مجلة "الشرطة" تحتفي بالذكرى ال63 لتأسيس الشرطة الجزائرية    يتلقى مكالمة هاتفية من نظيره الألماني    رئيس الجمهورية يجري محادثات ثنائية مع نظيره اللبناني    حريق بمستشفى تمنراست: وزير الصحة يقف ميدانيا على ظروف وملابسات هذه الحادثة    ارتفاع أسعار النفط بأكثر من 2 بالمائة    شهداء ومصابون بأنحاء متفرقة بقطاع غزة    الجزائر تدعو إلى تحرك دولي عاجل وفوري لإغاثة غزة    تغول الفساد بالمغرب في مراكز صنع القرار    توقرت : توقف شخص في قضية حيازة وترويج المخدرات    وفاة 35 شخصا وإصابة 2225 آخرين    مؤتمر حل الدولتين: الجزائر ترافع مجددا من أجل منح العضوية الكاملة لفلسطين في الأمم المتحدة    رئيس الجمهورية يقلد الرئيس اللبناني وسام الاستحقاق برتبة "أثير"    الاتحاد الإفريقي يدين تشكيل حكومة موازية في السودان ويدعو لوقف فوري لإطلاق النار    رؤية استراتيجية لتعميق التعاون مع الدول الأوروبية    استئناف الرحلات نحو بيروت اعتبارا من 14 أوت المقبل    جئت للجزائر بشغف كبير وسأغادرها بإعجاب أكبر    رؤية متكاملة لدعم منظومة حقوق الإنسان    عميد جامع الجزائر يستقبل متفوقات البكالوريا    الشرطة الجزائرية تحذر من مشاركة الصورة الشخصية مع الغرباء    كرة القدم/شان-2024: المنتخب الجزائري يتعادل وديا أمام موريتانيا (2-2)    تمديد استثنائي لآجال إيداع الحسابات الاجتماعية للشركات التجارية    برنامج "عدل 3": أزيد من 1ر1 مليون مسجل اطلعوا على نتائج دراسة ملفاتهم    معرض تشكيلي بالجزائر العاصمة يستذكر المسار الإبداعي للفنان مصطفى عدان    جعل ولاية تمنراست قطبا طبيا بامتياز    تنصيب نبيلة بن يغزر رئيسة مديرة عامة لمجمّع "صيدال"    باريس تحتضن ندوة "إيكوكو" نهاية نوفمبر المقبل    ندوة حول تطهير العقار الفلاحي    مولودية الجزائر تلتقي الباجي التونسي وديا    "كيرا كوميدي" تعد بسهرة فنية مميزة    "قراءة في احتفال" تملأ فراغ أطفال البليدة    بوجدرة يُكرَّم رئاسياً ويواصل "حرب الكلمة"    هدفي العودة إلى المنتخب والمشاركة في "الكان"    المصارعة الجزائرية تحصد الذهب    افتتاح صالون "تمويل 2025" لدعم الاستثمار بمشاركة أزيد من 40 عارضا    السيدة مولوجي تبرزأهمية الاتفاقية بين قطاعي التضامن الوطني والصناعة في دعم إنتاجية المؤسسات الصناعية    تمنراست: سيشرع في الأيام القادمة في الإجراءات المتعلقة بفتح مصالح المستشفى الجديد بسعة 240 سرير    تحت شعار "صيفنا لمة وأمان" : حملات نظافة واسعة النطاق عبر ولايات الوطن    المجاهد والكاتب والروائي الكبير، رشيد بوجدرة:الكتّاب الممجدون للاستعمار "ظاهرة ظرفية" آيلة إلى الزوال    الجزائر العاصمة : ندوة علمية حول ديناميكية الساحل الجزائري وعلاقته بالمواقع الأثرية    بإشراف من العميد محمّد المأمون القاسمي الحسنيّ..صدور العدد الأوّل من دوريّة "الجامع"    ضبط 2938 مؤثر عقلي    معالجة 501 قضية    حجز 7 دراجات "جات سكي" بوهران    السيدة نبيلة بن يغزر رئيسة مديرة عامة لمجمع "صيدال"    هذه إستراتيجيات الجزائر لتحقيق الأمن الغذائي    هذه توجيهات وزير الثقافة والفنون    قانون التعبئة العامّة يصدر بالجريدة الرسمية    الألعاب الإفريقية المدرسية/الجزائر2025: ثلاثة اختصاصات في أدوار متقدمة من أجل احراز ميداليات في اليوم الثالث من المنافسات    الألعاب الإفريقية المدرسية-2025: السباحة الجزائرية تحرز على خمس ميداليات منها ثلاث فضيات في نهائيات اليوم الاول    حريق بمستشفى تمنراست: 3 وفيات و4 جرحى    شان-2024 (المؤجلة إلى 2025) – تحضيرات : المنتخب المحلي يواجه موريتانيا وديا    غوارديولا.. من صناعة النجوم إلى المدربين    ثواب الاستغفار ومقدار مضاعفته    من أسماء الله الحسنى.. "الناصر، النصير"    الابتلاء.. رفعةٌ للدرجات وتبوُّؤ لمنازل الجنات    شبكة ولائية متخصصة في معالجة القدم السكري    النمّام الصادق خائن والنمّام الكاذب أشد شرًا    رموز الاستجابة السريعة ب58 ولاية لجمع الزكاة عبر "بريدي موب"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



