تعبد تزكيتها من قبل أعضاء اللجنة المركزية..لويزة حنون تترشح لرئاسيات 7 سبتمبر المقبل    المديرية العامة للاتصال برئاسة الجمهورية تعزي: وفاة الصحفي السابق بالتلفزيون الجزائري محمد بوسيحة    فاتح بوطبيق : جبهة المستقبل ستكون في الصفوف الأولى وعلى استعداد لتعبئة وطنية قوية    عبد الرحمان حمزاوي : الانتخابات الرئاسية المقبلة فرصة لتحقيق المزيد من الانجازات    الإيريتيري ميرون يحتفظ بالقميص الأصفر: أيوب فركوس يفوز بسابع مرحلة من طواف الجزائر    خنشلة: استرجاع سلاحين ناريين وذخيرة بتاوزيانت    بسكرة: يحاولون نقل ممنوعات على متن حافلة    المؤرخ محمد الأمين بلغيث من تبسة: مساهمة الطالب في الثورة لم تكن وليدة 19 ماي 1956    الفلاحون والمهنيون مطالبون بالتجند لإنجاح الإحصاء العام    الجزائر.. وجهة مفضّلة لكبرى الشركات العالمية    الجزائر تعمل بحزم على تعزيز مشروع خط أنابيب الغاز العابر للصحراء    مرافعات لتمكين الشعب الصحراوي من حقه في الاستقلال    الجزائر تتمسّك بإصلاح جامعة الدول العربية    الجامعة الجزائرية..إصلاحات وانتصارات وإنجازات    هنيئا لعميد الأندية الجزائرية.. تستحقون اللقب عن جدارة    «صوت الطواف» ينقل كل صغيرة وكبيرة عن السباق    استعراض العلاقات التاريخية بين البلدين وآفاق تعزيزها    تعبئة القواعد النضالية للمساهمة في إنجاح الرئاسيات    برج بوعريريج.. ألواح شمسية لتنويع النسيج الغابي    هو إحدى التزامات رئيس الجمهورية لإعطاء دفعا جديدا للقطاع: إطلاق البنك الوطني للإسكان ليدخل رسميا حيز النشاط    الجزائر- بلجيكا.. شراكة متجدّدة    ألعاب القوى لذوي الهمم : تتويج نسيمة صايفي واحمد مهيداب بالذهب بكوبي اليابانية    جلسة عمل ببراغا بين الوفد البرلماني الجزائري ورئيسة الجمعية البرلمانية لمنظمة الأمن والتعاون بأوروبا    مشروع "فينيكس بيوتك" لتحويل التمر يكتسي أهمية بالغة للاقتصاد الوطني    عين الدفلى: المدينة القديمة مليانة, إرث ثقافي وتاريخي ثمين    سنوسي يقطف الجائزة الأولى بتلمسان    تراث وإبداع.. سفر في رحاب الكلمة الشاعرة..    حسنة البشارية.. تكريم مستحقّ بدار الثقاقة "محمد قاضي"    الاحتلال يُصعّد عدوانه ويواصل استهداف المدنيين    شؤون دينية: إستحداث رتب جديدة يهدف لتثمين قدرات المنتسبين للقطاع    اختتام شهر التراث: السيدة مولوجي تشرف على تسليم شهادات تكوين وتأهيل وتكريم باحثين    الجزائر تحتضن أشغال المؤتمر ال36 للاتحاد البرلماني العربي يومي 26 و27 مايو    أوتشا يعلن عن نفاد جميع مخزوناته الإغاثية في قطاع غزة    هيئة شؤون الأسرى الفلسطينيين : إدارة معتقل "ريمون" تتجاهل متابعة أوضاع المعتقلين المرضى    أوبرا الجزائر: افتتاح الطبعة ال13 للمهرجان الدولي للموسيقى السمفونية    لجنة التجارة و السياحة والصناعة بالاتحاد الإفريقي تتبنى مقترحات الجزائر بخصوص تعزيز التكامل الاقتصادي في إفريقيا    رئيس الجمهورية يهنئ فريق مولودية الجزائر بمناسبة تتويجه بلقب الرابطة المحترفة الأولى    قافلة تضامنية لفائدة المسنين    الخبز الأبيض خطر على صحة الإنسان    مصنع فْيَاتْ بوهران لم يُغلق    التحضير لإنشاء مناطق حرة بجيجل والطارف وتبسة    تمويل بنكي ل86 مشروعاً فلاحياً بمناطق الجنوب    الوزير بلمهدي مُنتظر ببومرداس اليوم    الحجاج مدعوون للإسرع بحجز تذاكرهم    مهنة الصيدلي محور مشروع مرسوم تنفيذي    بونجاح "التاريخي" يتجه للّعب في السعودية الموسم المقبل    قرار فرنسي يسدي خدمة من ذهب للفريق الوطني    وناس يسخر من مسؤولي ليل ويبحث عن وجهة جديدة    الكيان الصهيوني يستخف بتهمة الإبادة الجماعية    سقوط ثلاثينيّ من علو 175 متر    غريق بشاطئ مرسى بن مهيدي    الأطباء ينقذون حياة التلميذة نهاد    نظام تعاقدي للفصل في تسقيف الأسعار    نفحات سورة البقرة    الحكمة من مشروعية الحج    آثار الشفاعة في الآخرة    نظرة شمولية لمعنى الرزق    الدعاء.. الحبل الممدود بين السماء والأرض    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



معنى إعلان الإخوان المسلمين جماعة إرهابية
نشر في الجزائر نيوز يوم 28 - 12 - 2013

هل اختارت مصر السير على طريق مجهول عرضة للسيناريوهات الأكثر قتامة ومغامرة.. هنا تقدير موقف للمركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات..
..خطورة هذا القانون تكمن في "استثنائيته"، أي أنه يجري عكس العرف القضائي المشهور: "المتهم بريء حتى تثبت إدانته"، وتتزايد خطورته في مصر في ظل قدرة النظام الاستبدادي عبر أجهزته البوليسية على حبس أي مواطن مصري حتى يثبت أنه ليس إخوانيا، فالقانون إذا لا يهدد من هم أعضاء في جماعة الإخوان المسلمين أو من هم متعاطفون معها فحسب..
بإعلانها جماعة الإخوان المسلمين "جماعة إرهابية"، دقت الحكومة المصرية المُعينة مسمارا أخيرا في نعش أي تسوية سياسية، قد تفضي إلى رأب الصدع العميق الذي ضرب المجال السياسي المصري في المرحلة الانتقالية، ووصل إلى قمته في انقلاب 3 جويلية 2013. وقد جاء القرار بعد يومين من وقوع انفجار استهدف مبنى مديرية أمن المنصورة في محافظة الدقهلية، أفضى إلى مقتل العشرات من عناصر الأمن وجرحهم.
وكانت جماعة "أنصار بين المقدس" السلفية التي تنتشر في مدن شمال سيناء وقراه، وتحظى بدعم قبلي ومحلي هناك، قد أعلنت مسؤوليتها عن العملية في بيان نشر على الأنترنت، وتداولته بعض وسائل الإعلام، وعدت العملية ردا على محاربة "النظام المرتد الحاكم الشريعة الإسلامية". وكانت هذه الجماعة قد استهدفت من قبل جنود الجيش المصري في سيناء، وبعض عناصر الأمن، إضافة إلى محاولة اغتيال وزير الداخلية المصري محمد إبراهيم في الخامس من سبتمبر الماضي.
وعلى الرغم من إعلان جماعة "أنصار بيت المقدس" التي تعد خصما أيديولوجيا لجماعة الإخوان المسلمين وسبق لها أن "كفرت" الرئيس المعزول محمد مرسي، مسؤوليتها عن استهداف مديرية أمن المنصورة، استغلت الحكومة المصرية المعينة الحادث من أجل اتخاذ خطوة جذرية ذات أبعاد خطيرة، وهي اتهام جماعة الإخوان المسلمين بالمسؤولية عن التفجير، ولتصنفها بناء عليه "جماعة إرهابية في الداخل والخارج"، في قرار يهدف إلى القطع كليا مع الجماعة وإقصائها عن المجال السياسي، واستئصالها من المشهد السياسي المصري.
