اختتم اليوم السبت معرض الصور الفوتوغرافية الذي احتضنته دار الثقافة "ابن رشد" خلال الفترة 18 الى 25 فيفري الجاري. وهي التظاهرة التي نظمها وسهر عليها الثلاثي "عماد طالب" و"مالك كردال" و"الحاج بلخضر شولي" بالاشتراك مع "المركز الثقافي للوثائق الصحراوية" بغرداية والذي يملك رصيدا فوتوغرافيا وثّق به الآباء البيض جزءا من نمط معيشة بلاد أولاد نايل وقبائلها وقصورها. "الجلفة انفو" حضرت اليوم الأخير من التظاهرة وكان لها حوار مع الثلاثي "عماد، مالك، بلخضر" الذين كانوا فعلا مؤرّخين طيلة الأسبوع الماضي وسافروا بالزوار الى الماضي ... فكانت لحظات للنوستالجيا والشوق وسط التأثر والدموع ... مالك كردال (مهندس في علم الأحياء، جامع صور) لو نبدأ من الأخير مالك ... اليوم هو اختتام التظاهرة فماهي انطباعاتكم وتقييمكم لها؟ انطباعاتي كلها ايجابية. فنحن لم نكن نتوقع كل هذا الحضور والتفاعل بهذه الكثافة والتظاهرة. فطيلة أيام المعرض هناك الكثير ممن زارونا وكرروا زيارتهم لنا بل وهناك من زارونا بصفة يومية. فهذا الزخم والتفاعل هو فعلا محفز حقيقي لنا لكي ننشط أكثر ونقدم المزيد وننظم تظاهرات أخرى. في مثل هذه التظاهرات هناك شيء يطغى بجاذبيته ويجلب الحضور مثل الخطاب الذي تحمله الصورة ... فماهو في رأيكم عنصر الجذب إلى المعرض؟ أهم عنصر جلب الزوار هو رغبة كل واحد منهم في استقراء ماضي المكان الذي عاش فيه مثل المدرسة التي درس فيها والشارع الذي مرّ عبره والمنزل الذي قطنه أو المكان الذي عمل فيه. وهناك من كانت لديهم رغبة في رؤية الأماكن التي لم يروها وسمعوا عنها فقط فكانت الصور القديمة خير دليل لهم في اشباع فضولهم الى الماضي. وبصفة عامة زوارنا كانوا يرغبون في معرفة الحال الذي كانت عليه المدينة وكيف تطورت وكيف بنيت. لاحظنا أن المعرض لم يكن محصورا في الجانب الفني بل تعداه إلى الجوانب الإنسانية والمعمارية ... أكيد فمن الناحية الفنية، لاحظنا التظاهرة التي قادها أعضاء "المركز الثقافي للوثائق الصحراوية" بغرداية بتنظيم معرضين للصور القديمة في غردايةوالأغواط، فأخذنا على عاتقنا المبادرة لنقل هذه التظاهرة إلى ولاية الجلفة وتجسيدها لا سيما وأن المركز يملك صورا قديمة جدا عن مناطق الجلفة وقصورها والتي لم تنشر أبدا. كما قررنا كمنظمين من الجلفة (عماد، مالك، بلخضر) أن نضيف إلى المعرض أجنحة للبطاقات البريدية وتقنية مزج الصور لنفس المكان بحاضره وماضيه ونفس الأمر بالنسبة للطابع العمراني وتطوره بالمدينة والذي حاولنا أن نبعث عبره رسالة عن الخطر الداهم الذي يهدده. فولاية الجلفة تملك تراثها وحضارتها وهويتها التي يجب الدفاع عنها مهما كانت الحقبة سواء ما قبل التاريخ أو الوجود العثماني أو الاحتلال الفرنسي. عماد طالب (مهندس معماري مصور فوتوغرافي محترف، تقنية المزج بين حاضر وماضي المكان) عماد ... سبعة أيام للصورة والنوستالجيا ... ماهي انطباعاتك كمنظم للتظاهرة؟ لم نكن ننتظر هذا الكم الهائل من الحضور وتفاجأنا بالتفاعل مع المعرض من كل أطياف المجتمع لا سيما المثقفون. وأكثر اللحظات تأثيرا حينما يأتيك زائر فقط من أجل أن يرى المكان الذي ولد فيه أو ترعرع فيه أو درس فيه بل وهناك من الزوار من انهمرت دموعه في مواجهة الصورة. كما تأثرنا أيضا بروح التضامن التي برهن عليها الزوار الذي اقتنوا الكتيّب المخصصة مداخيله لجمعيتي "كافل اليتيم" و"جمعية شعاع الأمل لمساعدة مرضى السرطان" وهذا دليل عن روح التضامن المترسخة في مجتمعنا. رأينا أيضا قصور المنطقة وكذلك أول مخطط لتجزئة مدينة الجلفة ... فماهي الرسالة التي أردتم ايصالها؟ بالفعل أردنا إيصال عدة رسائل. فمثلا بالنسبة للعمران أبرزنا الشوارع وتقسيمها من خلال العمران العسكري المتعامد والمتجانس التي شكلت النواة الأولى للمدينة التي تطورت فيما بعد ولكن طغى عليها شيء من الفوضى من الناحية العمرانية. أما من الناحية المعمارية فهناك نمط معماري خاص بالجلفة تحكمه الظروف المناخية وهذا النمط قد نجد له شبيها في تيارت أو البويرة أو غيرهما ولكن ما يميزنا هو مواد البناء الخاصة بنا لأن منطقتنا باردة. ماهي العناصر المعمارية لهوية الجلفة والتي وثّقتها الصور الفوتوغرافية؟ من ناحية مواد البناء نجد العنصر الأساسي للبناء متمثلا في الحجارة عكس المناطق الأخرى مثل الأغواط التي تستعمل الطوب. وبالنسبة للتسقيف فنجد طغيان القرمود. أما الألوان فهي الأخرى أيضا تتجانس والشروط المناخية خصوصا وأن منطقتنا معروفة بالزوابع الرملية ما يحتم إلى ألوان من قبيل البني. باعتبار عماد مؤسسا ومنظما لطبعتين لمعرض الشارع الفوتوغرافي ومؤسسا ومنظما في الطبعة الحالية ... هل هناك آفاق لمشاريع مستقبلية من هذا القبيل؟ نحن دائما نطمح إلى تنظيم معرض وطني للصورة الفوتوغرافية نجمع فيه مصوري الجزائر لكي يروا ولاية الجلفة ... وهي القارة التي تزخر بمقومات لا تتوفر في أي مكان آخر من رسوم ونقوش ما قبل التاريخ إلى الغابات والجبال الملحية والكثبان. والهدف الثاني هو التعرف على المدينة أما الهدف الأسمى فهو التصوير الفوتوغرافي ومنح الفرصة لمن لهم الشغف للتصوير الفوتوغرافي. الحاج بلخضر الشولي (حرفي حلي محترف، جامع صور) لو نتساءل ... معرض بصور تعرض لأول مرة فماهو الجديد فيه باعتباركم حرفيا محترفا؟ هذه التظاهرة كانت فرصة لعرض صور لأول مرة كانت في حوزة "المركز الثقافي للوثائق الصحراوية". فهذا المعرض لم يعطنا فكرة عن الحلي والجواهر والزينة واللباس ببلاد أولاد نايل فحسب، بل سمح لنا بتوسيع أفكارنا عما تختزنه منطقتنا من تراث. وبالنسبة لي فقد كان لي اكتشاف من خلال الصور المعروضة وهو أن أهل بلاد أولاد نايل كانوا بارعين في صناعة الخزف الفخار. فالفكرة التي كانت سائدة سابقا هي أن النمط المعيشي للبدو الرحل لا يتطلب الأواني التي قد تتكسر أثناء الحل والترحال. وبالتالي فان هذا التراث الزاخر يدفعنا إلى القول بأن بلاد أولاد نايل كان لديها اكتفاء حضاري في كل مقومات الحياة. وباعتباركم من أوائل وأشهر جامعي الصور عبر ولاية الجلفة ماهي ملاحظاتكم حول الصور المعروضة؟ الآباء البيض دونوا كل صغيرة وكبيرة بالكتابة والتصوير وهذا التوثيق يُحسَب لهم خصوصا وأنه في رصيدهم أزيد من 31 ألف صورة لمناطق شتى من الجزائر. ومن خلال الصور التي لاحظناها وجدنا أن منطقتنا كانت عامرة بقصورها مثل قصر عمورة وقصر مسعد وقصر زنينة وامجدل. ماهي أهم ملاحظة على المعرض؟ الإقبال الكبير بصفة يومية رغم قلة الإشهار للمعرض. هل هناك مشاريع مستقبلية؟ أتمنى أن أنظم معرضا لحلي المنطقة باعتبارها مجال اختصاصي وبالتوازي مع ذلك معرض لنسيج أولاد نايل ومعرض للسلالة والفخار ومعرض لصور المدارس والكتب المدرسية وشخصيات المنطقة.