لوتشانو مودجي مُذنب ولكن...
نشر في الشباك يوم 21 - 12 - 2011

يروُون في إيطاليا، أنّ الرئيس التاريخي لجوفنتوس جوفاني آنييلي، أرسل في طلبه ليسأله مستنكرا، هل صحيح ما قرأته في الصحف بأننا سنبيع كريستيان فييري لأتليتيكو مدريد؟؛ فأجابه وهل تصدِّق كل ما تقرأه سيدي الرئيس؟! وفي اليوم التالي صار الخبر رسميا: اليوفي باع فييري إلى الفريق الإسباني بمبلغ قياسي.. وعندما علم آنييلي ابتسم وقال "مودجي داهية".
لوتشانو مودجي؛ شخصية اختلف حولها الكثيرون في كل تفاصيلها، لكنهم اجتمعوا على أمر واحد، قلّة في العالم تعرف المستديرة كما يعرفها.

إذا كنت لا تعرف من هو مودجي.. فأنت لا تفقه شيئا عن الساحرة الإيطالية؟

إذا كنت لا تعرف من هو مودجي؛ فأنت لا تفقه شيئا عن كرة القدم في إيطاليا. هذا الرجل؛ هو واحد من أهم الشخصيات التي ساهمت في إضافة البريق والشهرة للمجنونة الإيطالية أوائل السبعينات وجعله أحد أهم الدوريات في العالم؛ وهو نفسه الذي تسبّب بفقدان هذا البريق وإكساب الدوري الإيطالي سمعة سيئة يبدو أنها ستلازمه إلى الأبد. قد لا يعرفه الكثيرون؛ لكن لا يوجد من لا يعرف فضيحة التلاعب بالنتائج الشهيرة عام 2006 التي طالت أحد أهم وأشهر الدوريات في العالم؛ فضيحة الكالتشوبولي أو "المودجوبولي" نسبة إلى مودجي، المدير العام السابق للجوفنتوس؛ والتي بسببها تمّ تجريد هذا نادي من آخر لقبين له في الدوري (2005 – 2006)، إضافة إلى تغرّيمه وخصم نقاطه وإنزاله للدرجة الثانية وحرمانه من المشاركة في دوري الأبطال موسم 2006-2007، وكذلك منع جمهوره من دخول ثلاث مباريات على أرضه. كما تم معاقبة كل من: ميلان، فيورنتينا، لازيو وريجينا بخصم النقاط وغرامات مالية.

من هو لوتشانو مودجي؟

على الرغم من نشأته على تلال مقاطعة توسكاني العريقة، إلا أنّ مودجي لم يتأثر كثيرا بسحر ورومانسية تلك المقاطعة؛ بل ترك المدرسة في سنّ 13 عاما ليعمل في سكّة الحديد. وبعمر العشرين، اصطحبه أحد الخبّازين الذي كان يعمل ككشّاف في أوقات فراغه إلى إحدى مباريات كرة القدم. هناك بدأت ميول لوتشانو تظهر لكرة القدم، الذي لم يبدِ أية موهبة في اللعب، لكنه برهن أنه يمتلك موهبة كبيرة باكتشاف أفضل من يلعبها .ابتكر مودجي أسلوبا جديدا ومتميِّزا في اكتشاف المواهب، فهو كان يهتم بحالة اللاعب من جميع النواحي ليس فقط موهبته في الملعب. كان يبدي اهتماما كبيرا بالحالة الاجتماعية للاعبين، الأمر الذي جعله يصبح بمثابة أبٍ لهم ولا مدير أعمال فحسب.

