وجه أمس الدكتور أحد عظيمي انتقادات لاذعة للدبلوماسية الجزائرية، معتبرا أن دورها لا يرتقي إلى مستوى قوة اقليمية هامة بحجم الجزائر ليست المرة الأولى التي تنتقد فيها الدبلوماسية الجزائرية، خاصة في تسييرها لأزمات تعنيها بالدرجة الأولى، مثلما يحدث حاليا في ليبيا، إذ عادة ما يأتي رد فعلها متأخرا، بعد أن توضع في قفص الاتهام لتتحول إلى الدفاع عن نفسها. ولعل قصة المرتزقة، وما قيل حول مساعدة القذافي بالسلاح والطريقة السافرة التي تدخل بها وزير خارجية فرنسا في اتصاله بنظيره الجزائري في الشأن الداخلي، ورد فعل هذا الأخير غير القوي لخير دليل على ضرورة إعادة النظر في الطريقة التي تتعامل بها الدبلوماسية الجزائرية مع قضايا خطيرة وحساسة تضع الأمن الوطني على المحك. ماذا يعني أن يتصل آلان جوبي بمدلسي ويروي للصحافة الفرنسية تفاصيل المكالمة الهاتفية التي توحي بأنها كانت استنطاقا وليس محادثة هاتفية تناولت واقع وآفاق تطوير العلاقات الثنائية بين البلدين مثلما جاء في بيان الخارجية الجزائرية. وماذا يعني أن يقول الوزير الفرنسي أن نظيره الجزائري فند ما يتداول حول المرتزقة أو تقديم السلاح للقذافي، في الوقت الذي كذب فيه مدلسي وغيره من المسؤولين في مناسبات عديدة ادعاءات مرتزقة المعارضة الليبية ومن يقف وراءها؟ ألا يعد هذا تدخلا في الشأن الداخلي الذي ترفضه الجزائر، ولماذا لم يسأل وزير الخارجية الجزائرة نظيره الفرنسي عن الدور الذي تلعبه فرنسا في الجارة ليبيا وفي تأجيج الوضع المتدهور هناك، وفي صب الزيت على النار وفي تعطشها لتوجيه مزيد من الضربات العسكرية على ليبيا، وهي التي توسلت مؤخرا لأمريكا لمنحها هذا التفويض غير أن واشنطن رفضت طلبها لأنها تدرك تهور سلاحها الجوي، خاصة في بداية القصف الجوي على ليبيا واستهدافها للمدنيين، في الوقت الذي كانت تدعي حمايتهم، مما حذا بأمريكا إلى الإسراع في تسليم قيادة العمليات العسكرية إلى الحلف الأطلسي؟ آلان جوبي يتدخل في قصة المرتزقة، ويبدي رأيه حول الاصلاحات المعلن عنها من قبل رئيس الجمهورية، ويحشر أنفه كثيرا فيما لا يعنيه، ووزارة الخارجية الجزائرية تتحدث عن محادثات جرت حول الوضع السائد في منطقة المغرب العربي. مفارقة عجيبة لا تحسب ايجابيا على وزارة الشؤون الخارجية التي بدا موقفها فاترا أو كما قال عظيمي عدم قدرة المسؤولين على الدفاع عن صورة الجزائر، وإن كان هذا الأخير قد بالغ إلى حد ما عندما اعتبر أن صورة الجزائر اصبحت رديئة، إلا أن قصة المرتزقة لا يبدو أنها وجدت آذانا صاغية إلا عند فرنسا التي تقود حربا غير معلنة من أجل وضع أقدامها في ليبيا في حالة ما إذا تأكد سيناريو تقسيم ليبيا.