيضا تربصات في عدة جمعيات منها جمعية “الأمل" للمعاقين، فإلى جانب الرسم تستعد الفنانة لإصدار ديوان شعر بالعربية بعنوان “صرخة الحائرين" مهدى إلى القضية الفلسطينية.