مبدؤه: "صديقي مرّة.. صديقي دائما"

يُعرف عنه مبدأ "صديقي مرّة.. صديقي دائما"؛ أي أنّ وفاءه وولاءه للأشخاص الذين ساندوه أو دعموه أو كانوا إلى جانبه بيوم من الأيام؛ فهو مثلا بعد أن أصبح أحد أهم مكتشفي المواهب لاحقا؛ قام بتعيين ذاك الخبّاز الذي كان السبب وراء تعلّقه بكرة القدم كمساعدٍ له. كان إيتالو ألودي أو "السوبر ماناجر" كما كان يطلق عليه، هو أوّل من اكتشف مودجي وقدرته الهائلة على اكتشاف المواهب وإدارة اللاعبين. كان ألودي حينها عضوا بمجلس إدارة نادي أنتر ميلانو، وعندما استلم ألودي منصبا إداريا في نادي جوفنتوس؛ أُوكلت إلى مودجي مهمة اكتشاف واستقدام المواهب إلى النادي.


الرجل الذي غيّر سمعة الكرة الإيطالية مرّتين

في هذه الفترة؛ تحديدا منتصف السبعينيات، بدأت إيطاليا تشهد تغييرا في مستوى كرة القدم وعلى جميع الأصعدة؛ أين بدأ ظهور نجوم اللعب، ونجوم التدريب! بعدها انتقل مودجي إلى روما، بعد أن كان قد أسّس لسمعة طيّبة بين الأندية؛ وكان قد أصبح أكثر خبرة في التفاوض والتعاطي مع اللاعبين؛ فشكّل شبكة من الكشّافين توزّعت عبر جميع أنحاء إيطاليا، أين عمل جاهدا ليضع نفسه على قائمة ممثلي المستديرة في إيطاليا. في العاصمة، تمكّن مودجي من تكبير شبكة علاقاته حتى امتدت إلى خارج الوسط الكروي. كانت تلك السنوات المفتاح لمسيرته، فهو لم يكن يتعب أو يكل، عمل بدأب ليحصل على علاقة طيبة مع رجال سياسة؛ قضاة؛ دبلوماسيين؛ ضباط عسكريين ومشاهير؛ وخصوصا الصحافيين. لكنه، ورغم كل ذلك، نجح وبذكاءٍ كبير والبقاء في الظل. لقد كان صاحب شخصية جذّابة، ذكيا، ذا رفقة ممتعة، مستعدا دائما للمساعدة، غامضا بعض الشيء؛ لكنه امتلك علاقات مهمة وأسلوبا مميّزا في إدارة الأمور.

هو الذي جلب مارادونا إلى نابولي وزيدان لليوفي

في تلك الفترة، أصبح مودجي أغنى، وكذلك الدوري الإيطالي الذي أصبح أكثر الدوريات بريقا أواخر السبعينيات وأوائل الثمانينيات. "كان الإيطاليون روّاداً في نشر الكرة الحديثة" على حد تعبير جاني بونديني – صحافي في جريدة "لا غازيتا ديلو سبورت"؛ الذي أضاف: "ماذا حصل بعد أن أتى مارادونا إلى نابولي؟ عندما يدخل المال من الشبّاك، تخرج الرياضة من الباب"؛ ملمّحاً إلى سلبيّات دخول الأموال إلى كواليس كرة القدم.
بالعودة إلى ألودي، لعلّنا في هذه الحالة نستطيع القول عن مودجي إنه "تعلّم من الأفضل".. فمن المعروف عن ألودي شهرته بالتلاعب بنتائج المباريات، على الرغم من أنه لم يُحكم ولا مرّة ولم تُثبت إدانته ولا مرّة، الأمر الذي يوضح ولو قليلا جرأة مودجي على الدخول إلى عالم التلاعب بنتائج المباريات، إذ لم يتم قبل فضيحة 2006 أن أُدين أحد بتهمة التلاعب أو تغيير نتائج المباريات وما إلى ذلك، رغم وجود أدلة على انتشار هذه الظاهرة في جميع أنحاء أوروبا تقريبا وليس في إيطاليا فقط.