خرج نائب رئيس الوزراء في الحكومة المصرية المعينة عقب الانقلاب العسكري، مساء يوم الأربعاء 25 ديسمبر، ليعلن قرار حكومته تصنيف جماعة الإخوان المسلمين "جماعة إرهابية في الداخل والخارج". وقرأ القرار وزير ناصري بطريقة حماسية لا تخلو من الاستعراض. وهدف إلى استغلال المناخ المعادي للديمقراطية، لتمرير قرار جرى التمهيد له قبل انفجار الدقهلية، إذ سبق أن هددت الحكومة في أكثر من مناسبة بحظر تنظيم جماعة الإخوان المسلمين، وعَده إرهابيا.
وما يؤيد هذا الاستنتاج أن وسائل إعلام وصحفا مصرية وعربية، بعد انفجار الدقهلية في 24 ديسمبر، عمدت إلى تناقل نسخة مزيفة من بيان "أنصار بيت المقدس" جرت الإشارة فيها إلى أن التفجير كان "ردا على أحداث العنف التي تشهدها مصر ضد أعضاء جماعة الإخوان المسلمين"، مع أن البيان الأصلي لم يأت على ذكرهم بل ركز على اتهام النظام بالكفر ومحاربة الإسلام واستباحة دماء المسلمين.
وكانت الحكومة المصرية المعينة قد استبقت إصدار القرار باتخاذ مجموعة من الإجراءات التي تستهدف استئصال جماعة الإخوان المسلمين، ومعاقبة المتعاطفين معها أو رافضي الانقلاب العسكري وجملة القوانين التي تقيد الحريات العامة، فبعد مجزرة رابعة العدوية التي تعد أعنف مجزرة دموية ضد اعتصام سلمي في التاريخ الحديث، توالت القرارات الإدارية والممارسات الأمنية التي سعت إلى الإجهاز على معارضي الانقلاب العسكري، ابتداء من قرار المحكمة الإدارية حل جماعة الإخوان المسلمين ومصادرة أموالها المنقولة وغير المنقولة في سبتمبر الماضي، ومرورا بإطلاق جملة من الأحكام القضائية التي شملت حتى الطلبة والقاصرين ونشطاء حركات سياسية ساهمت في إشعال ثورة 25 جانفي مثل "حركة 6 أبريل"، وانتهاء بملاحقة القضاة الرافضين سياسات النظام العسكري والتحضير لمحاكمتهم.
ولم تساهم وسائل الإعلام المصرية وبعض وسائل الإعلام العربية المعادية للثورة في شحن الأجواء بخطاب فاشستي ضد الإسلاميين فحسب، بل ذهبت أيضا بعد إصدار قانون التظاهر في نوفمبر الماضي إلى وصم من يتظاهر ضدَّ الحكومة بالتحالف مع الإرهاب متمثلا بجماعة الإخوان المسلمين، واستهدفت تحديدا فئة الشباب التي كان لها دور في إسقاط نظام مبارك. وفي ظل مناخ الإقصاء والأجواء المعادية للديمقراطية، وصلت الأمور إلى حد تسابق رؤساء المقار الأمنية في مراكز قروية في محافظات مصرية لنشر أخبار القبض على قيادات وعناصر محلية إخوانية، من أجل كسب الشهرة أو التزلف لنظام الحكم الجديد في ظل خطاب سياسي شعبوي ينشر ثقافة الكراهية.
وتصر وسائل الإعلام المصرية الموجهة من قوى الأمن في نشراتها اليومية، على تصوير الاحتجاجات ضد الانقلاب العسكري وضد ممارسات الدولة الأمنية، على أنها "صراعٌ بين الشعب والإخوان المسلمين"، بحيث يصبح من يعارض الاستبداد كأنه يعارض "الإرادة الشعبية"، لتمتلئ الفضائيات المصرية بدعوات سحب الجنسية، واتهامات التخابر مع جهات أجنبية معادية لمصر. وما لبثت هذه الدعوات أن تحولت تهمة رسمية يوجهها النظام بأجهزته القضائية الفاسدة لاحتجاز المعارضين واعتقالهم بتهم الخيانة العظمى.
