إتخذ الخطاب الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة في دورتها ال 64 إتجاها خطيرا يوحي بوجود نوايا سيئة في إدارة العلاقات الدولية ما بعد كل ما حدث في نيويورك من إثارة لغة التهديد ضد كل من يسعى من أجل إكتساب ناصية العلم والتكنولوجيا. وقد تفاجأ الرأي العام العالمي للموقف الغريب الصادر عن كل من أوباما وساركوزي وبراون لسعيهم المفضوح لفرض خطا متشددا وتحذيريا ضد كل من يعمل على تطوير قدراته العلمية، والتمتع بمبادرة صناعة نووية. وبين عشية وضحاها تحوّل هذا المنتظم الأممي إلى فضاء لمحاكمة بلد مثل إيران على ما قام به من مجهود من أجل ترقية مسعاه القائم على إثراء البلد بصناعة كانت بالأمس حكرا على البعض من البلدان الكبرى التي ترفض رفضا قاطعا الخروج عن بيت الطاعة والأوامر الفوقية التي تملى من أجل أن يتوقف كل مشروع حضاري علمي. وهذا ما يحصل اليوم على مستوى الأممالمتحدة، حيث يسعى البعض كالولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا وألمانيا لفرض منطق غريب جدا ينحو باتجاه إستعمال الرّدع لحلّ إشكال قائم، هم الذين إبتدعوه عمدا من أجل بعث رسالة واضحة المعالم لكل من يفكر في اقتحام هذا المجال الحيوي. وعليه، فإن الضغط الممارس اليوم على مستوى العلاقات الدولية، يتنافى مع إدعاءات هؤلاء الذين يتبجحون ليلا نهارا على أنهم يسعون لإشاعة مبادئ السلم، وهذا غير صحيح بتاتا، قاعدتهم أو شعارهم اليوم هو فرض ما يعرف بالإنتقائية المفضوحة التي تتحدث عن القدرات النووية لبلد، في حين تناسوا ما تملكه إسرائيل من ترسانة نووية، أشهرها موقع ''ديمونة'' ناهيك عن مواقع أخرى سريّة. ويلتزم أوباما وساركوزي وبراون وميركل الصّمت الكامل على هذا الجانب بشكل فعلا مثيرا للإستغراب في الوقت الراهن. ومادام الأمر يتعلق بالحديث عن المفاعل النووي الإيراني، كان الأجدر أن تثار القدرات النووية الإسرائيلية. ولا بدّ من التأكيد هنا، بأن إيران تدفع ثمن خطابها الذي ينفي وقوع ''المحرقة'' ضد اليهود، ومعاداتها للسامية، هذا الأمر لن يغفر لها، وستمارس عليها ضغوط أخرى إلى غاية التخلي عن هذا الخطاب المعادي لإسرائيل.. هذا الجوّ أدخل إيران في شعور بأنها محلّ إبتزاز سياسي من قبل الدول الغربية ومجموعات الضغط الصهيونية التي تنشط هذه الأيام بشكل ملحوظ، وهذا عندما أقصت العرب من تولي منصب رئاسة ''اليونيسكو'' مفضلة البلغارية إرينا بوليكوفا على المصري فاروق حسني، إننا أمام سيناريوهات مشابهة من حيث التوجه في الهيمنة على صناعة القرار السياسي الدولي، وجعله أحادي الجانب، لا يصدر إلا عن دول معينة ترفع اليوم راية الفرز القائم على الكيل بمكيالين.