أوّل شخصية تدان بسبب الفضائح في إيطاليا

تشير أبحاث ودراسات عديدة إلى وجود مثل هذه الاختراقات من تلاعب بالنتائج وفضائح طالت؛ ولا تزال أهم الأندية الأوروبية في ألمانيا.. فرنسا.. التشيك.. اليونان.. بلجيكا والنمسا؛ دون أن ننسى ذكر ما يحدث الآن في بولندا وتركيا. لكنه لم يتم كشفها علنا أو حتّى إثباتها؛ لسببٍ بسيط جدا هو بساطة هذه الخروقات وطريقة تنفيذها. فهي لم تكن سوى عبارة عن مجموعة حكّام فاسدين؛ وبعض اللاعبين الذين تمّ شراءهم بمبالغ غير ضخمة لتغيير نتائج بعض المباريات بسبب المراهنات عليها عبر الإنترنت. بينما ما فعله مودجي كان مختلفا، والذي حصل معه كان مختلفا أيضا؛ إذ لم يسبق لأحد أن أدين بأية فضيحة تتعلق بكرة القدم في إيطاليا، على الرغم من وجودها، كما أنه لم يسبق لأي أحد يتعاطى الشأن الرياضي أن يحكم عليه من قبل محكمة جنائية.

بداية الفضيحة أو "المودجوبولي"

يُقال أن المسبّب الأوّل لانكشاف هذه الفضيحة، كانت جريدة جوفنتوس الرسمية أي جريدة مودجي نفسه. فقد كانت الجريدة حينها تتناول بعض التحقيقات بشأن بعض اللاعبين بتهمة تعاطي المنشطات في جوفنتوس، وتحقيقات أخرى تتعلّق بعدد من الحكّام الفاسدين وبقيام بعض المراهنات غير الشرعية في روما. من هناك، بدأت التحقيقات تلاها التصنّت على المكالمات – التي يعتبرها مودجي أنها كانت تستهدفه هو وجوفنتوس تحديدا -، والتي بدورها أدّت إلى اكتشاف ما هو أخطر من مجرد تعاطي المنشطات، ولو أنّ مخالفة القانون هي نفسها بجميع أشكالها. هذا وتبيّن بعدها تورّط أسماء كبيرة من حكام ورجال سياسة، على رأسهم سيلفيو برلسكوني، رئيس وزراء إيطاليا الأسبق ومالك نادي ميلان، الأمر الذي أدّى إلى وصول الأمور إلى يدي الصحافة بسرعة فائقة وزاد من حساسيته في الوقت نفسه. فبرلسكوني يمتلك أكبر شبكة وسائل إعلام في إيطاليا، ولابد أن يؤثر هذا الأمر على مجريات التحقيق والتغطية الشفافة لهذه القضية، لا يمكن إحصاء الخسائر التي نتجت عن فضيحة الكالتشوبولي.. إنّ كان على الصعيد المادّي؛ الاحترافي أو حتّى المعنوي!، إذ لم يحصل أن تعرض أي لاعب في تاريخ كرة القدم للتحقيق بعد حصوله على كأس العالم مع بلاده، إلا في إيطاليا! وفي إيطاليا بالذات، حصل هذا الأمر في مناسبتين، الأولى عام 1982 مع باولو روسي، قائد المنتخب الإيطالي الذي أحرز لقب كأس العالم وقتها وهدّاف البطولة؛ ثم مجددا في 2006 مع عدد من لاعبي المنتخب أمثال كانافارو وبوفون.