لقد كان قرار إعلان الإخوان المسلمين جماعة إرهابية نتيجة طبيعية ومتوقعة لمسار النظام الاستبدادي الذي يديره العسكر، ويضم خليطا من شخصيات محسوبة على الحزب الوطني القديم، وشخصيات أخرى من المعارضة التقليدية التي يمكن عدها جزءا من النظام القديم، بما فيها قوى قومية وإسلامية ويسارية، وهي التي فوجئت بثورة 25 يناير، ولم تقتنع يوما بمبادئها، والتي لم تراجع يوما موقفها من الديمقراطية، فالنظام الحالي يستمد شرعيته أصلا من معاداة الإسلاميين. وعمل منذ مجيئه على تحويل الانتماء إلى "الإخوان" تهمة، قبل أن ينتقل إلى المرحلة التالية التي يمتلك بموجبها سلطة تحديد من هو "الإخواني" وتعريفه، كما أعلن القرار الجديد. ولكنه في الحقيقة يعمل بصورة منهجية على تصفية منجزات ثورة 25 يناير، بما في ذلك دور نشطائها الشبان من "حركة 6 أبريل" وغيرهم.
لقد صنف قرار الحكومة المصرية، كما جاء في نص الجريدة الرسمية، "جماعة الإخوان المسلمين جماعة إرهابية وتنظيمها تنظيما إرهابيا في مفهوم نص المادة 86 من قانون العقوبات"، ما يعني تنفيذ قانون الإرهاب على أكبر حزبٍ سياسي في البلاد، حصل على ما تصل نسبته إلى 40 % من مقاعد مجلس الشعب المنحل، وعلى أكثر من ربع أصوات المصريين في الجولة الأولى من انتخابات الرئاسة في ماي 2012.
وقد تضمن نص القرار في بنده الأول عبارة عامة وفضفاضة، هي "توقيع العقوبات المقررة قانونا لجريمة الإرهاب على كل من يشترك في نشاط الجماعة أو التنظيم، أو يروج لها بالقول أو الكتابة أو بأي طريقة أخرى، وكل من يمول أنشطتها"، وهو ما يضع ملايين المصريين ممن لا يقرون سياسات قمع عناصر الجماعة أو ملاحقتهم، أو حتى يدعون إلى التصالح معهم في دائرة الملاحقة والاتهام، فمساحة التأويل شاسعة في ظل عمومية النص.
وهذا لا يعني أن الحكومة المصرية سوف تسجن كل عضو في جماعة الإخوان المسلمين وتعاقبه، ولكنها سلحت نفسها بسلاح ثقيل من شأنه أن يشيع أجواء من التخويف والترهيب، فالقانون سيف مسلط في يديها يعطيها حق التعامل مع أي معارض سياسي، بوصفه مشتبها به بأنه "إخواني"، والتعامل معه بموجب قانون مكافحة الإرهاب. وثمة وسائل تنظيم جوقات إعلامية في إلصاق التهمة بكل معارض. هذه أجواء فاشية بلا شك، فقوانين مكافحة الإرهاب لم تصمَّم في أي بلد لمكافحة حزب سياسي، فضلا عن حزب ذي قواعد اجتماعية وسياسية واسعة.
وحتى نفهم الآثار الخطيرة التي تترتب على صدور هذا القانون، يمكن تتبع الانتهاكات الجسيمة التي رافقت صدور قوانين مكافحة الإرهاب التي أقرتها بعض الدول العربية وغير العربية بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001، وانتشار عقيدة الحرب على الإرهاب، إذ صار بالإمكان اعتقال المواطن بشبهة كونه إرهابيا، ثم تمديد حبسه حتى يثبت أنه ليس إرهابيا أو لا ينتمي إلى فصيل إرهابي، ونص المادة 86 من قانون العقوبات المصري مستمد من مفاهيم تلك الحقبة، حقبة المحافظين الجدد وحربهم على الإرهاب.