الجاني أم الضحية

الاتصال بالحكام قبيل المباريات هو أمر طبيعي في إيطاليا، هو ليس بالأمر السرّي أو الجديد، يكاد يكون لم يتبقّ أحد ولم يفعلها في إيطاليا؛ ليس دفاعا عن مودجي بل هو تساؤل "لماذا مودجي؟". مودجي مصمّم على أنه ليس الوحيد المتورّط في هذه القضية؛ قبل إصدار الحكم الأخير من محكمة نابولي. كان مودجي واثقا من تقديم بعض الإثباتات التي تدين آخرين وتثبت تورّطهم بقضية التلاعب، على الأخص نادي أنتر ميلانو الذي يعتبر المستفيد الوحيد من هذه الفضيحة، فهو غير أنه لم يتم إدراج اسمه في الفضيحة أو التحقيقات لا من قريب ولا من بعيد، بل حصل على اللقب الذي "لم يتعب في الحصول عليه" بحسب جماهير جوفنتوس، فقد أضيف لقب الدوري 2005/2006 إلى خزائن أنتر ميلانو، أين كان من المتوقع أن يتم حجبه كما تم حجب لقب 2004/2005 وكما هو مُتعارف عليه في مثل هذه الحالات. وكما كان متوقَّعا من الأنتر أن يرفض هو هذا الّلقب، لكنه لم يفعل. لم يُعرف حتّى اللحظة ماذا حلّ بتلك الإثباتات التي تحدّث عنها مودجي! أو كيف تمّ معالجة الأمر!. غير هذا، أصدر المحقق ستيفانو بالاتزي تقريرا، جاء فيه أنّ نادي أنتر ميلانو خرق مادة متعلقة بالتلاعب بالنتائج بشكل أتاح له الاستفادة في الترتيب العالم، وكان هذا التقرير قد قدِّم بعد إبراز دليل أنّ رئيس أنتر ميلانو الراحل جاتشينتو فاكيتي كان على اتصال دائم مع عضوي لجنة اختيار الحكّام، الحكمين السابقين باولو بيرغامو وبيرلويجي بايريتو.

العديد تساءل عن مصداقية محكمة نابولي

لم يتم توضيح كيف يتم تجاهل مثل هذه الوقائع وكيف لا يتم التطرُّق لها، وهذا أمر يطرح عدة تساؤلات حول مصداقية محكمة نابولي؛ تماما مثلما تم التكتّم على هديّة "الميلاد" الشهيرة لبرغامو من الأنتر؛ كما رفضت المحكمة الردّ على تساؤل آندريا آنييلي رئيس جوفنتوس الحالي عن اعتراف موظفة الهواتف أن أنتر تجسّس على مكالمات هذا الأخير. مع العلم أنّ التجسّس هو خرق واضح للقانون ويحاسب عليه القضاء، مثلما حدث مع فريق ماكلارين في "فورمولا وان" منذ بضع سنوات، حيث اضطر ماكلارين حينها لدفع 100 مليون أورو لفيراري بتهمة التجسّس، لكن كل ما جاء على لسان الأنتر ردا على هذا الموضوع كان: "يجب احترام الأموات". بالطبع هو أمر واجب؛ احترام الأموات، لكن هل هذه القاعدة تطبّق حتى وإن كانت على حساب الأحياء؟، ومن الأمور التي تثير الشكوك حول مصداقية محكمة نابولي أيضا، أنّ أحد الأحكام التي أُصدرت بحق مودجي كان تورطه بقضية اتفاق مع حكم مباراة أودينيزي وبريشيا، وكان الاتفاق ينص على أن يعطي الحكم 4 بطاقات صفراء للاعبي أودينيزي، حتّى يتغيّب بعضهم عن لقاء جوفنتوس لكن ما لم تفعله المحكمة، هو أن تتأكد من حدوث هذا الأمر بالفعل!. ففي الواقع وفي مباراة أودينيزي جوفنتوس، لم يتغيّب أي من اللاعبين، إذ من الواضح أن القضية تدار بشكل سيئ ومشين.