ومن هنا، فإن خطورة هذا القانون تكمن في "استثنائيته"، أي أنه يجري عكس العرف القضائي المشهور: "المتهم بريء حتى تثبت إدانته"، وتتزايد خطورته في مصر في ظل قدرة النظام الاستبدادي عبر أجهزته البوليسية على حبس أي مواطن مصري حتى يثبت أنه ليس إخوانيا، فالقانون إذا لا يهدد من هم أعضاء في جماعة الإخوان المسلمين أو من هم متعاطفون معها فحسب، بل يهدد أيضا ملايين المصريين الذين قد يفكرون يوما في الاحتجاج ضد النظام وأسسه الانقلابية، ويعرضهم إلى محاكم استثنائية باسم مكافحة الإرهاب.
لقد كان من أهم نتائج ثورة الخامس والعشرين من يناير تقييد قانون الطوارئ الذي حكم البلاد لأكثر من ثلاثين عاما، وجرى خلاله تبرير آلاف المحاكمات العسكرية ضد المواطنين المصريين في عهد مبارك، بحيث أصبح من غير الممكن تمديد حالة الطوارئ لأكثر من شهر إلا بموافقة أغلبية أعضاء مجلس الشعب. لكن النظام العسكري أبى إلا أن يطيح هذا الإنجاز، إذ عبر إقرار قانونيْن جديدين، هما: قانون التظاهر الذي أقره الرئيس المصري الموقت عدلي منصور في نوفمبر الماضي، وتفعيل قانون الإرهاب ذي الطبيعة الاستثنائية بإعلان جماعة الإخوان المسلمين جماعة إرهابية، جرى منْح السلطة القائمة الصلاحيات القصوى في ملاحقة المعارضين واعتقالهم وتقديمهم إلى محاكمات عسكرية.
وعليه، يبدو أن تركيبة القوانين الجديدة لا ترمي إلى استئصال جماعة الإخوان المسلمين وحلفائها فحسب، بل تهدف إلى إعادة صوغ حالة الطوارئ، وإطلاق يد النظام الأمنية بصورة قانونية أيضا، للقضاء على أي مقاومة تواجه الديكتاتورية وعودة المؤسسة الأمنية إلى الوضع الذي كانت عليه قبل الثورة.
لا يُعد قرار الحكومة المصرية المعيّنة إعلان جماعة الإخوان المسلمين جماعة إرهابية نكسة لمبادئ الحوار والديمقراطية فحسب، بل يوجه ضربة قاصمة أيضا لخريطة الطريق التي أعلن عنها وزير الدفاع عبد الفتاح السيسي عقب عزله الرئيس السابق محمد مرسي، بوصفها تمثل، كما زعم حينها، مفتاحا لحل الأزمة.
وعلى الرغم من أن البعض يعتقد أن الضغوط التي تمارسها السلطة الحالية تهدف إلى دفع الجماعة إلى القبول بتسوية سياسية تعطي الشرعية للانقلاب العسكري وللنظام السياسي الجديد الذي نتج منه، فلقد غدا واضحا غلبة الميول الاستئصالية لدى نظام العسكر، وجنوحه إلى إقصاء المعارضين، وإصراره الغريب على السير منفردا على الرغم من الاحتجاجات المستمرة والتنديد الدولي والحقوقي العالمي.
أخيرا، لا بد أن هذه السياسة التي توجتها الحكومة المصرية بقرارها الأخير إعلان جماعة الإخوان المسلمين جماعة إرهابية، تضع حدا لكل المساعي الجارية في دوائر الثقافة العربية، منذ أكثر من عقدين من الزمن من أجل تحقيق المصالحة بين التيارين الإسلامي والعلماني. والأخطر من ذلك، أن ذهاب النظام المصري الاستبدادي إلى دفع الأمور بهذا الاتجاه، سوف يدفع البعض إلى الخوف والانكفاء، وسوف يدفع آخرين إلى التظاهر السلمي. ولكنه سوف يدفع أيضا من دون شك بالكثير من الإسلاميين المصريين إلى العودة للعمل السري. وقد يدفع بعضهم إلى التطرف واستخدام العنف، بعد أن حرموا من ممارسة حقهم في التعبير عن النفس بوسائل سلمية، ما دام ثمن العمل السلمي قد أصبح القتل أو السجن لسنوات طويلة، فالدولة التي تعامل جزءا من شعبها بوصفهم إرهابيين، إنما تدفعهم إلى أن يكونوا كذلك بالفعل.
* مدير المركز العربي للأبحاث
ودراسة السياسات


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.