بعض الإنجازات

من حق مودجي أن يتم توضيح بعض النقاط؛ بغض النظر عن حقيقة أنه ساعد أندية كثيرة على النجاح حتّى ب"التلاعب"، لم يكن جوفنتوس الوحيد الذي استفاد من نشاطات مودجي.. هذا الرجل تمكّن من السيطرة على واحد من أكبر وأفضل الدوريات في العالم؛ لم يكن ليفعلها لو لم يكن يتنفس كرة القدم. مودجي قدّم للعالم عددا من أهم وأقوى وأشهر لاعبي كرة القدم، في كأس العالم 2006 كان هناك 23 لاعبا "محليا" من المنتخب. لوتشانو مودجي هو الذي قدّم باولو روسي لإيطاليا ولكرة القدم العالمية، وهو الذي استقدم جيجي بوفون، بافل ندفيد، زين الدين زيدان، ليليان تورام وزلاتان إبراهيموفيتش إلى جوفنتوس؛ ومن يعرف كرة القدم يعرف ما الذي تعنيه هذه الأسماء وماذا أضافت لتاريخ جوفنتوس وكرة القدم بشكل عام. حتّى مع جميع الأندية التي تولّى فيها مودجي منصبا إداريا؛ لم يضف لها إلا الألقاب، فقد حقّق نابولي مع مودجي لقب بطل الدوري عام 89/90؛ كأس الإتحاد الأوروبي في 88/89 وكأس السوبر الإيطالية في 90/91. ومع تورينو "المتواضع" كأس ميتروبا ووصيف بطل إيطاليا عام 1993، غير الأرقام التي لا تُعد ولا تُحصى مع جوفنتوس، الذي يقول عنه مودجي "جوفنتوس دفع ثمنا أكثر من اللازم". يكاد يكون كلام مودجي دقيقا، فجوفنتوس وفي الحكم الأوّل من القضية، نال عقوبة لخرقه المادتين "1" و"6" من القانون؛ الأولى طالت مودجي والثانية طالت النادي ككل؛ لكن في محكمة نابولي الأخيرة، تم إسقاط إدانة جوفنتوس من خرق المادة "6"، ممّا يجعل الحكم مُلغى!.. الأمر يطرح علامات استفهام عديدة عند جماهير "السيدة العجوز" ومتتبعي الكالتشو على حد سواء!. من جهته، قام جوفنتوس ممثلاُ برئيسه آندريا آنييلي بأخذ الخطوات اللازمة لإبراز حق هذا النادي للحصول على التعويض اللازم.


هو مِن جوفنتوس.. ولِجوفنتوس

مَن يعرف جوفنتوس؛ ويعرف فابيو كابيلو (الذي كان يدرب هذا النادي موسمي 04/05 – 05/06)؛ ومن يعرف بوفون.. تورام.. كانافارو.. زامبروتا.. مونتيرو.. تاكيناردي.. ندفيد.. دل بييرو.. تريزيغيه وإبراهيموفيتش (أبرز أسماء تشكيلة جوفنتوس في هذين الموسمين)؛ ومن يفقه قراءة ما بين السطور، يعلم أنّ هذه الأسماء مع هذا الفريق العريق، لم تكن أو يكن بحاجة لتلاعب بنتائج ولا اتفاق مع حكام المباريات، وإن كان قد تمّ بالفعل قد يكون حصل لأي سبب آخر غير كرة القدم أو غير "مصلحة جوفنتوس" تحديدا..؟!. البعض جرّب استغلال هذه النقطة للفصل بين مصلحة جوفنتوس ومودجي؛ ولخلق خلاف بين الرئيس والإدارة؛ الأمر الذي لا ينفك مودجي يُلغيه في كل مناسبة، فهو مِن جوفنتوس ولِجوفنتوس؛ وهو بالتأكيد سيكون أوّل المحتفلين بإنصاف نادي "السيدة العجوز"إذا ما حصل. إذا من الواضح والجليّ أن هذه الأزمة لن تنتهي في المدى القريب، مع كل هذا الغموض الذي يحيط بها وكل علامات الاستفهام التي تظهر واحدة تلوى الأخرى.. لكن الشيء الوحيد الذي بات ثابتا الآن، هو شهرة لوتشيانو مودجي أو "لاكي لوتشانو" وسمعته الذي حارب ليبقي اسمه في الظل ليجده بين ليلة وضحاها، يتصدر عناوين الجرائد والصحف ونشرات الأخبار الرياضية.. قد يجده العديدين مُدانا؛ مجرما ومثالا للرجل السيئ، لكن بالنسبة لجوفنتوس ومشجعي "السيدة العجوز" هو رمز؛ وشخص لن يتكرّر في تاريخ كرة القدم. هو أخطأ، وفي حالة شخص مثل مودجي، أبلغ ما قد يقال هو "غلطة الشاطر بألف".. ولا أعتقد أنه لزال هناك أحد لم يعرف بعد من هو لوتشانو مودجي.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.